كان نقاشا عميقا وتحليلا رصينا, ذاك الذي عرفه المجلس الجهوي الموسع للحزب بجهة دكالة عبدة .. لم يتسرب إليه الوهن الفكري ولا اعترته لحظة ضعف في استدعاء الأسئلة الحارقة التي تشد بخناق المغرب السياسي..حضر المعنى في مساءلة الذات وقراءة الراهن بدون تكلف .. محمد يوبكري قال في ذات اللقاء أن الاتحاد الاشتراكي يريد تغييرا هادئا في أفق إقامة ملكية برلمانية ..وهو اختيار فكري وسياسي مؤسس له ..فالاتحاد مع التغيير، لكن مع القوى السياسية التي لها مشروع وضابطة لما تفعل.. وعشنا حتى شاهدنا أن "الدعاء" أصبح جزءا من البرنامج السياسي ..!! فهذه الحكومة ومن صنعوها لا يفكرون في التغيير، ولا يمتلكون مفهوما للزمن، وإذا لم تتخذ إجراءات عاجلة سيكون هناك انفجار لا قدر الله ، ترسم الخرائط في جوارنا على طول الساحل المتوسطي ونحن لسنا هنا .. وكأن ما يحدث في هذا العالم العربي لا يعنينا ولن نتأثر به.. ذلك كان جزء من التحليل الذي قدمه محمد بوبكري عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي أمام مسؤولي الحزب في المجلس الجهوي الذي احتضنته الزمامرة المدينة الصاعدة. وضمن نفس القراءة التي ربطت بين الوطني والإقليمي في رصدها للمتغيرات داخل الخريطة السياسية وجغرافية التسلط العربية.. أعطى عضو المكتب السياسي نماذج لدول مثل ليبيا وسوريا والعراق ولبنان التي غرز فيها مسمار الطائفية الذي لا يبقي ولا يذر.. وهي "الوصفة" التي تلتقي مع العولمة ومصالحها .. بمعنى أن الطائفية والعولمة حليفان موضوعيان اليوم في تعطيل قدرات العالم العربي وتأبيد السيطرة على الثروات الوطنية والهيمنة على صناعة القرار السياسي هنا وهناك.. وخلفهما نوع من " الإسلام الأمريكي".. الذي لا يؤمن بالوطن.. الجاعل مثلا من القرضاوي كوجه أصولي" موظفا" في قناة الجزيرة، والجزيرة "براسها" موظفة عند الغرب.. وهكذا يتحول الأصولي الذي لا يؤمن بالوطن والدولة الوطنية إلى حليف موضوعي لمصالح هذا الغرب، ينفذ به كل الأجندات المتوالية والمفكر فيها.. وهذا ما كان ليحدث.. يواصل بوبكري .. لوعندنا ديمقراطية وتحديث حقيقي لبنيات الدولة والمجتمع.. وضمن السياق ذاته.. استعاد عضو القيادة السياسية مع المناضلين ما طرأ عندنا في المغرب وما يحدث الآن داخل الحياة السياسية.. حيث تم الإقدام على إخراج خريطة مرتبة على مقاس أسئلة المرحلة التي تريد " حكومات ملتحية" على امتداد الشمال الإفريقي .. اليوم هل يمكن أن يفي هؤلاء الناس الذين يتحدثون عن التغيير بما حبروه في أوراقهم الانتخابية.. ؟.. وكيف سيتأتى لهم الإجابة عن أسئلة اقتصادية واجتماعية محضة وجد معقدة .. ماهو الحل إذن.. هل في الخصخصة وبيع مؤسسات القطاع العام ..؟.. المغرب اقتصاد صغير تابع لمنطقة مالية تعرف ارتجاجات متلاحقة .. وإذا تأملنا في ملامح هذه الوضعية الاقتصادية التي تؤطر وستؤطر قراراتنا الإستراتيجية فيما يرتبط بالسيادة المالية .. سنجد أنفسنا في وضع صعب .. الأزمة في أوروبا .. تناقص موارد السياحة وضعفها، تضاؤل التحويلات المالية للمهاجرين ، ارتفاع فاتورة النفط ، وحاجة المغرب إلى القمح أمام سنوات جفاف توقعها صندوق النقد الدولي في الجغرافيا التي نتواجد فيها.. وبالعلاقة ارتفاع نفقات صندوق المقاصة .. وأوتوماتيكيا انخفاض احتياطي العملة وعجز في أداء الميزان التجاري .. مديونية المغرب ستصل في 2015 إلى 600 مليار درهم .. إذن أفتونا رحمكم الله .. يعلق بوبكري .. في كيفية الخروج أو إخراج اقتصاد تابع ومترنح وسط اقتصاديات قوية أثرت فيها الأزمة المالية العالمية..ماذا ستفعل الحكومة الحالية التي بشرت في برنامجها.. هذا إذا كان لها برنامج..أنها ستوصل نسبة النمو إلى 7 في المئة..!.. مع العلم، أن صندوق النقد الدولي وبنك المغرب توقع انخفاض نسبة النمو إلى 2.5 ونسبة التضخم ستمثل هي الأخرى 2.5 .. وهذه معطيات ليست من عندياتنا ، فهي صادرة من مؤسسات متخصصة.. وما يزيد الأمر قتامة.. هو أن القانون المالي الموضوع يبدو مجرد تمرير محاسبي يفتقر لرؤية اجتماعية واقتصادية.. كما يظهر أن واضعيه لا علاقة لهم بالمغرب.. وهذا الأمر لن يكون غريبا .. صناع هذه الخريطة المالية رأيناهم كيف حولوا البرلمان إلى آلة للتصويت وأغلبية ميكانيكية لا تهتم للديمقراطية ولا يوجد في أجندتها شيء اسمه ثقافة الاختلاف.. الأصولي تاريخيا يعتبر الديمقراطية بدعة ولا يؤمن بالوطن.. وعندما يعطل البرلمان وظائفه التي وجد من أجلها.. يتحول إلى أداة من أدوات السلطة.. ويظهر ضعفه .. يتابع بوبكري .. والمؤسسات الضعيفة وسط مجتمع ضعيف لم يسمح بتحديثه .. وتقوم داخله السلطة بهدم الحقل الحزبي وعرقلة تطوير ودمقرطة الحياة السياسية .. يؤدي ذلك إلى الاستبداد.. والاستبداد يؤدي إلى الفساد بالضرورة.. ومن أراد أن يسيطر على كل شيء لن يسيطر على أي شيء في نهاية المطاف. فاطمة بلمودن القيادية الاتحادية, اختارت الحديث في الورقة التنظيمية ، مستعيدة مع مناضلي الجهة .. الوضعية التي تعيشها الأداة الداخلية .. مسترجعة كلام الكاتب الأول ، هكذا قالت بلمودن إن الحزب لا يمكن أن يشتغل بجهات تنظيمية معطلة .. والسبب رغبات ذاتية وأجندات خاصة ومخططات ومشاريع فردية.. يجب أن نتخطى هذه المآزق الداخلية.. والانتقال من ثقافة التعطيل والانتظارية وثقافة الزبونية والمحسوبية .. فالذهاب إلى المؤتمر يقتضي تحضيرا جيدا بمنهجية وإستراتيجية أخرى.. ولن يسمح الحزب بممارسات كانت سببا في إضعاف الآلة التنظيمية.. وأثر كل ذلك على الأداء السياسي. نور الدين الشرقاوي الكاتب الجهوي للحزب في كلمة له .. أشار إلى ضرورة لم الصفوف وتجاوز الخلافات والاستعداد للقادم من الاستحقاقات.. فالوطن يحتاج الاتحاد الاشتراكي في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخنا، مضيفا بضرورة التسريع في إخراج قانون الجهوية الذي يجب أن يعكس مضامين الدستور في هذا الموضوع.. مدينا ومثيرا موضوع التعذيب والشطط في استعمال السلطة الذي عرفته آسفي .. المناضلون والمسؤولون الاتحاديون في الأجهزة الإقليمية والجهوية ناقشوا بإمعان كل القضايا المطروحة داخليا ..جهويا ووطنيا .. وأصدر المجلس الجهوي بيانا سياسيا ننشره في أعدادنا القادمة.