سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
النائب البرلماني محمد عامر ل «الاتحاد الاشتراكي»: : تنظيم الانتخابات الجماعية المقبلة في إطار الواقع الحالي عبثكل ما يهم الدين هو من شأن إمارة المؤمنين، ولهذه الإمارة آلياتها، الممثلة في مجلس العلماء ووزارة الأوقاف
كل ما يهم الدين هو من شأن إمارة المؤمنين، ولهذه الإمارة آلياتها، الممثلة في مجلس العلماء ووزارة الأوقاف قال النائب الاشتراكي محمد عامر في حوار مع «الاتحاد الاشتراكي»، أن بلادنا بقدر ما هي ذاهبة في مسار متقدم تصاعدي في ما يخص الأوراش الكبرى، بقدر هناك مد تراجعي في ما يخص الهياكل التي تسير المدن سياسيا. وواضح اليوم للعيان أن هناك مفارقة، لأنه في الوقت الذي نجد فيه إبرازا لدور المدن في الميدان، هناك تراجع مهول في ما يخص النخب التي تسيرها، وكلما تقدمنا في الانتخابات تراجعت النخب وهذا مسار خطير على بلادنا ، وقد حان الوقت-يضيف عامر الذي كان يتحدث من مكتبه بالبرلمان- لنوقف هذا العبث لكن ليس بتحسين شروط الانتخابات وإعادة النظر في التقسيم والتقطيع، بل الأمر يقتضي إعادة النظر بشكل عميق في تدبير المدن لتصبح مجالسنا كمجالس الدول الديمقراطية، بفصل السياسي عن الإداري. فالمنتخب عليه أن يضع التوجهات السياسية ويشرف على متابعتها ويقدم الاقتراحات للإدارة، في حين على الإدارة أن تتمتع بكل السلطات الإدارية لتنفيذ الاختيارات، مضيفا أنه «عندما أتحدث عن الادارة فأنا لا أقصد الادارة الحالية للجماعات المحلية بل أقصد إدارة متطورة، فالحالية ليست في المستوى المطلوب». وفي ما يلي نص الحوار الذي يضم قضايا أخرى تهم تدبير الشأن العام وموقف المعارضة من ذلك: لاشك أن الحديث عن سياسة المدينة يجرنا الى إشكالية معقدة، تحتاج إلى رؤية شمولية. كما أن الحديث عن سياسة المدينة يطرح اليوم علينا أسئلة جديدة، نريد أن نتناولها معكم من زاوية بحثكم وتدقيقكم في هذه السياسة الشمولية؟ أعتقد أن الحديث عن سياسة المدينة اليوم والاهتمام بالمدينة بصفة عامة تبرره عدة اعتبارات، أولها أهمية المدن اليوم في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فالمدن توجد في قلب كل الرهانات الأساسية، وفي قلب أيضا معركة التنمية والإصلاح الشامل والتنافسية العالمية. ومن هذا المنطلق فالمدن هي أساس مواجهة التحديات سواء تلك المرتبطة بقضايا التنمية الوطنية أو بتحديات العولمة ومخلفاتها. أما الاعتبار الثاني الذي ننطلق منه، فهو الدور الرئيسي الذي لعبه الحوار الوطني حول إعداد التراب الوطني، والذي نظمته بلادنا في السنوات الأخيرة. والذي أبرز أهمية المدن كما أبرز الاختلالات والاختناقات التي تعيشها المدن ،وضرورة بناء مقاربة جديدة لتدبير قضاياها. كثيرا ما ارتبط مفهوم إعداد التراب الوطني بالمفهوم الأمني، إلا أنه مع حكومة التناوب بدأ هذا المفهوم يتجه صوب المفهوم التنموي الشمولي، هل يمكن أن تقربنا من هذا التصور في تقنياته العامة، وما هي العوائق التي حالت دون تطبيق هذه الرؤية الشمولية في إعداد التراب الوطني؟ قبل حكومة التناوب كانت إدارة إعداد التراب الوطني موجودة كمؤسسة، ولكن لم يكن لها امتداد في الواقع وفي السياسة العمومية، وحتى عند الرأي العام، حيث كانت هذه المؤسسة إدارة مغلقة تقوم ببعض الدراسات التي لا يستفيد منها أحد. وعندما جاءت حكومة التناوب ظهر جليا أن بلادنا ليست في حاجة فقط لمجهود في التخطيط القطاعي أي العمودي، بل لابد من رؤية شمولية وتشخيص للمجال المغربي ولواقع حالة ومعرفة الاختلالات الكبرى التي يعيشها، وإبراز المؤهلات التي يتوفر عليها، وبناء رؤية تنموية للتراب الوطني على المدى المتوسط والبعيد. وهذا ما برر أن حكومة التناوب نظمت حوارا وطنيا حول إعداد التراب الوطني. وكان هذا الحوار واسعا، والهدف منه هو جعل شأن إعداد التراب شأنا عموميا لكل الفاعلين في الميدان، ليس المؤسساتيين، فقط بل المشتغلين يوميا داخل المجال الوطني . وكان الحوار جهويا وإقليميا ووطنيا، خلص الى رؤية حديثة متطورة لإعداد التراب الوطني، وإلى توجهات كبرى، يجب أن تشكل اليوم إطارا مرجعيا لكل التدخلات القطاعية والبرامج القطاعية العمودية . فالخصاص كبير بالنسبة للسياسات العمودية في مجال الاندماج والانسجام. وقد ظهر هذا بوضوح في غياب التنسيق والرؤية الأفقية، مما انعكس سلبيا على نجاعة السياسات وعلى مردوديتها وعلى واقع الناس. ولهذا وافقت بلادنا على هذه الرؤية، وتم تشكيل المجلس الوطني لإعداد التراب الوطني والذي افتتحت أشغاله باستقبال وبخطاب ملكي. وكنا ننتظر من الحكومات التي ستأتي من بعد أن تأخذ إعداد التراب كمرجعية في تصريف سياستها القطاعية تلافيا للاختلالات التي أحدثتها النظرة العمومية. الشيء الذي لم نره لا مع حكومة جطو ولا مع حكومة عباس الفاسي ولا حكومة بنكيران. وهنا أشير الى الدور الايجابي الذي لعبته وزارة الداخلية، حيث كانت الوزارة الوحيدة التي استوعبت رهان الاختيارات الترابية، وأهمية العمل الذي تم القيام به، وأدمجت العديد من المفاهيم في عملها المرتبط بالتنمية الترابية. طيب، القول بأن الداخلية قد استوعبت الأمر في مسألة إعداد التراب الوطني، يضعنا أمام اشتغال القطاع الواحد في حين أنكم تدافعون عن مشروع تندرج فيه قطاعات مختلفة ويدخل في مفهوم أشمل، ألا ترى معي أن التدبير سيظل ناقصا وأحاديا؟ عندما أقول أن الداخلية استوعبت الموضوع فهناك بعض الادارات داخل الداخلية مركزيا استوعبت هذه الاهمية. وحاولت تفعيل عدد من المفاهيم وخاصة في ما يخص التخطيط المجالي الاستراتيجي بالنسبة للمدن. لكن لحسن الحظ أن اللجنة التي وضعها جلالة الملك بالنسبة للجهوية الموسعة، عندما بدأت تشتغل وجدت في الحوار حول إعداد التراب أرضية صلبة. إن كل المجهودات التي قمنا بها فكريا وبيداغوجيا في الارتباط مع هذا الحوار الوطني، استفادت منها بشكل كبير في اللجنة الوطنية للجهوية ويمكن أن أقول، أن التقطيع الجهوي المقترح من طرف اللجنة الجهوية الملكية هو نفس المقترح الذي اشتغلنا حوله في إطار اعداد التراب الوطني. اليوم ورغم أن القطاعات الحكومية لم تأخذ بما يلزم الى حد الساعة التوجهات الخاصة بإعداد التراب الوطني، فيمكن القول إن مشروع الجهوية الموسعة المطروح على بلادنا ضمٌن الى حد كبير خلاصات الحوار الوطني حول إعداد التراب الوطني. وأريد أن أشير في هذا الاطار الى أنه من المؤسف أن حكومة بنكيران التي أتت بشعارات الاصلاح وخاصة شعار «الحكامة الجديدة»، أنها أغفلت أو تغافلت قضية إعداد التراب الوطني، وغاب المفهوم من هندستها الحالية وعوضته بسياسة المدينة. فالحكامة الجيدة بالنسبة لبلادنا اليوم ليست فقط محاربة الفساد الذي يتحدث عنه الناس، لأن الحكامة الجيدة بالنسبة للسياسات العمومية هي الاندماج في السياسات، كما هي الاندماج في البرامج، وهي التنسيق بين المؤسسات لأن الخصاص الناتج عن غياب الاندماج والتنسيق هو خصاص مهول ونتائجه على المستوى المردودية والنجاعة كبير جدا. لهذا الحكومة لم تنتبه الى إعداد التراب الوطني كعنصر أساسي في بناء حكامة ترابية جديدة ... «مقاطعة»...