عرف الكتاب الأبيض الذي أصدرته الوزارة المكلفة بالشؤون العامة قبل سنوات، المقاولات الصغرى جدا، بأنها تلك المقاولات التي تشغل أقل من 25 شخصا ويقل رقم معاملاتها عن 5 ملايين درهم، لكن منصف الكتاني، رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، يرى أن هذا التعريف مجحف نوعا ما، حيث اعتبر أن المقاول الصغير يمكنه في أحسن الأحوال بلوغ 10 ملايين سنتيم كرقم معاملات شهري، ويوفر على الأكثر 10 مناصب شغل، ورغم أن المقاولات الصغرى تشكل الجزء الأكبر من النسيج الاقتصادي المغربي على مستوى خلق الثروات ومناصب الشغل، إلا أنها لم تحظ بنصيب من الاهتمام من طرف الحكومات المتعاقبة، رغم الدور الاقتصادي المهم الذي تلعبه، وذلك بخلاف ما تستفيد منه المقاولات الصغرى والمتوسطة، دون الحديث عن الشركات الكبرى. أسس تجار التبغ بالتقسيط، يوم السبت المنصرم بالدار البيضاء، نقابة للدفاع عن مصالحهم التي اعتبروها مهضومة من طرف الدولة والشركة الممونة، وقال أحد التجار خلال ندوة صحفية بالدار البيضاء، إن هناك ضغوطات وتعسفات على بائع التبغ بالتقسيط، فرغم أنه يعتبر صاحب مقاولة صغيرة جدا، إلا أنه لا يستفيد من دعم الدولة أو المشاركة في برامج للمصاحبة أو تمويل بنكي مغر أو تحفيزات ضريبية من أجل تطوير مقاولته، بل بالعكس يضيف نفس المتحدث، فالتاجر لا يزيد هامش ربحه من التبغ على 4.5 في المائة، لكن بالمقابل تفرض على الدولة عدة ضرائب بل حتى اللافتة التي تشير إلى بيع التبغ، تفرض عليها ضريبة سنوية بألف درهم، رغم أن الشركة الممونة هي صاحبة اللافتة، أضف إلى ذلك تعسفات شركة «امبريال طوباكو» التي تحتكر أكثر من 80 في المائة من منتجات التبغ التي تباع بالمغرب، وتفرض على التجار عدم بيع منتجات الشركات المنافسة لها، واعتبر التجار الذين اجتمعوا بمقر الاتحاد العام للمقاولات والمهن، أنهم يمثلون أزيد من 30 ألف تاجر وعامل في هذا القطاع وهو رقم مهم في قطاع التشغيل بالمغرب، ويطالبون الدولة بحمايتهم ودعمهم لتطوير مقاولاتهم الصغيرة جدا، منتقدين تجاهل الحكومات المتعاقبة بعدم الالتفات إلى مشاكلهم بل وغض الطرف عن معاناتهم. المقاول الاجتماعي خصص البرنامج الحكومي الذي تلاه بنكيران أمام البرلمان فقرة صغيرة عن المقاولات الصغرى والمتوسطة، ولم تتم الإشارة إلى المقاولات الصغيرة جدا إلا في سطر واحد عندما أكد أن المقاول الصغير سيستفيد من وضع قانون خاص ب«المقاول الاجتماعي»، حيث جاء في البرنامج الحكومي «فيما يخص دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة فإن السياسة التي تقترحها الحكومة تعتمد على وضع نظام جبائي تحفيزي مبسط ومؤسس على نسبة ضريبية ملائمة وكذا إيجاد صيغ وآليات جديدة لتمويل مشاريع المقاولات المتوسطة والصغرى وتشجيعها لتؤدي دورها في دمج القطاع غير المنظم، كما تسعى الحكومة إلى جعل هاته المقاولات، وخاصة المقاولات الصغيرة جدا، تستفيد من وضع قانون خاص ب«المقاول الاجتماعي» ومن تطوير منتوجات بنكية ملائمة كرأسمال المخاطر ومن سندات الطلب العمومية، بالإضافة إلى وضع آليات للاستفادة من الصفقات العمومية، وسيتم تعزيز الدور المنوط بالمؤسسات الوطنية التي تتوخى النهوض بالمقاولة الصغرى والمتوسطة، وذلك من خلال إمدادها بالإمكانيات اللازمة لمواكبة هذه المقاولات على نطاق أوسع جهويا وقطاعيا، وستعمل الحكومة