عبر رئيس الحكومة المغربية في المجلس الحكومي عن دعم ومساندة وزير العدل والحريات في صراعه مع النقابة الديمقراطية للعدل ، وهي سابقة في التاريخ السياسي المغربي الحديث، كما اعتبر الاقتطاع من أجور المضربين قرارا حكوميا غير قابل للتراجع. إن حق الإضراب مضمون وفقا للدستور المغربي، والقانون المنظم لهذا الحق لم يصدر بعد رغم التنصيص عليه في كل الدساتير السابقة، والنقاشات التي همت في السابق العديد من مشاريع هذا القانون التنظيمي ركزت في نظر الحكومة على تعميم الاقتطاع من أجور المضربين ليشمل الوظيفة العمومية ومحاولة تقييد ممارسة حق الإضراب، ولهذه الأسباب لم تتمكن الأطراف المعنية من التوافق على أية مسودة. فهل قرار الحكومة، في غياب القانون التنظيمي، يعتبر قرارا قانونيا أم سياسيا ؟. لقد اعتمد وزير العدل والحريات في إقناع الحكومة على : - قرارات قضائية صدرت بالمحاكم الإدارية بأكادير ومكناس في 2001 والرباط في 2007 حول حالات معزولة وبحيثيات تختلف من محكمة إلى أخرى وتعتبر هذه الأحكام قرارات قضائية للاستئناس وليست اجتهادا قضائيا ، لأن هذا الأخير موكول للمجلس الأعلى للقضاء (محكمة النقض حاليا) ، لذا فإن هذا الإجراء لا يرتكز على أي سند قانوني. - منشور الوزير الأول الصادر بتاريخ 07 أبريل 1979 والمتعلق بالانقطاع المدبر عن العمل ، والذي صدر لمواجهة الإضرابات التي خاضتها قطاعات التعليم والصحة آنذاك في ظل شروط سياسية مغايرة للزمن السياسي الحالي. إن وزير العدل والحريات باعتماده على المنشور المذكور يرغب في إرجاع عقارب ساعة المغرب إلى أواخر السبعينات من القرن الماضي، علما بأن هذه الفترة تدخل في إطار سنوات الرصاص والتي طويت بعد المصالحة السياسية الوطنية. يتضح من المعطيات السابقة بأن قرار الاقتطاع من أجور المضربين في الوظيفة العمومية، ومنها قطاع العدل، إجراء جائر وانفعالي ولا يستند إلى القانون، بل يرتكز على الموقف السياسي ، وهو ما يفسر تضامن الحكومة ورئيسها مع وزير العدل والحريات وكأنه في حرب مع عدو اسمه كتابة الضبط! إن الحكومة باعتمادها على هذا القرار وبالهجوم على الحريات النقابية وبافتقاد مشروع قانون المالية لهذه السنة لأي إجراء لفائدة الأجراء، تُدخِل الساحة الاجتماعية في درجة أعلى من الاحتقان والتوتر.