أنتم تتحدثون عن أوراش كبرى، وحلم كبيير ومسار رفع سقف الحلول الى بناء الاستراتيجيات لمأسسة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية كذلك، الشيء الذي يحتاج الى استكماله في إطار المتابعة الواعية بحجم التحديات المطروحة على الوطن جهويا وإقليميا ووطنيا وحتى دوليا؟ ألا ترى معي-أستاذ عامر- أننا أمام مأزق تاريخي كبير في تدبير الشأن العام بحكومة لها كل الصلاحيات بعد دستور 2011 في حين أنها تركز على استثناءات تجعل منها قاعدة لاشتغالها، مما يغيب الاستمرار في الأوراش الكبرى التي فتحتها الحكومات السابقة منذ التناوب، أو خلق استراتيجيات جديدة في المحطات الدقيقة التي تهم الوطن؟ فعلا هذه الحكومة تعيش ومفارقة، فمن جهة التزمت أمام المواطنين ببرنامج كبير لكنها في الواقع تدبر البرامج التي ورثتها عن الحكومات السابقة، بل إن بعض الوزراء لا يجيدون حتى إدارة ما هو موجود من مشاريع وسياسات. ومن جهة ثانية اتخذت عدة مبادرات تهم موضوع الفساد لكنها تراجعت بمجرد ظهور ردود الفعل الأولى. وباختصار هذه الحكومة كان لها خطاب مع المواطنين واصطدمت بواقع تدبير الشأن العام، والى حد الساعة لم تجد بعد المنهجية الملائمة للتعامل مع القضايا المطروحة. فالمغاربة ينتظرون أن تتخذ هذه الحكومة قرارات ملموسة تهم واقعهم المعيشي. في إطار اجتماع لجنة الداخلية بالبرلمان، لاحظنا أن رؤى الأغلبية في ما يخص مسألة المدينة تتوجه الى القطاعات منفردة، دون النظر الى شمولية الأمر وهناك مقاربات للإشكاليات الكبرى بمنطق إيديولوجي أو ديني أخلاقي مما يؤشر على مفهوم ضيق لشمولية الموضوع والتي تطرحها معنا في هذا اللقاء الاعلامي ؟ سياسة المدينة لا يمكن أن تعوض سياسة إعداد الترابي الوطني، وخاصة بالمفهوم الذي أتت به الحكومة بالنسبة لهذه السياسة. فنحن نبهنا وأوضحنا رؤيتنا كفريق اشتراكي لسياسة المدينة. وقلنا إن سياسة المدينة يجب أن تكون سياسة أفقية بامتياز. فسياسة المدينة ليست برنامجا قطاعيا مهما كانت أهمية الوزارة التي تقوم بهذه الأعمال. وسياسة المدينة هي أولا رؤية وطنية للتنمية على المستوى الوطني كما أنها ليست عملا محليا بل تندرج في رؤية شمولية لإعداد التراب الوطني. وبلغة أدق يجب أن تكون لنا رؤية حول تنمية المدن الكبرى. وكيف نجعل هذه المدن تنخرط في مسلسل تنموي تكاملي وليس تنافسي. ولا يجب أن نترك المدن تتطور كل واحدة على حدة، وحسب تصورات المسؤولين عليها. ولهذا لا ينبغي أن يحدد التوجه الوطني أقطاب المدينة في إطار تضامني وتكاملي دون إغفال الدور الذي تلعبه المدن الصغرى والمتوسطة والتي يتعين في إطار إعداد التراب الوطني تقويها وجعلها إطارا يستقطب الناس ويوفر التنمية وجودة الحياة، مما يحتاج دعما استراتيجيا وتنمويا من الدولة. كيف يمكن تصريف ذلك على المستوى الترابي؟ صحيح أن سياسة المدينة هي تصريف ترابي لمنظور وطني حول المدينة. ومن هذا المنطلق فسياسة المدينة هي مشروع حضاري كامل ومتكامل ومندمج ومتضامن على مستوى المدينة، ونلاحظ أيضا أن المدينة تتوفر على مؤسسات كثيرة وجماعات محلية وإدارات وفاعلين، والكل يتدخل لكن هذه التدخلات عمودية، كما أن هناك خصاصا مهولا في مجال التنسيق والاندماج، ونتائج ذلك هي الاختلال الكبير لأن الأمر يحتاج بالفعل إلى بناء تشاركي منفتح على كل الفاعلين وخاصة المجتمع المدني. وأضيف أن سياسة المدينة هي توزيع عادل للاستثمارات العمومية داخل المجال الحضري و الفضاءات الحضرية، لأنها لا تستفيد من نفس المجهودات التنموية. وبشكل عام سياسة المدينة هي تعاقد بين كل المؤسسات المتدخلة حول مشروع تنموي تضامني وحول أولويات مدققة وبرمجة زمنية واضحة. أنتم تتحدثون عن حلم كبير، واليوم هناك إشكالية معقدة في إعداد التراب وفي سياسة المدينة، نظرا لغياب أو تغيب إطار للاشتغال يعي حجم الشمولية والتنسيق والتكامل، والذي فتحت فيه أوراش كبرى، هي اليوم عالقة تحتاج لترسانة القوانين والتشريعات لتفعيلها، الشيء الذي لا نعرف نوايا الحكومة الحالية فيه. والسؤال كيف يمكن تصريف هذا الحلم في غياب المسالك المصاحبة؟ أنا أعتقد أن ما أقوله ليس حلما، وهو من باب الممكن، لأن سياسة المدينة اليوم ومن منظور واقعي، هي ترشيد ما هو متوفر من الامكانيات البشرية والمالية والمؤسساتية قبل أن نذهب إلى أبعد من ذلك. وسأكون واضحا إن قلت إن الجماعات المحلية تتدخل في المدينة وكذلك الدولة عن طريق مؤسساتها إضافة الى الفاعلين من المجتمع المدني. وإذا استطعنا أن نضع مشروعا تنمويا، وبرنامجا مندمجا للمدينة ونتفق عليه، وننسق في ما بيننا ونرصد الأولويات فقد نكون قد استطعنا وضع رجلنا في العمل الممنهج لفائدة الوطن. مع من سنتفق؟. نريد أن ندقق في السؤال هل النخب المهيمنة على تدبير الشأن العام هي نخب واعية بجوهر الأمور؟ أشرت سابقا الى التدهور الحاصل في تركيبة النخب المحلية المسؤولة عن تدبير المدن. ويمكن لي أن أجزم أن إصلاح أوضاع المدن وتأهيل النخب هما أمران مترابطان. طيب، من باب تفعيل الجهوية الموسعة أين هو القانون لتصريف ذلك. ولهذا نشير الى أن الأمور تذهب في اتجاه الأحلام المؤجلة؟ لا الأمر ليس حلما، نحن كفريق اشتراكي وكحزب نناضل من أجل ذلك. وهل هناك آذان صاغية ؟ هناك مشروع الجهوية الموسعة الذي وضعته اللجنة الملكية، ونحن ننتظر في إطار التحضير للانتخابات المقبلة أن تتقدم الحكومة بالنصوص الضرورية، ولدينا اقتراحات لتحيين هذا المشروع الجهوي على ضوء المستجدات التي جاء بها الدستور. الحكومة الآن لا تقدم مشاريع استراتيجية ، وتلك التي قدمتها تعمل بمبدأ الإعمال بالأغلبية لتكبيلها؟ نحن لا يهمنا أن تستمع الحكومة أو لا تستمع. وما يهم هو أن ندافع كفريق اشتراكي وكحزب عن المشاريع الكبرى، وفي هذا الاتجاه نحن لسنا معارضة من أجل المعارضة، فلنا اختيارات بديلة واقتراحات ملموسة ورؤية لكل القضايا التي تهم بلادنا، والتي بنيناها من تجارب في ممارسة المعارضة، وما راكمناه من معرفة ودراية بالشأن العام خلال سنوات جاوزت العقد في تدبيره . ومن هذا الباب أقول إن الاتحاد الاشتراكي يتوفر على شروط بناء معارضة متينة، وله من الشروط ما يجعل منه لاعبا أساسيا في بناء معارضة من نوع جديد تعارض الاختيارات والتوجهات، وفي نفس الوقت تقدم البدائل. نحن ننتظر من الحكومة في الشهور المقبلة أن تفعل هذه الاختيارات. وما نقوله اليوم بالنسبة لسياسة المدينة هو تفعيل للجهوية الموسعة، لأنه لا يمكن أن نحقق التنسيق بين الادارات دون اللاتركيز، وهذا الاخير يعني أن جزءا مهما من سلطة الدولة مركزيا ، في المالية والإدارة والمؤسسات ،يجب أن يذهب الى الجهات. وإذا واجهتكم الحكومة بأنه ليس من اختياراتها الآن أن تمرر قانون الجهوية، علما بأن حكومة لا تعمل بمبدأ التشارك مع المعارضة في القضايا الكبرى، على الأقل لحد الآن؟ أنا لا أحكم على النوايا. هناك أسلوب جديد تم فيه إقرار الجهوية الموسعة، وهناك أولويات لتفعيل الدستور. وعملنا كفريق يندرج في هذه الأجندة التي حددها الشعب المغربي بعد تصويته على هذا الدستور. وسنناضل من أجل إخراج مشروع الجهوية الى الوجود ،وعدم إخراج ذلك قبل الانتخابات، يعني أنه لا معنى لهذه الأخيرة. وأضيف أنه لا ينبغي أن نركز فقط على مشروع الجهوية، لأن الحديث اليوم عن سياسة المدينة هو إذن حديث عن إصلاح نظام الحكامة داخل المدينة، مما يستدعي إعادة النظر في نظام اللامركزية الذي انخرطت فيه بلادنا منذ 1976.ومدن بلادنا اليوم تعاني من اختلالات كبيرة وعطب حقيقي في نظام الحكامة. وما تعانيه هذه المدن من صراعات بين الفرق المشكلة للمجالس يضر بالمدينة وبالدور التنموي لها. ويمكن القول إن الدراسات التي قمنا بها في إعداد التراب الوطني بينت أن مدينة الدارالبيضاء كمدينة تشكل فرصة أساسية لبلادنا في مواجهة قضايا التنافسية العالمية، فهي تنتج القيمة المضافة التي توزع على باقي المدن لتنميتها وتطورها. هذه المدينة تشكل الصراعات السياسية العقيمة أكبر عائق لتنميتها واستغلال ما تتوفر عليه من مؤهلات . ومن هنا نقترح إعادة النظر في نظام تدبير المدن. والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية له بديل في هذا الميدان، يشكل مشروعا متكاملا يخص بناء حكامة جديدة. ولهذا أقول إن تنظيم الانتخابات الجماعية المقبلة في إطار التنظيم الحالي هو عبث لأنه لا ينبغي أن نجعل من محطة الانتخابات فرصة لتغيير الأغلبية داخل المجالس فقط. لأن الانتخابات هي أولا وقبل فرصة لتحسين مردودية المجالس المنتخبة كما أنها مناسبة للرفع من نجاعتها ومعالجة مشاكل الناس. ونلاحظ اليوم أن بلادنا بقدر ما هي ذاهبة في مسار متقدم تصاعدي في ما يخص الأوراش الكبرى بقدر هناك مد تراجعي في ما يخص الهياكل التي تسير المدن سياسيا. وواضح اليوم للعيان أن هناك مفارقة، لأنه في الوقت الذي نجد فيه إبرازا لدور المدن في الميدان، فهناك تراجع مهول في ما يخص النخب التي تسيرها، وكلما تقدمنا في الانتخابات تراجعت النخب وهذا مسار خطير على بلادنا ، وقد حان الوقت لنوقف هذا العبث لكن ليس بتحسين شروط الانتخابات وإعادة النظر في التقسيم والتقطيع، بل الأمر يقتضي إعادة النظر بشكل عميق في الأمور لتصبح مجالسنا كمجالس الدول الديمقراطية، بفصل السياسي عن الإداري. فالمنتخب عليه أن يضع التوجهات السياسية ويشرف على متابعتها ويقدم الاقتراحات للإدارة، في حين على الإدارة أن تتمتع بكل السلطات الإدارية لتنفيذ الاختيارات. وعندما أتحدث عن الادارة فأنا لا أقصد الادارة الحالية للجماعات المحلية بل أقصد إدارة متطورة، فالحالية ليست في المستوى المطلوب. أستاذ عامر نلاحظ ونحن نحاورك أنك تتحدث وكأننا اليوم نعيش حياة سياسية فيها توازن وتشارك بين الأغلبية الحكومية وبين المعارضة ، والحال أننا في مأزق تاريخي صعب، بين من يحملون في أذهانهم مشروعا ديمقراطيا حداثيا أوصلنا الى دستور 2011، وبين مدبري الشأن العام الذين يفكرون بغير ذلك في حكومة يقول عنها رئيسها إن الربيع العربي أتى بها، نريد أن نواصل معك الحوار في التساؤل حول كيفية تدبير هذا الإشكال من أجل ألا يضيع المسار الذي أتى من نضال كبير ومن سنوات الرصاص التي تحولت بمجهودات الديمقراطيين الى اختيارات ديمقراطية كبرى؟ أعتقد أن مهمتنا في الاتحاد الاشتراكي كفريق وكحزب هي أن نبين للمغاربة أننا نملك بديلا في ما يخص وطننا ،وأننا لسنا ضد أية مبادرة تأتي من الحكومة. نحن سنعارض كل ما هو ضد الوطن وفي غير صالح المغاربة. ولكن دورنا لا ينبغي أن يقتصر على كل ما تأتي به الحكومة ، لأن دورنا هو بناء مشروع وبديل جديد لهذه الحكومة المحافظة، بديل حداثي لكنه واقعي وطموح يتوجه الى الاصلاحات الكبرى. فنحن عندما نركز على الاصلاحات الجهوية وسياسة المدينة ، فإننا ندرك حجم ذلك ، لأن الفرصة التي هي أمام بلادنا الآن تتشكل في الاصلاحات الترابية المحلية والجهوية. وإذا أصلحنا ذلك فإننا سنصلح أوضاع النخب التي تسير البلد. تتحدثون عن معارضة الحكومة وكأن هذه الاخيرة وضعت بين أيديكم مخططات وبدائل تختلفون أو تتفقون حولها، والحال أن حكومة بنكيران لم تراوح مكانها ومهمتها هي ترك المجال فارغا لإنتاج الفتاوى ضمن أدلجة الدين وخلق جو للتباري في ذلك، حد تسربه الى دفاتر للتحملات في وزارات كان من الأجدى أن تتوجه الى ملفات كبرى لتحسين أوضاع المغاربة في مختلف المجالات؟ أناأتفق معك في عدة أشياء طرحتها، لكن هذه الحكومة في إطار تصريحها الحكومي جاءت ببرنامج، كنا قد وضعناه نحن في إطار الحكومة السابقة، وأنا لا أفشي سرا إذا قلت لك إنني فوجئت عندما استمعت الى التصريح . وبالفعل كنت أنتظر تصريحا من نوع آخر غير الأشياء التي حضرناها نحن وساهمنا فيها، وخاصة في ما يخص الجانب السياسي ، فالمغاربة كانوا في حاجة الى حديث بلغة صريحة وواضحة عن واقع حال المغرب، والكشف عن الرهانات والمشاكل الكبرى، والتضحيات التي يجب أن ينخرط فيها الجميع، وليس فقط أن نضع ما وضعته الحكومة السابقة. ولهذا فالحكومة الحالية لم تطرح حوارا حقيقيا حول المشاكل الكبرى التي تهم البلد، كمشاكل التوازنات المالية، والبطالة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتنافسية العالمية، الى غير ذلك... ولكن هذا لا يعني أن ما أثارته الحكومة من قضايا في البرلمان غير مهم. ولكن محاربة الفساد تقتضي منظورا وطنيا وتفكيرا بديلا لمعالجة هذه الأمور. وفي هذا المنحى أريد أن أشير الى أن هناك قطاعا أساسيا واستراتيجيا يشكل منبعا للفساد وهو العقار، ونحن ننتظر من الحكومة أن تأتي باقتراحات في هذا الموضوع. ونحن سنتقدم كفريق باقتراحات في هذا الموضوع، علما بأننا قدمنا أشياء كثيرة في لجنة الداخلية والإسكان والتعمير في هذا المنحى. أما الحديث عن قضايا الدين، ففي نظري ليس لأي حزب أو وزير مشروعية للحديث في هذا المجال. فالدستور فصل في ذلك، وكل ما يهم الدين هو من شأن إمارة المؤمنين، ولهذه الإمارة آلياتها، الممثلة في مجلس العلماء ووزارة الأوقاف وهي الوحيدة التي من حقها أن تأتي للبرلمان وتقول مثلا إن هناك نقصا في البرامج الدينية في الاعلام العمومي وفيها خصاص، لا أن تأتي وزارة الاعلام لتقول ذلك. ولهذا أعتقد بأن الدخول في هذا الشأن من طرف أي جهة هو تطاول على اختصاصات إمارة المؤمنين.