أثار إضراب عمال وموظفي النقل الحضري بفاس غضب الطلبة ومستعملي حافلات النقل الحضري، وساد التوتر في عدد من المناطق، وتطور سخط الغاضبين إلى قطع الطريق بساحة سيدي بوجيدة، احتجاجا على أزمة النقل التي استفاقوا على إيقاعها صباح يوم الثلاثاء الماضي، ونظموا هناك وقفة احتجاجية، دامت أكثر من ساعة، رفعوا من خلالها شعارات التنديد لما اعتبروه «تماطل ولا مبالاة الجهات المسؤولة في التعامل مع أزمة الطلبة والموظف مع الحافلات»، مما عطل مصالح العديد منهم ومنع التحاق الطلبة بمقر دراستهم، خصوصا وقد تزامن الإضراب مع فترة الامتحانات، كما جاء على لسان إحدى المحتجات، التي تحدثت للجريدة، مستنكرة الركوب على الأوضاع الاجتماعية لتنفيذ الإضراب، علما تقول، بأن قطاع النقل الحضري تم الحسم فيه مؤخرا باللجوء إلى نمط التدبير المفوض، الذي من المفروض، وحسب الحملة التعبوية الكبيرة التي تم القيام بها لتبرير تمرير هذا المشروع، تفيد بأن التدبير الجديد سيعالج كل القضايا التي قادت الوكالة إلى الوضعية الراهنة، بما في ذلك تحسين وضعية المستخدمين، متسائلة ما الغرض من الخرجة التي أربكت مصالح العديد من المواطنين، وفتحت المجال أمام حافلات النقل على الطريق والطاكسيات واستغلت الوضع لنقل المواطنين مقابل أثمنة لم تكن في متناول الفقراء والطلبة؟. وضع زاد من حدة التوتر، وعجل بفض الإضراب في الساعة الواحدة زوالا وفتح حوار مع المستخدمين. ومما لا شك فيه، فإن مشكل النقل الحضري بات مشكلا يؤرق المواطنين عامة والمسؤولين بصفة خاصة رغم اقتناء مجموعة من الحافلات خلال السنين الأخيرة، حيث بلغ أسطول الوكالة حاليا 157 حافلة، إلا أنه غير كاف لمواجهة التوسع العمراني والانفجار السكاني الذي تعرفه المدينة، ناهيك عن الحالة الميكانيكية لعدد من حافلات الوكالة التي أصبحت مهترئة نتيجة تقادمها، ما يؤدي إلى نقص حاد في عددها، وعادة ما تعاني ساكنة المدينة من النقص في ربط أحيائها بالنقل الحضري ويعيش المواطنون محنة بسبب الاكتظاظ وتردي خدمات الحافلات. ويبقى المواطن البسيط هو الضحية رقم واحد بهذه الأزمة، بحيث يؤدي الثمن غاليا بسبب الأوضاع التي تتخبط فيها الوكالة، التي تعاني نزيفا متواصلا يهددها بالإفلاس، ولعل تفاقم المشاكل المادية نتج عن استنزاف مواردها المالية لعدة أسباب من أهمهما: تحملها أعباء النقل بالجماعات المحلية المحيطة بفاس كأولاد الطيب وعين الشكاك وسيدي احرازم وغيرها من الخطوط غير المربحة ، بالإضافة إلى النقل السري وخرق قوانين العمل بالنسبة لأصحاب سيارات الأجرة الذين باتوا ينقلون ثلاثة أشخاص في اتجاه خط معين بما يعرف عن هؤلاء بالباش، ناهيك عن قلة المداخيل الناتجة عن رفض المواطنين المتوجهين إلى زواغة وبنسودة والشيشان لأثمان التذاكر لأسباب يعرفها الجميع بفاس، هذه المعطيات وغيرها أصبحت شبحا جاثما على كاهل الوكالة التي تعد من الوكالات النادرة في المغرب التي استطاعت أن تواجه العواصف وأن تقف صامدة من أجل أداء الخدمات الاجتماعية للطلبة والتلاميذ والمواطنين عامة، إلا أن العراقيل تحول دون أدائها لهذا الدور الاجتماعي. ولعل هذه الإكراهات التي تواجهها الوكالة تنعكس على خدماتها، وبين الحلول المقترحة في المجلس الإداري والاقتناءات الأخيرة للحافلات الجديدة، فإن المواطنين بفاس، يرون أن الحكامة الجيدة في التسيير وفتح المجال لتوظيف السائقين من بين الحلول التي يمكنها إنقاذ الوكالة من شبح التدبير المفوض.