قال خبراء في سوق الكتل النقديةأول أمس إن الخصاص في حجم السيولة وصل إلى مستويات قياسية، مؤكدين أن العجز تخطى حاليا عتبة ال 75 مليار درهم. مضيفين أنه لم يعد هناك من مفر غير اللجوء إلى الأسواق الدولية للاقتراض من الخارج لسد العجز في السيولة . ورغم التطمينات التي وردت على لسان والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، فإن معظم الخبراء والمحللين باتوا يدقون ناقوس الخطر إزاء استفحال الخصاص في السيولة الذي وصل ذروته خلال جلسة عروض تسبيقات بنك المغرب، المنعقدة يوم 24 يوليوز 2012، حيث أنه ولأول مرة لم يتقدم أي من المستثمرين للاكتتاب في العملية، وهو وضع ينذر بالخطر، ويبرهن على أن مشكل عجز السيولة في السوق المالي والذي يستفحل منذ ما يقرب من سنتين ، قد تفشى الآن ليؤثر حتى على سوق الكتل، وبالتالي فإن السيناريو الأسوأ الذي كان يخشاه المراقبون قد أصبح الآن حقيقة واقعة من خلال ظهور عزوف واضح من طرف المستثمرين، عن الإقبال على شراء السندات بسبب مشاكل نقص السيولة التي يعانون منها، والتي رفعت من كلفة الأموال المتداولة بين البنوك بمعدل يزيد عن 30 نقطة وذلك على الرغم من المجهودات التي يبذلها بنك المغرب أسبوعيا لضخ مبالغ ضخمة في السوق النقدية تصل إلى أكثر من 56 مليار درهم في الأسبوع . وحتى في جلسة أمس الأربعاء فاتح غشت، كاد الغياب التام للمستثمرين عن سوق الكتل يتكرر لولا طرح سندات طويلة الأمد ضمن عروض الاكتتاب. ورغم ذلك فإن المبلغ المكتتب به من طرف المستثمرين، والذي اتجه كله نحو السندات الطويلة الأمد، لم يتعد 2 مليار درهم في حين أن المبلغ المطلوب كان هو 10 ملايير درهم . وينذر استمرار موجة الجفاف التدريجي للسيولة ، بارتفاع درجة الاحتراز لدى الأبناك ومؤسسات التمويل حيث سيصعب على المواطنين وعلى المقاولات، الحصول على القروض في وقت لاحق. إلى ذلك نبهت نشرة حديثة أصدرها محللو التجاري وفابنك إلى أن غياب الدينامية عن سوق سندات الخزينة أصبح له تأثير سلبي على علاقة تمويل المؤسسات المالية من قبل البنك المركزي، وذلك بسبب عدم وجود ضمانات كافية مقابل التسبيقات الأسبوعية الممنوحة من طرف بنك المغرب. ولاحظ المحللون أنه لأول مرة في تاريخ القطاع البنكي المغربي، يسجل طغيان كفة القروض على كفة الودائع، وهو وضع خطير تم رصده منذ الفصل الأول من العام الجاري، حيث فاق حجم القروض الموزعة على الزبائن حجم الأموال المودعة لدى البنوك، وهذا يدل على المأزق الذي تعانيه المؤسسات المالية لإيجاد مصادر بديلة للتمويل تكون منخفضة التكلفة، والفضاء وهو ما يستدعي تدخلا حاسما من طرف البنك المركزي للحد من ارتفاع نسبة الفائدة في السوق النقدية وفي سوق الكتل على السواء، والسماح بتدفق سلس للسيولة إلى الاقتصاد الحقيقي. ومن شأن قرض خارجي هام أن يخفف من هذا الضغط الذي يهدد توازن القطاع المالي.