قالت الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة إنها تقدمت للسلطات العمومية باقتراحات وتوصيات عملية، "إلا أن هذه الاقتراحات لم تعرف بعد في أغلبها طريقها لتنفيذ حازم". جاء ذلك في كلمة ألقها عبد السلام بو درار، رئيس الهيئة، في الدورة العادية للجمع العام للهيئة الخميس 24 فبراير 2011. كما أشار بودرار إلى أن الهيئة "أنجزت التشخيص الأولي الذي أبان عن تفشي ظاهرة الفساد على أكثر من صعيد في بلادنا، وقامت بتقييم الإجراءات المتخذة لمكافحتها، حيث أماطت اللثام عن ضعف آثار وفعالية هذه الإجراءات، وكشفت العديد من الثغرات القانونية والمؤسساتية في هذا المجال"، وقدمت توصيات لم تعرف بعد الطريق إلى التنفيذ. وجدد بو درار استعداد الهيئة على إعداد وتفعيل "جيل جديد من الإصلاحات" التي يعتزم المغرب الدخول فيها، قائلا إن الهيئة سيصوغ مشروعا في شكل أرضية منقحة يتجلى هدفها الأسمى في إذكاء دينامية جديدة على سياسة الوقاية من الفساد ومكافحته، وتتضمن على وجه الخصوص مقتضيات. ويهم هذا المشروع بحسب بودرار: * وضع آليات تترجم التوجهات العامة الاستراتيجية إلى التزامات وطنية لجميع فعاليات المجتمع، * ضمان البعد الاستراتيجي لمكافحة الفساد، * تطويق وتجريم جميع أشكال الفساد، * تعزيز الأثر الردعي لنظام العقوبات، * التصدي للإفلات من المتابعة والعقاب، * نهج مقاربة قطاعية وتشاركية لتمرير وتسريع تفعيل الإصلاحات المتعلقة بترسيخ قيم النزاهة والشفافية والمساءلة في تدبير الشأن العام وتخليق المعاملات الاقتصادية. كما يرتكز هذا المشروع، وفقا لبودرار، على خمسة محاور أعرضها عليكم بإيجاز على النحو التالي: أولا: استصدار ميثاق وطني للنزاهة ومكافحة الفساد تلتزم بمقتضياته وتنخرط في تفعيل أهدافه جميعُ الإدارات والهيئات والفعاليات ومكونات المجتمع المدني والسياسي، ثانيا: تصحيح البعد الاستراتيجي لسياسة مكافحة الفساد من أجل ضمان التفعيل الأمثل للأهداف والعمليات المبرمجة، وذلك باعتماد المواصفات الأساسية للتخطيط التي تهم على الخصوص، تحديد الجدولة الزمنية للإنجاز، وإرساء آليات التنسيق والتتبع والتقييم ومراقبة الإنجاز، والتواصل حول المشاريع المعتمدة، وإعداد برامج عمل قطاعية وجهوية منبثقة من التوجهات العامة، ثالثا: الشروع في استكمال الآليات الزجرية عبر توسيع دائرة التجريم وأطراف الفساد، وتوفير الحماية القانونية للضحايا والشهود والخبراء والمبلغين، ومراجعة نظام العقوبات المطبق على أفعال الفساد، رابعا: تدعيم الآليات المؤسساتية المعنية وإحكام التنسيق فيما بينها، لتمكينها من الاضطلاع بمهامها "بالإرادة الحازمة والصرامة المطلوبة في تطبيق القانون، مراقبة ومساءلة ومحاسبة وعقوبات زجرية"1، ويمر ذلك عبر: - الرفع من فعالية المراقبة السياسية بتعزيز قدرة البرلمان على توظيف الأدوات الرقابية المتاحة له، - إعادة تحديد اختصاصات هيئات المراقبة المالية والإدارية وتحسين مستوى التنسيق بينها، - تعزيز دور المحاكم المالية ودينامية مراقبتها، 1 - الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية ليوم 10 اكتوبر 2008 - تقوية التنسيق والتعاون بين جميع هيئات المراقبة والمساءلة والتتبع عن طريق وضع جسور الشراكة لضمان تكامل الأدوار بين المراقبة والتفتيش والمتابعة وإنفاذ القانون، - مراجعة الإطار القانوني للهيئة المركزية للارتقاء بها إلى المستوى الذي يؤهلها للمساهمة في المجهود الوطني للمكافحة، كسلطة معنوية وقوة اقتراحية فاعلة تتحلى بما يلزم من "حزم وإقدام وغيرة على الصالح العام"2. خامسا: تضمين مشروع إصلاح العدالة لمقترحات عملية من شأنها تحصين الجهاز القضائي من الفساد وتعزيز دوره في مكافحته بالتركيز على: * تدعيم استقلال القضاء، * تعزيز النزاهة من خلال توفير قواعد إلزامية لتجنب تضارب المصالح وتخليق المهن المساعدة للقضاء، * تدعيم شفافية العمل القضائي، * الرفع من كفاءة الجهاز القضائي وضمان فعاليته، * اعتماد قضاء متخصص في مجال مكافحة الفساد، * تفعيل دور المحكمة العليا لمحاكمة الوزراء. سادسا: تدعيم وتفعيل المقاربة القطاعية والتشاركية من خلال إعطاء توجيهات على أعلى مستوى لمختلف الفاعلين للانخراط الفعلي في تنمية آليات التعاون والشراكة مع الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، من أجل تفعيل الإصلاحات الجوهرية الرامية إلى: - تعزيز شفافية الحياة السياسية وتخليق الشأن الحزبي، - ترسيخ قيم النزاهة والشفافية والمساءلة في تدبير المالية العامة والصفقات العمومية والتدبير المفوض للمرافق العامة، 2- الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية ليوم 10 اكتوبر 2008 - النهوض بالحكامة الجيدة بالقطاع العام عبر: * اعتماد نظام شفاف وموضوعي للتوظيف والترقية والأجور والتكوين والإحالة على التقاعد، * تقنين الحق في الولوج للمعلومات ومراجعة وتبسيط المساطر الإدارية، * استصدار مقتضيات تشريعية تضمن الحماية القانونية للضحايا والشهود والخبراء والمبلغين، لتيسير القيام بإبلاغ السلطات المعنية عن أفعال الفساد، * استصدار مقتضيات تشريعية جديدة لتوضيح منع الجمع بين الوظائف وتدعيم منع تضارب المصالح، ومراجعة قوانين التصريح بالممتلكات بهدف ضمان فعاليتها. * ترسيخ الحكامة الجيدة بالقطاع الخاص عبر النهوض بالمسؤولية الاجتماعية للمقاولات، وتعزيز معايير المحاسبة والتدقيق وحث مختلف القطاعات الاقتصادية على إبرام مواثيق للنزاهة لمنع تضارب المصالح والالتزام باحترام قواعد المنافسة الشريفة. --- تعليق الصورة: عبدالسلام بودار