الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مداخلة فريق العدالة والتنمية أثناء مناقشة مشروع قانون المالية 2003
نشر في التجديد يوم 24 - 10 - 2002

تقدم الأستاذ مصطفى الرميد، رئيس فريق العدالة والتنمية يوم أمس بمجلس النواب، بمداخلة مركزية خلال جلسة عامة أولى مخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية 2003 ؛ ركز فيها بالأساس على المخالفات التي وقعت فيها الحكومة من داخل النصوص التنظيمية لمجلس النواب التي تؤكد على ضرورة إحالة قانون المالية على إحدى غرفتي البرلمان 70 يوما قبل نهاية السنة المالية الجارية، فضلا عن عدم احترام مقتضيات الدستور في هذا الشأن. وتطرق الرميد في سياق عرضه هذا أمام أنظار مجلس النواب إلى الإشكالية المرتبطة بتأخير عرض قانون تصفية الميزانيات، معتبرا إياها بمثابة الهروب من الرقابة البرلمانية. وأشارالرميد إلى أن بنية الميزانية صارت إشكالية هيكلية أكثر منها إشكالا مرحليا. وكشف رئيس فريق العدالة والتنمية في مداخلته هاته عن أهم النقائص التي اعترت مشروع قانون المالية 2003 سواء على مستوى الإجراءات العملية المرتبطة بتفعيل ميثاق تأهيل المقاولة المغربية أو على مستوى صناديق الضمان وبنود التمويلات الدولية، علاوة على الإشارة المحتشمة لرأس المال المخاطر كأداة من أدوات التمويل، وضعف أداء المراكز الجهوية للاستثمار في دعم الأداء الاقتصادي.
ونبه الرميد إلى النتائج السلبية التي أفرزها مسلسل الخوصصة بدءا بارتهان المالية العمومية بمداخيل هذه الأخيرة الشيء الذي ينذر بأزمة قد يستحيل حلها عند نفاذ مخزون المؤسسة القابلة للتوفيت، وعدم خضوع هذا المسلسل إلى شروط الشفافية لتدبير عملية التفويت مرورا بعدم قدرة الدولة على تتبع التزامات المقتنين على مستوى احترامهم لدفاتر التحملات، وانتهاء بالأثار السلبية لعدم اكتمال عملية تفويت مؤسسة ما على مستقبلها أو مبادرة المستثمرين المحتملين. وأوضح الرميد أن مشروع قانون المالية الحالي يعطي تصورا فضفاضا وتوجها عاما لم يستطع من خلاله أن يقترح إجراءات عملية لتفعيل التشغيل المنتج. ووعد الرميد بتقديم كشف لممتلكات أعضاء فريق العدالة والتنمية إلى السيد رئيس مجلس النواب في غضون الأسبوع الجاري.
في المناقشة العامة لمشروع قانون المالية رقم 45.02 لسنة 2003
السيد الرئيس،
السادة الوزراء،
السادة النواب والنائبات،
في الوقت الذي كانت المشاورات جارية من أجل تشكيل الحكومة الحالية كان مشروع قانون المالية قد تم إعداده من قبل الحكومة السابقة، وقد كان المتتبعون يتساءلون عن أي الحكومتين ستقدم بتقديم هذا المشروع ؟ أهي الحكومة التي أعدته والتي استوفت زمنها السياسي أم الحكومة التي ستعين والتي لا علاقة لها بالمشروع ؟ وقد كان الجواب هو تشكيل حكومة من الأغلبية السابقة بتعديلات محدودة مع الاحتفاظ بوزير المالية الذي سيكون الجسر الرابط بين الحكومتين. إلا أن التساؤل المطروح هو ما علاقة هذا المشروع بهذه الحكومة وتصريحها ؟
إن مشروع قانون المالية الذي بين أيدينا لا يعكس بشكل واضح وجلي الأولويات التي نص عليها التصريح الحكومي، في الوقت الذي كان ينبغي لهذا المشروع أن يكون ترجمة فعلية وتنزيل واقعي لمضامين التصريح الحكومي ليس فقط لأن مشروع قانون المالية كان قد أعد قبل إعداد التصريح الحكومي ولكن أيضا لأنه حتى بعد تقديم التصريح لم تتم مراجعة مشروع قانون المالية باعتبار أولويات واختيارات التصريح الحكومي وتم الاقتصار على تعديلات شكلية لا تهم سوى التكاليف باعتبار الهيكلة الحكومية الجديدة. هذا إضافة إلى أن الحكومة بإمكانها أن تتقدم بمشروع قانون مالي تعديلي يقوم باستدراك جوانب القصور في المشروع الحالي إلا أنه لاشيء ينبئ بأن الحكومة ستلجأ إلى هذا الخيار، ولذلك يمكن أن نؤكد أننا إزاء مشروع قانون مالية لحكومة سابقة استنفذت كل إمكانات الابتكار والإبداع، وهو بذلك مشروع عقيم لا يتجاوز التدبير العادي للميزانية العامة، إنه مشروع ذو بعد محاسباتي تقني بدون هوية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية إرادية.
هذا في الوقت الذي كان على الحكومة الجديدة أن تجعل من هذا المشروع أداة تنشيط ووسيلة لرفع الأداء العام للاقتصاد الوطني وتأهيله. وأن تعبر من خلاله عن تصورها لطريقة جديدة لتدبير الشأن العام وضمان التنمية المستديمة.