على تعزيز فرص التمويل المتاحة للشركات الصغرى والمتوسطة عبر تبني آليات جديدة في إطار النظام الوطني للضمان لفائدتها، وتقوية دور رأسمال المخاطرة في تمويل هذه المقاولات وكذا دعم المقاولات الصغيرة جدا من خلال إنشاء آلية ضمان موجهة لهذه الفئة تهدف إلى تسهيل حصولها على التمويلات البنكية المتعلقة بالإنشاء والتطوير والاستغلال، وبهذا سوف تستجيب هذه الآلية للمتطلبات التمويلية لهذه الشريحة من المقاولات»، لكن الحكومة الحالية لم تبدأ بعد في أجرأة هذه الآليات الجديدة.
فشل «مقاولتي» أكد منصف الكتاني، رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، أن مشروع «مقاولتي» مشروع ميت منذ انطلاقته، حيث إن الطرق التي يتم التعامل بها مع أصحاب المشاريع متجاوزة ويجب إعادة النظر في المشروع وإطلاقه من جديد بصيغة مغايرة. كما سجل تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي حول تقييم نتائج سياسة التشغيل فشل برنامج «مقاولتي»، حيث لم يستفد من هذا البرنامج سوى 4000 شاب من ضمن 30 ألفا التي كان متوقعا، مما يعني أن 26 ألف شاب أقصوا من الاستفادة من هذا البرنامج، بالإضافة إلى عدم تلاؤم العرض مع خصوصيات الطلب وعجزا في ثقافة التدبير لدى الشباب وغياب مواكبة لما بعد الانطلاق، وتسجيل صعوبات في الولوج إلى التمويل والعقار والمقرات الملائمة. وأكد تقرير المجلس أن النتائج المحصل عليها غير مرضية بتاتا، مما يستدعي إعادة نظر بعمق في هذه الآلية، حيث يجب أن تعمد إلى توسيع الدعم المالي لفائدة حاملي المشاريع، مؤكدا التفاوت الحاصل بين الأهداف المعلنة والنتائج المحققة، وأضاف تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن إجراءات برنامج «مقاولتي» لم تأت بفائدة لبعض فئات الشباب التي تعاني كثيرا من البطالة، وخص بالذكر الشباب العاطل المنقطع عن الدراسة، والذي ليس أمامه أي «فرصة ثانية» في مجال المدرسة غير النظامية أو التدرج المهني، وكذلك الشباب حاملي الشهادات من أبناء المدن الصغيرة والمتوسطة، الذين لم يستفيدوا من هذه البرامج، في غياب نسيج اقتصادي قريب منهم، وكذلك العاطلين الذين طال أمد بطالتهم، أو الذين يعانون من وضعية إقصاء أو إعاقة، فهم يبقون خارج دائرة هذه البرامج، إذ إنها لا تأتي بأجوبة نوعية تتلاءم مع وضعيتهم.، وأكد ذات التقرير، أنه علاوة على الطابع البطيء والممل الذي يطبع مسار الاستفادة من البرامج والمزايا التي تستفيد منها بعض المقاولات المحظوظة، بل وحتى الاستعاضة عن مناصب شغل قارة بأخرى أقل استقرارا، فلا مناص من ملاحظة أن البرامج الثلاثة المخصصة لإدماج الشباب، وهي برنامج «إدماج» وبرنامج «تأهيل» وبرنامج «مقاولتي» التي مازالت تفتقر إلى الجاذبية وإلى قدرة أكبر على الإدماج، وسجل المجلس فيما يتعلق بعقود الإدماج المبرمة حسب برنامج «إدماج» غياب أي تغطية اجتماعية للمستفيدين، مما يقلل من قدرة هذه الآلية على الاجتذاب، وفي ما يتعلق ببرنامج «تأهيل» فقد سجل عجز في التغطية من قبل فاعلي التكوين المؤهلين في مجموع الأقاليم، وخصوصا تلك التي يكون محيطها الاقتصادي غير متطور بما يكفي، وكذا صعوبات ترتبط بغياب إجراءات لدعم الحركية الجغرافية للمرشحين من نقل وإقامة وتغذية. وزارة للمقاولات الصغرى طالبت عدة فعاليات جمعوية ونقابية بإنشاء وزارة مكلفة بالمقاولات الصغرى، حيث