الملعب الكبير للحسيمة .. افتتاح ببعد قاري إفريقي    داخل قنصلية المغرب بنيويورك.. ياسين عدنان يتحدث عن الغنى الثقافي للمملكة    عيد الاستقلال .. ذكرى خالدة تجسد تلاحم العرش والشعب وتضحياتهما في سبيل الوطن ومقدساته    قبل لقاء ليسوتو..حكيمي يغادر معسكر المنتخب بترخيص من الرگراگي    أسعار اللحوم البيضاء تعود للارتفاع بالمغرب    إسرائيل تكثف قصف أهداف في لبنان    "منتخب U20" ينتصر على تونس    توقعات أحوال الطقس ليوم الإثنين    مسؤول إسباني.. تدخل الفرق المغربية أحدث فارقا كبيرا في جهود الإغاثة بفالنسيا    فيضانات إسبانيا.. الجهاز اللوجستي المغربي "ساهم بشكل كبير" في ترميم البنية التحتية المتضررة (مسؤول إسباني)    العصبة تُحدد موعد "ديربي البيضاء"    الدرهم يرتفع مقابل الأورو على خلفية ارتفاع ملحوظ للتداول البنكي وفقا لبنك المغرب    التفاوض حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب يقسم النقابات في المغرب    فى الذكرى 21 لرحيل محمّد شكري.. مُحاوراتٌ استرجاعيّة ومُحادثاتٌ استكناهيّة مع صَاحِبِ "الخُبزالحَافي"    خاتمة العلوي تعود ب"شدة وتزول" بعد سنوات من الاعتزال    دنماركية تفوز بمسابقة "ملكة جمال الكون" 2024    عدد مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة يبلغ 171 مرفقا    مصرع طفل في تطوان جراء ابتلاعه "كيسا بلاستيكيا"    المنتخب المغربي يعزز خياراته الهجومية بعودة سفيان رحيمي    تجار القرب يعلنون تكتلهم لمواجهة توغل الشركات الكبرى بالأحياء السكنية    قلة الأطباء والأَسرّة وطول المواعيد.. وزير الصحة يؤكد أن خدمات الطب النفسي بالمغرب تبقى أقل من المطلوب    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    احباط تهريب 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط    تدشينات بإقليم سيدي قاسم بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال    حقوقيون يستنكرون استمرار تعليق رواتب 18 أستاذا رغم الأحكام القضائية    موعد مباراة المغرب ضد ليسوتو بالتصفيات الأفريقية والقنوات الناقلة    عبد الحميد أبرشان يرشح نفسه لرئاسة مقاطعة طنجة المدينة    المغرب يطلق أول مصنع لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية باستثمار 1.3 مليار دولار    إسبانيا تطلق برنامجًا جديدًا لعقود العمل الموسمية 2025    جوليا نشيوات.. من ضابطة استخبارات إلى مستشارة للأمن الداخلي في إدارة ترامب    أياكس الهولندي يستعيد شعاره الكلاسيكي بعد غياب 34 عاما    التهراوي: هامش ربح الصيدلي والموزع محدد أساسي لأسعار الأدوية في المغرب    المغرب يرسل قافلة مساعدات ثانية إلى فالينسيا لإزالة مخلفات الفيضانات    "ذا تيليغراف": المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا لعام 2024    إطلاق قنبلتين ضوئيتين قرب منزل نتانياهو    الولايات المتحدة.. تعيين كريس رايت وزيرا للطاقة في إدارة ترامب الجديدة    صراعات عائلة السيوفي في الدراما الجديدة المُثيرة "نقطة سودة" يومياً عبر شاشة "5MBC"    لفتيت يدعو لمواجهة فوضى وتجاوزات وتدني خدمات سيارات الأجرة على خلفية وضع نهج جديد    عمور و السعدي يقصان شريط النسخة السابعة لمهرجان الزربية الواوزكيتية        لقاء بالداخلة يناقش مبادرة الحكم الذاتي    مقتل 65 فلسطينيا في قصف إسرائيلي    بيع هيكل ديناصور عملاق بستة ملايين يورو قرب باريس    مراهقون يعبثون بالأمن الطرقي بواسطة دراجات نارية مستأجرة في شوارع طنجة    