أما في المغرب وبالرجوع الى جميع القوانين التي نظمت مهنة المحاماة منذ سنة 1913 فان صيغة القسم لم تتغير من 1913 الى 1979 حيث بقي المحامون يقسمون على الشكل التالي : " أقسم بالله العظيم على أن لا أعلن ولا أنشر بصفتي مدافعا أو مستشارا ما يخالف القوانين أو الانظمة أو الاخلاق العامة أو أمن أو السلم العمومي وعلى أن لا أحيد أبدا عن الاحترام الواجب للمحاكم والسلطات العمومية". وبتاريخ 8 نونبر 1979 صدر قانون تنظم بموجبه نقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة 32 نص بالفصل 13 على اليمين التالية : "أقسم بالله العظيم أن أزاول مهام الدفاع والاستشارة بكرامة وضمير واستقلال وإنسانية وأن لا أحيد عن الاحترام الواجب للمحاكم والسلطات العمومية وقواعد مجلس الهيئة التي انتمي اليه وأن لا اقوه أو أنشر ما يخالف القوانين والانظمة والأخلاق العامة وأمن الدولة والسلم العمومي" وقد أشار بعض الباحثين33 الى أن التزام المحامي باحترام "قواعد مجلس الهيئة الذي ينتمي اليه" - وهي بدعة اتى بها قانون 1979 المشار اليه اعلاه - "لا مبرر لها وإلا فان على المحامي الذي استقال من نقابته ليسجل في نقابة أخرى أن يؤدي اليمين حتى يكون في وضعية من لا يحيد عن قواعد مجلس هيئته الجديدة" في حين أن جميع القوانين والتقاليد والأعراف لا تلزم المحامي ( ولا المحامي المتمرن) بإعادة أداء القسم اذا استقال من هيئته والتحق بهيئة أخرى. ولم يأتي الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون والصادر في 10 شتنبر 1993 بتنظيم مهنة المحاماة بأي تغييراذ نص على نفس الصيغة بالنسبة للقسم وقد اثار بعض الباحثين34 انتباه الحقوقيين والمهنيين الى الصبغة السياسية للقسم الذي يدجن شخصية المحامي ويلزمه باحترام السلطات العمومية وعدم التفوه أو نشر ما يخالف القوانين والأنظمة وأمن الدولة والسلم العمومي ويضرب كذلك في الصميم جميع المواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الانسان. فالرغبة في اسكات المحامي بواسطة القسم هي في حد ذاتها مخالفة للإعلان العالمي لحقوق الانسان 35 المصادق عليه من قبل المغرب وخرقا سافرا لحرية التعبير. ولا يجب أن يتضمن القسم في الواقع إلا على ما له ارتباط بمهنة المحاماة كالكرامة والضمير والاستقلال والنزاهة و الانسانية. وكان المحامون ينتظرون أن يتم تغيير صيغة القسم بمناسبة تعديل قانون المهنة سنة 2008 ليصبح قسما مهنيا صرفا. إلا أن القانون المؤرخ في 20 أكتوبر 2008 36 وان كان قد أضاف للقسم الحفاظ على السر المهني وبدل السلطات العمومية بالسلطات القضائية فانه ابقى على طابعه السياسي وطابعه القمعي الذي يتنافي مع ابسط مبادئ حقوق الانسان ألا وهو الحق في التعبير. وكنا سنتفهم الامر لو كان مصدر القانون المنظم لمهنة المحاماة لسنة 2008 هو السلطة التنفيذية37. إلا ان الواقع كان خلاف ذلك اذ كانت المبادرة38 من فريق برلماني يساري تقدمي39 بناء على رغبة وطلب المهنيين40. وقد حاول فريق برلماني 41 تدارك الامر أمام غرفة المستشارين و نظم بها يوما دراسيا42 حول مقترح القانون الذي تمت المصادقة عليه بالغرفة الاولى. وقامت بعد ذلك بعض الفرق البرلمانية بتقديم مقترحات لتعديل المقترح ومنها مقترح تغيير القسم بحذف كل ما يمس بحقوق الانسان وباستقلال المحامي إلا أن مجلس المستشارين وبضغوط من المهنيين كان مجبرا على المصادقة حرفيا على النسخة التي توصل بها من الغرفة الاولى. وقد ضيع