لاشيء سوى الخواء.. ولاشيء سوى الضجيج.. ضجيجٌ أشد وأكثر ضجيجاً.. خواءٌ أكثر وأكبر خواءً.. خواءٌ مليء بالضجيج.. ضجيجٌ مليء بالخواء.. في كل الساحات.. في كل المساحات.. كل شيء يَضُجُّ بالضجيج...ُ وكل شيء يضُجُّ بالخواء.. وفي كل يوم.. وفي كل ليل.. وفي كل نوم.. نقرأُ الخواء الضجيج.. نسمع الضجيجَ الخواءْ.. نلمس الخواءَ الضجيجَ، نتنفس الضجيج الخواء.. وإذا راودنا حلمٌ، حلمنا بكوابيس الضجيج تخنقنا.. وبكوابيس الخواء.. فنستفيق ككل مرة، وليس في رئاتنا سوى بقايا هواء. لاشيء سوى الخواء.. وكل الأمكنة تضج بالخلاء.. خواءٌ خلاءٌ.. خلاءٌ خواءْ.. كأن لا آدم وُلد فيها.. كأن ما من حواء. تَدُورُ العَقَاربُ في ظلمةِ الهزيع، فما من ثوانٍ، وما من صباح، وما من مساء. كأن وقتي كسيحٌ، جناحاً جريحٌ، طَرِيحٌ، يمقته الهواء. يدور الخواء في الخواء على الخواء.. ولاشيء سوى الضجيج.. ضجيج الفراغ.. فراغ الضجيج، في خلاء البوار، خلاء اليباب اليباس البيات.. كأن كل هذي الحياة.. لا تضج إلا بالأموات. »فراغ الفراغات.. وكل شيء فراغ« وكأن، كل طريق عن طريقه زاغ! لا حكمة إلاّ حكمة البراميل الفارغة: »تُحْدِثُ البراميلُ الفارغة من الضجيج أكثر مما تحدثه البراميل الملآنة« لا تسيء سوى التفاهة.. ولا شيء سوى التقنية.. نستنشق سفاسف الضجيج... ونستنثر ضجيج السفاسف.. نلوك سخائف الضجيج... ونسمع ونبصر ضجيج السخائف.. حتى لكأن ما من معركة سوى ضد المعنى لتتفيه المعنى في المعنى. هل كانت ابتدأت فعلا.. حتى يقال إن حرارة كل هذا الضجيج إنما هي من فرط حمى بلوغها سن اليأس؟! بئيسٌ.. يؤوس هذا الفراغ.. فراغ البؤس.. وبؤس الفراغ. في كل مرة.. يتعثر الطريق بالطريق في الطريق.. ولا يسقط سوى الوقت. كلما علا الزعيق،، النقيق، النعيب، النعيق، ابتدأ البحث عن الجثث! علمتنا حكمة السنابل أن: كلما نضجت الحقول يظهر أمران إثنان: »الجاوج« والفزاعات هل ثمة من حكمة، إذا غرسنا فأكلوا.. ونغرس فيأكلون؟! من يزرع الضجيج.. يحصد ا لصمم. خذوا الحكمة من فم المغنى وهو يغني: »وطح النًّيڤُو«! حينما يسقط الضجيج ك ما يهطل المضر.. يسقط المستوى على جميع المستويات! حينما يسقط المستوى، يتعملق الأقزاج. حينما لا يتبقى سوى اللسان كأداة وحيدة لممارسة السياسة... تتعطل باقي الأدوات والآليات والمحركات.. إلخ. سياسي لساني كلما فتح فمه، سمع تصفيقات شعيرات رأسه ولحيته أيضا. وآخر فتح فمه أمام المرآة، ولما وجده فارغِآ، ملأه بالكلام!