مقاولات صغرى ومتوسطة على حافة الإفلاس بسبب تشدد البنوك والممونين قال مصدر مسؤول بمديرية الخزينة والمالية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، إن الحكومة تتدارس، منذ بداية شهر يوليوز الجاري، ملف المقاولات التي توجد في وضعية مالية صعبة والمطاردة من قبل الأبناك، وستعمد قريبا إلى توضيح مجموعة من النقط العالقة، وتوفير السيولة الكافية لتدبير المشاريع العامة. ونفى ذات المصدر المسؤول في اتصال ببيان اليوم، ما يتم الترويج له من قبل جهات معينة من كون أغلب الوزارات ومؤسسات الدولة تلتزم الصمت حيال هذا الملف ولا تقيم وزنا للخطر الذي يتهدد المقاولات، نافيا أن تكون بعض الشركات قد قررت الامتناع عن تنفيذ مشاريع عمومية ما لم تحصل على مستحقاتها المالية وفق ما يقتضيه القانون. بهذا الخصوص، أشار مصدرنا، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن مشروع قانون الصفقات الجديد سيعرف «مداخل» تقنية جديدا تؤطر، إضافة إلى صفقات الإدارة المركزية كما جرت العادة، صفقات الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصفة الإدارية، وسيسهم بفعالية في جلب الاستثمارات الأجنبية وتقوية الاستثمارات الداخلية عن طريق تشجيع المقاولات الوطنية وفي مقدمتها المقاولات الصغرى والمتوسطة، لخلق الحد الأدنى من مناصب الشغل والخروج بالحلول المناسبة للقضاء على آفة البطالة في صفوف الفئة العمرية النشيطة، ومنها فئة العاطلين من حاملي الشهادات. وردا على تطمينات مديرية الخزينة والمالية الخارجية، عبر الاتحاد العام لمقاولات المغرب عن تفاؤل مشوب بنوع من الحذر، وجدد التأكيد على ثقته في الحكومة التي عبرت غير ما مرة، حسب سعد حموني رئيس لجنة المقاولات الصغرى والمتوسطة المنضوية تحت لواء نقابة الباطرونا، «عن تفهمها الكامل لمشاكل المقاولات الصغيرة والمتوسطة، سواء على لسان عبد الإله بنكيران أو في مناسبات ولقاءات تنظمها الباطرونا ويحضرها وزراء وأطر عليا بوزارة المالية «. وكان الاتحاد العام لمقاولات المغرب، منذ بروز أولى بوادر أزمة تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، قد طالب الحكومة برفع وتيرة أدائها وتسريع الإصلاحات والإجراءات الموعودة سلفا من أجل إنقاذ المقاولات المتوسطة والصغيرة من إفلاس بات يلوح في الأفق بعد تعدد حالات رفض الأبناك ومؤسسات التمويل مواكبة حاجياتها الأساسية اليومية. وقال سعد حموني في تصريح لبيان اليوم، إن هذه النداءات لم تكن «مزايدات ولا أسلوبا للي الذراع بل تعبيرا صادقا عن وضعية لا تدعو للاطمئنان بعد تعدد شكايات المقاولات التي باتت أمام إشكاليات معقدة نتيجة تشدد المؤسسات البنكية في طلب ضمانات جديدة لمواصلة تسهيل السيولة المالية، وإعلانها فقد الثقة في المقاولات التي تشكو ظرفية صعبة جدا». ويرى سعد حموني، أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب لم يوجه نداءه للحكومة إلا بعد قيامه بالعديد من الزيارات للشركات والمقاولات في مختلف جهات المغرب، والتي تبين من خلالها ومن خلال التقارير المتوصل بها أنها «تأثرت كثيرا بالأزمة المالية العالمية وبالربيع العربي وبالأزمة الخانقة التي انتقلت عدواها من اليونان وإسبانيا إلى باقي بلدان الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر السوق التقليدية للمنتجات المغربية»، ما جعل هذه المقاولات اليوم، في ظل تأخر التدابير الحكومية الاستعجالية، يقول حموني، «على مقربة من قرار الإغلاق وتسريح العمال الذين لم يقو أرباب العمل على الوفاء بالتزاماتهم تجاههم. بل وأصبحت مجموعة من المقاولات على شفا حفرة من تداعيات قانونية خطيرة نتيجة تراكم الديون غير المستوفاة للأبناك وللمونين». ولن تخرج الإجراءات الحكومية المتوقع تنزيلها في الأفق القريب، يضيف رئيس لجنة المقاولات الصغرى والمتوسطة، عن مضامين المذكرة التي تم تقديمها لعبد الإله بنكيران، والتي يأتي على رأسها «تفعيل مطلب منح الشركات الكبرى حق المناولة للمقاولات الصغرى والمتوسطة وتخصيص دعم كفيل بالمساعدة على مواجهة تداعيات انفتاح المغرب على الشركات الأجنبية المستوطنة في المغرب، بالإضافة إلى تخصيص نسبة ال 20 بالمائة من الصفقات العمومية لهذه الفئة من المقاولات المتضررة من تشدد الأبناك». ووفق ورقة تقنية رافقت المذكرة التي وجهها الاتحاد العام لمقاولات المغرب لرئيس الحكومة وحصلت بيان اليوم على نسخة منها، «تمثل المقاولات الصغرى والمتوسطة أكثر من 93 في المائة من مجموع المقاولات في المغرب، وتشتكي من مشاكل عدة منها ضعف المردودية الناتج عن ارتفاع تكاليف الإنتاج، وانعدام سياسة واضحة للدعم على غرار ما تحظى به المقاولات الأجنبية، خاصة التركية، التي فتحت فروعا لها في المغرب وغزت السوق المغربية بدعم متواصل من حكومات بلادها ما جعلها تحافظ على قدرات تنافسية هائلة». كما تشتكي المقاولات الصغرى والمتوسطة، وفق الورقة ذاتها، من «غياب رؤية مستقبلية بعيدة المدى تطرح فيها إمكانية نضج الرأسمال أو الشراكة، أو تطرح أشكالا أخرى للاستفادة من العولمة الاقتصادية، وضعف الإمكانيات المادية التي تجعلها رهينة المؤسسات المالية أو المساهمات المحدودة للشركاء أو لدعم رسمي قد يأتي أو لا يأتي».