يعتبر توفيق مجيد، معد ومقدم برنامج «باريس مباشر» على «فرانس 24»، من بين أبرز الوجوه الإعلامية في القناة الفرنسية «فرانس 24» الناطقة باللغة العربية إلى جانب إعلاميين من جنسية مغربية وآخرين من جنسيات مغاربية ومشرقية. وصل فرنسا، وهو في سن الثامنة عشرة، درس في جامعة السربون، فرنكوفوني مولع باللغة العربية، أحب الشعر بالفرنسية ونظم أولى قصائده وسنه لم يتجاوز الرابعة عشر، ونشرها في مجلة الشباب التونسية «جونيس ماغزين»، وكتب ونشر مقالات بمجلة «جون أفريك». في هذا اللقاء نحاول مع توفيق مجيد، الإعلامي من أصل تونسي، التعرف على الدوافع التي جعلت «فرانس 24» تختار الدارالبيضاء لتصوير الحلقة الأولى من سلسلة حلقات «باريس مباشر»، الذي سوف تكون الحلقة الأولى في إطار جولة لبرنامج المغاربية، والتي حضرها كل من حسن طارق، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مصطفى اللحيا عن حزب العدالة والتنمية، حسن أوريد، كاتب و باحث في العلوم السياسية، وفرح عبد المومني، ناشطة في حركة 20 فبراير. ما الذي يجعل قناة «فرانس 24 » تحل بالمغرب لتصوير حلقة من البرنامج الذي تقومون بإدارته؟ تحط قناة «فرانس 24 » الرحال بقصر المشور بالدارالبيضاء لأجل تصوير حلقة جديدة من برنامج «باريس مباشر»، التي هي أحد تجليات تصور القناة لما يعرف بإعلام القرب. لقد اختارت قناة «فرانس 24 » أن تسافر إلى المشاهد المغربي لملاقاته على أرضه لفسح المجال لمناقشة عدد من القضايا المحلية التي تهمه. وهذه الحلقة، التي يحضرها فاعلون سياسيون وجمعيون مغاربة، تندرج في إطار مقترح تقدمت به إدارة القناة من أجل بدء سلسلة من اللقاءات المغاربية سوف يتم من خلالها تصوير البرنامج في كل من المغرب، الجزائروتونس. لقد ارتأت القناة أن تساهم في النقاش الذي يعرفه المغرب خصوصا بعد التصويت على الدستور الجديد وأيضا الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أفرزت صعود حزب العدالة والتنمية وتوليه زمام تدبير الشأن العام. صحيح لا يمكننا أن نستضيف كل المساهمين في الحراك السياسي والاجتماعي من خلال استضافة فعاليات سياسية وجمعوية، بل حاولنا أن نشرك فعاليات من مختلف الأطياف لأجل فتح نقاش حول ما يعيشه المغرب اليوم. إذن ما هو الوازع الذي جعل «فرانس 24» اختيار هذا الموضوع؟ لقد تابعت القناة، كما بالتأكيد اطلعت عليه من خلال ما نقدمه من برامج، مسار التعديل الدستوري، والاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، فكان لزاما أن نطرح السؤال حول ما ينتظره المغاربة من الحكومة الجديدة بقيادة حزب العدالة والتنمية، وذلك برصد ما تم القيام به إلى حدود الآن، لنتعرف على مكامن القوة والاخفاقات و تحديد انتظارات المواطن، وأكثر تحديدا يمكن القول إن محور البرنامج ككل هو المغرب بعد تشكيل الحكومة. هل تراهنون من خلال «الدارالبيضاء مباشر» على الجمهور المغربي هنا أم على المشاهد العربي المقيم في فرنسا، أم الأمر سيكون أوسع من خلال استهداف الجمهور المغاربي؟ أعتقد أننا نستهدف شريحة أوسع من مشاهدي قناة «فرانس 24» الناطقة بالعربية، ذلك ببساطة لأنها قناة ذات طبيعة دولية، فهي قناة ليست موجة للجمهور الفرنسي، بل للجمهور العربي حيثما كان، فكما تعرفون إن القناة تشاهد في عدد من الدول العربية، بل، أيضا، ما يجعل البرنامج ذا انتشار أوسع، فذلك لأنه يبث، أيضا، على إذاعة«مونت كارلو الدولية». لقد حاولنا من خلال هذه الحلقة أن نعرف المشاهدين على حقيقة المغرب من خلال نقاش تشارك فيه فعاليات للحديث عن الواقع المغربي. إن الهدف هو أن المنطق يملي ضرورة أن تتحدث شخصيات مغربية عن ما يجري في هذا البلد دون تدخل من القناة، التي تابعت الحراك الاجتماعي والسياسي من خلال ما تطرقت إليه الصحافة المغربية، وأيضا ما راج على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال، ما قمنا به من مواكبة لما يجري وتمكين الفعاليات السياسية والجمعوية من الكلمة للإدلاء بدلولها حول ما يجري. أنتم واحدا من بين الصحافيين المنحدرين من دول أجنبية يشتغلون في مجال الاعلام بفرنسا، كيف تنظرون إلى هذا الصفة؟ صفة صحافي مهاجر أمر فيه نقاش .. لكن أؤكد لك أني أبقى صحفيا تونسيا، مهما كان، بالرغم من ثلاثين سنة من التواجد بفرنسا، فأنا لن أنسى طعم «الهريسة» ولا أنسى تونس. لو عرضت عليك زيارة «فرانس 24» فسوف ترى بأم عينك وجود صحافيين وأطر إعلامية وتقنية من حوالي 26 جنسية. على رأس قناة «فرانس 24» مدير عام فرنسي يتعامل معنا كشخص مثل كل الاشخاص في القناة، ويتميز بالتواضع. وأعتقد أن النجاح الذي حققته القناة يعود لطبيعة هذا الشخص. إن العلاقة حميمية بين أقسام«فرانس 24»، العربية الفرنسية والإنجليزية. يحدث أن تحصل اختلافات بخصوص الأفكار، وهذا، طبعا، لا يعني أنني أشعر بالغربة، فلما تتقن لغة البلد المضيف لا يمكن أن تخشى أي شيء بخصوص التعبير عن رأيك، فحرية الرأي مضمونة، والحريات الفردية مضمونة و حرية العمل أيضا. نتحدث عن سياسيين من أصول عربية أو ما يعرف بسياسيي التنوع، هل هناك حديث، أيضا، عن الصحافي المنحدر من أصول عربية أو صحافي التنوع؟ أعتقد أن قناة «فرانس 24 » هي رمز للتنوع عندما تلاحظ تعدد جنسيات الصحافيين المشتغلين في هيئات تحريرها الثلاث، وبعيدا عن المجال، نلاحظ أنه في الحكومة الجديدة لفرانسوا هولاند وجود شخصيات سياسية من أصول عربية، والأمر نفسه كان في الحكومة السابقة، ومن المغرب تحديدا نجد نجاة فالو بلقاسم وزيرة المرأة و المتحدثة باسم الحكومة، وهذه كانت رسالة قوية. أظن أن فرنسا تغيرت، ومع مرور الوقت تتطور العقلية. وهناك، أيضا، صحافة متنوعة، ويمكننا أن نلاحظ ذلك في القناة الفرنسية الثالثة وجود صحافيين من مقاطعة فرنسا ما وراء البحار، كما أن من بين مقدمي نشرات الأخبار في القناة الخاصة «بي إم إف ام»، وهناك صحافيون، أيضا، من أصول شرقية ومغاربية. إن الأمر تغير على ما كان عليه في السابق. باعتباركم تونسيا، ماهي رؤيتك للوضع الإعلامي في تونس اليوم؟ أعتقد أن ثمة من يريد اليوم أن يحمل الإعلام التونسي أكثر من طاقته. إن الجميع يعرف ما كان عليه وضع الإعلام التونسي في السابق. وأصدقك القول أن من لا يخطئ هو الذي لا يعمل. وأظن أن الإعلام في حاجة إلى المزيد من الأخطاء، لأجل بلوغ سقف معين لإرضاء المواطن، ولكن بما أننا في تونس نعيش ديمقراطية مطلبية، والمطالب تفوق حجم الإمكانيات في البلاد، إذن من الطبيعي أن توجد انتقادات للأداء الإعلامي، لكن هل الإعلام قادر على أن يصمت أمام كل هذه الانتقادات. أعتقد أنه الآن مع الاعلام الخاص والقنوات الخاصة، أن الأمور سوف تتغير، فهي في جاجة إلى وقت، لكن الأكيد أن التغيير آت، أيضا، بالنسبة للإعلام العمومي الذي تمكن صحافيوه من الاستفادة من تدريبات وتكوين. وأعتقد أن ثمة تطورا ملموسا على مستوى الأخبار. لماذا اخترتم الاشتغال في «فرانس 24»، هل هاجرتم من أجل الصحافة أم أن الدراسة كانت السبب في التحاقك بعالم الإعلام؟ الدراسة هي التي كانت السبب الرئيس في التحاقي بعالم الصحافة، لقد هاجرت من أجل متابعة دراستي في فرنسا، وبما أنني شخص مصاب بفيروس الإعلام بحثت عن مضاد حيوي للاستغناء عن الإعلام، غير أنني لم أتمكن من إيجاده، وإن كان لديك مضاد حيوي من أجل تخليصي من هذا الفيروس في المغرب فأهلا بك، فقد كان الالتحاق ب«فرانس 24»، بعد أن اشتغلت بإذاعة «مونت كارلو الدولية»، وعشت بدايات الانطلاقة، وكان البرنامج الذي قدمنا من معهد العالم العربي يوم الرابع من أبريل 2007 إذا ما أسندت إليك مهمة مدير قناة «فرانس 24 »، ماهي اقتراحاتك لإشعاع أكبر للقناة؟ أنا ليس لدي أي طموح للإدارة، فأنا أفضل أن أطل من خلال الشاشة، وأن أعطي الكلمة للجميع، وهذا هو أكبر جزاء لي، وذلك عندما أمنح الكلمة الحرة لمن يريد، وأن أوفر منبرا حرا، وهذا شرط، فهناك من يسألنا عن الخط التحريري، فبالنسبة لي الخط التحريري الوحيد الموجود هو خط السكك الحديدية، لا يوجد من يفرض علينا أي شيء في «فرانس 24» والصحفي الذي يقبل أن تفرض عليه أشياء يفقد صفة الصحفي، لأنه فقد شخصيته في النهاية، وأعتقد أن المسألة هي مسألة شخصية أولا وقبل كل شيء. هل تفضل تقديم الأخبار أم إدارة برامج النقاش؟ أنا أفضل برنامج النقاش من قبيل «باريس مباشر»، وقد سبق لي وقدمت العديد من البرامج، وغطيت كل الاستحقاقات الانتخابية الفرنسية، وأيضا الانتخابات الأمريكية، والتونسية والمغربية والمصرية والأحداث في ليبيا، ومارست الصحافة ميدانيا، والأقرب إلى قلبي برنامج «مراسلون»، وشاركت في أكثر من برنامج مع «مراسلون». عذرا عن كل هذا الكم من الأسئلة، أي من هذه الاسئلة يمكنني حذفه؟ لا سؤال يحذف، فكل الأسئلة وجيهة.