يعتبر فن أحواش من الأشكال الغنائية والتعبيرية المشهورة بسوس والتي ارتبطت بالجماعات البشرية وخاصة بالعالم القروي، ومن الأنماط الفرجوية الجماعية التي اقترنت بالحياة الزراعية والرعوية، ولذلك يعده الأمازيغيون بالأطلس الصغير والكبير فنا أصيلا ومحافظا على تقاليد وطقوس الناس سواء في الأغاني والرقصات أو في الزي الموحد. وقد ارتبط هذا الفن كثيرا لدى العديد من مناطق سوس بالذكور فقط، وخاصة بحاحة وإيمنتاونوت ومسكَينة وطاطا وتالوين وأولوز ومجاط وغيرها، حيث اشتهرت مجموعات رجالية في هذا الشكل الغنائي مثل مجموعة أجماع، ومجموعة عابد أوطاطا، ومجموعة إيحيا، ومجموعة أوزولين وغيرها . لكن سرعان ما اقتحمت المرأة هذا الفن في مناطق معينة مثل إسافن وإبركاك وأيت عبدالله وإدا كنظيف وأملن وتافروات... حيث كانت الفتيات العازبات يغنين هذا اللون في البوادي والدواوير، كما يقمن بالمحاورة الشعرية بالأمازيغية فيما يشبه النقائض الشعرية القديمة لدى العرب. ولمّا تراجع فن أحواش النساء بالبوادي والدواوير، برزت مجموعات نسائية بالمدينة للحفاظ على هذا الموروث، واكتسبت شهرة، مما جعل الناس يطلبونها في البوادي والدواوير، أيضا، في كل المناسبات والأفراح، ومن ثمة لم يعد فن أحواش حكرا على الرجال وحدهم، وهذا ما ظهر جليا في الملتقى الأول للثقافة والفنون بتافراوت المنظم أيام 7، 8، 9 يوليوز2012 والذي تناوبت على منصته فرق نسائية مختصة في شكل معين من فنون أحواش يدعى«أسداو». فبمدينة تافراوت وجماعة أملن ظهرت في السنوات الأخيرة أربع مجموعات نسائية مكونة من فتيات عازبات يصل عددهن إلى تسع فتيات، وهذه المجموعات هي: بنات اللوز، تيتماتين، أركَان النساء، بنات أملن. الشاش أوالوشاح هو ما يميز فرق فتيات تافروات وما يميز فن أحواش لدى مجموعات نساء تافراوت عن باقي نساء مناطق سوس، تقول الرايسة صفية إد عبدالله من فرقة تيتماتين، هو وضع «الشاش» أو الوشاح على وجوه الفتيات العازبات فوق المنصة حتى لاينكشف وجههن أمام الرجال، وذلك حفاظا على طقوس وتقاليد المنطقة، خلافا لباقي الفرق النسائية لأحواش بمناطق أخرى مثل إسافن وإبركاك وأيت عبدالله وإدا وكنظيف وغيرها. موضوعات غناء أحواش لها ارتباط بالفلاحة والرعي والزواج يؤكد إبراهيم عدلي(ضابط إيقاع لدى المجموعات النسائية لفن أحواش)، أن موضوعات أغاني أحواش لدى فتيات تافراوت تدورها عموما حول الزواج والحب و الزراعة والحصاد وموسم أوكيمن (الأكلة التي تقدم في السنة الأمازيغية)، وحول شجرة الأركَان، وموسم إديرنان(موسم السلم وصلة الرحم بين القبائل قديما الذي يمتد ثلاثة أشهرمن شهر يناير إلى شهر مارس من كل سنة). الكاميرات وآلات التصويرساهمت في انقراض فن أحواش النساء بالبوادي بمنطقة تافروات. أما سبب انقراض فن أحواش الذي تؤديه الفتيات العازبات بدواوير بوادي منطقة تافراوت، فقد