المحامون في الواقع فرصة ثمينة لملائمة قانون المحاماة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان قي ما يتعلق بالقسم الذي يبقى في صيغته الحالية قسما يتنافى ليس فقط مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ولكن ايضا مع الدستور المغربي الذي ينص على أن المملكة المغربية وإدراكا منها لضرورة تقوية الدور الذي تضطلع به على الصعيد الدولي، بالتزام ما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية وتؤكد تشبتها بحقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا.43 ولابد من الاشارة الى كون القسم على شكله السابق أو الحالي يتعارض مع مبادئ الاستقلال والكرامة التي يقسم عليها المحامي أو تلك المنصوص عليها بالمادة 3 من القانون المنظم للمهنة. ولن نعيد ما قلناه عن الكرامة التي سبق أن قمنا بتحليل لها بمناسبة مؤتمر طنجة لسنة 442008 ولكن بالإمكان التركيز على أن المس بحرية التعبير ? المستنتج من القسم - هو مس بالكرامة وأن التعريف بالكرامة يكمن في كل ما لا يمكن للإنسان التخلي عنه. ومن اللازم الاشارة كذلك الى استقلال المحامي الذي هو واجب على هذا الاخير اتجاه الجميع سواء كانوا زملاء أم موكلين ام قضاة أم من باقي مساعدي القضاء أو غيرهم وأن القسم على حالته يمس بهذا الاستقلال. وكيفما كانت صيغة القسم فانه لا بد من التأكيد على أن القسم واحد بالنسبة للمترشحين للتسجيل في لائحة التمرين أو بالنسبة للمترشحين المعفين من شهادة الاهلية ومن التمرين للتقييد في الجدول. ومن تم فان المتمرن الذي انهى فترة التمرين لا يعيد أداء القسم الذي سبق له أن اداه. ويؤدى القسم أمام محكمة الاستئناف التي توجد بها هيئة المحامين "في جلسة خاصة يرأسها الرئيس الاول ويحضرها الوكيل العام وكذا نقيب الهيئة الذي يتولى تقديم المترشحين المقبولين"45 كما جرى العرف أن يحضر جلسة اليمين المحامي الممرن. وتسجل المحكمة سماعها لليمين التي اداها المحامي بمحضر غير قابل للطعن بالنقض. وقد كان اداء اليمين في السابق "شرطا لممارسة المهنة وليس شرطا لقبول تقييده في جدول المحامين"46 كما أن مقرر قبول المرشح في لائحة التمرين لم يكن يسبقه أداء اليمين القانوني في حين أن ممارسة التمرين هي التي كانت تقتضي أداء هذه اليمين.47 أما اليوم فان الامر على خلاف ذلك بالنسبة للمترشح للتمرين اذ تنص المادة 12 على انه "لا يقيد المترشح المقبول في التمرين، ولا يشرع في ممارسته، الا بعد أن يؤدي القسم ". أما المعفون من شهادة الاهلية ومن التمرين فان تاريخ أداء القسم هو الذي ينطلق فيه كذلك تقييدهم بالجدول حسب المادة 22 من القانون المنظم للمهنة. وتكون طريقة تقديم النقيب48 للمترشح على الشكل التالي " السيد الرئيس، السادة المستشارين، بناء على الفصل 12 من القانون المنظم للمهنة اتشرف بان أقدم لكم الاتية اسماؤهم ....وهم مترشحون للتسجيل في لائحة التمرين ( أو في الجدول ) قصد أداء القسم. أطلب منكم بكل تقدير قبول أدائهم القسم القانوني والأمر بتسجيل ذلك في محضر رسمي. وبعد ذلك يطلب الرئيس من كاتب الضبط أن يعمل على قراءة القسم بالصيغة المنصوص عليها في القانون المنظم للمهنة. وعند نهاية القراءة يرفع المترشح يده اليمنى ويقول أقسم بالله. والهدف من تقديم النقيب للمترشح الى المحكمة لأداء القسم هو دليل على أن مجلس الهيئة قد تدارس ملفه واجرى بحثا حوله وهو من تم ضامن له ولشواهده ولأخلاقه. (*) المحامي بهيئة الرباط