قيوح يستعرض ميزانية وزارة النقل واللوجستيك برسم مشروع المالية 2025    ترامب: حققت فوزا تاريخيا وسنغلق الحدود أمام المجرمين    اختتام فعاليات الدورة التدريبية لحكام النخبة (أ)    طقس الأربعاء.. ارتفاع درجات الحرارة وتناثر حبات رملية بالاقاليم الجنوبية    بركة: 43.1 مليار درهم مجموع الاستثمار العمومي في قطاعات التجهيز والماء برسم ميزانية الوزارة ل2025    كيوسك الأربعاء | مقترح جديد ينهي أزمة أطباء المستقبل    ذكرى المسيرة الخضراء.. الملحمة الخالدة    دونالد ترامب يعلن فوزه بالانتخابات وعودته للبيت الأبيض    ترامب يعلن فوزه ويعد بعصر ذهبي جديد لأمريكا    الانتخابات الأمريكية.. الجمهوريون يحصدون الأغلبية بمجلس الشيوخ    قيوح: مجموع استثمار وزارة النقل واللوجستيك والمؤسسات والشركات العمومية التابعة لها يبلغ 13 مليار درهم برسم ميزانية 2025    وزير الداخلية القطري: إقرار التعديلات الدستورية في قطر ب 90.6 بالمائة من إجمالي الأصوات الصحيحة    ترامب يتقدم على هاريس وترقب إعلان فوزه برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية    الجمهوريون يكتسحون الانتخابات.. واحتفالات بين أنصار ترامب بالفوز قبل إعلان النتيجة النهائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    بدء إغلاق صناديق الاقتراع في أمريكا        المنتخب المغربي للفوتسال ينهزم وديا أمام نظيره الفرنسي (1-3)    29 برلمانيا بمجلس المستشارين يصادقون على مشروع قانون إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وثلاثة يمتنعون        وهبي يتهم جمعيات المحامين ب"الابتزاز" ويُكَذب تصريحات بشأن قانون المهنة    مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية برسم سنة 2025 يندرج في إطار مواصلة تفعيل مخططاتها وبرامجها الهيكلية (لفتيت)    منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تطلق بباريس مراجعة سياسات الاستثمار في المغرب    الرباط.. إطلاق العديد من مشاريع التسريع المدني للانتقال الطاقي        عندما طلب مجلس الأمن وقف «المسيرة « وأجاب الحسن الثاني : لقد أصبحت مسيرة الشعب    بنك المغرب يكشف حقيقة العثور على مبالغ مالية مزورة داخل إحدى وكالاته    الوداد يواجه طنجة قبل عصبة السيدات    "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة" إصدار جديد للشاعرة مريم كرودي    18 قتيلا و2583 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعاً بريدياً تذكارياً بمناسبة الذكرى العاشرة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    الأحمر يغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    مرحلة ما بعد حسم القضية..!    التجمع الوطني للأحرار يستعرض قضايا الصحراء المغربية ويشيد بزيارة الرئيس الفرنسي في اجتماع بالرباط    جدل في البرلمان بين منيب والتوفيق حول الدعوة ل"الجهاد" في فلسطين    بن صغير يكشف أسباب اختياره للمغرب    تحقيقات جديدة تهز كرة القدم التشيلية    كَهنوت وعَلْموُوت    رئيس الحكومة يستعرض إنجازات المغرب في التجارة الخارجية    التساقطات ‬المطرية ‬أنعشت ‬الآمال ..‬ارتفاع ‬حقينة ‬السدود ‬ومؤشرات ‬على ‬موسم ‬فلاحي ‬جيد    "روائع الأطلس" يستكشف تقاليد المغرب في قطر    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كما النهر الذي يجري .. باولو كويلهو

كما النهر الذي يجري / محكيات 1998 ذ 2005 مجموعة نصوص قصيرة ( 101) نشرها باولو كويلهو ما بين 1998 و2005، وهو يفتح لنا من خلالها أبواب عوالمه ككاتب؛ إنها مقطوعات قصيرة جدا من الحياة اليومية ومن نصوص حكاها له آخرون، وأعطاها هو بُعد حكايات فلسفية أو بيداغوجية بالغة الأهمية لمن يرغبون في العيش في تناغم مع العالم المحيط بهم. ونحن نقترح ترجمة لبعض هذه النصوص، اعتمادا على الترجمة الفرنسية التي أجزتها فوانسواز مارشان سوفاغنارغ، ضمن منشورات فلاماريون، باريس، 2006.