ترامب يعين "كارولين ليفيت" متحدثة باسم البيت الأبيض في إدارته الجديدة    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    تراجع طفيف في ثمن البنزين في محطات الوقود    تعهدات في مؤتمر وزاري في جدة بمقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030 (فيديو)    جائزة المغرب للشباب تحتفي بالتميز    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    "باحة الاستراحة".. برنامج كوميدي يجمع بين الضحك والتوعية    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر والكاتب الجزائري واسيني الأعرج ل «الاتحاد الاشتراكي»: الإسلاميون لم يقوموا بالثورة بل ركبوا عليها

قال المفكر والأديب الجزائري واسيني الأعرج أن تصويت الشعب الجزائري على جبهة التحرير الوطني، ليس إيمانا بمشروعها السياسي وإنما هو خوف على الوطن من الإسلاميين الذين يهددون الشعب الجزائري واستقرار الوطن . ولهذا فإن هذا الشعب ليس أمام اختيار ديمقراطي آخر .ولو كان هناك اختيار آخر أقوى وأفضل لما كانت خيارات الشعب كذلك. لكن كان من الأفضل أن يتوجه الشعب إلى جبهة التحرير الوطني من التوجه صوب الإسلاميين. وعلى الدولة أن تدرك أن كل هذه الأمور هي فرصة لإحداث مرحلة سلسة بدون الدخول في دوامة العنف أو التقليل منها.أما إذا لم تلتقط الدولة هذه الإشارة من الشعب الجزائري فسيكون ذلك مقدمة لربيع أو شتاء أو صيف حار ، فالشعب أعطى للدولة فرصة لتراجع آلياتها في ترسيخ الديمقراطية والتغيير في الجزائر، وعلى الجبهة أن تعرف أن الشعب ليس كما تتصور بقولها أنه عاد إلى الأصول بالتصويت عليها، لأن الحقيقة غير ذلك ،فالشعب عاد إلى ضمان نوع من الهدوء لإعطاء الفرصة من أجل الانتقال السلمي نحو التغيير السلمي.
{ الأستاذ وسيني نريد أن نجدد معكم اللقاء في إطار التحولات التي عرفتها المنطقة العربية والمغاربية، فما هي قراءتكم أولا لهذه التحولات والتي نتج عنها وصول المحافظين ضمن مخطط لم يكن في اعتبار المتتبعين ولا في استراتيجية المشتغلين على النهوض بالتيار الحداثي والذي فوجيء بظهور نخب أخرى تدفع بهذا المد الأصولي إلى الواجهة؟
فعلا هناك مفاجأة لدى المثقف بالدرجة الأولى بدليل أن تونس التي كانت البادئة في حركة الاحتجاج لم تتوقع صعود التيار الإسلامي إلى الواجهة وحتى فرنسا بأجهزتها المراقبة للمنطقة لم تتوقع ذلك. وإذا عدنا في هذا الخضم إلى الوراء نجد أن الخارجية الفرنسية نفسها مدت النظام التونسي بالأسلحة واللوجيستيك الأمني لمواجهة المظاهرات ، الشيء الذي يدل على أن الكل كان خارج الدائرة.
أنا أعتقد أن ما حدث كان يجب أن يحدث في إطار مطالبة الإنسان العربي بالحرية والعدالة والكرامة في مجتمع عربي مقهور بأنظمة تبني مجدها على قهر شعوبها. وإذا رجعت إلى التحليلات والإبداعات التي كتبها الكتاب العرب ذوي الرؤية المستقبلية المبنية على التوقعات فإنك تلاحظين التنبؤات بما حدث دون الإشارة إلى الزمن تحديدا. فالمجتمعات العربية في إطار الأنظمة القمعية المتخلفة كانت تنتظر الشرارة الأولى التي انطلقت من تونس وهي مازالت مستمرة في الوطن العربي.
المشكل بالنسبة لي وهذا -هو بيت القصيد ليس الثورات في حد ذاتها ولكن في نتائجها. ولهذا فالسؤال المطروح هو مآلاتها، وإن لم يطرح هذا السؤال فإننا سنكون ورومانسيين بالقول أن الثورة قامت وسيكون من نتائج ذلك العدالة وتعددية حزبية وديمقراطية، وننسى أن أمورا كهذه رهينة الزمن كما هي رهينة قوى سياسية واعية ، ورهينة جهود تبدل وتضحيات كبرى تقدم.
