«إن المغرب مدعو لوقت أكثر من مضى لترسيخ وتطوير علاقات التعاون والصداقة مع الجمهورية الاشتراكية الفيتنامية». فالحديث هنا ليس لسعد الدين العثماني وزير الشؤون الخارجية والتعاون»، أو لأي ديبلوماسي مغربي آخر، بل إنها دعوة صريحة من مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في كلمة له افتتح بها أشغال الندوة العلمية التي تنظمها المندوبية، بمشاركة وفد من الفيتنام يترأسه الجنرال تران هانه رئيس منظمة المقاومين والمحاربين بالجمهورية الاشتراكية الفيتنامية، وبحضور عدد من الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالتاريخ المشترك بين المغرب والفيتنام. وقد صرح مصطفى الكثيري لجريدة الاتحاد الاشتراكي أن هذا اللقاء يندرج في إطار برنامج العمل الذي يقوم به الوفد الفيتنامي، من أجل ابراز الجوانب والقواسم التاريخية المشتركة بين البلدين، سواء الثقافية والبشرية والاقتصادية والاجتماعية، مضيفا في هذا الصدد ان الذاكرة المغربية والفيتنامية تسجل بفخر واعتزاز بعض المحطات التاريخية التي شكلت نقط ضوء مشرقة بالنسبة للبلدين، وذلك من أجل الدفاع عن الحرية والكرامة. وأوضح الكثيري أن هذا اللقاء العلمي الذي يسعى الى تقوية العلاقات الثنائية في جميع المجالات والميادين يأتي في سياق روح البروتوكول-الاتفاق ما بين المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير للمملكة المغربية ومنظمة قدماء المقاومين والمحاربين بالجمهورية الذي ينص على التنظيم المشترك للندوات العلمية والمعارض المرتبطة بحركات التحرر الوطني، والوحدة الوطنية بالبلدين في إطار زيارات العمل المتبادلة بين الطرفين. ومن جهته ذكر الجنرال تران هانه بأن التاريخ يسجل أن العلاقات المغربية الفيتنامية علاقات عميقة وتاريخية من أجل الدفاع عن القيم الانسانية النبيلة ،وعلى أن البلدين لهما تاريخ مشترك وثرات مشترك حين حارب عدد من الجنود المغاربة الى جانب الجنود الفيتناميين في الحرب المعروفة بحرب «لاندوشين» وذلك من أجل الحرية والكرامة والعدل والإنصاف والقيم الانسانية، مشددا على ‹أن المطروح اليوم هو ترسيخ حوار مفتوح دائم وعميق حول هذه القيم النبيلة المشتركة التي جمعتنا في السابق من أجل تطوير علاقات التعاون والصداقة». وأضاف الجنرال، في نفس السياق بأنه بالرغم من أن البلدين يتميزان ببعد جغرافي كبير ومختلفان في التقاليد والعادات لكن تجمعهما المبادئ والقيم السامية والنبيلة والكونية، المتمثلة في الدفاع عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وكان هذا اللقاء الذي انعقد تحت شعار «المغرب والفيتنام نظرة الواحد للآخر»، مناسبة لكل من الدكتور فرانج رئيس مركز الأبحاث العلمية بفرنسا لتقديم عرض مفصل حول تاريخ بلاد الفيتنام :نشأتها ومعركها واقتصادها وثقافتها وعاداتها ومميزات الموارد البشرية لديها، أما الدكتور عبد الله ساعف، فقد قدم مداخلة حول العلاقات المغربية الفيتنامية من خلال التاريخ السياسي والاجتماعي المعاصر للبلدين، حيث ذكر ساعف كيف استطاع هوشي منه الاستفادة من حرب العصابات لعبد الكريم الخطابي آنذاك أثناء مواجهة المستعمر الفرنسي والاسباني خلال المعارك الضارية في حرب الريف، ثم تحدث عن الأعداد الكبيرة التي شاركت في حرب الفيتنام «لاندوشين»، حيث شكل المغاربة العدد الأكبر من المشاركين من شمال افريقيا، بالإضافة الى التطرق الى الكتاب الذي ألف حول ذلك المناضل الشيوعي المغربي والذي ترقى ليصل الى درجة جنرال، مبرزا كيف يمكن أن يندمج المغاربة بسهولة مع الشعب الفيتنامي، والذي أذهلته المعطيات التي حصل عليها من خلال تأليف ذلك الكتاب.