لا تزال معركة سكان عمارات حي الرشيدية (الباطيمات) بخنيفرة، تشير باتجاه كل الاحتمالات المرتبطة بالتصعيد إلى حين تنفيذ مطلبهم المتمثل في قبول شركة «ديار المدينة» بتفويت الشقق لساكنيها بأثمنة اجتماعية تراعي الوضعية المادية للسكان، ولم يفتهم طرق جميع الأبواب من أجل حث الشركة ( الكائن مقرها بالدارالبيضاء)، على تنفيذ التزامها بتفويت شقق الحي لقاطنيها البالغ عددها 132 شقة/ أسرة موزعة على تسع عمارات، وهو الالتزام الذي ظلت الشركة المالكة لعمارات الحي، ولأزيد من 30 سنة، تتفنن في التهرب من تفعيله بشتى الأساليب منذ حوالي 13 سنة، وقد حان الوقت لأن يمتلك السكان مساكنهم في ظروف آمنة مطمئنة تقيهم شر الترحال وعدم الاستقرار. وفور نشر صرخة السكان عبر جريدة «الاتحاد الاشتراكي»، لم يكن غريبا أن تقوم الشركة المذكورة بإيفاد لجنة من المسؤولين عنها إلى الحي المعني بالأمر، وعوض تبشيرها للسكان بإنهاء الأزمة بالتي هي أحسن، فوجئ السكان بهذه اللجنة وهي توزع عليهم مراسلات باللغة الفرنسية، تهددهم فيها بالرفع من ثمن بيع الشقق في حال عدم إقبال السكان على اقتنائها قبل نهاية السنة الجارية التي لم يعد يفصلنا عن وداعها سوى أيام معدودة، ما جعل أحد المعلقين يصف لجنة الشركة ب «بابا نويل الحامل للهدايا المفخخة»، بل إن رسائل اللجنة جاءت مبطنة ب»ما يهدد السكان بالإفراغ من مساكنهم»، حسب مضمون بيان جديد لودادية السكان. وفي هذا الإطار استنكرت «ودادية الأمل لمكتري حي الرشيدية»، من خلال بيانها، ما وصفته ب»الأسلوب السلطوي التهديدي الذي تنهجه الشركة السكنية المعلومة، والمبني على الترهيب والتخويف وخلط الأوراق وقلب الحقائق»، مطالبة هذه الشركة ب»الكف عن هذه الأساليب البيروقراطية العتيقة مقابل التعامل مع السكان كشركاء في عملية التفويت»، وتدعوها إلى «التخلي عن أساليب الاستعلاء والإملاء، والجلوس إلى طاولة الحوار من أجل وضع حل تفاوضي لهذه المشكلة التي عمرت طويلا»، مع مطالبتها بالأخذ بعين الاعتبار «المقاربة الاجتماعية التي تراعي مختلف الجوانب الضرورية التي منها مدة الاستغلال ووضعية العقار والظروف الاجتماعية والاقتصادية للساكنة»، على حد بيان الودادية التي لم يفتها بالتالي تحميل كامل المسؤولية لإدارة الشركة في أي تصعيد قد يلجأ إليه السكان دفاعا عن حقهم في امتلاك مساكنهم التي ظلوا يؤدون ثمن كرائها عقودا من الزمن. «ودادية الأمل لمكتري حي الرشيدية» حملت قضيتها وطرقت باب محمد نبيل بنعبدالله، وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، مطالبة إياه بالتدخل لدى شركة «ديار المدينة»، وعوض قيام هذا الأخير باتخاذ المبادرة لحل المشكل باعتباره مسؤولا حكوميا ومعنيا أول بالموضوع، نفض يديه مكتفيا، من خلال جوابه (المسجل تحت عدد 438)، بما يفيد أنه قام بمراسلة عامل إقليمخنيفرة في هذا الموضوع لمطالبته بالتدخل بما يرضي الأطراف. وقد قررت الودادية توجيه نداء للسلطات العليا من أجل التدخل لدى شركة «ديار المدينة» بالدارالبيضاء، لتفعيل التزامها بتفويت شقق الحي لقاطنيها، وغالبيتهم من الذين تجاوز عددهم سن التقاعد أو كاد، وجلهم يقطنون بالحي لما يناهز 30 سنة، وبينهم أرامل وأيتام وموظفون صغار، وقد سبق للشركة المعنية بالأمر أن التزمت بعملية التفويت بمحضر رسمي، وفي حضور السلطة المحلية، بتعليمات من عامل إقليمخنيفرة، (اتفاق 22 فبراير 1999)، غير أنها ظلت تلجأ إلى شتى فنون التهرب رغم التزام ودادية الحي بجميع الشروط المتفق عليها أملا منها في عدم زعزعة استقرار القاطنين وذويهم وأطفالهم. وخلال الأشهر الأخيرة عادت الشركة السكنية فابتكرت حلا/ شرطا تعجيزيا من خلال إصرارها، عبر جواب تم إرساله عبر عامل الإقليم الحالي، على بيع الشقق بأثمنة السوق العقاري (2000 درهم للمتر المربع)، وهو الحل الذي رفضه السكان جملة وتفصيلا، على خلفية «عدم مراعاته لا للطابع الاجتماعي للمشروع، ولا للمدة الزمنية للاستغلال (تتجاوز 30 سنة)، بل ولا حتى للوضعية المتردية لمعظم البنايات التي تحتاج إلى ما ينبغي من الإصلاح والترميم»، تقول ودادية الحي في رسالتها التي حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منها. وفي هذا السياق، وإيمانا منها بالحوار السلمي، قام ممثلون عن السكان بشد الرحال نحو العاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، يوم الأربعاء 14 نونبر الماضي، غير أنهم لم يتوقعوا «هروب» المدير من طاولة الحوار بصورة غير مقبولة ، ليتم استقبالهم من طرف مسؤول بقسم المنازعات، حيث لم يفت الوفد السكاني «تسجيل إدانتهم لمثل هذه السلوكيات غير المسؤولة».