نبيل بنعبد الله: الملتقى الوطنية لسياسة المدينة تتويج لحوار واسع شاركت فيه كل القوى الحية للأمة قال محمد نبيل بنعبد الله وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، إن المناظرة الوطنية حول سياسة المدينة تأتي لتتوج حوار ا واسعا شاركت فيه، على المستوى المركزي والجهوي، كل القوى الحية للأمة. وأضاف الوزير في حوار مع بيان اليوم بالاشتراك مع يومية البيان، أن الوزارة تبنت خيار المقاربة التشاركية عبر إطلاق هذا الحوار الموسع على امتداد التراب الوطني، تساهم فيه كل القطاعات الوزارية والمنتخبون والسلطات المحلية والمجتمع المدني والمؤسسات العمومية، وذلك لتحديد الإطار المرجعي التشاركي من أجل بلورة الاستراتيجية الوطنية الخاصة بسياسة المدينة. * بعد سلسلة من المشاورات والتوافقات مع المهنيين والمتدخلين في مجال السكن وتخطيط المدينة وأيضا مع صانعي القرار السياسي، عبر جهات المملكة، تستعدون للمناظرة الوطنية والتي ستخصص لاعتماد الاستراتيجية الوطنية لسياسة المدينة. هل هذا، السيد الوزير، آخر لقاء مع المهنيين والمتدخلين في القطاع قبل حصر التصور النهائي للوزارة والمرور بعد ذلك إلى مرحلة تنفيذ مشروع إستراتيجيتكم وخارطة الطريق المنبثقة عنها؟ - الملتقى الوطنية حول سياسة المدينة تأتي لتتوج حوارا واسعا شاركت فيه، على المستوى المركزي والجهوي، كل القوى الحية للأمة. الوزارة تبنت خيار المقاربة التشاركية عبر إطلاق هذا الحوار الموسع على امتداد التراب الوطني، تساهم فيه كل القطاعات الوزارية والمنتخبون والسلطات المحلية والمجتمع المدني والمؤسسات العمومية، وذلك لتحديد الإطار المرجعي التشاركي من أجل بلورة الاستراتيجية الوطنية الخاصة بسياسة المدينة. إن التحديات المستقبلية للوضع الاقتصادي والاجتماعي للمدن كقاطرة للتنمية فرضت نفسها كخيار لامناص منه. وفي أفق تأطير ومواكبة نمو المجالات بمختلف خصوصياتها سيتم العمل في إطار رؤية شمولية لتهيئة و إعداد التراب الوطني على إعداد دراسة استشرافية. * ماهي رهانات هذا المنتدى الوطني وماهي الرهانات التي عليه رفعها؟ - هناك ثلاث حقائق رئيسية يجب أخذها بعين الاعتبار: 1 –هو أول منتدى أو مناظرة تنظم بعد المصادقة على الدستور الجديد وما يفرضه من تداعيات يجب أخذها بعين الاعتبار في مشوارنا الرامي إلى وضع مخطط توجيهي تتحدد الغاية منه في تقوية الشبكة الحضرية عبر تعزيز المدن المتوسطة ودعم المدن الصاعدة وإحداث أقطاب حضرية جديدة في إطار يستفيد من النجاحات المحققة واستثمار ما تمت مراكمته من تجارب على الصعيد الوطني، مثلما يعالج ذا المخطط التوجيهي في ذات الوقت النقائص الاختلالات المسجلة على مستوى بعض هذه المشاريع. 2 –الظرفية الوطنية التي تتسم بفوضى وبحجم المطالب والانتظارات الاجتماعية والتي تترجم على الواقع وتفرض حلولا على المدى القريب . 