بعد سنتين على إبعاده إلى موريتانيا ، مازال المبعد الصحراوي من مخيمات اللاجئين بتيندوف مصطفى سلمة ولد سيدي مولود ينتظر تدخل المفوضية السامية للاجئين تسوية وضعيته ، وفي هذا الإطار بعث مصطفى سلمة لنا برسالة يبسط فيها معاناته جاء فيها : منذ31 نونبر 2010، في خلاء من أرض الله الواسعة، و أنا محروس بحوالي ثلاثة عشرة سيارة عسكرية موزعة بين الجبال الأربعة التي تحيط بي. رأيت لأول مرة منذ 71 يوما من الاختطاف و الاعتقال والإخفاء وو... سيارات وأفراد بألوان ولباس غير عسكري، كانوا يحملون شارات منظمة غوث اللاجئين. المشهد ليس من شمال مالي. لقد كان يوم أن طردت من أرض آبائي و أجدادي، فلم تعد الساقية الحمراء، أرض البدو الصحراويين يجوبونها شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، بل صارت أرض جماعة مسلحة تفرض إرادتها على سكانها الأصليين، تماما كما هو الحال في شمال مالي اليوم. و كان يوم منعت من الوصول لأبنائي الخمسة القصر في المخيمات الصحراوية فوق الأراضي الجزائرية، التي صارت هي الأخرى كمخيمات مجاهدي خلق في العراق محاصرة وممنوع سكانها من التعبير عن إرادتهم التي تخالف هوى ومصالح السلطة المضيفة. يفترض بالمرء أن يفرح يوم أفرج عنه، لكن المشاعر اختلطت لدي، فالوضع الجديد و المستقبل المجهول القادم ومصير الزوجة والأولاد، إستفهامات ليست لها أجوبة إلا عند المقاومين الفلسطينيين الذين تبعدهم إسرائيل عن عائلاتهم و أرضهم تحت نفس العنوان (الإفراج)، ولم أفكر يوما بأن أطلع على تجربتهم، ليقيني بأن حركة تحرير لا يمكن أن تنقلب إلى حركة صهيونية. لقد أريد لي أن أكون عبرة لكل من سيفكر بعدي في أن ينتصر لحقه، لكن وقوف كل أحرار العالم معي أبقاني حيا وإن في المنفى. وفي المنفى حيث تكون كالمولود الجديد، تشعر بالوحدة والغربة رغم احتضان الناس لك، فعدا عن بعض الأصدقاء الجدد الذين يبادرون بالسؤال عنك بين الحين والآخر، لا أحد يعرفك. ويزداد الأمر سوءا حينما تشعر بأنك انتقلت من سجن صغير إلى سجن أكبر. فما زلت لحد الساعة ممنوع من الحصول على جواز سفر رغم إلحاحي في طلبه، ورغم تشتت عائلتي بين عدة بلدان، و وضوح القوانين الدولية بشأن الحق في التنقل. الجرم لم يكن في حقي لوحدي، فالعائلة أيضا كتب عليها أن تعيش مرارة الإبعاد وألم الفراق و انتظار المجهول، بسبب رفض المفوضية السامية لغوث اللاجئين تسوية وضعيتنا رغم تبنيها لها منذ أزيد من سنتين. الزوجة والأولاد بعد أن يئسوا من أمل اللقاء القريب، و أعياهم العيش بمفردهم دون سند. أصبحوا هم أيضا مضطرين لتحمل مشاق و مخاطر آلاف الكيلومترات من السفر عبر أراضي خالية لزيارتنا كلما سنحت لهم الفرصة، بالإضافة لتبعات عدم الاستقرار هذا على تمدرس الأولاد. تمر إذن سنتان على تدخل المفوضية السامية لغوث اللاجئين لدى الجزائر والبوليساريو الذي انتهى بإبعادنا إلى موريتانيا، ولا زلنا ننتظر تسوية وضعيتنا، التي لم يتغير فيها غير مكان الاحتجاز. وبهذه المناسبة نناشد ذوي الضمائر الحية في العالم التدخل لدى المفوضية السامية لغوث اللاجئين من أجل أن تنعم عائلتنا المشتتة بين ملاجئ الجزائر وموريتانيا، بحقها في الاجتماع والتنقل، فوضعية اللجوء لم تكن يوما صفة من صفات مصادرة الحقوق. المبعد الصحراوي من مخيمات اللاجئين بتيندوف مصطفى سلمة ولد سيدي مولود