إن هذه اللحظة أخرجتنا من زمن الديكتاتورية وجعلتنا ننفتح على المستقبل لكن السؤال كيف سنشتغل لاستثمار ذلك ونحن نعي جيدا أن أحزابنا الديمقراطية وقوانا الحداثية أنهكت تنظيميا وسياسيا حيت عملت الأنظمة على تكسيرها بالتفرقة والاغتيالات والسجن والتدمير بالإعلام المزور، وبشراء الذمم حتى دمرت هذه القوى من الداخل وأفرغت إمكانياتها التي كان بالإمكان أن تكون موجها حقيقيا لغضب الشارع في بناء مجتمعات عربية بالتنوير والحداثة والانفتاح على المستقبل لتكون هذه المجتمعات صفا إلى صف المجتمعات الديمقراطية.الشيء الذي أتاح فرصة للحركات الموجودة في الميدان وهي الحركات الإسلامية.
{ أنا أتفق معك أستاذ واسيني في طرحك حول تراجع القوى التنويرية الحداثية في العالم العربي، ويشهد التاريخ أن هذه القوى دخلت السجون من أجل معركة التغيير التي كان شعارها منذ السبعينات الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وأدت هذه القوى الثمن غاليا لكنها اختارت التوجه الديمقراطي والمغرب نموذجا لذلك. إلا أن السؤال المطروح كيف ندبر الأمر فكريا من أجل خلق منافذ لتجاوز المأزق التاريخي الذي نعيشه اليوم؟
يجب أن نقوم أولا بعملية توصيف أولية عن الوضع ما بعد الثورات، فنحن اليوم مازلنا في المخاضات، ومبدئيا أمامنا نموذج مصر وتونس وليبيا، وهي نماذج تتعلق فقط بسقوط أنظمة ، وأنا اعتبر ذلك مجرد عتبة صغيرة وليس ثورة بمواصفات التغيير الجذري، لكني أقول بأن الثورة تبدأ بسقوط النظام ليستمر التغيير نحو المستقبل. ولهذا نطرح السؤال ماذا هيأت الأقطار التي أسقطت الأنظمة ،للمستقبل؟
+الشعب الجزائري، أعطى للدولة فرصة لتراجع آلياتها في التغيير
+ .
+أحزابنا الديمقراطية وقوانا الحداثية أنهكت تنظيميا وسياسيا و عملت الأنظمة على تكسيرها بالتفرقة والاغتيالات والسجن والتدمير وبالإعلام المزور.
+ما حدث كان يجب أن يحدث في إطار مطالبة الإنسان العربي بالحرية والعدالة والكرامة في مجتمع عربي منهك بأنظمة تبني مجدها على قهر شعوبها.
لقد أظهرت هذه الثورات هشاشة هذه الأنظمة وفوجئنا بالوهم الذي كان محاطا بأجهزة هذه الأنظمة التي كانت تخيف بقوة القمع لشعوبها ، إضافة أن الثورة جاءت في وقت لم تكن فيه الحركات السياسية منظمة والذي كان منظما هو شباب التويتر والفايسبوك، وهذه الوسائط الاجتماعية هي التي كونت نفسها ونزلت إلى الشارع.و هؤلاء الشباب ليس لهم ما يخسرون فهم العاطلون وذوو المشاكل الاجتماعية العويصة وفيهم من خرجوا عن قناعة سياسية. لكن المشكل المطروح هو عملية السطو على ثورة الشباب وتحويلها إلى طرح إيديولوجي ديني، لأن هؤلاء الشباب الذين قاموا بالثورة لم تعطيهم هذه الأخيرة فرصة التحول إلى قوى حقيقية لها مقترحات لوجستيكية للتغيير في بناء المجتمع العادل والحر. لقد سقط هؤلاء مثل القصور الكارتونية وركبت الحركات الإسلامية على المشهد لأنها كانت منظمة.وفجأة أصبحت هذه الحركات هي التي قامت بالثورة ،تتصدر الواجهات الإعلامية يوميا في الجزيرة وباقي القنوات الكبرى العربية و الأجنبية، وألقي الضوء على الإخوة المسلمين وكيف أنهم يملكون الدور الفاعل بتوجيه من القيادات التي بدت كبرى في الإعلام الداعم بشكل تزويري مفضوح. وأقول تزويري لأن الذين كانوا في الشارع إبان الثورة ليس الإخوة المسلمين وقياداتهم، بل الذين كانوا هم شباب يطالبون بالكرامة والحرية والعدالة.
