في الآونة الأخيرة، شهد المستهلك المغربي ارتفاعًا في أسعار بيض المائدة، وهو ما أثار تساؤلات حول أسبابه، خاصة في ظل الاستقرار النسبي الذي كانت تعرفه هذه المادة الأساسية في الأسواق المحلية. ورغم أن هذا الارتفاع قد يكون مفاجئًا للبعض، إلا أنه يبقى جزءًا من موجة عالمية شملت العديد من الدول، وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث وصلت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة بسبب عوامل متعددة، أبرزها تفشي إنفلونزا الطيور والزيادة الموسمية في الطلب. سياق عالمي متأزم وتأثيرات على السوق المغربية في الولاياتالمتحدة، قفز سعر دزينة البيض بنسبة 65% خلال عام واحد، متجاوزًا 9.99 دولارًا في بعض الولايات، بينما وصل سعر علبة من 18 بيضة إلى 19.99 دولارًا، وفقًا لمكتب إحصاءات العمل الأمريكي. هذا الارتفاع الحاد كان نتيجة انخفاض الإنتاج بسبب الأمراض التي ضربت قطاع الدواجن، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الأعلاف والطاقة، ما دفع العديد من المتاجر الكبرى إلى فرض قيود على شراء البيض. ففي ولايات مثل نيفادا وأوهايو وفلوريدا وكاليفورنيا، تُنبه لافتات في المتاجر العملاء إلى وجود قيود على الشراء، حيث يُسمح لكل زبون بشراء أكثر من علبتين. فيما اعتذرت إدارة متاجر أخرى للزبائن موضحة أن "أسعار البيض ارتفعت بشكل كبير". وأمام هذه القفزة السعرية، أصبح البيض سلعة مرغوب فيها إلى حد ارتكاب جرائم سرقات تعرضت لها عدد من شاحنات نقل المنتوج، وصلت قيمتها إلى 40,000 دولار وفقًا للشرطة الفيدرالية. ولم تقتصر تداعيات الأزمة على على القدرة الشرائية للفرد الأمريكي، إذ اضطرت المطاعم أيضًا إلى رفع أسعارها، بما في ذلك سلسل مطاعم شهيرة، حيث أعلنت عن فرض رسوم إضافية بقيمة 50 سنتًا لكل بيضة لتعويض ارتفاع التكاليف. أما في المغرب، فرغم تأثر السوق المحلية بهذه العوامل الخارجية، إلا أن الوضع يظل تحت السيطرة بفضل جهود المنتجين المحليين، الذين نجحوا في تفادي أزمة حادة كالتي تعيشها بعض الدول. فالقطاع المغربي لتربية الدواجن أظهر مرونة كبيرة في مواجهة التحديات، ما ساهم في تجنب نقص حاد في المعروض، وبالتالي الحيلولة دون حدوث ارتفاع مُهوِل في الأسعار. جهود المنتجين المغاربة في مواجهة التحديات لم تكن الزيادة في أسعار البيض في المغرب نتيجة نقص الإنتاج، وإنما جاءت متأثرة بتكاليف الإنتاج التي ارتفعت عالميًا، خاصة أسعار الأعلاف والطاقة، التي تمثل جزءًا كبيرًا من هذه التكاليف، التي ألقت بظلالها على أسعار الحوم الحمراء بشكل كبير، ما أدى بالمستهلك المغربي إلى البحث عن بديل عنها وبالتالي وقع الضغط على منتوجات الدواجن من بيض ولحوم بيضاء. غير أن التدابير التي اتخذها المهنيون المغاربة، من خلال تحسين أساليب الإنتاج وضمان استمرارية التوريد، ساهمت في التخفيف من حدة هذه الزيادات. كما أن غياب الأمراض الوبائية الخطيرة، مثل إنفلونزا الطيور شديدة الضراوة، ساعد في الحفاظ على استقرار الإنتاج، مقارنة بدول أخرى اضطرت إلى إعدام ملايين من الدجاج البياض، مما أدى إلى نقص حاد في البيض وارتفاع أسعاره بشكل غير مسبوق. نظرة متفائلة : استقرار مرتقب في السوق المغربية رغم التقلبات التي تعرفها الأسواق العالمية، يطمئن المهنيون المغاربة المستهلكين بأن الأسعار ستظل ضمن نطاق معقول، بفضل الاستراتيجية المتبعة في القطاع، والتي تقوم على ضمان توازن العرض والطلب، مع مواصلة تحسين الإنتاج وتقليل الاعتماد على المواد المستوردة. ويؤكد الفاعلون في القطاع أن أي ارتفاع في الأسعار يبقى ظرفيًا ومرتبطًا بعوامل خارجية، وأن السوق المغربية تظل محمية من الاضطرابات الحادة التي تشهدها دول أخرى. كما أن استقرار سلسلة الإنتاج والتوزيع سيضمن توافر البيض بشكل طبيعي، مع توقعات بعودة الأسعار إلى مستوياتها المعتادة في الفترة المقبلة. تفاؤل وحماية للمستهلك المغربي في ظل هذا السياق، ورغم بعض الزيادات الملحوظة، يبقى الوضع في المغرب أكثر استقرارًا مقارنة بدول أخرى، وهو ما يعكس نجاح المنتجين المحليين في التعامل مع التحديات العالمية. وبينما تستمر الجهود لضبط السوق والحفاظ على أسعار في متناول الجميع، يمكن القول أن بيض المائدة سيظل متوفرًا بأسعار متوازنة في الأسواق المغربية، بعيدًا عن الأزمات الحادة التي تعرفها بعض الأسواق العالمية.