أرجعه ضابط إيقاع الدف إبراهيم عدلي والرايسة صفية إد عابد، إلى تكنولوجيا التصوير من كاميرات وآلات تصويرالتي تم توظيفها في مناسبات الزواج والأعياد، حيث تلتقط من حين لآخر وجوه هذه الفتيات العازبات اللواتي ينتظرن حظهن في الزواج، مما جعل الآباء يمنعون بناتهم من المشاركة في هذا الطقس الغنائي خوفا من نشر صورهن، وبالتالي سيحول دون زواجهن. ولعل هذا التراجع الذي عرفه فن أحواش لدى النساء بالبوادي هو ما دفع مجموعة من الفتيات بالمدينة إلى تأسيس فرقة من الفتيات العازبات لأداء هذا الفن من جهة، والحفاظ عليه من الإنقراض من جهة ثانية، فكانت أول فرقة تأسست هي مجموعة بنات اللوز، التي أنتجت ألبومات في هذا اللون، وتلتها مجموعة بنات أملن، ثم مجموعة تيتماتين (تربط أفرادها قرابة عائلية) وأخيرا مجموعة بنات الأركَان. وبظهور هذه المجموعات الغنائية من فتيات مدينة تافراوت، اضطرت الدواوير ببوادي المنطقة إلى الإستعانة بها في إحياء أفراحها ومناسباتها، وهذا ما ساهم، أيضا، في انتشار أغاني هذه الفرق النسائية، كما أسلفنا. تقاليد فن أحواش لدى فتيات تافراوت انطلاقا من السهرات الثلاث التي تناوبت الفرق النسائية لفن أحواش بتافراوت عليها، يتبين أن المجموعات الغنائية تلتزم بزي موحد مكون من إيزار(أمْلْحَافْ) وبَلْغة وحلي عبارة عن خلخال وتنبالت (سوار) وخواتم وشاش(وشاح كبير يغطي وجوه فتيات المجموعة)، أثناء أداء هذا الفن، حيث يصطفن في صف وهن يرقصن ويؤدين بأصواتهن الأخاذة أشعارا أمازيغية في مختلف الموضوعات . ويرافق هذا الغناء النسوي إيقاعات مضبوطة ومنتظمة يؤديها رجال على آلات مختلفة :أهنقار، الدف، كَانكَا. وغالبا ما كان ينتهي أحواش النساء بمحاورة شعرية بين المرأة والرجل تسمى تيماواشين، إلا أن ذلك لم يحدث في سهرات الملتقى الأول للثقافة والفنون بتافراوت وخاصة لدى الفتيات عكس أحواش الرجال الذي كانت تتخلله في مقطع غنائي وإيقاعي محاورة شعرية وكلامية بين إيحيا وعابد أوطاطا وأجماع. ولكي تنضم الفتاة إلى مجموعة أسداو، لابد لها من شروط ومواصفات منها أن تتقن أولا فن رقص أحواش، وتضبط جميع إيقاعاته المعروفة، وتكون لها موهبة متميزة في حفظ الأشعار، وقدرة كبيرة على خوض المحاورات الشعرية، تقول الرايسة صفية إد عابد، قائدة مجموعة تيتامين بتافراوت. نموذج غنائي من فن أحواش فتيات تافراوت ومن نماذج غناء أحواش لدى فتيات تافروات يمكن أن نسوق بعض المقاطع التي غنتها مجموعة تيتماتين وهي كما يلي:«أفا أودْرارْ أَحْدوكَيغْ أكَما،أنيغد أيْتْما أكَدودْ إفْرَحْ أُولينو» أي «من أعلى الجبل أطلت فرأيت أخوتي قد اجتمعوا واتحدوا ففرح قلبي». وقالت أيضا:«إدا مرحبا بك دارْنْغْ سَا إرِنْ ولا سَا إسْكَاسْنْ وُكَار، نْزْدَروْنْ» أي مرحبا بكم عندنا سبعة أشهر أو سبع سنين و أكثر، فنحن قادرون على رفادتكم وإطعامكم».