قال رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، إن مطالب النقابات التي ينضم تحت لوائها المقاولون الصغار، تصب في ضرورة خلق وزارة لتدافع عن مصالحهم وتطور مقاولاتهم ببرامج تستهدفهم بصفة خاصة، مؤكدا في نفس الآن أن «الوكالة الوطنية لإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة تلعب دورا إيجابيا يجب علينا دعمه وتوسيع اختصاصاتها، لكن دون أن توكل إليها مسؤولية المقاولات الصغيرة جدا، التي تشكل قطاعا خاصا بمشاكله وتحدياته المختلفة، فالوكالة تهتم بحوالي 80 ألف مقاولة صغرى أو متوسطة موجودة في المغرب، بينما توجد حوالي 3 ملايين مقاولة صغيرة جدا لا تتوفر على هيئة تتكلف بالدفاع عن مصالحها»، مضيفا أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب هو الآخر يتخصص في الدفاع عن الشركات الكبرى، وله مشاكل أكبر من الالتفات إلى مطالب المقاولات الصغرى التي لا تكون بحجم مشاكل الشركات الكبرى. وصرح منصف الكتاني، أنه مع الأسف بقدر ما كان اهتمام أعلى سلطة في البلاد بموضوع المقاولة الصغرى عامة والمقاولين الشباب خاصة بقدر ما كانت السياسات المتبعة متذبذبة ولا تتوفر على استراتيجيات متكاملة يمكنها أن تؤدي إلى النتائج المتوخاة إضافة إلى أنه لم يكن هناك خيط رابط بين تلك السياسات والبرهان على ذلك أن المغرب عرف ثلاث مراحل في هذا المجال، المرحلة الأولى هي المجلس الوطني للشباب والمستقبل، حيث إن هذه المرحلة يعترف لها بعدد من الدراسات والتي لم تنتج برامج عمل لمواجهة الإشكاليات المطروحة على الصعيد الأفقي ولا على الصعيد القطاعي، ورغم أنها مكنت من وضع برنامج المقاولين الشباب على سكته فإنها لم تأخذ بعين الاعتبار الإشكاليات التي كانت تتضمنها هذه القوانين الخاصة بالمقاولين الشباب، ثم المرحلة الثانية وهي ما يمكن وصفها بالعصر الذهبي لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة رغم أنه اغفل شيئا ما الاهتمام بالمقاولات جد الصغرى، ومن اللازم التذكير بأن هذه المرحلة مكنت من إنشاء وزارة مكلفة بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة والوكالة الوطنية للمقاولات الصغيرة والمتوسطة والقانون 53-00 الذي يمثل ميثاق المقاولات الصغيرة والمتوسطة، كما تم إنشاء 13 مركزا لتتبع ودعم حاملي المشاريع في إطار ما سمي بدار المقاولة الشابة بدون أن يكلف ذلك غلافا ماليا من طرف الدولة، ولكن مع الأسف لم تفعل كل هذه الآليات وتم التراجع عنها فيما بعد، وأخيرا المرحلة الثالثة التي جاءت ما بعد سنة 2005، والتي تراجعت تماما عن كل المنجزات والتراكمات السابقة حيث أغلقت دور المقاولة الناشئة وأقبر القانون 53-00 ولم تبق هناك وزارة مكلفة بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، وركزت هذه المرحلة على برنامج إنشاء المقاولات التي لا يتعدى تمويلها 250 ألف درهم وهو ما يعرف ببرنامج «مقاولاتي»، هذا البرنامج الذي عرف باتفاق الجميع إخفاقا كبيرا. مشاكل في التمويل أكد منصف الكتاني، رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، خلال ندوة صحفية نظمت يوم السبت المنصرم بالدار البيضاء، أن المقاولات الصغرى ليس لديها أي حق في التمويل، ولا توجد آليات تمكنها من ذلك، إذ أنها غير معنية بالتمويل البنكي، والقليل من هذه المقاولات الصغيرة جدا يتمكن من الحصول على