خرجت ساكنة دوار الحاج موسى ببلدية تيط مليل بإقليم مديونة، يوم الجمعة الماضي، في وقفة احتجاجية منددة بعملية قطع الماء الذي تتزود منه الساكنة من طرف أحد موظفي المكتب الوطني للماء الصالح للشرب (O.N.E.P)، حيث قامت باعتراض سيارة الموظف ومنعه من مغادرة الدوار، مرددة شعارات ضد حرمان السكان من الماء عن طريق مجموعة من السقايات، هذا الاحتجاج استنفر الأجهزة الأمنية من رجال الأمن والقوات العمومية التي رابضت غير بعيد وبجنبات الدوار، تحسباً لأي طارىء، في الوقت الذي تدخلت السلطات الاقليمية و فتحت حواراً مع الساكنة، كان من نتائجه «الإفراج» عن الموظف وإرجاع الأمور إلى نصابها مع استفادة الساكنة من الماء مجدداً. وحسب تصريحات بعض الساكنة ل «الاتحاد الاشتراكي»، فإن أسباب إقدام موظف المكتب الوطني لتوزيع الماء الصالح للشرب على هذه الخطوة هو قيام السكان بإدخال الماء الى منازلهم عبر أنابيب مع استعمال عدادات لكل مستهلك لمعرفة الكمية التي يستهلكها، بدل العداد الواحد الذي كان يستخلص ثمنه أحد المراقبين الذي يعتبر الوسيط بين المكتب الوطني والساكنة، حيث كانت عملية الاستخلاص تثير مجموعة من التساؤلات ، هذه العملية اعتبرتها بعض الجهات مريحة، بينما اعتبر الموظف في اتصال هاتفي مع الجريدة، أن العملية التي أقدمت عليها الساكنة، في إطار الربط الفردي، تعد غير قانونية، مع اعتبار أن الدوار ينتمي إلى المجال الحضري، وأن شركة ليدك هي التي لها الحق في عملية الربط الفردي، أما المكتب الوطني فمازال على الاتفاقية السابقة، باعتبار أن المكتب الوطني كان يزود الدوار حين كان تابعاً للمجال القروي بجماعة سيدي حجاج واد حصار، وأن عملية القطع جاءت على إثر مراسلة إدارة المكتب الوطني لكل من عمالة الاقليم لإخبارها بالموضوع، كما تم إخبار الحارس المكلف بحراسة واستخلاص مبلغ الاستهلاك بالموضوع، بالإضافة إلى أن إدارة المكتب الوطني وجهت شكاية في الموضوع إلى كل من وكيل جلالة الملك وعامل إقليم مديونة من أجل فتح تحقيق في الموضوع بهدف إرجاع الأمور إلى نصابها، بينما الساكنة تطالب بمساءلة من أوصل الدوار إلى هذه الحالة المزرية والمشاكل التي تتخبط فيها الساكنة، وعلى رأسها المجلس البلدي الذي يعيش هذه الأيام صراعات قوية بين الرئيس والأعضاء، كان من نتائجها إسقاط الحساب الاداري وعدم المصادقة على برمجة الفائض من الميزانية السابقة. إن أول إحساس ينتاب المرء وهو يلج أزقة هذا الدوار الذي هو عبارة عن تجمع سكني عشوائي، هو الشعور بالغبن، خاصة عند مصادفة مجموعة من الأطفال يلعبون وسط ركام من الأزبال، وكذا على ضفاف إحدى البرك المائية الكبيرة المتواجدة بجانب الدوار، والتي توجد على مساحة 2000 م مربع بأرض الرئيس السابق لجماعة سيدي حجاج، والتي تعاني منها الساكنة، نظراً لما تفرزه من روائح كريهة و انتشار الحشرات، والتي ساهمت في ظهور مجموعة من الأمراض منها الربو والحساسية، خاصة بالنسبة للأطفال والشيوخ، حسب تصريحات الساكنة للجريدة. ويمثل مشهد الأمهات وبناتهن وهن يتبضعن من بعض الدكاكين التي اقتطعها السكان من بيوتهم الآجورية لبيع المواد الغذائية، صورة أخرى للمعاناة، حيث ينتقلن بثيابهن المنزلية بين أزقة الدوار دون الحاجة إلى جلباب، مادمن في عزلة تامة عن العالم الخارجي! هؤلاء النساء عبرن عن حرمانهن من مجموعة من الأشياء التي يمكن أن تساهم في تنميتهن عبر خلق فضاءات تربوية ورياضية بالمكان، دون نسيان مجموعة من الشباب التي تتخذ من جنبات الدوار وبعض المحلات التجارية مكاناً لإفراز هموم البطالة وغياب المرافق الاجتماعية والرياضية! وما أن تتوغل داخل هذا التجمع السكني، حتى تجد أسرا تعيش في أقفاص وسط الأزبال غير بعيدة عنها حيوانات تعيش في انسجام تام لا تثير اهتمام أحد: أبقار، أغنام، حمير، كلاب، دجاج... كل شيء يدل على أن هذه الطبقة المعوزة تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة والعيش الكريم، رغم شعارات التنمية التي ترفع بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية. فهناك من يتكدس في حيز ضيق أثناء النوم، سيما مع ارتفاع الحرارة في فترة الصيف، حيث أن السقف القصديري يبعث حرارة مزعجة بالإضافة إلى مختلف الحشرات الزاحفة، زيادة على المعارك التي تخوضها القطط أثناء الليل، والتي يكون السقف مسرحاً لها. إن غياب المحاسبة وانعدام الشعور بالمواطنة ساهما في ارتفاع نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر هنا بدوار الحاج موسى، علما بأن هذا التجمع السكني التهم مبلغاً مالياً قدر ب 820 مليون سنتيم منح من طرف صندوق الحسن الثاني للتنمية من أجل إعادة هيكلته، مما يطرح سؤالا عريضاً حول جدوى صرف هذه المبالغ دون تحقيق الأهداف المتوخاة؟!