ولم يقف القصور والارتباك عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى خرق مقتضيات القانون التنظيمي للمالية الذي يوجب على الحكومة إيداع مشروع قانون المالية للبرلمان قبل نهاية السنة المالية الجارية بسبعين يوما على أبعد تقدير طبقا للمادة 33. وذلك لتمكين ممثلي الأمة من مناقشته مناقشة ضافية وعميقة تستجيب للواجب التشريعي المنوط بهم، وهو الأجل الذي لم يتم احترامه، كما أنه وعند مناقشة مجلس النواب للمشروع تم خرق المقتضى التنظيمي الناص على عدم جواز عرض الجزء الثاني من مشروع قانون المالية للسنة لمناقشته في أحد مجلسي البرلمان قبل التصويت على الجزء الأول وهو الشيء الذي أدى إلى الضغط والإرباك في المناقشة...
وهي مناسبة نؤكد فيها باسم فريق العدالة والتنمية على ضرورة احترام مقتضيات الدستور والقانوني التنظيمي للمالية وآجالهما. كما نؤكد رفضنا المطلق لكل محاولات تحجيم دور المؤسسة التشريعية في القيام بدورها الرقابي التشريعي بدعوى الإكراهات الزمنية وغيرها، وهو الشيء الذي تمت ممارسته للأسف الشديد على مستوى أشغال بعض اللجن... وكان هناك أيضا توجه يرمي إلى ممارسته على مستويات أخرى.
وإننا في سياق تأكيدنا على الأهمية التي تكتسيها المناقشة البرلمانية لمشروع قانون المالية ننبه إلى ما يكتسيه الإفراط من قبل الحكومة في استعمال الفصل 51 من الدستور ما يؤدي إلى الحد من المبادرة التشريعية البرلمانية في المجال المالي ويجعلها عديمة المفعول، هذا في الوقت الذي كان ينبغي على وزير المالية أن يعتمد تقنيا في رده لكل ما يراه ماسا بالتوازنات المالية على معطيات مرقمة وأن يعتمد سياسيا على الأغلبية الحكومية.
إن اعتماد الفصل 51 بشكل آلي ومكثف هو هروب من المناقشة وتحمل المسؤولية ... وهو شكل من أشكال قمع المبادرة التشريعية للنواب ... وهو إفراغ للسلطة البرلمانية من قوتها التشريعية.
وإننا في هذا السياق نؤكد على أنه مهما كانت المناقشات لمشاريع قانون المالية مفيدة، فإنها تبقى عديمة الجدوى الرقابية إذا لم تشفع بقوانين التصفية في مواعيدها المحددة والتي لا ينبغي أن تجاوز السنة الثانية الموالية لسنة تنفيذ قانون المالية على أبعد تقدير كما ينص على ذلك الفصل 47 من القانون التنظيمي للمالية.
وإننا في فريق العدالة والتنمية لنعلن أننا نؤكد وسنظل نؤكد على ضرورة أن تلتزم هذه الحكومة بالمواعيد القانونية لتقديم قوانين التصفية درءا للتعسف الذي مارسته الحكومة السابقة في عدم تقديمها لقوانين التصفية في آجالها ....
هذه القوانين التي تبقى وحدها الوسيلة الضرورية لإعطاء المصداقية اللازمة للقوانين من حيث توقعاتها ومستوى إنجازها وتنفيذها ونجاعة التدابير المضمنة بها فضلا عما في ذلك من إرساء لدعائم الشفافية والمصداقية على العمل الحكومي والعمل البرلماني معا.
وهي مناسبة نؤكد من خلالها أيضا على أن الحكومة حينما لا تقوم بتقديم مشروع قانون التصفية في ميعاده، فإنها بذلك تعمد إلى التهرب من المراقبة البرلمانية وتضفي الضبابية التي تستغل أحيانا في التدليس في المعطيات وفبركة الأرقام كما هو الحال بالنسبة لنسب العجز والاستثمار والمديونية وغيرها والتي لا ندري مدى صحتها ومصداقيتها إذا لم تؤكدها قوانين التصفية.
السيد الرئيس،
السادة الوزراء،
السادة النواب والنائبات،
إن بلادنا مازلت تعاني من أوضاع اقتصادية واجتماعية متأزمة تتطلب إرادة حقيقية في اتخاذ القرار وجرأة قوية في التنفيذ في أفق تحسين المناخ الاقتصادي والإداري العام بإصلاح مؤسساتي عميق يعالج كل الاختلالات الكامنة في دواليب القضاء والإدارة.
ولا يخفى أن تشكيل حكومة جديدة يمثل فرصة مناسبة لضخ شحنات قوية في شرايين العمل الحكومي لمواجهة المشاكل المتراكمة والمتفاقمة. إلا أن كثرة الأحزاب التي تأتلف منها الحكومة والملابسات التي أحاطت بتشكيلها لا تعطي الانطباع بأن شيئا من ذلك تحقق. ومع ذلك فإننا نأمل أن تبادر الحكومة إلى اتخاذ قرارات شجاعة تؤدي إلى كسب ثقة الشعب وتوفير الطمانينة اللازمة للفاعلين الاقتصاديين وذلك بإزالة كل المعيقات والاختلالات التي تعرقل الاستثمار وتعوق التشغيل.
إن التأهيل الاقتصادي الذي نطمح إليه هو الذي لا ينطلق فقط من التأكيد على أهمية التوازنات الماكرو اقتصادية من وجهة نظر حسابية فقط، بل يتوجه نحو الشمولية في التوزنات المالية بالبعد الاجتماعي والاقتصادي للعمل التنموي وإن الربط بين متطلبات الحاضر ومستلزمات تأمين المستقبل هو الكفيل بإخراج المغرب من السكتة القلبية التي مازال مهددا بها هو الكفيل أيضا بتأهيل اجتماعي فعلي يكون أساس التماسك العام للبلاد ومرتكز التطور للمؤهلات البشرية لمقومات النهضة لربح رهانات المستقبل. كما كنا نطمح أن نجد في المشروع الذي بين أيدينا متابعة للتأهيل المجالي الذي يتم بالتنمية الفعلية الحقيقية بالعالم القروي ويحقق استراتيجية وأهداف برنامج التراب الوطني.
