تواجه عدة مقاولات مغربية وضعية مالية خانقة يعود أحد أسبابها الأساسية إلى تأخر المؤسسات العمومية وشبه العمومية في الوفاء بالتزاماتها تجاه المقاولين المغاربة، مستغلة في ذلك اضطرار المتضررين إلى تفادي الدخول في نزاعات أو خلافات مع المتخلفين عن أداء الديون مخافة إدراجهم في لائحة المغضوب عليهم، وتعرضهم للحرمان من الحق في الفوز بصفقات مستحقة. حرمان المقاولات من التوصل بمستحقاتها في الآجال المحددة، لا يعفي هذه المقاولات من أداء واجباتها تجاه الدولة، وكلما طالت مدة التأخر في السداد كلما تأزمت أوضاع المقاولة لتطال بشكل مباشر نوعية العلاقات مع المستخدمين التي تنعكس بدورها على الإنتاجية والمردودية، والتي يمكن أن تعرض المقاولة للإفلاس . مساهمة المقاولات العمومية وشبه العمومية في تعريض مقاولات القطاع الخاص لصعوبات مالية لا تقف عند الجانب الاقتصادي فقط ، وإنما تشمل البعد الاجتماعي الناتج عن الاستغناء عن عدة مناصب للشغل أو عن التخلي عن بعض المشاريع الاستثمارية، فهي تطرح بإلحاح إشكالية البطالة في المغرب وقدرة الحكومة الحالية على مواجهتها؟ فإذا كان رئيس الحكومة قد أعلن صراحة بأن التوظيف في المؤسسات العمومية ليس هو الحل، وإذا كانت الوضعية المالية للمؤسسات العمومية وشبه العمومية لا تسمح لها بالوفاء بالتزاماتها تجاه المقاولات الخاصة، فهل بإمكان التشغيل الذاتي أن يعفي الحكومة من الوفاء بالتزاماتها في الآجال المحددة؟ من المحقق أن الأزمة العالمية لم تستثن أية دولة، ولكن طريقة مواجهتها تجعل من الحكومة المغربية الحالية استثناء لأنها تفضل مواجهه المشاكل بالدعاء والزيادة في الأسعار، بينما باقي الحكومات تواجهها بقرارات مدروسة ومرقمة.