مرة أخرى عرض ملف السككيين المغاربة بالشركة الوطنية للسكك الحديدية أمام قضاء الشغل بباريس من أجل النظر في قضية متابعة الشركة الفرنسية بالميز ضد 800 عامل منهم من وصلوا سن التقاعد ومنهم جزء صغير مازال مستمرا في الخدمة .هذا الملف الذي اختار الدفاع تقسيمه الى عدة ملفات، خاصة ان هذه القضية تخص حوالي 2000 من العمال المغاربة الذي شغلتهم الشركة المعنية منذ بداية عقد السبعينات من أجل سد النقص في اليد العاملة الذي كان يعرفه هذا القطاع .بعد ظهر يوم الخميس10 يناير 2013 ، كانت الجلسة بالقاعة 22 من المحكمة وتخص مجموعة متكونة من 82 شخصا ،حضر أغلبهم أطوار الجلسة رغم سن التقاعد وآثار العمل المضني بالسكك الحديدية. طبعا محامي الشركة الفرنسية للسكك الحديدية والتي انتدبت مكتبين من أكبر مكاتب المحاماة بباريس حاول قتل القضية في بدايتها، وركز على التقادم الذي أصاب الملف وتحميل العمال مسؤولية عدم مطالبتهم بحقوقهم في العقود الأربعة الاخيرة . لكن هذه الاستراتيجية لم تنفع بحكم أن المتابعة ضد الشركة لا تهم الميز أثناء العمل أو في المسار المهني الذي أصابه التقادم، بل هي تهم فقط التقاعد الذي مسه الميز بفعل هذا المسار المهني . دفاع السككيين الذي يمثله الاستاذ ليوبولد مانديز وضع الطرف المدعى عليه في وضع صعب، مما جعل دفاع الشركة الفرنسية يطالب مرة أخرى بتأجيل الجلسة من أجل إعادة دراسة الملف وهو ما تمت الاستجابة له بعد مداولات محكمة الشغل . هذه الجلسة التي تهم المجموعة الرابعة من السككيين، والتي أجلت الى 10 يونيو2013 المقبل من أجل النطق بالحكم، كما أكد رئيس الجلسة، أبرزت ضعف وارتباك دفاع الناقلة الفرنسية بحيث أن ملفات ودفوعات السككيين كانت قوية، وذلك بفضل التنظيم والاستشارة القانونية التي يقدمها لهم الاستاذ عبد القادر بندالي، والذي اعتبر أن قضية الميز يجب أن تنتهي لأنها مخالفة للقانون الفرنسي والأوربي، وأنه حان الوقت لإعطاء هؤلاء السككيين حقوقهم وأعطى مثالا بمعركة الجندي السنغالي ديوب والذي خدم بالجيش الفرنسي وتابع السلطات الفرنسية بالميز ضده لأن تعويضه عن التقاعد كان أضعف بكثير من زملائه الفرنسيين، وهي دعوة بدأها أحمدو ديوب سنة 1967 وهو مواطن سنغالي مزداد سنة 1917 وربح معركته بعد جهد مضن دام عدة عقود ، قاده حتى الى الأممالمتحدة التي دعت فرنسا الى احترام مبدأ المساواة وعدم الميز وواصل ديوب قضيته حتى المحكمة الاوربية مما جعل القضاء الفرنسي يستسلم للحقيقة ويعترف بالميز الذي مارسته المؤسسة العسكرية تجاه ديوب والذي حكم القضاء لصالحه في سنة 2001 حيث صدر مرسوم للمجلس الأعلى يدين الدولة الفرنسية بالميز .هذه المعركة القوية والطويلة سردها الاستاذ عبدالقادر بندالي أمام السككيين المغاربة في الاجتماع الذي تم بمقر نقابة «راي سيد» من أجل تقوية عزيمتهم بأن المعركة ضد الشركة الفرنسية من أجل إدانتها ستكون قوية ومضنية، وأن عليهم التسلح بقوة وعزيمة الجندي احمدو ديوب الذي لم يتراجع عن حقه رغم طول المعركة حتى أنصفه القضاء، وهو مثال لتقوية عزيمة السككيين خاصة أن الشركة الوطنية لسكك الحديدية تدفعهم الى التفاوض بشكل فردي عن التعويض مقابل التخلي عن الدعوة وهي المفاوضات التي مست 5 عمال لم يحالوا بعد على التعاقد. تجمع السككيين المغاربة للمطالبة بحقوقهم بمقر النقابة كان مناسبة لإعادة تقوية جمعيتهم الاسماعيلية، حيث جدد أغلبهم الانخراط ،احمد كاتيم أحد مؤسسي الجمعية ورئيسها عبر عن فرحته بهذه العزيمة الجديدة للسككيين، خاصة عندما يتذكر بداية المعركة في نهاية عقد التسعينات ،وكان أغلب السككيين لا يعيرون أهمية لهذه المعركة وقدرة العمال على مواجهة هذه الشركة الفرنسية، وكيف أصبحت هذه المعركة ممكنة اليوم بعد أن كان عددهم في البداية لا يتجاوز العشرة. احمد كاتيم رئيس الجمعية عبر عن تفاؤله بالانتصار في هذه المعركة ضد شركة السكك الحديدية، مطالبا بمساندة السلطات المغربية لهذه المعركة خاصة أن اتفاقية اليد العاملة بين البلدين والتي مازالت سارية تحث على عدم الميز ضد العمال بين الجانبين .في هذا الاتجاه تساءل الاستاذ عبد القادر بندالي كيف لا تتدخل وزارة النقل المغربية ،وذكر بواقعة السنة الماضية وكيف أن مسؤول النقل الفرنسي اتصل بوزير النقل المغربي من أجل مطالبته بتسريع حل قضية بواخر كوماريت بمناء سيت الفرنسي رغم أن الامر يتعلق بشركة خاصة وقضيتها أمام القضاء. وتساءل كيف أن الوزير المغربي لا يعامل الوزير الفرنسي بالمثل ويطالبه بحل قضية السككيين لأنها تمس اتفاقا بين البلدين لليد العاملة ولم تحترمه الحكومة الفرنسية. وفي انتظار ذلك ،المعركة مازالت مستمرة، ويوم 23 يناير ستعقد جلسة اخرى بالمحكمة المختصة بالشغل بباريس من أجل النظر في ملف مجموعة اخرى من بين مجموعات السككيين 800 الذين يتابعون شركة النقل الفرنسية.