السيد الرئيس،
إن السيد وزير المالية ما فتئ يصرح في كثير من لقاءاته على إرادته الدائمة لتغيير بنية الميزانية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي، غير أن الحقيقة توضح أن تشوهات هذه البنية أصبحت هيكلية بحيث أصبحت المكونات الثلاث شبه قارة (56 % للتسيير 14 % للاستثمار 30 % لخدمة الدين).
ومقارنة مع ميزانية 2002، هناك انخفاض للاستثمار في الميزانية العامة من 19.92 مليار درهم إلى 19.51 درهم (2.05%). بينما نفقات التسيير في زيادة (78.23 مليار درهم عوض 75.44 مليار درهم أي بزيادة 3.7 %).
وبالنسبة لمستوى عجز الميزانية تعتبر النسبة المصرح بها 3% معطى حسابيا لا علاقة له بحقيقة المالية العمومية لعدة اعتبارات، فمن جهة، تعتمد الميزانية على مداخيل الخوصصة وهي مداخيل استثنائية ويعلم الجميع أن مبلغ 12.5 مليار درهم المخصص للخوصصة سنة 2002 لم يتم تحصيله كما لم يتم تحصيل أي مورد من تفويت اصول الدولة سنة 2002. ونفس المبلغ ونفس الأصول هي المعتمدة لإبقاء نسبة عجز الميزانية بالنسبة للسنة المالية 2003 في حدود 3% فهي إذن موارد استثنائية وهمية استعملت لتغطية عجز الميزانية للسنة الماضية وهذه السنة أيضا.
ومن جهة أخرى يمكننا أن نتساءل عن مستوى العجز وعلاقته بتقسيم 12.5 مليار درهم من الميزانية العامة وميزانية صندوق الحسن الثاني؟
ومما سبق، يتضح أن نسبة العجز الحالية لها خطورتها على المالية العمومية بحيث أن تغطيتها تتم باللجوء إلى الاستدانة الداخلية، والتي عرفت زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، قد تهدد استقرار السوق المالية الوطنية، وخاصة أنها تتم بطريقة أوتوماتيكية، لتحقيق مصالح اللوبيات البنكية. هذه اللوبيات التي تفضل الاستثمار في سندات الدولة عوض الاستثمار المنتج.
أما فيما يتعلق بالفرضيات التي اعتمدت لصياغة مشروع القانون المالي، سواء منها الداخلية أو الخارجية فقد غيبت منها كثير من المعطيات التي طرأت على المحيط الدولي والوطني في الشهور الأخيرة (أزمة العراق، انخفاض مداخيل السياحة، ارتفاع أسعار البترول، الفيضانات وكارثة لاسمير، ارتفاع وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية...)
ولاشك أن نسبة النمو التي حددت في 4.5% لن تقدر أبدا على امتصاص البطالة بل ستزيد فيها ... والأصل أن تصل نسبة النمو إلى 7.6% سنويا لتحقيق تقدم مستمر وملموس قادر على تخفيض نسبة البطالة وإنعاش الاستثمار...
إن تصور حزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بتنمية الاستثمار وتدبير الندرة ينطلق من تصور شامل يرتكز على مجموعة من الأسس.منها:
أولا: القيام بالإصلاحات الهيكلية الضرورية في الإدارة فالمستثمر الذي يعاني من عراقيل إدارية رغم اعتماد مراكز الاستثمار الجهوية التي لم يظهر أثرها في حياة المواطنين لحد الآن يجد نفسه أمام بيروقراطية يمكن في أي وقت أن توقف مشروعه أو أن تؤخره على الأقل. كما أن ضعف القضاء يقلل من قدرة بلدنا على تسويق سمعته الاقتصادية والتجارية.
ثانيا: تطوير حجم ودينامية السوق الداخلية: إذ الإنتاج مهما تطور لا يمكن أن يكون إيجابيا للاقتصاد إلا إذا وجد المنافذ والأسواق ... والنظرية الكلاسيكية التي تعتمد على أن العرض يخلق طلبه الخاص لم يعدلها أي صدى اقتصادي ما دام أن الطلب في السوق الداخلي يظل ضعيفا بحكم ضعف القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة. وقد لاحظنا كيف أن مشروع القانون المالي لم يقدم أي إصلاحات جديدة كفيلة بالرفع من دينامية السوق الداخلية وجعلها في مستوى من الكفاءة والتنافسية تؤهله لجلب المزيد من الاستثمارات.
ثالثا: تأهيل محيط الأعمال: لازالت فكرة المخاطرة والإنتاجية ضعيفة عند المقاولين والمستثمرين بحيث أن الفكرة الغالبة هي تبني مشروعات سريعة الربح وقليلة المخاطر مما يتطلب التفكير بجدية في التكوين المستمر والتأطير الفكري لثقافة رجال الأعمال، ومن خلال تخليق الحياة العامة وتثبيت المرجعية الوطنية وخدمة الصالح العام.والمعلن رسميا باسم فريق العدالة والتنمية أننا سنتقدم لرئيس مجلس النواب تصاريح بممتلكات أعضاء الفريق خلال هذا الأسبوع.
