لقد تم تقديم عدة قراءات للوضع الحالي للحزب ،وتفنن الكثيرون في جلد الذات الاتحادية بشكل مباشر وغير مباشر وقد تتفق الأغلبية على التشخيص, خصوصا المرتبطة بالبنية التنظيمية وضعف فعالية الأجهزة وطبيعة القرارات السياسية المتخذة وتحمل المسؤولية والتحول من استراتيجية النضال الديمقراطي للوصول للسلطة داخل الدولة، إلى مجرد تكتيكات فردية لتحمل المسؤولية داخل الحزب،- حتى ولو كان على حساب تاريخه ومصداقيته وتأثيره في المشهد السياسي المغربي, إذ يفضل البعض من الانتهازيين ومحترفي التنظيم وتكنقراط المواقف السياسية، اقتصار الحزب على لعب دور تكميلي وربما شكلي خدمة لأجندة خارجية- وفي العلاقة بالنقاش المفتوح الموازي لأعمال اللجنة التحضيرية التي تعمل على بلورة مشاريع أوراق للمؤتمر التاسع لحزب الاتحاد الاشتراكي, وجب التذكير بضرورة استحضار الخط الناظم بين مجموع أوراق المشاريع انسجاما مع هوية الحزب ومرجعيته الفكرية ، وهو لن يتحقق إلا في إطار الرؤية الإستراتيجية التي يمكن أن يتباها المؤتمر ويصادق عليها المؤتمرون، وفق ما يتناسب مع المرحلة السياسية الراهنة ووضعية الحزب والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي نعيشها والتي من المفروض التكيف معها ، إذ أن الاتحاد ملزم أكثر من أي وقت مضى ( المؤتمر الاستثنائي للحزب ) بضرورة ربط الإستراتيجية بالقائد ( استراتيجية النضال الديمقراطي و القائد السي عبد الرحيم بوعبيد) القادر فعلا على تولي وتحمل مسؤوليته الكاملة في إدارة هذه الإستراتيجية والسهر على التطبيق الفعلي والعملي للأنشطة والبرامج والقرارات التي تساعد وتعمل على تحقيق الأهداف المسطرة لها. وإذا كان النقاش حول الإستراتيجية , كلمة إغريقية مشتقة من استراتجيوس وتعني القائد واستعملت في الميدان العسكري باعتبارها فن الحرب وتخطيط عالي ومحكم لتحقيق النصر في مختلف المعارك - رغم أنه فضفاض ويغلب عليه طابع التاريخانية يبقى مقبولا ويظل مفتوحا بين صفوف المناضلين والمناضلات باعتبار أن هناك استعمال الكثير من المصطلحات العسكرية في الثقافة التنظيمية للحزب، كالمعركة و التكتيك والمناورة والمناضل الذي قد يحمل السلاح والبندقية ، والميدان و القائد و النصر والهزيمة ، .....وباعتبار استعمال المصطلح في ميادين مختلفة كالاقتصاد والسياسة، إلا أن الحديث عن القيادة غالبا ما يصطدم إما بنوع من الاصطفاف الآلي والميكانيكي للمناضلين والمناضلات بدون أدنى حدس نقدي لما قاموا به (أقصد القيادة) من أعمال وفق ما يدعونه من أقوال وما يحملونه من أفكار ، وإما بالتهجم المغلف بالتعميم حد التعتيم و الخالي من المسؤولية والوعي الذي يفرضه علينا التحليل الملموس للواقع الملموس، وإما أنه يصدم برقابة ذاتية داخلية تضمر في طياتها حسابات المؤتمر وتداعيات المسؤولية والتزكية وأشياء أخرى وإن كانت مشروعة وديمقراطية ،إلا أن الوسائل الممكنة التي يمكن الدفاع بها عن تلك الطموحات تطرح عدة إشكالات مرتبطة بالضوابط و الكفاءة والمصداقية النضالية والأحقية مع شرط التداول على المسؤولية في مختلف الواجهات الجمعوية والنقابية والمؤسسات المنتخبة. لقد تعلمنا من التاريخ وهو ما يبرزه لنا الواقع المعيش و ما يثبته العلم أن فشل أية إستراتيجية يتحمل مسؤوليته القائد» سواء كان في قطاع شبيبي أو جمعوي أو حزبي أو نقابي أو نسائي أو إداري» ، فما بالك إذا لم تكن لدى هذا القائد « المسؤول الأول» أية إستراتيجية، اللهم إذا استثنينا حساباته الخاصة والشخصية، بعيدا كل البعد عن ما تتطلبه مهام القائد ودوره الريادي والذي من المفروض أن يحقق أكبر عدد من المكتسبات للقواعد وللمناضلين والمناضلات، لقد أقر الكاتب الأول للحزب بوجود أزمة تتمثل في محاولة الانتحار الجماعي ، فهل أزمة الاتحاد اليوم مرتبطة بنهاية إستراتيجية النضال الديمقراطي منذ تحقيق جزء من أهدافها ،ألا وهي تدبير الشأن العام في شخص السي عبد الرحمان اليوسفي كوزير أول, أم أن الأزمة تنحصر قي غياب رؤية إستراتيجية قادرة على أن تكون بمثابة الخط الناظم الذي يربط بين مجموع مشاريع الأوراق المقدمة للمؤتمر الوطني التاسع, أم أن الأزمة مرتبطة بطبيعة القائد القادر على بلورة الاستراتيجية التي سيتفق عليها المؤتمرون على أرض الواقع, بناء على خطط وبرامج محكمة وقابلة للتطبيق والتفعيل, أم أن الأزمة تكمن في التصور التنظيمي والديمقراطية الداخلية التي تسهل التفاعل لإخراج ما اتفق عليه للوجود على أساس ضمان حق المشاركة للجميع أفرادا وجماعات بمختلف مستوياتهم وتجلياتهم وحساسياتهم ودفعهم للعمل الوحدوي المتضامن، للحد من تعدد القيادات وضمان قواعد لعبة متوافق عليها داخليا؟ أم أن الأزمة مرتبطة بتغييب إستراتيجية لتكوين القيادات الشابة وتمكينها من تقنيات التخطيط الاستراتيجي للعمل واحتلال مواقع المسؤولية في مختلف الواجهات الاجتماعية ومؤسسات الدولة بما ذلك المؤسسات المنتخبة,وإذا تم الاتفاق على مداخل حل الأزمة ، إلا أن التوجس المتحكم في الاتحاديين والاتحاديات يبقى هو السقوط في فخ تبني بعض الجهات لاستراتيجية مفروضة خارجيا للتحكم في الحزب والدفع بالمؤتمرين والمؤتمرات للتخلي عن الرهان الحقيقي المتمثل في قيادة المجتمع أو على الاقل المشاركة في تدبير أموره من موقع القوي داخل المؤسسات المخول لها ذلك دستوريا وديمقراطيا، عن طريق التصالح معه ووضع برامج لتأطيره ومواكبة حركته واحتجاجاته التي من المفروض التكيف معها لاستيعاب تحولاتها المتسارعة والتعبير عنها أو على الأقل جزء منها بشكل واع ومسؤول داخل المؤسسات التي يتواجد بها الاتحاديون والاتحاديات. فهل سيعرف المؤتمر التاسع للحزب المصالحة الضرورية والانسجام المطلوب توفره بين القائد الموحد والإستراتيجية الموحدة ( بكسر الحاء) لضمان نجاح المؤتمر ويخرج الجميع منتصرا وأقصد الحزب والبلاد ، وليس أن ينتصر طرف على حساب آخر ؟ * عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية