باسم الله الرحمان الرحيم السيد الرئيس ، السادة الوزراء ، السيدات والسادة النواب ، لا يسعني إلا أن أذكر في هذا المقام وأنا أناقش باسم الفريق الاشتراكي في مناقشة الميزانيات الفرعية التي تدخل في اختصاص لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بإجماع الشعب المغربي جنوبه وشماله، شرقه وغربه، حول أولوية القضية الوطنية وأهميتها وانتظارات هذا الشعب لحل المشكل بشكل نهائي ودائم في ظل المقترح المغربي الواقعي والمتقدم جدا، الحكم الذاتي. غير أن هذه الانتظارات قد يعاكسها أحيانا بعض التردد والوهن اللذين تعرفهما دبلوماسيتنا الرسمية، إذ لا يزال أداؤنا في هذا الباب يحتاج إلى الكثير من الحركية والتعبئة، ذلك أن خصوم الوحدة الترابية ما يزالون ينجحون في نشر أضاليلهم وأكاذيبهم المفتراة باسم حقوق الإنسان والحريات وغيرها ، أمام العجز البين الذي يسم أداءها. إن دبلوماسيتنا لم تنجح حتى الآن في تسويق صورة المغرب الجديد، مغرب دستور 2011 والإصلاحات السياسية الكبرى والمتقدمة، إذ لم تصل بعد إلى مستوى مقارعة الخصوم في مختلف المنتديات الدولية بالحجج الدامغة والتي يمكن أن تفرغ أضاليلهم من كل مدلول سياسي في إطار من الشفافية والمسؤولية اللذين تتطلبهما العلاقات الدولية المعاصرة. ولقد استبشرنا خيرا في ظل دستور 2011 بالمنحى الجديد الذي رسمه لتفعيل الدبلوماسية المغربية، غير أن هذه الحكومة ما تزال بعض مواقفها تتسم بالتردد، ولا أدل على ذلك، الموقف الذي اتخذته حين اعتبرت أن سحب الثقة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد روس، يأتي من موقع قوة غير أنها وبعد جولته الأخيرة في الصحراء، نفاجأ بالحكومة تعتبر ذلك أيضا انتصارا، مع ما بين الموقفين من تباين واضح قد يفقد قراراتنا الخارجية مصداقيتها وقوتها الدبلوماسية, إننا داخل فريقنا الاشتراكي نلح على ضرورة تبني دبلوماسيتنا بمختلف مكوناتها وشركائها، استراتيجية جديدة تنبني على تسويق الصورة المشرقة للمغرب الديمقراطي لا عن الحزبية الضيقة واستغلال الديبلوماسية الرسمية في المحافل الدولية ّلأغراض حزبية صرفة، وأن لا نركَن إلى أسلوب الدفاع الذي تجرنا إليه بعض المنظمات الحقوقية والتي تتجاوز حدودها منتهكة بذلك حرمة المؤسسات والإدارات المغربية و نضطر دائما إلى الدفاع عن قضيتنا بدل أن نبادر فيها. وهو ما لا يمكن أن يتأتى إلا بالعمل على إشراك مختلف فئات الساكنة بالأقاليم الصحراوية، خاصة الشباب والنساء، و المنظمات وهيئات المجتمع المدني الصحراوي في بناء القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالمنطقة داخل الوحدة والانتماء إلى الوطن، وفي إطار الجهوية الموسعة، تعزيزا لقدراته في الدفاع عن الأطروحة المغربية بعيدا عن المقاربة الأمنية ذات الأبعاد المحدودة. كما لا يفوتنا في هذا المقام مطالبة الحكومة بتكثيف الجهود الدبلوماسية لفتح الحدود لما يصاحب ذلك من تعزيز لأواصر الأخوة بين الشعبين الجزائري والمغربي وتحقيق رفاههما اقتصاديا وثقافيا وفكريا واجتماعيا.. السيد الرئيس إننا في الفريق الاشتراكي نعتبر أن تعزيز قدرات قواتنا المسلحة الملكية ومختلف قوى الأمن والدرك يعتبر ورشا لا يقبل بالمزايدة نظرا لما لهذه القوات من دور في حفظ السلام والأمن بمختلف مناطق المغرب وخارجه، ونخص بالذكر تلك المرابطة على طول الحدود و التي باتت تشكل اليوم تحديا كبيرا بتنامي مختلف جرائم التهريب سواء للسلاح أو المخدرات، وهذا ما يتطلب تقويتها بمختلف آليات المراقبة والقدرات الاستخبارية والأمنية لمواجهة الجرائم الإرهابية العابرة للحدود، خاصة إزاء الوضع الجديد بشمال مالي الذي يعرف تطورات عسكرية مرتبطة بنمو الخطر الإرهابي بالمنطقة. إن هذه الوضعية لا يمكن مواجهتها إلا بتمكين آلياتنا الدفاعية من عصرنة التجهيزات العسكرية وتكوين الموارد البشرية وتقوية قدراتها، كما لا يفوتنا أن نسجل أهمية الرعاية الاجتماعية لأفراد قواتنا المسلحة وعائلاتهم وتحسين الخدمات الصحية والسكن. و لا يفوتنا التأكيد على أهمية ضمان أمن نظمنا المعلوماتية في الإدارات والمؤسسات العمومية. السيد الرئيس، إن أمننا العسكري والمدني لا يوازيه إلا حاجتنا في أمن روحي، وهو ما يقتضي بدوره دعم مختلف أوراش الإصلاح الديني إن على مستوى المؤسسات أو التأطير والتوجيه أو التعليم على هدى من المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، وذلك بتقوية دروس التوعية الدينية وتحديث التعليم الديني والعناية بالمساجد والقيمين الدينيين وضبط الفتاوى ومأسستها، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للحجاج المغاربة وتحصين الجالية المقيمة بالخارج، وحسن تدبير ممتلكات الأوقاف التي ماتزال تفتقر إلى جرد كامل ودقيق لها بما يحفظها ويصونها. السيد الرئيس، إننا في الفريق الاشتراكي نجدد تأكيدنا على ضرورة إيلاء العناية الكاملة لجاليتنا المقيمة بالخارج ومطالبتنا للحكومة بتبسيط المساطر الإدارية في القنصليات والسفارات وتسريع تفعيل مقتضيات الدستور لإشراك جاليتنا في الانتخابات التشريعية المقبلة وإيجاد الحلول للصعوبات التقنية التي تحول دون ممارستهم لحقوقهم الدستورية. كما أن توسيع شبكات المراكز الثقافية خاصة بإفريقيا وبعض الدول العربية يشكل تحديا كبيرا لنشر ثقافتنا المغربية والتعريف بالتراث المغربي في العالم وبقضيتنا الوطنية. كما نسجل على الحكومة عدم انفتاحها من قِبل كل المؤسسات التابعة للوزارة المكلفة بالجالية وغياب الشفافية والوضوح في تدبير ميزانيات مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج والمجلس الاستشاري للجالية المغربية المقيمة بالخارج. إن مراجعة أوضاع هذه المؤسسات و علاقاتها بالحكومة أصبح أمرا مستعجلا بالنظر إلى المشاكل العويصة التي تعيشها و بالنظر إلى السياق السياسي و الدستوري الجديد.