دعا عبد السلام بودرار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى بناء تحالف وطني واسع للنزاهة الوطنية عبر تقوية جسور الشراكة بين الجهات المتدخلة في مجال مكافحة الفساد بما يضمن تكامل الأدوار بين الأعمدة الأساسية لمنظومة النزاهة التي تشكل جميعها حلقات مترابطة يكمل كل منها الآخر . رغم ما يتميز به الإطار المؤسساتي الذي يعتمده المغرب لمكافحة الفساد من شمولية وتكامل ووضوح على مستوى توزيع الأدوار والاختصاصات ، إلا أن الممارسة أبانت عن عدة إكراهات و نواقص تعترض مختلف مكوناته و تحد من نجاعته و فعاليته كركيزة أساسية لسياسة محاربة الفساد . ذلك ما أكد عليه عبد السلام بودرار رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة ، في عرضه أمام المشاركين في ورشة « آلية التقييم الذاتي ودور البرلمانيين في مكافحة الفساد « التي انطلقت أشغالها صباح الخميس 3 ماي 2012 بمراكش . و أضاف أن البرلمان بغرفتيه يتوفر مبدئيا على عدة آليات دستورية وقانونية للمراقبة السياسية على عمل الحكومة ، بالرغم من أن الممارسة تظهر مجموعة من الصعوبات التي تحد من فعالية مزاولة هذه المهمة . حيث أن مراقبة البرلمان لتنفيذ الميزانية عبر مناقشة قانون التصفية والمصادقة عليه ، هي التي تطرح إشكالية حقيقية تتجلى في التأخر الكبير المسجل على مستوى إيداع هذا القانون بالنسبة للأجل المحدد في سنتين على أبعد تقدير ، الشيء الذي لا يتلاءم مع المواصفات الدولية التي تحدد أجل إعطاء الحساب في ستة أشهر . و لاحظ بودرار أن لجان تقصي الحقيقة التي تشكل آلية مهمة تسمح مبدئيا للبرلمان بالوقوف على بعض الإخلالات أو التجاوزات على مستوى التدبير العمومي ، لم تعرف مع ذلك سوى محاولات معدودة ، لا زالت في حاجة إلى التطوير في الممارسة والجرأة في الاستعمال والإقدام على نشر تقارير أشغال هذه اللجان . أما بالنسبة لهيئات المراقبة المالية والإدارية ، فإن المغرب ينبه رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة يتوفر على منظومة قانونية جيدة في مجملها ، لكنها تحتاج إلى تنسيق أفضل يستهدف بالأخص المراقبة الداخلية التي تحتاج مكوناتها إلى إعادة التحديد . كما أشار إلى ضعف فعالية قسم التدقيق والتفتيش لدى الخزينة العامة والدور المحدود للمفتشيات العامة لدى الوزارات ، الناتج عن غياب نص قانوني شامل يحدد اختصاصاتها ، بالإضافة إلى تقادم الإطار التشريعي للمفتشية العامة للمالية ، علما أن تقارير أشغال هذه الهيئات لا تعرف طريقها على النشر . يُضاف إلى ذلك أن فعالية المحاكم المالية رغم الآليات المهمة التي تتوفر عليها في مجال المراقبة ، لم تتجاوز بعض العقبات التي تتجلى على الخصوص في ضعف الموارد البشرية ، وعدد الحسابات المدلى بها و ضآلة القرارات المبلغة ومحدودية المتابعات الجنائية التي تمت على أساس الفصل 11 من مدونة المحاكم المالية ، والتي لا ترقى إلى مستوى المخالفات المرصودة ، مع العلم أن تقاريرها السنوية المنشورة تشكل قوة ضغط مكنت في تقدير بودرار من إعطاء فكرة تقريبية عن حجم الاختلالات المرصودة على مستوى التدبير الإداري و المالي . و يخلص رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى أن هناك غيابا واضحا للتكامل ، وتنسيق جهود الأجهزة الرقابية المختلفة ، حيث تعمل أجهزة التفتيش و الرقابة المالية بمعزل عن الأجهزة الرقابية الأخرى ، كما لاحظ ضعف العلاقات المؤسسة بين جميع هذه الأجهزة المتجلي في قصور تعاونها وتبادلها للخبرات والمعلومات ، الشيء الذي يحد من فاعلية جهودها جميعا في كبح جماح الفساد والسيطرة عليه . . بل إن ضعف التعاون يطال مختلف أجهزة التقصي و البحث و التحري و أجهزة النيابة العامة و التحقيق و أجهزة مكافحة الفساد . و ألح عبد السلام بودرار في عرضه أمام المشاركين في ورشة آلية التقييم الذاتي و دور البرلمانيين في مكافحة الفساد « على ضرورة إطلاق إحالة التجاوزات المرصودة على القضاء بالاعتماد على نتائج اشغال أجهزة المراقبة و التدقيق و الشكايات المتلقاة و تقارير المحاكم المالية . و دعا إلى بناء تحالف وطني واسع للنزاهة الوطنية عبر تقوية جسور الشراكة بين الجهات المتدخلة في مجال مكافحة الفساد بما يضمن تكامل الأدوار بين الأعمدة الأساسية لمنظومة النزاهة التي تشكل جميعها حلقات مترابطة يكمل كل منها الآخر .