وُلدت بمستشفى سان جوزيف، بريو دي جانيرو. وبما أن الولادة كانت عسيرة جدا، نذرتني والدتي لهذا القديس، ملتمسة إياه مساعدتي لكي أعيش. أصبح جوزيف بالنسبة لي مرجعا في الحياة و منذ – 1987، السنة التي تلت حجي إلى سان- جاك- دي - كومبوستيل – أصبحت أنظم حفلا على شرفه يوم 19 مارس. أدعو بعض الأصدقاء، أناسا يعملون ومشهود لهم بالاستقامة، وقبل العشاء نصلي لأجل كل الذين يكدون ليظلوا فضلاء فيما يقومون به. نصلي كذلك لأجل أولئك المعطلين دون أفق.
في التقديم الموجز الذي أُلقيه قبل الصلاة، تعودت التذكير أنه إذا كانت كلمة « حلم « ترد خمس في العهد الجديد، فهناك أربع مصادفات تُحيل على جوزيف النجار. و في هذه الحالات كلها، يُقنعه ملاك بأن يفعل بالضبط عكس ما كان قد انتواه.
فرض عليه الملاك أن لا يهجر زوجته، حتى لو كانت حُبلى. كان بإمكانه أن يقول أشياء من قبيل: « ماذا سيقول الجيران ؟»، إلا أنه عاد إلى منزله، وهو يؤمن بالكلام الموحى به.
يبعثه الملاك إلى مصر. كان بإمكانه أن يرد: « لكني مقيم هنا كنجار، لي زبنائي،لا يمكنني التخلي عن كل شيء الآن !». مع ذلك، يجمع أغراضه وينطلق نحو المجهول.
يطلب منه الملاك العودة من مصر. كان بإمكان جوزيف أن يفكر: « الآن، وقد نجحت في توطيد حياتي من جديد وأصبحت لي أسرة علي واجب إعالتها؟.״
بخلاف ما يسعى إليه الحس المشترك، يمضي يوسف وراء أحلامه. يعرف أن له مصيرا عليه القيام به، مصير الناس جميعا أو تقريبا فوق هذا الكوكب: حماية أسرته وإعالتها. كما ملايين جوزيف المجهولين، يحاول الإيفاء بالمهمة الملقاة على عاتقه، حتى لو تطلب منه ذلك القيام بأعمال تتجاوز إدراكه.
فيما بعد، أصبحت زوجته وكذلك أحد ابنائه يمثلان المرجعيات الكبرى للمسيحية. أما الدعامة الثالثة للأسرة، العامل، فلا يتم التفكير فيه إلا خلال أعياد نهاية السنة، أو إذا اُعد له ورع خاص، وهو ما ينطبق علي كما ينطبق على ليوناردو بوف، الذي كتبت له تقديم كتاب حول النجار.
أُعيد صياغة مقطع من نص للكاتب كارلوس هييتور كوني ( أتمنى أن يكون له فعلا، لأنني اكتشفته على الأنترنيت):
« يندهش الناس عادة لكوني، وأنا أصرح أنني لا أدري، أرفض فكرة إله فلسفي، أخلاقي أو ديني، أُُجل بعض قديسي روزنامتنا التقليدية. إن الإله مفهوم أو كيان بعيد جدا عن إمكانياتي وحتى عن حاجياتي. أما القديسون، فلأنهم كانوا أرضيين، خُلقوا من نفس الطين الذي خُلقت منه، فهم يستحقون أكثر من إعجابي. إنهم يستحقون ورعي.
״ القديس يوسف واحد من هؤلاء. لا يشير إليه الإنجيل ولو بكلمة واحدة، مجرد حركات وإحالة واضحة: إنسان عادل. وبما أن الأمر يتعلق بنجار وليس بقاض، نستخلص أن جوزيف كان صالحا قبل أي شيء آخر. كان نجارا صالحا، زوجا صالحا وأبا صالحا لابن سيقسم تاريخ العالم ״.
كلمات جميلة لكوني. أما أنا، فأقرأ في الغالب اختلالات فكرية من قبيل: « ذهب يسوع إلى الهند للتعلم عن أساتذة الهيميلايا ״.