رابعا: الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية ونقصد بها إيجاد أفضل السبل للحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية كما نريدها نحن وليس كما تفرضها المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية دون الإخلال بالمكتسبات الاجتماعية ... وفعلا لازال المغرب يعاني في هذا المجال بحيث أعطى الأسبقية للقطاعات المالية والاقتصادية على حساب القطاعات الاجتماعية، مما قد يرده سنوات إلى الوراء ويجره إلى برنامج تقويم هيكلي اقتصادي اجتماعي جديد.
خامسا: الرفع من درجة الاندماج الإيجابي في الاقتصاد العالمي: إن العولمة مسار اقتصادي وثقافي يخطط له بعناية فائقة من طرف بعض الدول الغربية المهيمنة، وبالتالي علينا أن نندرج فيها باستعمال مؤهلاتنا الذاتية وقدراتنا الإبداعية دون التسابق الزائد على تطبيق المقررات الدولية في هذا المجال. فالاندماج في الاقتصاد العالمي يجب أن يسير بوتيرة متأنية ومدروسة وباستراتيجية واضحة ... ويلاحظ في هذا المجال ضعف كبير في الديبلوماسية الاقتصادية التي تخجل في تسويق المقومات الحقيقية للمغرب، وتستفيد من المزايا المقارنة عوض القيام بمجموعة من المحاولات التي تهدف بالأساس إلى أن يكون المغرب تلميذا نجيبا لكل ما تقدره المنظمات العالمية...
سادسا: تطوير مستوى البنيات التحتية لتكون إطارا مشجعا وحاضنا للمشاريع الاستثمارية، مما يجعلنا نطالب الدولة بالقيام بدور إيجابي رائد عوض الانسحاب والاتكال على القطاع الخاص وفي هذا الصدد، يتصور حزب العدالة والتنمية أن القطاع الخاص بالمغرب لازال غير قادر على مواجهة المنافسة الاقتصادية الخارجية، مما يستوجب تدخلا موجها وفاعلا للدولة واهتماما بتوفير البنية التحتية اللازمة، وقيام الدولة بدراسات ميدانية لمشاريع ناجحة توجهها للمستثمرين الخواص. فالمشروعات المربحة عموما ما تكون على المدى المتوسط والطويل، وهو ما يرفضه المستثمرون الخواص في عمومهم.
سابعا: اعتماد وسائل للاتصال منافسة بحكم أن سوق الاتصالات العالمية أصبح ذا جاذبية كبيرة وتنافسية عالية. فلا يعقل أن تبقى كلفة الاتصال كبيرة بالمغرب سواء تعلق الأمر بالهاتف الثابت أو الهاتف المتنقل أو الانترنيت، أو في مجال المواصلات الجوية والبحرية والبرية... ولابد للمغرب أن يتدارك هذا النقص وهذا التأخر قياسا حتى مع الدول التي هي في نفس مستوانا كتونس ومصر ...)،
ثامنا: تطوير التكنولوجيا والكفاءات ما دام اقتصاد القرن الواحد والعشرين هو اقتصاد المعرفة.
وبناء على ما سبق لابد من تفعيل دور البحث العلمي ورفع نسبته في الناتج الخام الوطني التي لازالت جد ضعيفة بحيث تقدر ب (0.7 %). وسيمكن الاستثمار في هذا المجال من اعتماد مقاربة تنموية ناجحة وجلب الأدمغة المغربية المهاجرة وإعطاء دفعة قوية للاقتصاد الوطني.
تاسعا: تفعيل النظام المالي الوطني، وللأسف يعرف هذا النظام تأخرا كبيرا وتقهقرا ملاحظا. فالبورصة التي تعتبر مرآة الاقتصاد المغربي، تعرف تدنيا خطيرا وجل المقترحات لم تستطع تفعليها ... فهناك تراجع لأكثر من ثلاث سنوات، والعدد الضئيل لعدد الشركات المنخرطة فيها لا يشجع بل إن عدد الشركات الفاعلة والوازنة في البورصة بحسب رؤوس الأصابع... والمؤشرات كلها لا تبشر بخير في هذا المجال، مما دفع مجموعة من المؤسسات إلى النظر بعين متوجسة للبورصة المغربية، وهناك احتمال كبير في المستقبل القريب في تقهقر مستوى تنقيط الخطر المغربي من ب ب ب (ناقص) إلى ما دونه. وهو ما يدفعنا إلى القول بضرورة حث المقاولة المغربية على الانفتاح ومزيد من الشفافية. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال برنامج توعوي وتكويني شفاف يعمد إلى تعميم ثقافة المساهمة والمشاركة عوض الاعتماد على الاقتصاد الريعي/ سريع الربح وقليل المخاطر.
ولابد من الإشارة في هذا الصدد إلى كون القطاع البنكي المغربي يعاني من أزمة خاصة، فالأبناك لا تشجع على الاستثمار ولا تقوم بدورها الأساسي المتمثل في تفعيل الاستثمار الإنتاجي، بل تتعامل ببرودة اقتصادية كبيرة، من خلال اعتمادها على شراء سندات الخزينة ذات العائد المضمون.
عاشرا: الرفع من جودة الموارد البشرية: ذلك أن مستوى اقتصاد أي دولة رهين بمستوى وكفاءة فاعليه الاقتصاديين ولاشك أن اليد العاملة الوطنية تحتاج إلى تأهيل فعلي يمكنها من توفير إضافة نوعية للمقاولة المغربية، وإنتاج فائض قيمة كيفي يستطيع منافسة الدول التي هي في نفس مستوانا الاقتصادي والاجتماعي ...
إن الملاحظات السالفة الذكر تجرنا أيضا إلى القول بأنه لا يمكن تعليق الأمل وانتظار الاستثمار الأجنبي دون أن يكون هناك استثمار داخلي في المستوى، استثمار داخلي مرتكز على ادخار وطني واعد يثق أولا في وطنه ويعطي النموذج والقدوة ...