قرض بنكي يكون بصفة شخصية لصاحب المقاولة من أجل اقتناء محل أو منزل أو غيرهما، وتقدر النسبة بحوالي 5 في المائة أغلبهم تجار صغار، مضيفا أنه ومنذ سنوات تؤكد الفعاليات النقابية والجمعوية ضرورة الاهتمام بالمقاولات الصغرى، خصوصا الصغرى جدا، والتي لا يمكنها الحصول على تمويل مالي، وقال «عندما نتحدث عن المقاولات الصغيرة جدا فإننا نقصد التجار الصغار والحرفيين والصناع التقليديين وغيرهم، حيث كانت هناك محاولات لمساعدة المقاولات الصغيرة جدا لكنها لم تجد طريقها إلى النجاح، ذلك أن المعادلة الخاصة بالتمويل معقدة جدا، وتتدخل فيها مؤسسات التأمين والبنوك والدولة، لكن لا يمكن الاستمرار على هذا النحو، فهناك 3 ملايين مقاولة صغيرة جدا، أغلبها خارج إطار المقاولة العصرية، و30 ألف مقاولة صغيرة جدا فقط مسجلة في الضرائب ومؤسسات الضمان هذه المقاولات تشكل خزانا كبيرا للثروات، والاهتمام بها سيمكن المغرب من التموقع إفريقيا وعربيا باعتباره دولة رائدة إفريقيا وعربيا في التعامل مع المقاولات الصغيرة جدا». «ضمان إكسبريس» قدم عثمان بنجلون، رئيس المجموعة المهنية لأبناك المغرب، مؤخرا، منتوج «ضمان اكسبريس» وهو صندوق جديد يهدف إلى تسهيل ولوج المقاولات الصغيرة جدا للحصول على قروض وسلفات، وقال إن إحداث هذا المنتوج يندرج في إطار التدابير المتخذة لجعل المقاولات الصغيرة جدا، والتي تمثل 77 في المائة من النسيج الاقتصادي المغربي، قاطرة للنمو والاندماج وإنعاش الشغل. من جانبه أوضح نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية خلال ندوة صحفية نظمت لشرح مضامين المنتوج الجديد، أنه بإحداث «ضمان اكسبريس» تطمح السلطات العمومية إلى إعطاء دفعة كبيرة للبنوك من أجل تشجيعها على تمويل هذه الفئة من المقاولات، حيث تهدف هذه الآلية الجديدة إلى خفض نسبة 70 في المائة من مخاطر الأبناك المتعلقة بقروض الاستثمار والاستغلال، والتي لا يتجاوز مبلغها مليون درهم، وسيمكن هذا الإجراء، الحكومي من تحفيز المؤسسات البنكية لتطوير منتجات تلائم المقاولات الصغيرة جدا. وبعد أن أشار إلى أن حوالي 90 في المائة من المقاولات الصغيرة ستستفيد من هذا الإجراء، ذكر الوزير أن المبلغ الأصلي لهذا الصندوق حدد في 100 مليون درهم، وسيتم تطويره حسب حاجيات المقاولات، مؤكدا أن الدولة تظل مستعدة للاستثمار من أجل تطوير هذه الآلية، التي من شأنها أن تخلق فرص الشغل، وتحفز نمو المقاولات ويشمل الضمان، المحدد في 18 شهرا بالنسبة للقروض قصيرة المدى قابلة للتجديد 5 مرات على الأكثر، جميع القطاعات باستثناء الإنعاش العقاري والصيد في أعالي البحار، وبالنسبة لتكلفة الضمان، فتحتسب على اصل القرض حسب النسب التي تتراوح ما بين 0.5 و1.5 في المائة، مع حد أدنى بقيمة 500 درهم، غير شاملة للرسوم لكل عملية. ومن أجل تحسين وتسهيل جودة التدبير، أحدث صندوق الضمان المركزي نظاما لتبادل المعلومات مع الأبناك، يمكنه من البت في طلبات الضمان في أجل لا يتجاوز 48 ساعة. وصرح الكتاني أن ضمان مشروع «ضمان إكسبريس» جاء استجابة لانتظارات واحتياجات عبر عنها أصحاب المقاولات الصغيرة جدا، ومساهمة الدولة بضمان بنسبة 70 في المائة لقروض الاستثمار والتجهيز أمر مهم للغاية، لكن السؤال الذي يطرح هو كيف ستتم مواكبة المقاولات المستفيدة من تمويل «ضمان إكسبريس»، دون أن يشكل مصدر