لا حديث في مقاهي الحاضرة الإدريسية إلا عن الزوبعة التي عصفت مؤخرا بأحيائها وشوارعها، وحولت سماءها الزرقاء فجأة ودون مقدمات، إلى اصفرار، حيث لاتزال معاناة سكان معظم أحياء المدينة مستمرة من أثر الغبار المتطاير في الهواء الطلق ليلا ونهارا، جراء الأوراش المفتوحة وعملية طحن الحصى وخلط مواد البناء مع انعدام أدنى قواعد وشروط السلامة تجاه قاطني الجوار. وصف أحدهم حالة فاس وهي تحت » رحمة « الغبار وهو يتطاير حسب وجهة الريح، يكتسح البيوت ويجعل من فضائها واقعا ملوثا خطيرا تظهر آثاره جلية على الألبسة والأفرشة وأواني المطبخ...، غبار يتكون من ذرات (الكالكير) الذي يشكل خطرا على جهاز تنفس مختلف الكائنات الحية، حيث يتسبب في ضيق التنفس ومرض السيليكوز لا قدر الله. وقد تأثرت العاصمة بهذه العاصفة الرملية حيث شلت حركة المرور في الشوارع الرئيسية، نتيجة البطء الشديد الذي تسير به الأشغال من طرف المقاولة التي رست عليها صفقة التهيئة، وتتعرض هذه الأشغال في أحيان عديدة للتوقف ولمدة طويلة لأسباب مجهولة، فالمجتمع المدني يطالب المصالح المختصة بالتدخل الفوري والعاجل لرفع الضرر الناتج عن تأخر الأشغال وما يترتب عنه من معاناة حقيقية للساكنة. وتزداد معاناة السكان كلما جادت السماء بأمطار الخير والبركة، خصوصا عند التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدتها المدينة، حيث تحولت هذه الأزقة والشوارع إلى برك ومستنقعات مائية لم تجد مسلكا لتصريفها نتيجة غياب قنوات الصرف الصحي، وان كانت موجودة فهي تتعرض في كل لحظة وحين للاختناق بسبب ضعف الصيانة والتنظيف من طرف المجلس الجماعي. كما عبر العديد من المواطنين عن تذمرهم الشديد، من التأخر الذي تشهده عملية توسيع الطرق المؤدية صوب أحيائهم، وحمل المواطنون المجلس والمقاولة المكلفة بالأشغال معا، مسؤولية التأخير الذي تشهده عملية توسيع الطريق الرابطة بين ملتقى الطرق النخيل وطريق عين الشقف والمحاذية لثانوية الأدارسة، وأشاروا إلى أن عمال المقاولة المذكورة أبدوا عدم الجدية في إنهاء الأشغال، إذ اختفوا فور الشروع في عملية الحفر. وأما باقي الأوراش، كان من المفروض أن تعرف الأشغال نهايتها، قبل حلول فصل الصيف، غير أن العكس هو الذي حدث، إذ لم ينجز طيلة المدة الأخيرة، إلا نسبةً قليلةً جدا، في حين أن الأشغال في الأيام الأخيرة شبه متوقفة، حيث يعاني السكان جراء ذلك، من الأتربة والغبار الذي يجتاح منازلهم ناهيك عن الأوحال التي تنتشر في كل مكان أثناء تهاطل الأمطار. وشدد المواطنون على ضرورة تحرك الجهات المعنية في أقرب الآجال الممكنة، من أجل الشروع في إنهاء الأشغال قبل الدخول المدرسي، لتجنيب التلاميذ أضرار صعوبة الولوج إلى المؤسسات التعليمية المستهدفة وحمايتهم من مخاطر الطريق، كما ألح المواطنون في مناشدتهم للسلطات المحلية، على ضرورة حث الجهات المسؤولة على إتمام الأشغال في الآجال المحددة لها، على عكس ما يحدث حاليا في بعض الحالات، من قبل المقاولة التي لا تتوفر على روح المسؤولية في ممارسة عملها، وفق ما جاء في تصريحات المواطنين أنفسهم، حيث يعيش معظمهم حصارا حقيقيا جراء أشغال التأهيل الحضري. وقد يعيش السكان جراء عدم إنهاء الأشغال المرتبطة سواء بتعبيد الطرق أو تتبيث مختلف بعض القنوات وغيرها ... وضعا كارثيا نتيجة غلق أبواب المنازل بالأتربة وتكسير قنوات الصرف الصحي التي أصبحت تشكل خطرا على صحة السكان بسبب انبعاث روائح كريهة تزكم الأنوف، كما يتم إغلاق الأزقة في وجه حركة المرور بحيث يصعب على السكان الدخول والخروج بسهولة وكذلك عامة المارة، كما تشل الحركة التجارية في تلك المناطق ويتضرر أصحابها بسبب عرقلة السير والجولان الناتجة عن تلك الحفر. وأمام هذا الوضع الكارثي فإن السكان يحملون المجلس كامل المسؤولية فيما يتعرض له السكان من حصار اعتداء سافر على حق العيش في سلامة وصحة وأمن، ويطالبونه بالتدخل الفوري لدى المقاولة المعنية لرفع الضرر عنهم وإتمام الأشغال وإعادة الحياة إلى الأزقة والشوارع المتضررة.