كان ذلك في صبيحة يوم من أيام سنة 2005 عندما استيقظ الشيخ السلفي المصري أبو إسلام عبد الله وهو يحمل في ذهنه فكرة فريدة. حلم سيشكل هوسا له طيلة سبع سنوات: إحداث قناة تلفزيونية تشتغل فيها فقط النساء المنقبات. المنقبات فقط، بل وحتى الحجاب غير مسموح به على هذه الفضائية، إذ يتعين على العاملات في القناة ارتداء غطاء يحجب كامل الوجه، وقفازات وجوارب. كل شيء باللون الأسود. باختصار، إنها الجنة كما لم نرها من قبل. وحتى القنوات الفضائية الإسلامية، التي تعد بالعشرات، والتي تنخرط في منافسة قوية من أجل استقطاب المشاهدين لمتابعة برامجها، لم تجل بخلدها هذه الفكرة، بل ولم تتجرأ على تصورها، وهذا يوضح أن الشيخ أبو إسلام عبد الله حظي بتنوير مميز. المشكل الوحيد الذي كان مطروحا قبل خمس سنوات هو منع الظهور بالنقاب في القنوات التلفزيونية المصرية، بقرار من الرئيس الأسبق نفسه، حسني مبارك. وفي انتظار تحقيق هذا الحلم كاملا، شرع أبو إسلام في تشغيل رجال دين ملتحين يقدمون برامجهم على «قناة الأمة». لكن في إحدى صباحات شهر يناير من سنة 2011 ستبدأ الثورة، وسيتمكن السلفيون، الذين عانوا كثيرا من القبضة الحديدية للنظام السابق، من الإعلان جهارا عن قناعاتهم، وتقاليدهم في اللباس، كما عبروا عن رغبتهم في إحداث أحزاب سياسية من أجل الدفاع عن تطبيق الشريعة وإقامة دولة إسلامية. وهناك أدرك أبو إسلام أن الساعة الصفر قد حانت لتحقيق حلمه وإحداث قناة جديدة منقبة %100. وفي ظرف بضعة أشهر، عمل على تشغيل ثلاثين مقدمة تلفزيونية لا تظهر منهن سوى عيونهن. وشكل فريقا مكونا فقط من النساء يضم مديرات أقسام، صحافيات، منشطات وتقنيات. ولقد تحمست أولئك النسوة لهذا المشروع ويشتغلن على قدم وساق وعلى مدار الساعة من أجل نقل حلم أبو إسلام إلى أرض الواقع وافتتاح قناة «ماريا»، تيمنا باسم احد أزواج الرسول [عليه الصلاة والسلام] «ماريا القبطية». وسيتم تدشين القناة في أول أيام شهر رمضان القادم، وستظهر النساء المنقبات فقط على الشاشة، وحتى إن كانت إحدى الضيفات على القناة لا ترتدي النقاب، فإن وجهها لن يظهر واضحا على الشاشة. أما بخصوص البرامج، فالقناة ستتخصص في الدعوة للنقاب ومعالجة معاصي النساء. وحسب مديرة القناة، الشيخة صفاء رفاعي، فإن «هذا المشروع يواجه التميز، لان النساء اللواتي يرتدين النقاب ممنوعات من الظهور في وسائل الإعلام.» وفي الوسط التلفزيوني المصري، تجد جميع القنوات الفضائية منهمكة في إعداد برامج رمضان بباقة من المسلسلات الجديدة، لكن لا بد من الإشارة إلى أن إطلاق هذه القناة سبقه في شهر الماضي اعتقال مدير إحدى قنوات الرقص الشرقي في البلد. وترى الإعلامية المصرية منى سلمان، التي تشتغل لحساب قناة الجزيرة أن «هذا التصور قد يكون ملائما أكثر كتجربة إذاعية، وليس على التلفزيون.» غير أن الواضح أن السلفيين في مصر يراهنون على مثل هذه الخطوات من أجل الدفع قدما بمطالبهم على المستويين السياسي والقانوني في البلد. عن «لوموند»