{ هل هناك مخطط لذلك؟
قبل أن أتحدث عن المخطط أريد أن أشير أن الشباب لم يكن منظما، وكان هدفه واحد هو تغيير أو إسقاط النظام. وفعلا استطاع هؤلاء الشباب إسقاط الأنظمة . ولكن لا الديمقراطيين ولا الثوريين استفادوا من ذلك ، وتقدمت الأحزاب التي تتقن اللعبة - بشكل سلبي وليس ايجابي- وهي الأحزاب الإسلامية. لقد انتهز هؤلاء الفرصة ، ولهذا أقول إن الإسلاميين لم يقوموا بالثورة بل ركبوا عليها، والغريب أن كل شيء تم باسم الديمقراطية، وعلى الحداثيين أن يقبلوا ذلك لأنهم يدافعون عن المشروع الديمقراطي.
ولهذا أنا أقول أنه حان الوقت كي ينظم هؤلاء صفوفهم، ليهزموا هذه النخب الجديدة سياسيا وليس عسكريا.
{ سأذهب معك أستاذ واسيني في نفس تحليلك على أن الأحزاب الإسلامية أكثر تنظيما من الأحزاب الديمقراطية الحداثية، وهي بالتالي دخلت اللعبة من الواجهة التي ندافع عنها في خطابنا حول الديمقراطية في الانفتاح على الآخر في إطار المنظومة الديمقراطية العالمية.
من هذه الواجهة أضع عليك سؤلا تاريخيا، فهذه الأحزاب التي تشتغل اليوم باسم الديمقراطية، بالأمس القريب، كانت ترفض ذلك في إطار رفض المنظومة العالمية في حقوق الإنسان بصفة عامة، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، هل يبدو طبيعيا أن نجد هذه الأحزاب تتبوأ المكانة الأولى في الإعلام الغربي والعربي وهل يأتي ذلك هكذا صدفة بدون مقدمات؟ أنا لست من دعاة المؤامرة، ولكن أدعو إلى التفكير في هذا الجانب؟
طبعا يجب التفكير في ذلك بقوة. لكن الظاهرة فيها تعقيدات أكبر بالنسبة لقضايانا، ولهذا أنا أعتبر سؤلك في الحقيقة طرحا عاما لهذه القضايا.
إن الحركات الإسلامية عندما طرحت القضية الديمقراطية لم تطرحها كرهان ، وإنما طرحتها كممارسة لأن هذه الحركات لا تؤمن بالديمقراطية كمنظومة متكاملة. و أعطي مثالا بالجزائر في التسعينات من القرن الماضي فالذين كانوا يطالبون بانتخابات نزيهة وحرة هم الإسلاميون، على اعتبار أن الديمقراطية أكبر من ذلك.لقد لخص الإسلاميون الديمقراطية وحقوق الإنسان في الانتخابات ولهذا كان شعارهم « انتخابات حرة ونزيهة و « ديمقراطية «.
لقد كنا نعرف جيدا في الجزائر آنذاك أن الانتخابات ستحسم لصالح الإسلاميين لسبب بسيط جدا لا لأنهم الأكثر تواجدا على الواقع برؤية سياسية ومشروع مجتمعي ، بل لأنهم يتواجدون بلوجستيك ديني حولوا فيه ألف مسجد الموجودة فوق التراب الجزائري إلى خلايا سياسية وليست مساجد لقيام الصلوات الخمس. وبدل أن يكون الخطاب فيها دينيا تحول إلى خطاب سياسي يوظف الدين وأمكنته وأئمته لصالح جبهة الإنقاذ، وبدل سماع خطب دينية في هذه المساجد أصبحت تسمع خطبا سياسية .
إذا السؤال المطروح هو بأي حق تتحول تلك المساجد إلى فضاءات سياسية لصالح فئة دون الأخرى. ومن أعطى الحق لهؤلاء للقيام بذلك أمام مرأى ومسمع الدولة نفسها، ولذا أقول إن الدولة حولت المسجد إلى مقر حزبي، تقام فيه الاجتماعات والناس تصدق ما يقال لها في هذا الفضاء الديني نظرا لبساطتهم أولا ولعلاقتهم الروحية بهذه الفضاءات ثانيا.