3 - التحدي الكبير يكمن في بلورة سياسة شمولية للمدن تتطلع من خلالها الوزارة إلى جعل المدينة دامجة ومتضامنة، مندمجة، منتجة، تنافسية ومستدامة، مبنية على تشاور وبناء تشاركي مرتكز على أجرأة مستدامة. لقد دعونا مختلف الفاعلين سواء بالمدن والجماعات المحلية والفضاءات الجامعية والفكرية للمساهمة في الحوار وتقديم ما تراه مناسبا لإغناء الأرضية الأولية التي وضعتها الوزارة بعد إجراء حوار مع مختلف مسؤوليها وأطرها مركزيا وجهويا. إن سياسة المدينة تستوجب رؤية شمولية مندمجة تعاقدية تقوم على مبدأ القرب وتكفل التقائية مختلف التدخلات القطاعية، وتهدف إلى تعزيز أدوار المدن باعتبارها مراكز أساسية لإنتاج الثروة وتحقيق النمو وضمان نمو منسجم ومتوازن ومستدام لهذه الفضاءات، وقد سبق لنا أن قلنا بأن أن مبادئ الحكامة الجيدة والتشاور مع كافة الفرقاء المؤسساتيين والهيئات المنتخبة والمهنية والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني، والتي تشكل مدخلا أساسيا، تعد ركائز المقاربة المتبعة لإجراء ال - سياسة المدينة في جوهرها، سياسة شاملة متكاملة تندمج فيها الأبعاد الاقتصادية والثقافية والبيئية، وهنا تكمن صعوبة المهمة المنوطة بكم في تدبيرها... وبعبارة أخرى، لتنفيذ المشاريع المندمجة التي تدعون إليها، والتي تشرك ما لا يقل عن اثنتي عشرة وزارة والعديد من الفاعلين الوطنين والجهويين، فإنه من الضروري انخراط الجميع، في هذا النهج بشكل فعال. تبدو المهمة صعبة لكنها ليست بالمستحيلة ! كما تعلمون فإن تكامل واندماجية السياسات العمومية كان ولا يزال يشكل أهم التحديات بالنسبة للحكومات. إن القطاعات الحكومية من عادتها تطوير وبلورة استراتيجيات قطاعية تعتمد في إنجازها على خبرات ذاتية دقيقة و متخصصة. كما أنها تعتمد في عمومها على استشارة وإشراك مختلف الفاعلين المحليين، مع إغفال في بعض الأحيان الأخذ بعين الاعتبار لاحتياجاتهم، الشيء الذي ينتج عنه صعوبات كبيرة في اندماجية السياسات القطاعية على مستوى المجالات ونقص كبير من حيث تكاملها وفعاليتها. وفي هذا الإطار نعتزم العمل على مستويين: - أولا الحث على التكامل بين السياسات القطاعية خلال المراحل الأولى لإعدادها عبر تفعيل هيئات إعداد التراب (المجلس الأعلى، اللجنة البيوزارية الدائمة). - ثانيا تحفيز التخطيط الاستراتيجي الترابي، التصاعدي والتشاركي والتعاقدي، كمقاربة تمكن الفاعلين المحليين من صياغة وبلورة مشاريع تنموية مندمجة. وفي هذا الإطار تشكل المجالات الحضرية مثالا نموذجيا لهذه التجربة. وبطبيعة الحال تواكب هذه الرؤية، الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي التزمت الحكومة القيام بها، وخصوصا ما يتعلق بالجهوية الموسعة، واللاتمركز ومراجعة قانون المالية. * لقد سبق لكم السيد الوزير أن قدمتم محاور تدخل الوزارة مع تحديد الأسبقيات في هذا الباب. هل بإمكانكم السيد الوزير أن تشرحوا لنا العمليات المستعجلة التي ستقومون بها وكذا العمل الأساسي الذي ستشرفون عليه بالموازاة مع إنجاز العمليات المذكورة ؟ - إن محاور تدخل الوزارة وأولويات اشتغالها خلال الفترة 2012-2016 تم تحديدها بناءا على مسار مهم من المشاورات الداخلية التي تجسدت في عقد 7 ورشات موضوعاتية تناولت بالأساس الإصلاحات التشريعية والإصلاحات المؤسساتية والحكامة إضافة إلى السكنى وتثمين التراث ومحاربة السكن غير اللائق، كما همت كذلك إعداد التراب الوطني وإشكالية التعمير والعقار وقضايا سياسة المدينة وتكوين الأطر. ولقد مكنت هذه المشاورات من تحديد 5 محاور أولية وهي : تطوير مسار وأساليب التخطيط المجالي ومأسسة الالتقائية تحديد ووضع أسس سياسة المدينة تقليص الخصاص في السكن بإنتاج 170.000 وحدة سنويا تأهيل ومواصلة تأطير القطاع تطوير الحكامة، وتقوية الشفافية، تخليق الخدمات العمومية وتثمين الموارد البشرية./ إن هذه المحاور ذات الأولوية والتي تعتبر بالنسبة لنا أهدافا إستراتيجية لا يمكن تحقيقها دون الشروع في التدابير الأوراش الإصلاحية والتي تكتسي بالنسبة لنا طابعا استعجاليا . ويتعلق الأمر على الخصوص بإصلاح وتطوير المنظومة القانونية من خلال إدراج إصلاحات جزئية ضمن النصوص الجاري بها العمل والمصادقة على نصوص قانونية جديدة بإمكانها إرساء أسس تعمير عملياتي مرن واستباقي. ويتعلق الأمر كذلك بالشروع في مراجعة منظومة التخطيط الحضري وتوفير الشروط الضرورية للنهوض بالمدن المتوسطة والصغيرة وكذا بالمراكز الناشئة. هذا بالإضافة إلى مواكبة إنجاز المدن الجديدة. وعلى المستوى المؤسساتي فإن الإصلاحات والتدابير المواكبة تهم على وجه الخصوص إعادة النظر في أدوار ومهام الوكالات الحضرية التي يجب أن تركز جهودها أكثر على التخطيط الحضري ومواكبة المشاريع الاستثمارية الكبرى وأوراش سياسة المدينة. * من سيكون المسؤول عن التنسيق الوزاري بخصوص هذه المشاريع المندمجة وعقود البرامج المنبثقة عنها والترتيبات المالية التي تحتاج إليها، بالإضافة إلى حكامتها الجيدة؟ - لا شك أن سياسة المدينة، نظرا لكونها تهم عدة قطاعات، تستوجب إرادة قوية من الدولة وانخراط الفاعلين المحليين لضمان أجرأة مستدامة لمشاريع مشتركة في إطار تعاقدي. وهذا يستدعي، في حد ذاته، وضع تدريجي لإطار مؤسساتي قصد التنسيق على المستويين المركزي والمحلي. وفي هذا الإطار، سنقوم بمشاورات مع رئاسة الحكومة وكذا مع القطاعات الوزارية المعنية بطريقة مباشرة، للتوافق حول الإطار المؤسساتي الملائم ومختلف هياكله وأدوارها ومهامها.إنه عنصر أساسي في الورش الذي يهم حكامة المدن بصفة عامة، والذي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الجهوية المتقدمة و اللامركزية واللاتمركز. * لكن في مواجهة واقع حال المجالات و خيار الحلول السهلة النابعة من العقليات و الديماغوجيات السائدة، ما هي الاستراتيجيات و المناهج التي تعتزمون تبنيها لأجل دعم و تفعيل رؤيتكم وكسب الرهانات و استرجاع ثقة المواطن؟ - تمثل التنمية المنسجمة و المتجانسة- لبلدنا وخصوصا بمدننا مسؤولية جماعية تستدعي تعبئة كافة القوى الحية للبلاد. ولذلك ارتأينا تبني منهجية مشاورات موسعة مع جميع الفاعلين من أجل إشراكهم ليس فقط في أجرأة سياسة المدينة بل وأيضا في بلورة مضامينها. نحن مدركون لصعوبة هذا المسلسل وواعون بوجود إكراهات وجيوب مقاومة. لكن لدينا الثقة التامة في الوعي الجماعي للمواطنين وبجدوى اختياراتنا الإستراتيجية. كما أننا نعتقد جازمين أن التجارب الناجحة (المواقع النموذجية) من شأنها أن تساهم في إقناع المتحفظين. * وفيما يتعلق بالمراكز والأقطاب الصاعدة ما هي التدابير و الإجراءات الملموسة التي يمكن اتخاذها لخلق و إبراز جاذبيتها وتقليص ضغط الهجرة القروية على المدن الصغرى والمتوسطة، مع العلم، أولا، أن مسألة خلق فرص العمل والخدمات العمومية هي «عصب الحياة»، وأنه، ثانيا، ليس من السهل خلق حول محيط هذه المدن، مراكز التكنولوجيا؟ - طبعا، الضرورة ملحة لتحقيق تنمية متناسقة ومنسجمة بين المناطق القروية والحضرية وهي تفرض نفسها و لا تحتاج إلى مزيد من الإيضاح. ولقد لمسنا هذه الحاجة خلال المشاورات التي جرت منذ فبراير. فالتدخل لدعم المراكز الحضرية أصبح من بين أولويات السياسة الحضرية، لأنه لا يمكن تصور سياسة المدينة في غياب دعم للمراكز الصاعدة. بل يمكن القول أن التمدن السريع الذي يعيشه المغرب في العقود الأخيرة يعود إلى الهجرة القروية المتنامية، ناهيك على العواقب التي تترتب على وثيرة التمدين، من جهة، وتفاقم السكن غير اللائق بمختلف أشكاله، من جهة أخرى. لذا فإن، الأولوية اليوم هي تحديد إستراتيجية شاملة و واضحة لتعزيز التنمية و ذلك لدعم الإشعاع الاقتصادي والاجتماعي، لهذه المراكز الحضرية الناشئة وذلك في إطار تصور شمولي على صعيد الجهة. إن عمل الوزارة سيرتكز على الاستباقية والتحكم في توسع المدن والتقليص من الهجرة عن طريق تأهيل المراكز الصاعدة التي من شأنها استقبال سكان البوادي من خلال تعزيز الظروف الملائمة لحياة أفضل، بإنعاش و تطوير الاستثمار بغية خلق فرص الشغل وتحسين الخدمات العمومية، السكن، الصحة... * على الأقل، اتخاذ إجراءات قوية تجاه المدن المتوسطة، بتعزيز تنميتها، عبر إنجاز مشاريع مهيكلة، يمكن أن تقلل من الهجرة نحو المدن الكبيرة؟ - إن المدن المتوسطة و الصغرى تلعب دور المجالات الوسيطة التي تحقق التوازن بتخفيف الضغط على المدن الكبرى كما تساعد على تقليص الهجرة و اندماج الساكنة في تنمية المدن بكل سهولة. كما تمثل المدن الصغيرة والمتوسطة تحديا كبيرا على المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للسياسة الحضرية، و الركيزة التي عليها يتوقف بشكل كبير الاندماج المجالي بين العالم القروي والمدينة. إن تأهيل النسيج الوطني الحضري رهين بالضرورة بإعادة الاعتبار للمدن الصاعدة من خلال إنجاز و بلورة استراتيجيات مبتكرة لتجديد وتنويع القواعد الاقتصادية والاجتماعية لهذه المدن، من أجل تقليص انعكاسات الهجرة القروية على الوسط الحضري، وتمكين المدن والقرى من لعب دورها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق توزيع عادل ومتماسك للثروات والكفاءات عبر التراب الوطني. * لنعد إلى المدن. ما هي الأدوار التي تعتزمون إعطاءها إياها؟ ألا تعتقدون أن هناك مشكل كبير فيما يتعلق بتأهيل الموارد البشرية التي ستكون مسؤولة عن تنفيذ سياسة المدينة - يتفق الجميع على ضرورة أن تشكل المدينة الإطار اللازم للتماسك والتكامل بين السياسات العامة، و ذلك عبر وعي حقيقي بالمنهجيات الترابية و بآليات التدخل المناسبة و منها: استيعاب النقص و تغطية الاحتياجات الناجمة عن النمو الحضري على مستوى السكن وخلق فرص العمل والخدمات ذات الوظيفة الاقتصادية الموجهة للاستخدام