تعقيد ومخاوف لأصحاب المقاولات. موضحا أنه اتصل بالمدير العام للضمان المركزي، وعبر له عن استعداد الاتحاد للعمل في المشروع، «ذلك أننا مؤمنون بأهمية هيكلة حوالي 3 ملايين من المقاولات الصغيرة جدا التي ما زالت تدرج في القطاع غير المهيكل، ولتحقيق ذلك، يجب هيكلة 150 ألف مقاولة سنويا، وهو أمر قد يبدو صعب التحقيق، لكننا إذا تمكنا من هيكلة 50 ألف مقاولة سنويا سيكون ذلك جيدا، في مشروع «ضمان إكسبريس»، نأمل تحقيق الهدف المسطر والمتمثل في هيكلة ألف مقاولة السنة الجارية، وما بين 5 آلاف و10 آلاف مقاولة سنة 2013، ثم ليرتفع الرقم لاحقا ويصل إلى ما فوق 20 ألف مقاولة سنويا».
أحمد بوزيدي : اقترحنا على الحكومة إحداث هيئة وطنية تعنى بالمقاولات الصغرى - كان لكم لقاء مع أحد أعضاء حكومة بنكيران مؤخرا، ما هي أهم المحاور التي تطرقت جمعيتكم إليها؟ التقينا مؤخرا بالوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة ، وتطرقنا معه إلى خمسة محاور رئيسية من خلال خلاصة دراسة حديثة ل«حركة المقاولات المغربية»، تهدف بالأساس إلى تدعيم المقاولة الصغيرة وتنميتها، واعتبرنا أن هذه القواعد لن تكلف الدولة شيئا بل ستجني من وراء اعتمادها الشيء الكثير بالنسبة للاقتصاد الوطني، أول هذه المحاور هناك إشكالية تأدية الواجبات modalités de paiement، حيث كنا قد اشتغلنا على هذا الملف مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، واعتبرنا أن تأخر تأدية الواجبات المستحقة للمقاولات الصغرى، سواء من طرف الشركات الكبرى الخاصة أو العامة، تخلق عدة مشاكل للمقاول الصغير، لأن ليس لديه رأسمال قوي من أجل تسديد مصاريف مقاولته، فعندما تشتغل مقاولة صغرى مع مؤسسات كبرى عامة أو خاصة، ولا تتم تأدية واجباتها إلا بعد 4 أو 5 أشهر من تاريخ إنهاء الأشغال والخدمات المقدمة، فإن المقاول الصغير غالبا ما يلجأ إلى الأبناك والتي تفرض عليه نسبة فائدة مرتفعة، أو أنه يضطر إلى الوقوف موقف المتفرج مكتوف الأيدي لأنه لا يملك سيولة مالية من أجل ترويج منتجاته مستقبلا، وبالتالي يبقى حبيس دائرة مفرغة، وطالبنا السيد الوزير بضرورة وضع حلول لهذه الإشكالية التي تقض مضجع المستثمرين الصغار، مثل وضع آلية لولوجهم إلى الصفقات العمومية عبر فرض «كوطة» محددة تخصص للمقاولات الصغرى سواء بنسبة 20 أو 30 في المائة مثلا، وكذا تفعيل قانون 53.00 الصادر منذ سنة 2000، المتعلق بميثاق المقاولات الصغرى والمتوسطة. - وماذا عن العقار المخصص للمقاولات الصغرى بالمغرب؟ هذه من النقط الأساسية التي أشرنا إليها في لقائنا مع الوزير، إذ أن العقار الاحترافي أو الصناعي لا تستفيد منه المقاولات الصغرى، عكس الشركات الكبرى التي تنشئ لها الدولة مناطق صناعية في أغلب المدن الكبرى، والجمعية بصدد إعداد ملف حول هذه الإشكالية من أجل وضع مشروع نموذجي وتقديمه للحكومة، أما النقطة الأخرى التي تحدثنا حولها في لقائنا مع الوزير المنتدب، فتهم التمويل البنكي، فرغم أن المجموعة المهنية لبنوك المغرب أبرمت عدة اتفاقيات في هذا الشأن، إلا أننا لم نلمس استفادة كبيرة للمقاولات الصغرى من التمويل البنكي، ومن هذا المنطلق نطالب بإحداث بنك مخصص لتمويل المشاريع الصغرى وإشراك الدولة في هذا الورش عبر تقديم ضمانات قد تصل إلى 85 في المائة مثلا و5 في المائة للمقاولة ثم 10 في المائة