لقد مارست الدولة خرابا كبيرا، ليس بقمع النخب الحداثية وتفكيك البنى الديمقراطية فقط، بل بتجهيل الناس، وجعلتهم أمام خيارين لا ثالث لهما إما المسجد أو الانتحار. والمسجد أصبح ملجأ الناس الوحيد أمام المشاكل الاجتماعية من البطالة وضيق العيش وغياب سياسات واضحة في الصحة والتعليم والخدمات. كما أن المسجد أصبح فضاء للراحة الداخلية.
إن الإسلاميين لا يملكون مشروعا اجتماعيا لإنقاذ الناس من براثن الفقر والتهميش ومن البطالة كما أنه لا يملكون بدائل حقيقة في التغيير لكنهم يملكون القدرة على الاختفاء وراء الدين. وأنا أتوقع في وقت قريب أن هذه الأحزاب الإسلامية ستنكسر. وأريد أن أعطي مثالا في هذا الاتجاه بالساحة الجزائرية، فالأصوات التي صوتت بكثرة لصالح الإسلاميين في السبعينات هي نفس الأصوات التي صوتت ضدهم في الانتخابات الأخيرة، لأنه أصبح هناك خوف على الوطن منهم ، فبعد عشر سنوات من التقتيل والتدمير والتي أعلن فيها الإسلاميون مسؤوليتهم في القنوات العالمية، ونتج عن ذلك أزيد من 200 ألف قتيل بإحصائيات رسمية ، لا يمكن للجزائريين أن يصوتوا لصالح الإرهاب.
{ هل هذا يعني أن الشعب الجزائري صوت لصالح جبهة التحرير ضد الإسلاميين؟
هذا ما أريد قوله. فذهاب الشعب الجزائري نحو الجبهة، ليس إيمانا بمشروعها السياسي وإنما هو خوف على الوطن من الإسلاميين الذين يهددون -في اعتقاد الشعب الجزائري -استقرار الوطن . ولهذا فإن الشعب الجزائري ليس أمام اختيار ديمقراطي آخر .ولو كان هناك اختيار آخر أقوى وأفضل، لما كانت خيارات الشعب كذلك. لكن كان الأفضل أن يتوجه الشعب إلى جبهة التحرير من التوجه صوب الإسلاميين. وعلى الدولة أن تدرك أن كل هذه الأمور هي فسحة لإحداث مرحلة سلسة بدون الدخول في دوامة العنف أو التقليل منها.أما إذا لم تلتقط الدولة هذه الإشارة من الشعب الجزائري، فهي مقدمة على ربيع أو شتاء أو صيف حار ، أو كما شئت من التسميات التي ستعبر عن غضب الشعب الذي أعطى للدولة فرصة لتراجع آلياتها في ترسيخ الديمقراطية في الجزائر، كما على الجبهة أن تعرف أن الشعب ليس كما تتصور بقولها أنه عاد إلى الأصول بالتصويت عليها، لأن الحقيقة غير ذلك فالشعب عاد إلى ضمان نوع من الهدوء لإعطاء الفرصة من أجل الانتقال السلمي نحو التغيير.
{ إذن، الشعب الجزائري صوت للجبهة ضد الإسلاميين وفي ليبيا الشعب صوت لليبراليين ضد الإسلاميين.....؟
مقاطعا: أنا فعلا سعيد لما حدث في ليبيا. فالليبيون الذين لهم نظام مفكك، وهم عبارة عن مجموعات مسلحة بأسلحة فتاكة أغلبيتها إسلامية ، وفي ظل ذلك يختار الشعب الليبي الليبراليين. لماذا؟
أنا أعتقد أن الشعب الليبي، لاحظ الظلم والقهر والقتل والانتقام الذي مارسه الإسلاميون والذين تجبروا وطغوا بعد سقوط النظام وخيبوا انتظارات الشعب الليبي منهم ، هذا الشعب الذي أحس من خلال ثورته أنه خرج من الديكتاتورية ليجد نفسه أمام ديكتاتورية أخرى يمارسها الإسلاميون المسلحون باسم الدين، هو ما جعل الشعب الليبي يصوت لصالح الليبراليين عندما أتيحت له الفرصة ليعلن عن موقفه سريا ولا احد يراقبه إلا ضميره الوطني.
إن هذا يعني بكل وضوح بداية اصطدام الشعوب مع التجربة الإسلاموية ، الشيء الذي سيعطي درجة معينة من الوعي لدى هذه الشعوب.
