- كيف بدأت معركتكم ضد الميز الذي تعرضتم له كسككيين مغاربة بالشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية؟ - لقد راسلت لوي لوكالوا المدير العام السابق لشركة السكك الحديدية ثلاث مرات، وجوابه كان هو أنه يطبق قوانين الجمهورية وليس بإمكانه فعل شيء،ففي احد اللقاءات معه على هامش انطلاق اشغال القطار السريع للمنطقة الشرقية سنة 2003 بحضور مساعديه ، قال لي ، يقصد السككيين المغاربة« نحن مدينون لكم بالكثير» لكن جوابي له كان «لكن ماذا قمتم به تجاهنا مقابل ذلك»؟. كما إنني قمت بمراسلات الى كل من رئيس الجمهورية جاك شيراك والوزير الأول ليونيل جوسبان ووزير النقل أنذاك كيسون ، بعد كل هذه المحاولات لجأنا الى القضاء ورفعنا رفقة زملائي المغاربة دعوة ضد الشركة الفرنسية للسكك الحديدية، لكن نصائح المحامي كانت خاطئة وكان علينا في الاول المرور من المحاكم الخاصة بقضايا الشغل « بيردوم « قبل الوصول الى المحاكم العامة. أول اجتماعات تمت بيننا في 30 ابريل 2003 كسككيين مغاربة بحضور ممثلي نقابة «سيد راي» في 16 من يناير 2004 قمنا بأولى المحاولات الاحتجاجية وقمنا باحتلال ادارة الشركة ودامت الوقفة من 10 صباحا الى الساعة 15 ،الادارة طلبت تدخل البوليس ، عند قدومهم، قلنا لهم « لسنا مكسرين او مستعملي عنف، نحن رجال مسنون ونطالب بحقوقنا» انسحبوا عندما رأوا سن المحتجين وخوفهم من موت احدهم بين أيديهم، مما جعل الادارة تقبل الحوار معنا ،وطلبوا منا ثلاثة ممثلين فرفضنا طلبهم واقترحنا وفدا من 20 ممثلا للعمال، وبعد الحوار تم استقبال وفد من 17 فردا يمثلوننا ودام اللقاء نصف ساعة لسماع مطالبنا.. وقد أسسنا جمعية للسككيين المغاربة اطلقنا عليها اسم «الاسماعيلية «سنة 1999 باعتبار اغلب العمال قادمين من المنطقة، ومجرد اختيارنا لهذا الاسم بدؤوا ينعتوننا ب»الاسلاميين» والسلفيين.وقد شرحنا لهم مصدر هذه التسمية والتي لا علاقة لها بما هو ديني .وهي جمعية كان هدفها مصالحنا ومصالح عائلاتنا. بعدها أدركنا ان قضيتنا سياسية وتتجاوز الشركة الوطنية للسكك الحديدية، لهذا قمنا في ابريل 2004 بالتظاهر امام وزارة النقل، حيث استقبلنا مدير ديوان الوزير للاستماع الى مطالبنا. وبعد ذلك تمت مائدة مستديرة في شهر ماي 2004 ،تلاها لقاء اخر في بداية شهر يوليوز وحصلنا على إثره على عدد من المطالب منها « بطاقة المرور الوطنية» اي السفر في كل انحےاء فرنسا بالقطار كباقي السككيين الفرنسيين.وكذلك الاستفادة من النظام الصحي الخاص بالسككيين.في سنة 2008 تمكنا من الحصول على بطائق التنقل لأسرنا كذلك. - ماذا كان موقف النقابات الفرنسية؟ - لم يساعدوننا في البداية، بل كل الاجراءات التي قمنا بها كانت باسم الجمعية، كان بعض المناضلين من نقابة «سيد راي» يقومون بدعمنا في البداية دون موافقة فيدراليتهم .لأن الفدرالية كانت تؤآخذنا على عدم الالتحاق بالإضرابات وعدم الانتظام في صفوف النقابة. رغم ذلك كانوا يطبعون منشوراتنا ويدعمون مطالبنا وفي اول لقاء بمحكمة الشغل بباريس تفاجأنا بالحضور الكبير للسككيين المغاربة حوالي 140 سككيا، ومن هنا انطلقت معركتنا التي مازالت مستمرة حتى اليوم. فيما يخص النقابات ،كانت (سي جي تي) تعترض على تقدمنا الى الامتحانات الداخلية من اجل تحسين وضعيتنا داخل الشركة، لهذا بقي اغلبنا في نفس الوضع المهني الذي التحقنا به. والمشكل ايضا اننا لم نساعد انفسنا بنفسنا، لم نكن منظمين ولم نلتحق بالنقابات. - لماذا تأخرت مطالبكم بالمساواة كل هذا الوقت؟ - الخوف، نحن جيل تربى على الخوف، لكن في السنوات الأخيرة تغيرت الأمور، وانا بنفسي كنت اقوم بجولات لتعبئة باقي الزملاء للمطالبة بحقوقهم وسافرت الى عدة مراكز فرنسية يتواجد بها سككيون مغاربة، سواء ببوردو او لوهافر ،سونفيل وكار دولوليون وباقي المحطات الباريسية، عدد كبير منهم أصبحوا متقاعدين ، فقد كان عدد السككيين المغاربة بمختلف المواقع بفرنسا حوالي 10 آلالاف سككي، لكن عددهم اليوم تراجع بشكل كبير. - الإدارة استجابت لعدد من مطالبكم، هل هناك من مطالب أساسية مازالت لم تتحقق بعد؟ - المطلب الأساسي بالنسبة لي وباقي زملائي هو المساواة والتعامل معنا بدون ميز ،اذا أخذت حالتي ، سوف اشتغل 10 سنوات اكثر من زميلي الفرنسي فقط لأنني مغربي ،وزميلي الفرنسي الذي له نفس سنوات العمل مثلي بالشركة سوف يذهب لصيد السمك والاستمتاع بالتقاعد في 55 من عمره، في حين سأدفع انا 10 سنوات اضافية من حياتي فقط لأنني اجنبي، ولست فرنسيا .كما أنه في مساري المهني لم أستفد من نفس الترقيات المهنية، رغم أننا نقوم بنفس العمل . وحاليا يوجد أمام محكمة الشغل 330 ملفا ولنا جلسة في 26 نونبر التي سيعرض عليها 82 ملفا وملف اخر سيعرض على نفس المحكمة في 14 دجنبر والذي يمس 93 ملفا. - والمسؤولون المغاربة، هل قدموا لكم مساعدات وهل قمتم بالاتصال بهم؟ - لقد اتصلت بالسفارة والقنصلية على مستوى باريس وتمت إحالتي على إحدى الجمعيات الاجتماعية، لكنني لم اتمكن من لقائهم لأن هاتفهم كان مشغولا باستمرار. وقد بعثنا برسالة الى الديوان الملكي حول وضعيتنا، لكن يبدو أن الرسالة والملف لم يغادرا قنصلية فيلموبل رغم الاتصالات التي قمت بها منذ 2004 . - في أية سنة بدأت العمل بشركة السكك الحديدية الفرنسية؟ - سنة 1972 . - هل أنت الذي بحثت عن هذا العمل بفرنسا؟ - لا الفرنسيون هم من بحثوا عنا وقد كانوا يتنقلون من أجل ذلك الى المغرب، وكنت اشتغل في الاراضي المسترجعة بمنطقة مكناس ، في السنة الاولى كان العمل صعب في فرنسا، بل إن العمل كان شاقا إلى حد أن يدي كانت تدمي من التعب، وفي الليل كنا ننام في مساكن «بانكالو» لا تتوفر على الماء او المراحيض وليس بها وسائل تسخين. بعدها استقلت من السكك الحديدية سنة 1979 وعدت الى المغرب واشتغلت مدة سنة في المكتب الشريف للفوسفاط، وبما انني لم أتمكن من العمل بالمنطقة التي طلبتها عدت من جديد الى فرنسا والى العمل من جديد في السكك الحديدية حتى اليوم كما ترى، بل إن عملي الذي كان مؤقتا تحول الى عمل دائم وهجرة دائمة وقمت باستقدام عائلتي من المغرب الى جانبي. وقد استمرت شركة السكك الحديدية في استجلاب العمال من المغرب الى حدود سنة 1974 لأن مردوديتهم كانت كبيرة ويشتغلون بجدية رغم ظروف العمل الصعبة.بل انه بعد توقف شركة السيارات سيمكا وتسريحها للعمال استقبلوا اغلب المسرحين المغاربة من العمل .خاصة اننا لم نكن نكلفهم كثيرا ولا نحصل على نفس التعويضات والترقيات مثل الفرنسيين، رغم اننا نقوم بنفس العمل. - هل تتأسف على هذا الاختيار؟ - بالطبع لأنه في ذلك الوقت كان بإمكاني العمل بالمغرب والحصول على وظيفة مناسبة وحاول عدد من الأصدقاء مساعدتي لإيجاد عمل.