السيد الرئيس،
والسادة الوزراء،
والسيدات والسادة النواب والنائبات،
إن مشروع قانون المالية يتضمن عدة نقائص كبيرة في مجال الاستثمار، نذكر منها:
أولا: لم يقدم أية إجراءات عملية جديدة لتفعيل ميثاق تأهيل المقاولة المغربية وكذلك بالنسبة لصناديق الضمان وبنود التمويلات الدولية.
أما فيما يخص بنود التمويلات الخارجية التي تديرها بعض الأبناك والتي من المفروض أن ترصد للشركات الصغرى والمتوسطة، فمن المؤسف أن نلاحظ أن هذه القروض لا تستفيد منها بسهولة لكونها تنافس صيغ التمويل التقليدية وبالتالي تستأثر بها الأبناك.
ثانيا: كانت هناك إشارات محتشمة إلى رأس المال المخاطر الذي نركز عليه في حزب العدالة والتنمية ونحث على ضرورة تفعيله بإجراءات إدارية وجبائية حقيقية. ومطلبنا في هذا الصدد إحداث نظام جبائي خاص بهذه الصيغة التمويلية، في إطار مفهوم المشاركة الذي نعتبره من أسس التمويل الاقتصادي الفاعل.
ثالثا: ضعف دور المراكز الجهوية للاستثمارات: فالتجربة ما زالت في بدايتها. ودور هذه المراكز يجب أن يتجاوز الجانب التقني الذي يقدم فقط المساعدات من أجل إحداث شركات، إلى دور القاطرة التنموية الفعلية.
السيد الرئيس،
لقد جاء في خطاب وزير المالية والخوصصة أنه سيعمل على تخفيض تكلفة عوامل الإنتاج ونسبة التعريفات الجمركة المطبقة علىبعض المدخلات ... وتطبيق تخفيضات جبائية لصالح عدد من الأنشطة غير أن المتفحص لمشروع القانون المالي يتساءل عن هذه التخفيضات سواء الجبائية أو الجمركية. كما يتساءل عن الالتزامات الحكومية التي جاءت في الباب الرابع من القانون رقم 53.00 المتعلق بميثاق المقاولات الصغرى والمتوسطة والذي أقر في المواد 51 إلى 55 مجموعة من الأحكام ذات الطابع الضريبي في شكل امتيازات تحدد شروطها وفقا لقانون المالية وبالتالي كنا ننتظر أجرأة هذه التدابير ما دام أن مشروع قانون المالية لسنة 2003 هو الإطار الملائم لوضع هذه الالتزامات حيز التنفيذ، حتى لا تبقى الإجراءات الضريبية التي جاءت بها الهيئات مجمدة وغير مفعلة ومجرد اقتراحات.
لقد أصبح النظام الجبائي المغربي موضع تساؤل نظرا لكونه يعيش مفارقة غريبة فلا هو يستجيب لتطلعات الدولة في تعويض تراجع المداخيل الجمركية الناتجة عن التزامات المغرب في إطار اتفاقيات التبادل الحر ولا هو يحقق العدالة التي ينشدها الملزمون حيث أصبحت مختلف الأطراف تشتكي من الضغط الجبائي ومن حيف هذا النظام .
لذلك نقول إن الإصلاح الجبائي الذي عرفه المغرب في نهاية الثمانينات والذي كان يتوخى إيجاد نظام جبائي عصري قد أفرغ من محتواه من جهة بحكم توالي الامتيازات والإعفاءات التي غالبا ما كانت تستجيب لمطالب لوبيات بقي بعيدا عن أي منطق اقتصادي واجتماعي وهذا ما جعل المشروع يلجأ إلى وضع إطار عام لهذه الامتيازات تمثل في ميثاق الاستثمار الذي كان يهدف إلى جعل التشجيعات الضريبية تجاوز ذلك المنطق القديم المبني بالأساس على إعفاءات قطاعية واعتماد منطق ينشد تشجيع الاستثمار بغض النظر عن قطاع عن القطاع إلا أننا نلاحظ مرة أخرى أن المنطق الأول القطاعي اصبح يغلب وأصبحت النظرة القطاعية الضيقة تغلب على النظرة الاقتصادية والاجتماعية الشمولية التي يجب أن تطبع السياسة الضريبية العمومية.
من جهة أخرى تبين مع مرور الوقت أن نظامنا الجبائي يتميز بالثقل الذي تشكله الضرائب غير المباشرة والمبنية على تضريب الاستهلاك وهو ما يتنافى مع السياسة الاقتصادية المعلنة والتي تزعم أنها تهدف تشجيع الاستهلاك.
كما أن الضرائب المباشرة وخصوصا ما يتعلق بالضريبة العمة على الدخل يعود ناتجها بحصة تتجاوز 90 % إلى الأجور ولا يحصل منها عن الدخول المهنية إلا النزر اليسير.
إن هذه المعطيات تجعل إعادة النظر في السياسة الجبائية أمرا ملحا.