ففي تونس كانت النهضة تقول بأنها مظلومة ومقصية وأنها بعد أخذ السلطة ستغير الظلم و الإقصاء، لكن الواقع على الأرض غير ذلك، وهي الآن من تمارس الظلم والإقصاء. وفي المغرب ماذا فعلت العدالة والتنمية بعدما صدعت المسامع بقدرتها على التغيير، وهي ?الآن- لا تملك مشروعا واضحا لذلك .وفي مصر أخطاء الإسلاميين تؤجج الصراع وتدفع إلى المجهول.فالسيد مرسي عندما تسلم الرئاسة، داس على المحكمة الدستورية، التي أدى القسم أمامها، كقسم رئاسي على أساس أنه لن يمس الدستور والنظام الجمهوري. وبعد ثلاثة أيام نفذ العكس.وهذا يدل على تعطش واضح للسلطة .
أنا بصراحة، بقدر ما أنا حزين على مآل الثورات العربية، بقدر ما أنبه ،أنه على الشعوب ألا تسمح للإسلاميين بأن يمارسوا جبروتهم ويتحولوا إلى طغاة.
إن هذا الوضع، يدفعنا إلى التفكير في تنظيم حالنا سياسيا وتنظيميا لنكون فاعلين في المجتمع المغاربي، ونكون الخزان القادم لفشل الإسلاميين الذين برهنوا على فشلهم في التسيير خصوصا عندما تسلموا إدارة فضاءات الدولة.
{ جاء في مسار حديثك، أن الدولة كسرت مسار النخب الحداثية ، ومس هذا التكسير إضافة إلى الجوانب السياسية الجوانب العلمية و المعرفية، وبالتالي التفكير في بدائل التدبير الاجتماعي. ووظفت الدولة جميع آلياتها التقليدانية لضرب الحداثة بما في ذلك الصمت أمام تحويل المساجد إلى مقرات للدعاية السياسية بالإيديولوجية الدينية، إيمانا منها أن التقليدانية هي حماية للأنظمة عكس التيار الحداثي الذي يطالب بالدمقرطة والتغيير. والسؤال أن التدبير بين الدولة والتقليدانية لم يكن بقدرة قادر كما أن التدبير والتنسيق بين الدول المركزية في العالم والحركات الإسلامية لم يكن تدبيرا مجانيا أو بقدرة قادر ما هي قراءتكم؟
أكيد أن الأمور ليست بقدرة قادر وأنت تعلمين ?عودة الى التاريخ أن الإنجليز وراء تأسيس الحركات الإسلامية وذلك لضرب امتداد الحركة الشيوعية، ولضرب ثورة 1917 للوقوف ضد امتدادها إلى العالم العربي وذلك لاعتبارات اقتصادية على أساس أن المنطقة منفذ للبترول و الغاز وما يدور في فلك ذلك، فكان خلق الحركات الإسلامية لتكون حاجزا في وجه المد الشيوعي، باعتبارها ضد الدين الإسلامي.
ومن هذا المنبع خرج حزب الإخوة المسلمين وهو حزب له علاقة بهذه المنظومة الفكرية والثقافية كما أنه يدخل في توظيفاتها التجسسية، أي الاشتغال لصالح الإنجليز وهذا ليس سرا. إن هذه الحركات في ذلك الوقت وهي تتطور وتشتغل في خطر، وتقتل أحيانا لكي تصل إلى السلطة، طورت خطابها الديني بمرجعية رجعية على أساس أننا نعيش في الجاهلية وعلينا أن نعود إلى السلف الصالح. وعندما نسألهم عن السلف الصالح، يهربون من النقاش لأنهم يعرفون أن الدخول مع العارفين بخبايا الأمور لن يفيد أجندتهم ، وان المستهدفين من خطابهم هم الشعب البسيط لقناعته الدينية. فعندما يقولون للبسطاء أن نظام الخلافة نظام عادل فهم يصدقون ذلك، لأنهم لايدرون أن الفترة الوحيدة التي ساد فيها الوئام هي فترة الرسول تم بعده أبو بكر الصديق،وبعد ذلك أصبح التقتيل هو الحل ، فعمر بن الخطاب قتل، وعلي ابن أبي طالب قتل، وعمر بن نافع قتل. فمن قتل كل هؤلاء ؟ الجواب هو أن الصراعات الداخلية المتعلقة بالسلطة هي من قتلت هؤلاء.
