هم خمسة كتاب يتناوبون على رصيف إحدى محطات الميترو حيث يحررون نصوصهم «الحية» التي يتم عرضها على شاشة كبرى يقرأها العابرون.هذا المشروع الذي يتم تداوله حاليا في عدد من المدن الأوربية الكبرى، هو في الأصل فكرة و مشروع الأديب الأرجنتيني الشاب «ماريانو بنسوتي». جالسة على رصيف إحدى محطات ميترو «بوينيس أيريس»، كانت تلاحظ ما يدور حولها و تترك لخيالها حرية التحليق و الطيران.هذا الرجل بقبعته الغريبة: من هو؟ ماذا يفعل؟ فيم يفكر؟ من منا لم يمارس لعبة تحليل مشاهد يومية عادية كي يحولها إلى روايات...هنا تلبس التخيلات الداخلية رداء الحياة: أربعة كتاب، يجلسون على كراسي بلاستيكية و يرقنون على لوحة حواسيبهم المحمولة. ماذا يكتبون؟ تخييلات ساخرة و قصصا شخصية و نوادر تاريخية، يتم عرضها مباشرة على شاشات بيضاء كبيرة. «الرجل جالس فوق علبة، هو في طريقه كي يلتقي رئيسه في العمل. هو مهندس و يريد أن يبتز رئيسه.لقد التقط له صورا. على الساعة التاسعة و 57 دقيقة، كانا يفكران معا في نفس الشيء....» أو في مدينة تصل درجة الحرارة فيها قرابة الصفر : «رجل يرتدي سروالا قصيرا، أية شجاعة» الرجل الجالس فوق العلبة ?الذي تحول برقنة الحاسوب ? إلى مُبتز، يسخر من الوضعية متسائلا من أين خرجت هذه القصة المجنونة. فهو ليس مهندسا ثم أن ليس لديه رئيس عمل...أثناء هذا الوقت، تتجمد ساقا الشاب الشجاع العاريتان... «هناك المزيد من الكاميرات: لم نعد نعرف من يراقبها، و ما فائدتها»، يفسر «ماريانو بنسوتي» صاحب المشروع الذي عوض الكاميرات ب»كاميرات حقيقية للمراقبة الأدبية»، فالأدباء يسجلون جميع حركات المسافرين. تحت عنوان كبير هو «في بعض الأحيان أعتقد أني أراك» يضم هذا المشروع الواقع و الخيال مرة واحدة. أو كما يفسر الأديب الأرجنتيني «إنها عناوين من الواقع، مرايا أدبية و خيالية تتقاطع أو لا تتقاطع مع حياة الناس». هذا الأديب المولود قبل أربعين سنة في «بوينيس أيريس»، تكون في المسرح و السينما و الفنون البصرية.مع ميل للأماكن التي تتلاقى فيها الجماهير، مثل محطات القطار و الأسواق و الشوارع المزدحمة. أما الأدباء الأربعة الذين تم اختيارهم فهم ينتمون دائما للمدينة نفسها. و من مختلف الأماكن يراقبون و يسجلون الأحداث من زوايا نظر متنوعة. و بسرعة ، تحول الإبداع إلى عمل جماعي. إذ يتحول المسافر المتفرج إلى شخصية الرواية التي تنكتب في نفس الوقت. فماريانو بنسوتي يحاول فهم الكيفية التي يحول بها خيالُنا مكانا مألوفا، تسكنه بالتدريج بعض الحكايات السرية. هذه التجربة التي بدأت في «بوينيس أيريس»و التي تمت أيضا في بروكسيل و وارسو و زوريخ و روتردام، قد انتقلت هذه المرة إلى فرنسا. فقد تناوب طيلة يومي 27 و 28 دسمبر كل من «كاتي بليسون» و «أرنو كاترين» و «فانسون ديليرم» و «لو هوي فانغ» و «جان ترونغ»، في محطة ميترو «فال دوروب»، كي يصنعوا روايات تبث مباشرة يكون معظم أبطالها من الركاب العابرين. عن «ليبراسيون» الفرنسية عدد 27 دسمبر 2012