قال المحامي عبد الرحيم الجامعي في مؤتمر إقليمي حول عقوبة الإعدام بالرباط أول أمس الخميس إن الإستناد إلى العقيدة أو التشريع السماوي للتشبث بعقوبة الإعدام، أمر مناف للمادة 20 من الدستور الجديد الذي يضمن الحق في الحياة». وأوضح الجامعي في رد على سؤال لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» أنه لا يحق لأي أن يتحدث باسم الرأي العام بخصوص عقوبة الإعدام، مشيرا إلى أنه لم يسبق لأي أن نظم استفتاء لمعرفة موقف المغاربة من هذه العقوبة، مشددا على أن عقوبة الاعدام لم تنتصر على الجريمة. وعبر الجامعي عن خيبة أمله بعد اللقاء الذي جمع المنظمين بمسؤول حكومي والذي كشف لهم عن عدم نية الحكومة في إلغاء عقوبة الإعدام وأن هذ الأمر لا يعنيها الآن. وأضاف الجامعي، الذي لم يحدد إذا ما كان الأمر يتعلق بوزير العدل والحريات، مصطفى الرميد أنه تم الاستناد، من أجل الابقاء على عقوبة الإعدام، على نصوص ومرجعية دينية، موضحا أن التشريعات السماوية والمرجعية الدينية لم تكن مرجعا قط لللمدونة الجنائية. وتخوف الجامعي، الذي طالب بتكتل القوى الحداثية والتقدمية والقيادات السياسية من أجل مناهضة عقوبة الاعدام، من أن لايصوت المغرب لصالح قرار وقف تنفيذ الحكم بالإعدام خلال مدة محددة. وبالموازاة اعتبر المنظمون (المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، جميعا ضد عقوبة الإعدام، والائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، ومعهد حقوق الإنسان لنقابة المحامين الدوليين) أن المؤتمر الإقليمي بالرباط، محطة أساسية ضمن التحضيرات لعقد المؤتمر العالمي الخامس حول إلغاء هذه العقوبة المنتظر عقده في يونيو 2013 بمدريد. وأبرزوا أنه يندرج أيضا في إطار استمرارية المؤتمرات العالمية لمناهضة عقوبة الإعدام، ويشكل مناسبة لتسليط الضوء على تنوع الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تشهد تنفيذ 21 في المائة من حالات الإعدام على مستوى العالم، محتلة بذلك المرتبة الثانية بعد آسيا. وطالب نشطاء هذه الجمعيات بتعزيز الجهود لدفع البلدان إلى إصدار تشريعات جديدة أو تعديل تلك الموجودة لتنص بوضوح على وقف تطبيق عقوبة الإعدام كحل مرحلي في أفق الإعلان عن إلغاء هذه العقوبة بشكل تام. وتعتبر هذه الجمعيات المدنية أن عقوبة الإعدام تمثل انتهاكا للحق في الحياة المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 وغير فعالة وغير عادلة على اعتبار «أن ليس لها تأثيرا على معدل الجريمة وتطال أحيانا أفرادا منحدرين من مجموعات تشكل أقلية في المجتمع، وتستعمل كأداة ضد المعارضين السياسيين»، فضلا عن كون العدالة «ليست في منأى عن الخطأ حيث يتم تنفيذ أحكام بالإعدام في حق أشخاص أبرياء كل عام». وتم بهذه المناسبة الاستماع إلى شهادتين لمحكومين بالإعدام سابقا وهما أحمد حاوو من المغرب وانطوانيت شاهين من لبنان، أبرزا فيها المعاناة الرهيبة التي عاشاها طيلة الفترة التي تلت الحكم عليهما بالإعدام وإلى غاية الإفراج عنهما. ومن جانبه أكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، أن «الحكم بالإعدام يتعارض مع حرية وكرامة الإنسان». وأشار اليزمي إلى «الأثر غير الرجعي لعقوبة الإعدام، بالإضافة إلى احتمال تبرئة الأشخاص المحكوم عليهم بهذه العقوبة تحت نظام معين، إثر تغيير الحكومات». وأوضح أن «اللجوء إلى هذه العقوبة يبقى اعتباطيا وغير منصف على الرغم من وجود ضمانات قضائية مفصلة في هذا الشأن». من جانبه، أكد مدير عام جمعية (جميعا ضد عقوبة الإعدام) الفرنسية، رافاييل شونيل هازان، أن هدف هذا المؤتمر هو «دفع مجموع دول العالم إلى اتخاذ إجراءات تهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام»، مضيفا أن «اتخاذ مثل هذه الإجراءات يعد تقدما في اتجاه التمتع بالحق في الحياة». وحسب المنظمين فإن هذا المؤتمر يروم صياغة استراتيجية متشاور بشأنها بعد تحليل دقيق للعوائق التي تحول دون تحقيق تقدم في مجال إلغاء عقوبة الإعدام في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وتطوير حجج سياسية وقانونية واجتماعية ودينية مؤيدة لإلغاء هذه العقوبة. وأشار شونيل هازان إلى أن «الفاعلين المجتمعين في المؤتمر سيشتغلون على مدى تلاؤم تعاليم الإسلام مع الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام». وفي سياق متصل اعتبر السفير الفرنسي لحقوق الانسان فرنسوا زيميراي أن المغرب يمكن أن يقوم ب «دور ريادي» في العالم العربي بشأن إلغاء عقوبة الاعدام. وقال المسؤول الفرنسي «إن المغرب مؤهل اليوم للقيام بدور ريادي بشأن قضايا حقوق الانسان في المنطقة وخصوصا مسألة إلغاء» عقوبة الاعدام. وقال إن «الامتحان الديمقراطي» الذي وصفه بأنه «مرحلة هامة» في الوقت الذي لم تلغ فيه أي دولة في المنطقة عقوبة الاعدام، «يتم في مناخ «هادئ» و«يطمئنني بأن المغرب يفتح الباب» في هذا المجال». وبدأت فرنسا حملة دولية لإلغاء عقوبة الاعدام. وفي المغرب لا يتم عمليا منذ 1993 تطبيق عقوبة الاعدام رغم وجود مائة محكوم ينتظرون مصيرهم.