وبالفعل فقد ورد في المجال الجبائي أنه تعميقا للنهج القاضي بتبسيط المقتضيات الجبائية وإخفاء طابع الملاءمة مع تطبيقاتها وأحكام مرجعياتها وتوحيدها أرفق مشروع القانون المالي بمقتضيات لتعديل بعض المواد من قوانين الضرائب ومدونة تحصيل الديون العمومية. بحيث أن الملاحظ هو الفرق الشاسع بين تعديلات المشروع والمبادئ المعلن عنها إذ أن أهم إجراء ضريبي في القانون المالي لسنة 2003 هو العدول عن النسبة الموحدة ل 8% التي اعتمدت في مدونة تحصيل الديون العمومية كزيادة عن التأخير في أداء الرسوم والضرائب، والرجوع إلى النظام القديم ... ويُتضح في هذا السياق الارتجالية الكبيرة والعمل غير المدروس التي تقوم به وزارة المالية التي تغير وتعدل القوانين نفسها سنة بعد سنة مما يعيق فهم وتطبيق واستيعاب هذه التعديلات فوزير المالية نفسه قال عن سيئات النظام القديم: "إضافة إلى ما ينطوي عليه هذا النظام من تعقيد والذي يؤدي إلى إثقال ذمة المدين، فإنه لا يشجع هذا الأخير على أداء ما بذمته من ديون إلا إذا تم بإقرار إعفاءات واسعة من هذه الديون". وفي نفس الآن امتدح إيجابيات النظام الذي يريد تغييره الآن بكونه يسرع وتيرة المداخيل
العمومية خلال فترة التحصيل الرضائي ويقلص اللجوء إلى إجراء التحصيل الجبري ويحسن علاقة الإدارة بالمواطنين الملزمين ويبسط مسطرة تصفية الزيادات واحتسابها" ... وهنا نسائل السيد الوزير عن دواعي تغييره لتحليله وعدم ثبوته على تعليلات مالية واقتصادية وجبائية قارة. وكيف نعود الآن لنظام السلبيات المذكورة ونترك نظاما له الإيجابيات السالفة.
إن حزب العدالة والتنمية إيمانا منه بضرورة تحقيق مبدأ العدالة في أداء الغرامات وتمكين الدولة من تحصيل أفضل.
اقترح تعديلات يتصورها هي الأحسن في هذا المجال، بحيث لا يتساوى المتهاونون مع المتأخرين.
السيد الرئيس،
السادة الوزراء،
السيدات والسادة النواب،
نتج عن مسلسل الخوصصة مجموعة من النتائج السلبية:
أولا: ارتهان المالية العمومية بمداخيلها، هذا الارتهان إضافة إلى كون الإعلان المسبق على المداخيل المرتقبة يضعف حتما قوة الدولة في عملية تحديد قيمة التفويت. كما أن الخوصصة أصبحت عنصرا بنيويا في التوازنات وبالتالي أصبح إنجازها حيويا بالنسبة لسياسة الميزانية مما أدى بسياسة الخوصصة إلى التخلي عن أهدافها التنموية لصالح إكراهات آنية مرتبطة بالميزانية.
إن الاعتماد المفرط على موارد الخوصصة ينذر بأزمة قد يستحيل حلها عند نفاذ مخزون المؤسسات القابلة للتفويت.
ثانيا: عدم الخضوع لكل شروط الشفافية في تدبير عمليات التفويت مما ضيع على الدولة إمكانيات تحقيق موارد إضافية في العديد من الصفقات.
ثالثا: عدم قدرة الدولة على تتبع التزامات المقتنين على مستوى احترامهم لدفاتر التحملات (لاسمير على سبيل المثال).
رابعا: إن عدم اكتمال عملية تفويت مؤسسة ما يكون له تأثير سلبي سواء على مستقبل المؤسسة أو على مبادرات المستثمرين المحتملين سواء في نفس القطاع أو في قطاعات أخرى (البنك الوطني للإنماء الاقتصادي).
ونظرا لكل هذه التراكمات فإن حزب العدالة والتنمية يقدر أنه آن الوقت لكي تقوم الحكومة بتقييم عميق وموضوعي لهذه التجربة (تجربة الخوصصة) من شأنه أن يخلص إلى وضع أسس جديدة لسياسة خوصصة واضحة المعالم من حيث ارتباطها بباقي السياسات العمومية ومن حيث أهدافها التنموية ومن حيث مناهج تحكم الدولة فيها. ولهذا فإن حزب العدالة والتنمية يتحفظ في البت في العمليات الجارية لخوصصة بعض المؤسسات ما لم يتم هذا الإجراء الضروري والحيوي والآني.
السيد الرئيس،
حول التغطية الاجتماعية والتشغيل:
ومن الأمور التي يمكن الاستدلال بها على عدم وضوح رؤية الحكومة في سياستها الاجتماعية لجوؤها التلقائي إلى التقاعد المسبق كتدبير إجرائي للتعامل مع مشكل البطالة ومناصب الشغل، مع العلم أن هذا الإجراء سيكون له تأثير كارثي على أنظمة المعاشات الآيلة للإفلاس.
وحزب العدالة والتنمية يرفض التضحية بتوازنات أنظمة المعاشات التي يعيش منها ما يفوق 200000 أسرة قصد تحقيق أهداف سياسات أخرى. ومن هنا نطرح تساؤلا عريضا على الحكومة حول سياستها في مجال التقاعد التي ستمكنها من تحديد أولويات وانشغالات منفصلة عن الانشغالات السياسية.
إن حزب العدالة والتنمية يرفض إذن مثل هذه الإجراءات بالنسبة لحكومة لا تضبط حتى أدوات قيادة أنظمة المعاشات، ما لم تتمكن من تسجيله في إطار سياسة واضحة لهذا القطاع لا تنهك أنظمة المعاشات، مع ما يخفيه ذلك من اضطرار الحكومات القادمة إلى تبني تدابير إصلاحية تقلص المعاشات مما سينعكس سلبا على دخول مئات الآلاف من الأسر المغربية أو تزيد من اقتطاعات المأجورين أو مساهمات الهيئات المشغلة. وفي هذا الصدد، يطالب حزب العدالة والتنمية من الحكومة أن تطلع مجلس النواب على نتائج الدراسات الاكتوارية التي أجريت على بعض أنظمة المعاشات حتى نجعل من موضوع توازن أنظمة المعاشات موضوع نقاش وطني يخلص إلى صياغة سياسة للقطاع واضحة المعالم والأهداف يتحمل فيها كل طرف مسؤولياته.
