مساهمة في ملء بعض الفراغ المهول الذي خلفه غياب أو تغييب لعدد كبير من المجالات المغربية الرائدة في أواسط القرن الماضي وأواخره، من تلك التي شكلت عند جيل من رواد الفكر والنقد والثقافة المغربية مدرسة للتكوين والتعبير، ومنبرا للتغيير والتحديث، صدر العدد الأول من مجلة «البلاغة وتحليل الخطاب»، وأمل القائمين عليها، في ظل التردي الثقافي والسياسي الراهن، محاولة إعادة الاعتبار للفكر النقدي التقدمي، وتحليل الخطاب وتخليقه، وربط السابق باللاحق، وفي ظل حراك ينشد الديمقراطية وقيم الحرية والتحديث، يتعذر الانخراط فيه وتسريع وتيرته دون خدمات البلاغة، بمدلولها التخييلي والحجاجي، وآليات اشتغالها، وجوارها المعرفي من لسانيات وسميائيات وسرديات وفلسفة، وغيرها من أنواع الخطاب. في هذا الأفق الطموح، ومن مداخل مختلفة، جاء هذا العدد الأول، لخريف 2012، ليسلط الأضواء على موضوعات متنوعة، أهمها محور العدد المتعلق بالحجاج، من خلال مقالات كل من الأستاذ محمد مشبال في مقال له تحت عنوان: «بلاغة رسالة « في تفضيل النطق على الصمت» للجاحظ»، ومقال الأستاذ عبد الرحيم وهابي: «البناء الحجاجي في رسائل الجاحظ «، فمقال الأستاذ الحسين بنوهاشم:» البنية الحجاجية في نص مفهوم التعايش في الإسلام لعباس الجراري»، ثم دراسة تطبيقية للأستاذ عبد القادر بقشى:» البعد الحجاجي في الشعر الحواري». وفي مجال ركن الدراسات والأبحاث يجد القارئ الكريم في هذا العدد دراسة مستوفية للأستاذ محمد العمري اختار لها عنوان: «الإيقاع الشعري نحو إعادة تعريف»، تتلوها دراسة معمقة للأستاذ محمد الولي «حول الاستعارة عند أرسطو»، ثم بعدهما دراسة أنيقة «عن المعنى الشعري بين الفائدة وجمالية التصوير للأستاذ محمد عدناني، ثم أخيرا دراسة مُغامِرة للأستاذ ادريس جبري تحت عنوان: «خطاب مقامات الهمذاني بين البلاغة والنقد الثقافي». وفي السياق ذاته، وفي ركن الترجمة، سيجد القارئ العزيز مقالا عن « الإحالة والفلسفة» لليونارد لينسكي، قام بترجمته الأستاذ عبد الجبار أبو بكر. وفي فضاءركن مصطلحات ومفاهيم اقترحت المجلة على قرائها الأعزاء مفهوم البلاغة عبر مساره التاريخي، وفي ركن متابعات ومستجدات، عرض لكتابي الأستاذين عبد الرحيم وهابي بعنوان: القراءة العربية لكتاب فن الشعر لأرسطو، وكتاب ساميةالدريدي: الحجاج في الشعر العربي القديم، ثم في ركن إشراقات تراثية، اقترحت هيئة التحرير على قرائها الأجلاء نصيين تراثيين عربيين مشرقين في مجال البلاغة لكل من عبد القاهر الجرجاني وحازم القرطاجني.ليظل عقد المجلة ومدارها ذلك الحوار المحيط الذي أنجزته هيئة التحرير مع أحد أعلام البلاغة العربية الجديدة، وأحد رواد تحليل الخطاب، الدكتور محمد العمري، وهو يعرض معالم مشروعه لبلاغة عامة مستوعبة لتحليل الخطاب- أي خطاب.