العام؛ وضع تخطيط حضري يأخذ بعين الاعتبار ضرورة الموازنة بين الاحتياجات الناشئة عن النمو الحضري ومتطلبات التنمية المستدامة؛ معالجة التناقضات الحضرية بناء على تطوير القواعد الاقتصادية للمدن؛ جعل التنمية الاجتماعية هدف وأداة للتنمية الحضرية؛ التعامل بشكل شامل وفعال مع مشكلة السكن غير اللائق؛ توجيه التخطيط الحضري لصالح أهداف سياسة المدينة. وفي مواجهة هذه التحديات، تبرز سياسة المدينة وهي سياسة متعددة الشركاء، مندمجة و تعتمد على حكامة فعالة، كواحدة من أولويات العمل العام، وتميل إلى تبني جميع أشكال التدخل في مجالات التخطيط والإدارة وصناعة المدينة في جميع مظاهرها العامة والقطاعية. فيما يتعلق بالأدوار المنسوبة إلى المدن، فإنه من الواضح أن لكل مجال، ولكل مدينة خصائصها (التاريخ، الحجم، والطبقة، والديناميات الاقتصادية، المكان داخل المنظومة الحضرية ... الخ). و إذا اعتبرنا «فئات المدن» كأداة للتصنيف فإننا سنحصل على توزيع الأدوار التالي: الفضاء المتروبولي الأوسط: والذي يتمحور دوره حول تشكيل و ترسيخ القاعدة الاقتصادية الرئيسية في البلاد كعنصر مركزي داخل المنظومة الحضرية الوطنية، و كذا الانفتاح على العالم؛ العواصم الجهوية، و التي تمثل مراكزا للنمو الاقتصادي، ويتمثل دورها في توفير التناسق المجالي على الصعيد الوطني ضمان مستلزمات النمو . لهذا الغرض فإنها ستستقبل التجهيزات ذات البعد المتعدد-العمالات. كما أن تطور هذه المدن الاستراتيجية سيحتاج إلى جهد كبير في مجال التعمير، وخاصة بالنسبة للاندماج الحضري من حيث الوظائف الجامعية والخدمات المتفوقة. والأمر لا يتعلق فقط بإنشاء التجهيزات وإنما تعزيز جودة المركزية في هذه المناطق الحضرية. «المدن المتوسطة»: هذه الفئة من المدن تثير الاهتمام لا سيما بالنسبة للمستقبل، خاصة وأنه سينبغي وضع برامج تنموية محددة، على الأقل بالنسبة لتلك التي تعرف ديناميكية أكثر. «المدن ذات المستوى المحلي» التي حجمها أقل من 30000 نسمة. برزت هذه الفئة من خلال الانفتاح التدريجي للمناطق الريفية وزيادة الطلب على الخدمات والمنتجات الاستهلاكية الحضرية. وينبغي إجراء تخطيط حضري ملائم يمكن من تعزيز دور هذه المجموعة من المدن في الإدارة الإقليمية لمناطق نفوذها. المدن الجديدة، و التي يجب أن ينخرط إنشائها في نسق شمولي للتهيئة و التنمية المجالية المستدامة. كما ينبغي أن تشكل حجر الزاوية في تحسين وتدعيم الهيكلة الحضرية على الصعيد الوطني (تغيير الهرمية الحضرية، وتطور المجتمعات المعنية، الخ.)، مما يجعل من هذه المدن، أساس الإصلاحات القائمة الحقيقية لنظامنا الحضري. الجزء الثاني من سؤالكم يتعلق بالموارد البشرية، وكنتم على حق تماما في الربط بين نجاح سياسة المدينة ونوعية الأشخاص الذين سيقومون بتفعيلها. وفي هذا الصدد، يمكنني أن أؤكد لكم أن الحكومة سوف تتحمل المسؤولية الكاملة من خلال تبني مجموعة من المبادئ و الآليات: الشخص المناسب في المكان المناسب على مستوى المناصب العليا في الوظيفة العمومية. انتخابات شفافة و ديمقراطية لجلب النخب المحلية للمناصب الريادية. التكوين الأولي والمستمر في جميع مهن المدينة. ونحن نعتمد أيضا على القطاع الخاص والمجتمع المدني لمزيد من الاحترافية كل في ميدانه. * العديد من الخبراء يعبرون عن ملحاحية إعادة توجيه المتدخلين في سياسة المدينة، ما رأيكم السيد الوزير؟ - بالتأكيد، لقد أضحى من الضروري إعادة توجيه أدوار المتدخلين العموميين في المدينة ومأسسسة حكامة ناجعة من خلال تقوية الجهوية واللاتمركز واللامركزية، وذلك لتحقيق التقائية التدخلات وضمان نمو مستدام وتنافسية إيجابية بين المجالات. لذا فإنه يتعين تحديد الأولويات مع تفادي تشتت البرامج. مما يستدعي وضع مشروع المدينة لكل تجمع حضري، هذا المشروع الذي يجب أن يحدد الرؤيا الشمولية وكذا البرامج ذات الأولوية التي سيتم التعاقد بشأنها مع الجماعات الترابية والفاعلين الاقتصاديين والمجتمع المدني. * يتعلق بإطار الحياة للمدن والحواضر وبمدى اعتماد هندسة معمارية عصرية ومستدامة. ما الذي يجب القيام به لكي تنعم الفضاءات المغربية بالمجالات الخضراء ؟ - يجب أن نذكر هنا بأن سياسة المدينة باعتبارها سياسة عمومية تهدف إلى النهوض باستدامة المدن وبتحسين جودة إطارا لحياة والعمل على تكامل الوظائف بالمناطق الحضرية واندماجها إضافة إلى إعادة الاعتبار للمراكز الحضرية وتحسين مستوى عيش المواطنين. إن هذه السياسة تهدف أساسا إلى توفير إطار حياة ومستوى خدمات قادرة على ضمان تنمية منسجمة للمجالات الحضرية وعلى تقوية التماسك الاجتماعي والاندماج الحضري. ومن المنتظر أن تساهم هذه السياسة في الإجابة على التحديات والرهانات البيئية لتحسين جودة المشاهد الحضرية ورد الاعتبار للتراث. كما أنه بإمكان المدن أن توفر أحياء جديدة مع الحرص على توفير الشروط الأساسية لنجاح مشاريع هذه الأحياء. ومن بين مبادئ هذه السياسة، سأخص بالذكر هدفين اثنين بالنظر لأهميتهما بصدد هذا الموضوع يتعلق المبدأ الأول باستدامة البرامج باعتماد حلول ناجعة وفعالة سواء بالنسبة للمستثمرين أو بالنسبة للمدينة وإطار الحياة بها بشكل عام . ويتعلق المبدأ الثاني بالتقييم والتتبع الذي يجعل من آليات التقييم وسيلة لإشراك وتكوين الفاعلين. ولبلوغ هذه الأهداف، يتعين ابتداء العمل على تحسين جودة البيئة المحلية وتطوير هندسة معمارية عصرية ومستدامة تتماشى مع الديناميات التي تشهدها المجالات. فعلى سبيل المثال يمكن اعتبار امتدادات الفضاءات الخضراء والمجالات الطبيعية عناصر مهيكلة على مستوى المشاريع خاصة حينما يتعلق الأمر بالمحافظة على هذه المساحات الخضراء وغطائها النباتي. إن التدبير المستدام للمدينة ولإطار الحياة بها يستلزم وضع منظومة تدبير بيئي من خلال توقيع ميثاق متعدد الشراكات يحدد دور كل فاعل والتدابير التنظيمية التي يتم من خلالها مراعاة إشكاليات تدبير الفضاءات الخضراء وكذا التأثيرات البيئية القائمة أو المتوقعة لهذه الفضاءات. وفي الأخير يلزم تشجيع التدابير المواكبة الهادفة إلى تغيير سلوكيات الساكنة والفاعلين من خلال تحسيسهم وتكوينهم وإشراكهم عن طريق المشاورات التي تبقى بالنسبة لنا مداخل ضرورية لضمان الانخراط والالتقائية وتعبئة الجميع لتصالح مستدام للساكنة مع فضاءات عيشها.