للبنك، على غرار ما هو معمول به في إيطاليا مثلا، التي يتخصص بنك في دعم صغار المقاولين واستطاعت تمويل 135 ألف مشروع، أما النقطة الخامسة فهي التحفيزات الضريبية لصغار المقاولين، حيث إن هناك مخزونا مهما على الدولة الاستفادة منه، ألا وهو النسيج المقاولاتي الصغير ينضاف إليه القطاع غير المهيكل، والذي يحتوي على مليوني وحدة تقريبا، فلو استطاعت الدولة تأطير القطاع غير المهيكل ونظم على شكل مقاولات صغرى، وتم تحفيزه بتسهيلات ضريبية وتمويل بنكي...إلخ، فإن الاقتصاد الوطني سيستفيد من ذلك، فلو ولجت 10 في المائة من تلك المليوني وحدة غير المهيكلة، فإن ذلك يعني أن 200 ألف مقاولة صغيرة ستنشأ، ولو افترضنا أن كل وحدة تشغل فقط فردا واحدا، فإن عدد مناصب الشغل بالمغرب سترتفع عبر هذه العملية إلى 200 ألف، وهو رقم مهم، واذكر هنا أن هناك هيئة بالولاياتالمتحدةالأمريكية تواكب عملية تطوير وتنمية المقاولات الصغرى ، والتي أسست منذ 1953، لكن اليوم تنخرط تحت لوائها 30 مليون مقاولة، لكننا في المغرب ليست لدينا إحصائيات حول العدد الحقيقي للمقاولات الصغرى النشيطة بكل تراب المملكة، وهذه الهيئة انقطعت عنها إعانة الدولة منذ 1996، إذ أن ثلاث مقاولات كانت صغيرة فيما قبل وتلقت دعما من الهيئة، أصبحت الآن من أهم داعمي هذه الهيئة بعد أن أصبحت من كبار الشركات الأمريكية متعددة الجنسية، من بينها شركة «آبل» و«انتل». - هل يمكن القول إن المقاولات الصغرى بالمغرب مهملة من طرف الحكومات المتعاقبة؟ يجب القول إن اقتراحاتنا التي تقدمنا بها إلى الوزير المنتدب لدى رئاسة الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لاقت ترحيبا من طرفه، وطلب منا أن نمده باقتراحات موضوعية حول التحفيزات الضريبية التي يمكنها تطوير وتنمية هذا النسيج المقاولاتي، وبالفعل سلمنا له وثيقة في هذا الشأن تضم اقتراحات «حركة المقاولات المغربية»، وسمعت مؤخرا رئيس الحكومة في أحد تصريحاته، أنه سيتخذ إجراءات تحفيزية خاصة بالمقاولات الصغرى، تضم 20 إلى 25 نقطة، وكان من بينها بعض النقط التي اقترحناها على الوزير بوليف، وفي الجانب الآخر، يمكن القول إن الحقوق تنتزع ولا تعطى، وأعطي مثالا بالأسرة أو المجتمع، عندما يكون الفرد داخله لا يسمع صوته، فإن لا أحد يوليه اهتماما، حيث نعتبر أن الحكومة لديها مشاكل كبرى ولن تكترث لمشاكل المقاولات الصغرى إذا لم تسمع هذه الأخيرة صوتها، وهو ما يجعل العمل الجمعوي في هذا المجال أهم وسيلة للضغط على الحكومة، ومن هذا المنطلق اقترحنا كجمعية إحداث هيئة وطنية تعنى بالمقاولات الصغرى على غرار ما هو معمول به في عدة دول وخصوصا الولاياتالمتحدةالأمريكية، وذلك من أجل مواكبة وتتبع كل ما يهم تطوير وتنمية المقاول الصغير، ورغم أن المغرب لديه عدة وكالات وبرامج تهتم بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، إلا أن عملها يبقى محدودا ولا تتوجه بشكل كبير إلى المقاول الصغير، بحيث يجب على هذه الوكالات والبرامج أن تقف وقفة مع ذاتها لتعترف بأخطائها، وأعطي هنا مثالا ببرنامج «مقاولتي» الذي كان يهدف إلى مواكبة 30 ألف مقاولة صغيرة، ولم يصل العدد إلى الربع، إذ يجب أن تكون لدينا الجرأة للقول بأن هذا البرنامج أو الوكالة لم تحقق أهدافها وبالتالي يجب إعادة النظر في طرق اشتغالها. رئيس حركة المقاولات المغربية