إن من أهم أهداف الحكومة الحالية تحقيق نتائج إيجابية في مجال التشغيل وخاصة التشغيل المنتج، غير أن الأرقام المسجلة في السنة الماضية توضح بما لا يدع مجالا للشك على أن مشكلة التشغيل تزداد تفاقما ما دام أن نسب البطالة في المجال الحضري في تزايد مستمر، والقانون المالي الذي يعطي تصورا فضفاضا وتوجها عاما لم يستطع أن يقترح إجراءات عملية لتفعيل التشغيل المنتج وهذا ما نلاحظه في مجال التوظيف بحيث لم يقدم مشروع قانون المالية إلا أرقاما جد محتشمة في عدد مناصب الشغل المقترحة (7000 منصب) التي لن تستطيع أن تخفض من نسبة البطالة بل ستتفاقم مادام أن عدد الخريجين فقط من مؤسسة التعليم العالي يناهز 20000 سنويا مما يجعل المغرب يراكم عشرات الآلاف من العاطلين كما أن نسبة النمو المقترحة في القانون المالي (4.5 % ) لن تستطيع أن تمتص البطالة ولاشك أن نسبة النمو التي بإمكانها امتصاص هذه الأعداد الهائلة من الشباب العاطل تناهز من 7 إلى 8 % ولازال المغرب جد بعيد عن تحقيق مثل هذه النسب في الأمد المتوسط.
ومن المآخذ الكبيرة التي لحزب العدالة والتنمية على ملف التشغيل، الطريقة التي دبرت بها الحكومة السابقة ملف شركة النجاة وطريقة تعاملها مع ضحاياها، وكذلك الصيغة الحالية التي لا نرى فيها إلا وعود لا تسمن ولا تغني من جوع يجعلنا نطالب الحكومة بلجنة تقصي الحقائق لتحديد المسؤوليات السياسية والقانونية المباشرة وغير المباشرة عن وقوع هذه الكارثة الاجتماعية.
السيد الرئيس،
إنه إذا كان تعميم التغطية الصحية في بلادنا ذا أهمية بالغة إذ سيمكن من توفير وضعية صحية أفضل وتضامن اجتماعي أقوى وإعادة توزيع الدخل وإنعاش الاستثمار ورفع المردودية فإن رأس مشاكل القطاع الصحي في رأينا هو غيا ب سياسة ناجعة تتحدد بتوجهات وأولويات واضحة وملتزم بها.
لذلك فإن الإصلاح الجزئي الذي يركز على مجال واحد أو مجالات محدودة في القطاع الصحي دون مراجعة للسياسات الصحية عموما لن تكون إلا ذات تأثير محدود وقاصر، لذا فإن قانون التغطية الصحية الأساسية لن يكون ناجحا إلا إذا كان مندمجا في إطار إصلاح شامل للسياسة الصحية وتحديد دقيق لأولوياتها ووضع خريطة للخدمات الصحية تستجيب لمعايير العدالة والجودة.
وإننا لاحظنا من خلال التصريح الحكومي تبين أن تفعيل هذا القانون يبقى رهينا بمجموعة من الاعتبارات المالية والتوازنية رغم الهالة الإعلامية والدعائية التي رافقت المصادقة على هذا القانون من طرف الحكومة السابقة. لذا فإننا نطالب الحكومة الحالية أن تجعل هذا الأمر ورشا من أوراشها الأساسية حتى يتم وضعه حيز التنفيذ.
السيد الرئيس،
يعتبر السكن اللائق من ضروريات العيش الكريم ... وإذا كانت الحكومة قد جعلت السكن اللائق من أولوياتها الأربع استجابة للخطاب الملكي السامي، بحيث ركز وزير المالية والخوصصة على التسهيلات المخولة لقطاع السكن وكذا الممنوحة للمأجورين والتي أعطيت للمنعشين العقاريين، وجردت المذكرة التقديمية لمشروع قانون المالية مختلف هذه التسهيلات، وخصوصا ما تعلق منها بالامتيازات الضريبية، غير أننا لا نجد في المشروع أي شيء جديد يذكر في باب السكن الاجتماعي بحيث حرص السيد الوزير على التذكير بمجموعة من الآليات المعتمدة سابقا، بل إن منها ولاسيما ما يتعلق بالإجراءات الضريبية ما يرجع إلى نصوص الإصلاح الضريبي المعتمدة في نهاية الثمانينات.
ويسجل حزب العدالة والتنمية بهذا الصدد ارتجالية كبيرة في تدبير ملف السكن الاجتماعي بحيث تفضل الحكومة دعم بعض المؤسسات الممولة لهذا القطاع والتي ثبت عدم نجاعتها في التعاطي مع هذا الملف وسوء تدبيرها للقروض السكنية واعتمادها على الزبونية والمحسوبية ( كما هو الحال القرض العقاري والسياحي نموذجا). وقد كان من الأولى دعمها للفاعلين الاجتماعيين الحقيقيين، وخاصة المواطنين والتعاونيات السكنية. لذلك فإن التساؤل الذي نطرحه هنا يتعلق بالسياسة الحكومية في هذا المجال: هو أن هناك فرق كبير بين التمليك والإسكان، لذلك فإننا نقترح تشجيع صيغ الكراء المنتهي بالتمليك. كما نقترح ربط الامتيازات التفضيلية المقدمة للقطاع بمدى قدرة الفاعلين على تحقيق الأهداف المسطرة وفق دفتر تحملات محددة.
