لا يرتقب أن يتوقف العجز، الذي تعرفه السيولة في السوق النقدي منذ خمس سنوات تقريبا، بل ينتظر أن يتفاقم في ظل خروج السيولة، مما سوف يحد من هامش عمل النظام البنكي. ويظهر أن عوامل ظرفية سوف تضطلع، حسب نشرة التجاري للوساطة، بدور انكماشي بالنسبة إلى سيولة النظام البنكي. وتتمثل تلك العوامل في الوفاء بالشطر الثالث من الضريبة على الشركات، الذي يصل إلى 6.5 مليارات درهم وارتفاع وتيرة تداول النقد، خاصة خلال عيد الأضحى، وضعف الموجودات الخارجية الصافية وإقبال الخزينة على التمويل الداخلي من أجل سد العجز الموازني، مما قد يمارس ضغطا إضافيا على السيولة. غير أن محرري النشرة يعتقدون أن تلك العناصر قد لا تؤثر على شروط تمويل الاقتصاد، سواء على مستوى الحجم أو معدلات الفائدة، فهم يرون أن معهد الإصدار يتوفر على القدرة والأدوات الضرورية من أجل تغذية القطاع البنكي بالسيولة وضمان اشتغاله بطريقة سلسة. وتفيد المعطيات الخاصة بوضعية السيولة البنكية بحصول عجز ب 30.3 مليار درهم في الفصل الثالث من السنة الجارية، بزيادة ب 6.9 مليارات درهم مقارنة بالفصل الثالث من السنة الماضية. ويجد تفاقم العجز تفسيره في تدهور العوامل المستقلة للسيولة، خاصة إثر ارتفاع تداول النقد في الفصل الثالث وعمليات الخزينة، التي أثرت على السيولة، إثر تحصيل الدفعة الثانية من الضريبة على الشركات التي بلغت 10 مليارات درهم. وسعى بنك المغرب، في سياق الحاجة المتنامية إلى السيولة، إلى الاضطلاع بدوره كمقرض رئيسي، حيث وصل معدل الاستجابة لحاجيات البنوك عبر تسبيقات سبعة أيام إلى 92 في المائة خلال الفصل الثالث من السنة الجارية، حيث بلغ متوسط تلك التسبيقات 29.5 مليار درهم في الأسبوع، مقابل 18.5 مليار درهم في الفصل الثاني، مما يؤشر على ضغط على السوق النقدية يخفف منه التدخل النشيط لمعهد الإصدار. وحسب النشرة، سوف يستمر البنك المركزي في لعب دور المقرض الرئيس ومزود الوسطاء الماليين بالسيولة عبر تسبيقات السبعة أيام وتسبيقات الثلاثة أشهر، حيث سن البنك المركزي تسبيقات الثلاثة أشهر من أجل تسهيل ولوج الأبناك للسيولة وتخفيف التوتر حولها. وكان بنك المغرب قد أعلن عن الشروع في توفير تسبيقات لمدة ثلاثة أشهر لدعم سيولة البنوك، لتضاف إلى التسبيقات التي يمنحها لمدة سبعة أيام. ويرمي البنك من وراء التسبيقات الجديدة إلى منح الأبناك رؤية أكبر حول الموجودات لديها من الإمكانيات النقدية، في ظل الخصاص الذي تعاني منه على مستوى السيولة. ويتوفر بنك المغرب على أدوات أخرى للسياسة النقدية تحاول تيسير السيولة في السوق النقدي، من قبيل معدل الفائدة الرئيسي، حيث يمكن لخفض هذا المعدل أن يفضي إلى ضخ مهم للسيولة في القناة البنكية، غير أن محرري التقرير يستبعدون هذا السيناريو، بالنظر إلى حرص البنك المركزي على استقرار الأسعار.