فأين هو النموذج الخلافي الذي بالإمكان نقله الى المجتمعات الإسلامية ؟
هل النموذج هو هذا التقتيل؟ لكن في الخطاب التبسيطي الشكلي يعطي هؤلاء الانطباع على أن النظام الخلافي هو نظام نموذجي.
وعندما ندرج هنا كتاب علي عبد الرازق «الإسلام وأصول الحكم» الذي يربط الخلافة بالدين وأن النبي محمد أوصى بها ، فهذا اجتهاد إنساني قد يأتي بثماره وقد لا يأتي مثل أي نظام في الحكم .
إن الغرب بصفة عامة حرك الحركات الإسلامية ، فبعد ثورة 1917، جاءت ثورة أفغانستان ، وفي هذا الاتجاه نتساءل من خلق القاعدة، ومن دربها؟
والآن الأوربيون يعترفون أن مراكز التدريب كانت في بريطانيا وأمريكا وفرنسا، وفي ايطاليا وبيشارو. ولهذا أقول أين هي العداوة بين الغرب والحركات الإسلامية؟
الحركات الاسلامية تتحدث وكأن هناك صراعا بينها وبين هذا الغرب الذي نعتته بالكافر في أكثر من مناسبة، بينما هي في عمق الغرب وهذا الأخير هو الذي يمدها بأسلحة «ستنجر» ، إذا هناك نية الدفاع بهؤلاء إلى السلطة.
{ لكن لماذا أسقط الغرب بن لادن إذا ذهبنا في هذا طرحك ؟
عندما جاءت 11 شتنبر تم إسقاط القاعدة أمام الرأي العام الأمريكي، لأن بن لادن أصبحت له حساباته الخاصة «الجنة ومحاربة الغرب» . لكن مع ذلك كانت الحرب شكلية لم تهدف إلى إنهاء القاعدة بل فقط إلى إضعافها. لأنها تقدم خدمات جليلة لهذا الغرب للحفاظ على جهل المجتمع العربي وتخلفه وإعادة إنتاج الفكر الانحطاطي الذي لا يقدم لا معرفة ولا فكرا ، لهذا لم تكن الحرب على القاعدة تهدف لإنهائها.
لقد أعطى الغرب فرصة للقاعدة أن تعود إلى بلدانها، وجاءت فلول إلى الجزائر وأخرى للمغرب وتونس وليبيا وهي التي تبنت التوارث في بلدانها، وبدأت في التدمير الآلي لكل البنى التحتية. فمثلا بالجزائر وبالرغم من الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها النظام ، بدأت هذه الفلول باسم الإسلام واسم الانتخابات الحرة والنزيهة والديمقراطية ، في تدمير إمكانيات التغيير نحو الديمقراطية ، وبدأوا يرجعون البلد إلى الخلف.
ونفس الشيء حدث في تونس وليبيا بطرق تختلف بين ساحة وأخرى.
ولهذا أنا أعتقد أن الاستراتيجيين في أوروبا و أمريكا وحتى في إسرائيل يفكرون بشكل جيد ويعرفون قدرة الحركات الإسلامية على التفكيك. ونأخذ هنا نموذجا العراق، لقد كان هذا البلد مختبرا لقدرات الحركات الإسلامية التفكيكية من الشيعة إلى السنة إلى التجزيئات الموجودة في العراق ومحيطه. فماذا بقي اليوم من العراق ، لا شيء لقد دمر البلد بالكامل بعدما كان من أكثر الدول العربية تقدما بغض النظر على نظامه الذي اختلف معه جذريا. كما أن الجزائر رجعت إلى الوراء بسبب عشر سنوات من الحرب الأهلية، إضافة إلى ما يحدث هنا وهناك واللائحة طويلة.
الغرب اليوم عمل على دور تلاقي بين الديمقراطية التي هي تعطش إنساني طبيعي وفي نفس الوقت هيأ القوة التي يمكن أن تأخذ السلطة بشكل مباشر أو غير مباشر والقوة التي كانت مسلحة ولها قوة الإقناع كانت هي القوة الإسلامية وبالتالي إذا كانت كان هناك دور للغرب
فإنه يأتي من هنا لأنه إذا استولت هذه القوة على السلطة فإن بلدانها ستدخل في صراعات داخلية وإذا لم يحدث ذلك فإن الحركات الإسلاموية سترجع بلدانها إلى الوراء . ووراء ذلك أهداف واضحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.