وتماشيا مع منهاجنا وتوجهنا اقترح حزب العدالة والتنمية تخفيض الضريبة على القيمة لمضافة المتعلقة بالمساكن المعدة للسكنى الرئيسية والتي تتجاوز 240م2 كما اقترح منح التعاونيات السكنية إضافة إلى إعفائها حق استرداد الضريبة على القيمة المضافة والذي وافقت عليه لجنة المالية والتنمية الاقتصادية.
السيد الرئيس،
إن التحدي الكبير في نظرنا بالنسبة للمالية العمومية هو من جهة تنويع مصادر التمويل وتدبير الندرة ومن جهة ثانية ترشيد النفقات وإيقاف النهب والهدر.وباعتبار أن بلادنا تعيش أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة لا يمكنها أن تكثر من إعطاء الامتيازات الواسعة وصرف العلاوات الضخمة والقيام بالتظاهرات الباذخة . لذلك فإننا في فريق العدالة والتنمية تقدمنا بمجموعة من التعديلات تخص بالأساس تقليص الفوارق الاجتماعية منها:
أولا: جعل سقف الأجور وعلاوات كبار الموظفين والمسؤولين في الإدارات العمومية وشبه العمومية بحيث لا تفوق أجور وعلاوات الوزير الأول، طبعا الحكومة دفعت بمقتضيات الفصل 53.
ثانيا: رفع سقف الجزء المعفى من الضريبة على الدخل من 20.000 درهم إلى 24.000 حفاظا على دخل الفئات الفقيرة والمتوسطة.
ثالثا: إخضاع المواد الكمالية للضريبة بالسعر الأعلى 30% لإمكان المساهمة في تخفيف العبء المالي للدولة لضمان موارد كافية حتى تتمكن من معالجة الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية
رابعا: دعم الصيغ الجماعية والتعاونية في إنتاج السكن اللائق عبر تخفيض كلفة الإنتاج وكذلك إخضاع السكن الاقتصادي الذي لا يتجاوز 240 م2 بالنسبة للسكن الرئيسي بنسبة 7 % عوض 14% من الضريبة على القيمة المضافة.
خامسا: تحديد سقف المعاشات الاستثنائية في 10000 درهم شهريا والتي تقدم للوزراء وغيرهم .
السيد الرئيس،
السادة الوزراء،
السيدات والسادة النواب والنائبات،
إن فريق العدالة والتنمية إذا كان يؤمن بضرورة إقامة مجتمع دولي يسوده الأمن والتعاون، فإنه يرفض منطق الهيمنة والاستكبار الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية على العالم والذي يظهر في العديد من سياساتها وعلى راس ذلك دعمها اللامشروط للكيان الصهيوني وتوجهها الواضح نحو تدمير العراق شعبا وحضارة.
ولذلك فإننا في حزب العدالة والتنمية نؤكد إدانتنا للسياسة الصهيونية الإجرامية في حق الشعب الفلسطيني وإدانتنا للغطرسة الأمريكية وهي مناسبة يكرر فيها حزبنا، ولن يمل من تكرار مطالبته الملحة في ضرورة الالتزام بالقرارات القاضية بمقاطعة الكيان الصهيوني ووقف كل أشكال التطبيع معه ما كان منه سريا أو علنيا..
ولقد تقدمنا بمقترح تعديل من أجل منع الاستيراد والتصدير من وإلى الكيان الصهيوني إلا أن الحكومة دفعت بمقتضى المادة 3 من القانون التنظيمي للمالية الذي لا يبيح تقديم مثل هذا المقترح برسم القانون المالي وأكدت الحكومة على لسان السيد الوزير أنها ساهرة على منع كل أشكال المبادلات والعلاقات مع الكيان الغاصب إلا أن الواقع يكذب ذلك. فقد شهد الأسبوع الذي ودعناه وصول باخرة إلى ميناء الدار البيضاء تحمل بضاعة صهيونية وهي البطاطس بعلامة الصنع الإسرائيلي، وهو الأمر الذي ندينه بشدة ونطالب بفتح تحقيق بشأنه، ونؤكد على أننا متمسكون بمقترحنا المذكور وسنعمل على طرحه من جديد لمناقشته في اللجنة المختصة وسنظل نفضح كل أشكال المعاملات التطبيعية...
السيد الرئيس،
إن هذه المداخلة لا يمكن أن تناقش جميع قضايا البلاد الحيوية ومشاكلها المتفاقمة والتي سيعود إليها فريقنا في المناقشة القطاعية ولكن ذلك لن يعفينا من التأكيد على تقديرنا لقواتنا المسلحة ومعها رجال الدرك الملكي والقوات المساعدة التي تقوم بواجبها في حفظ وحدتنا الترابية مسجلين بقلق ما ينشر من حين لآخر من قضايا تتعلق بإدارة شؤون القوات المسلحة الملكية في بعض المنابر الإعلامية داعين إلى القيام بكل التحريات التي من شأنها دفع الشبهات عن هذه المؤسسة حفاظا على سمعتها وداعين في الوقت نفسه إلى دعم هذه القوات بكل أشكال الدعم المعنوي والمادي والتقني.
كما أننا ندعو إلى ضرورة إيلاء مزيد من العناية لملف الأسرى والمحتجزين بتندوف والقيام بكل المبادرات والمساعي لوضع حد لوضعهم الذي طال ضدا على كل الأعراف والقوانين الدولية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.