ثمانية أشهر خلت , وعمر التقييم الأولي عندهم لا يتعدى مائة يوم , ثمانية أشهر بجفافها وربيعها وصيفها الحارق وبرمضانها الممهد للدخول المدرسي وعيد الأضحى الذي يحسب له المواطن ألف حساب وحساب ولا يبالي .غير عابئ للتصريحات والتصريحات المضادة . لأنها لا تسد رمقا . ولا تعدو أنها تقنيات دغدغة الوعي وتقنيات اعتماد تدفق الخواطر في عقل ( أبطال التدبير بالمراوغة ) تصريحات بلا رابط , وهذا ما يزيد من غموضها كما لو أنها تعبر فقط عن حالات توجس حكومي من : خوف الفشل . الجبن . الضياع . مصادرة الحقوق . الانتظارية . الارتجالية . بما يعتريها كلها من إلغاء فجائي وتردد في الإقدام على تنفيذ القدرات والإمكانيات المخولة . وهذا ما يشوش على كل أداء ويؤثر على لحمة مكونات الجسد الحكومي , ويمنح للمواطن المعارض والمواطن العادي والمواطن غير العابئ . فسحة للتأويل وفسح للانتقاد . بل يصل إلى التعبير العلني عن السخط وقد يبلغ في لحظة , استفزاز ا . تليه ردة فعل متهورة , تلغي حقا أو حقوقا تقر بها كل الديانات وكل المواثيق الدولية , وتكتسي سمة انفلات التدبير واحتراق الأداء , أي أداء , ولما تنضج لحظة الثقة بعد فتصير هذه الثقة منعدمة . الأمر الذي يسمح بالقول أن ما حصل من أداء ليس له أثر سوى البياض وقد صار كما لو أنه ملكية مشتركة بين المدبر للشأن العام وبين المواطن في أي موقع كان . لأنه بياض خيبة الأمل وغصة في الحلق مؤقتة تدمرها المواقف المخزية والسياق المقلق . ولكنه لدى المواطن صورة معبرة ودعوة للرفض وإدانة لمن أصبحوا بالصدفة كبارا متدثرين بأشلاء الخضوع واستمراء تأجيج الصمت الرهيب ,مع أنها حالة في خلد العارفين , ليست سوى ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة , اللهم إني قد عبرت. هذه مأساة شعب مع الانفعالات الجارحة مع الوعود والتسويفات والتصريحات المكثفة والإيقاعات الموحية بأن كلام الليل يمحوه النهار وأن الكلام المسهب أصبح بلا معنى حتى ما يصدر عن الرئيس , بحول الله وقوته, يفترض أنه تصحيح لزلة وأنه إقناع للمتلقي . الشعب وهو يعيش الوقت الميت في مباراة أداء الأدوار المرخص بها . أداء لا طعم له . ولون بياضه قاتل . أداء لم يقدر على التنزيل السليم لما ينتظر تنزيله . أداء لا يرم نموا اقتصاديا سليما . وإن ظهر ورام وخطط لنمو فهو غير مقرون بالتنمية . أداء لا يتعدى الإثارة ويركن لعفا الله عما سلف . ثمانية أشهر , اغتربت فيها الدولة إلا من المبادرات الملكية وما تحمله من إشارات . اغتربت وانفصلت عن المواطن العادي الذي لا يلمس إلا ما يصدمه يوما بعد يوم . يحاول التعاطف مع أصحاب الشأن ولا يشعر بأي مؤشر لأي تعاطف مبرر , وبالتدريج صار التعاطف إحساسا دفينا بالغربة وجر الخيبة المريرة واليأس من أي إصلاح , وصارت قاعدة الساخطين تتسع بقناعة أن الشيخ ضاعت بركته وبركة مريديه وأتباعه . بعد ثمانية أشهر من الحكم وممارسة السلطة , كانت كافية لإعلان أن الذات أصبحت لهم وطنا , والشعب الذي انتظر ومل الانتظار لا زال قابعا في الزمن الميت بموازاة بياض الأداء الصادم . المنتج للفواجع . أخاديد المستقبل شهب عمياء عكسها فانوس التصريحات وهو يسقط (الزرزور من فوق السور ) والشباب العاطل والمهدد بالعطالة تائه في رماد الأرق وإغفاءة الحلم يسجد للظمأ والنهار يغلق نوافذه عنه . تاركا للمعطلين , الطواف في ساحة التعنيف وإلحاق الهزائم . ما دام نبض الحكومة زعفران يسقط على الشارع أحلاما صفراء خلف بياض الأداء . ودم الشعب نافر لكل ضوء يطل من سواد الأداء الطليق لفئران خارجة من الجحر تنشر طاعونها في كل الأنحاء . وقد كانت إلى حين مذعورة مختبئة قبل أن تتسرب في غفلة صارت بعدها تستأسد وتنهش لحم الفقير والغني على حد سواء , تحفر لهم الأنفاق بأداء يوصد دونهم الأبواب - ارتفاع الأسعار - لا عمل لا مجانية تعليم - الجوع - لا مستقبل . تقول العامة : حينما ترمي بياضك للعرافة , تخبرك أن الحامل التي تضع مولودها في الشهر الثامن . لا تؤمل له الحياة . فهل ينطبق ذلك على حكومة البياض وهي لا زالت تلف وتدور بين الملفات قبل المخاض ( لالة حكوم تا دور .ها هي ذي تا دور ) وأرخت بيوم 8 من الشهر 8 أنها تخشى أن يكون مخاضها في الشهر الثامن , فلا يكتب النجاح للمولود . وأخشى عليها بأن يطول حملها فلا تضع لا في التاسع ولا في العاشر فيصبح الجنين / الأداء المنتظر . من النوع الراقد . ساعتها قد يسمح المفتي بالإجهاض أو الإسقاط أو توسل الحجر لأضرحة الحجر . و إلا فهي العملية القيصرية . لإنقاذ ما يمكن إنقاذه . مع استحضار الرعب والخوف من ضيق الجمر المنكسر . وكل هذا نتيجة الوعود التي لا ولم تصل , وظل ويظل ظلها مختفيا خلف مرآة منكسرة . والسبب بياض الأداء وأخيرا . وأنا لست قارئ فنجان .ولا عرافا . ولكن ما نطق به سهم بياض الأداء والله أعلم هو : إن لبياض النص الأدبي رمزية تعبيرية ولبياض الأداء الحكومي عبثية اعتباطية.