أرى أن بإمكان أي إنسان أن يجعل المهمة التي ألقتها الحياة على عاتقه مهمة مقدسة؛ وقد تعلم يسوع بينما كان جوزيف، الإنسان العادل، يعلمه صناعة الطاولات، الكراسي والأسرة.
يروق لي أن تكون المائدة التي نذر عليها المسيح الخبز والخمر، كانت من صنع جوزيف – كانت هناك يد نجار مجهول، يكسب حياته من عرق جبينه و، لهذا السبب تحديدا، كان يسمح للمعجزات بأن تتجسد.
يريد الشر أن يتم فعل الخير
يحكي الشاعر الفارسي الرومي أن معاوية، الخليفة الأول لسلالة الأمويين، كان ينام في قصره ذات يوم، فأيقظه شخص غريب.
״ من أنت؟ سأله معاوية.
- أنا ملك الجن، رد الشخص الغريب.
- وماذا تريد؟
لقد حان وقت الصلاة وأنت لا تزال غارقا في النوم.״
اندهش معاوية. كيف فكر أمير الظلمات، الذي يرغب دائما في أرواح الناس قليلي الإيمان، في مساعدته لأداء واجب ديني؟
إلا أن ملك الجن أوضح:
״ تذكر أنني خُلقت من نور مثل ملاك، ولا أستطيع نسيان أصلي رغم كل ما حدث لي في الوجود. قد يذهب إنسان إلى روما أو أورشليم، إلا أنه يحمل في قلبه دائما قيم وطنه: ينطبق هذا علي أنا أيضا. إني دائم احب للخالق، الذي غذاني حين كنت شابا وعلمني فعل الخير. وحين تمردت عليه، فليس لأنني لم أكن أحبه؛ بالعكس، كنت أحبه إلى درجة أنني أصبحت غيورا حين خلق آدم. عندها، فكرت في تحدي الرب، وهو ما سبب هلاكي؛ و رغم ذلك، فأنا أتذكر النعم التي مُنحتها ذات يوم، وربما أعود إلى الجنة بفعل الخير ״.
رد معاوية:
« ״ لا أستطيع تصديق ما تقول. إنك مسؤول عن هلاك العديد من الناس فوق سطح الأرض
- صدق ذلك، ألح ملك الجن. وحده الرب يستطيع البناء والهدم، لأنه العلي القدير. فبخلقه الإنسان جعل من بين خاصيات الحياة الرغبةَ، الانتقام، الرحمة والخوف. فلا تتهمني، بالتالي، إذا رأيت الشر حولك لأنني مجرد مرآة للمصائب التي تطرأ ״.
مقتنعا أن في الأمر شيئا مختلا، أخذ معاوية يصلي بشدة علّ الله يُنيره. قضى الليلة كلها يناقش ملك الجن ولم يستسلم للاقتناع، رغم الحجج الباهرة التي سمعها.
بينما كان النهار يطلع، سلم ملك الجن في النهاية موضحا:
״ طيب، إنك على صواب. حين أتيتُ، هذا الزوال، لإيقاظك حتى لا يفوتك وقت الصلاة، لم تكن نيتي تقريبك من النور الرباني.
״ كنت أعلم أنك إذا لم تؤد واجباتك، ستشعر بحزن عميق، وأنك ستُصلي خلال الأيام التالية بإيمان مضاعف، متوسلا الغفران لأنك نسيت الشعيرة السليمة. وكل الصلوات التي يؤديها الإنسان بحب وبتوبة، تساوي في نظر الرب مائتي صلاة يؤديها بطريقة مبتذلة وآلية. وستكون في النهاية خالصا وملهما أكثر. سيحبك الرب أكثر، وسأكون أنا أبعد من روحك ״.
اختفى ملك الجن، فدخل بعده بوقت قصير ملاك النور، وقال لمعاوية:
لا تنسى أبدا درس اليوم. فملك الجن يتخذ أحيانا قناع مبعوث الخير، إلا أن نيته المضمرة هي التسبب في دمار أكثر״.»
خلال ذلك اليوم، وخلال الأيام التالية، صلى معاوية مفعما بالتوبة، بالرحمة وبالإيمان. و سمع الرب صلواته ألف مرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.