كشف محمد نجيب بوليف، برلماني وأستاذ جامعي، أن النيابة العامة التي يمارسها الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى للحسابات في سنة 2008 قامت بإيداع مستنتجاتها في جميع التقارير التي توصلت بها، والبالغ عددها 311 تقريرا تتعلق ب731 حسابا منها 386 يخص الجماعات المحلية. وأكد في بوليف، في اليوم الدراسي الذي نظمه برلمانيون مغاربة ضد الفساد بالبرلمان أول أمس، أن الغرف المختصة بالمجلس أحالت خلال السنة نفسها 8 قضايا على غرفة التأديب المالي، وأكد أن النيابة العامة تابعت 6 قضايا من خلال مرتكبي أفعال مخالفة للقوانين والأنظمة. تتعلق بتنفيذ النفقات والإيرادات وطرق تدبير الممتلكات العمومية، وكذا تقديم منافع أو امتيازات غير قانونية للغير أحدثت ضررا بالأجهزة المعنية أو بخزينة الدولة. وأضاف بوليف أن النيابة العامة أعدت 23 مستنتجا بشأن 27 تقريرا بعد أن قررت، على إثر التحقيقات التي أجرتها في الموضوع، حفظ أربعة ملفات لغياب السند القانوني أو المادي الذي يبرر المتابعة أمام غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. وقال بوليف إن القضايا ذات الطابع الجنائي، وعددها ستة ملفات، أحالها الوكيل العام للملك لدى المجلس على وزير العدل عبد الواحد الراضي حينها، تتعلق بأفعال اكتشفها قضاة المحاكم المالية من شأنها أن تستوجب عقوبات جنائية. وأكد بوليف أن المجلس الأعلى للحسابات مارس مهمة قضائية ثانية تهدف إلى معاقبة كل مسؤول أو موظف أو عون بأحد الأجهزة الخاضعة لرقابته في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، وأكد أن حصيلة عمل غرفة التأديب هاته بلغ عدد القضايا الرائجة فيها خلال سنة 2008 نحو 59 قضية، يتابع في إطارها 260 شخصا، وقد أصدر المجلس بشأنها 44 قرارا، إذ أصبح عدد القضايا الرائجة أمامه ما مجموعه 56 قضية، يتابع بشأنها 216 شخصا. أما الأفعال التي ترتب عنها إصدار المجلس لقرارات بالغرامة، خلال نفس السنة، فتتعلق بعدم احترام قواعد المنافسة والمساواة في ولوج الطلبيات العمومية عند الالتزام بصرف الاعتمادات المفتوحة في الميزانية. وكذا اللجوء إلى إبرام صفقات وإصدار سندات طلب صورية، من أجل تسوية ديون سابقة ترتبت عن التزود بمواد وإنجاز خدمات أو أشغال لم تكن موضوع أي التزام مسبق. كما تم تسجيل أداء نفقات بواسطة سندات الطلب دون أن يقوم المستفيد منها بأي عمل لفائدة الجهاز العمومي المعني. ومنها أيضا الإشهاد غير الصحيح على إنجاز الخدمة. من جهته قال محمد الأعرج، برلماني ونائب رئيس برلمانيون مغاربة ضد الفساد، إن المساءلة المالية تكتسي أهمية قصوى بالنسبة لتدبير الشأن العام وتحديث إدارة الدولة. وأضاف أن سيادة السفافية المالية على مستوى تدبير الأموال العامة ترتبط بشفافية المؤسسات باعتبارها المسؤولة عن تدبير الشأن العام، واعتبر الأعرج أن الانتقال الديمقراطي هو في الواقع انتقال إلى شفافية المؤسسات، ومن ثم شفافية المساءلة المالية وشفافية تدبير الأموال العامة، وبالتالي شفافية تدبير الشأن العام. وأضاف الأعرج أن المجلس الأعلى للحسابات مدعو أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط إلى نشر التقارير، ولكن أيضا إلى توفير الضمانات المؤدية إلى حماية المال العام من التبذير والارتقاء به إلى مواصفات الترشيد والفعالية والشفافية. وتوقف عبد السلام بودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، عند الإطار المؤسساتي لمكافحة الفساد، وأكد أن المغرب عمل بالموازاة مع تطوير الترسانة القانونية على تعزيز الإطار المؤسساتي لمكافحة الفساد من خلال إحداث عدة مؤسسات تختلف وتتكامل مهامها وآليات عملها، وتتكون من هيئات قضائية وهيئات للمراقبة والتدقيق والوساطة والتنسيق والتتبع والتقييم. وأضاف أنه على الرغم مما يتميز به هذا الإطار المؤسساتي من شمولية وتكامل ووضوح على مستوى توزيع الأدوار والاختصاصات، فقد أبانت الممارسة عن عدة إكراهات ونواقص تعترض مختلف مكوناته وتحد من نجاعته وفعاليته كركيزة أساسية لسياسة محاربة الفساد. وأكد بودرار أن البرلمان مطالب بتعزيز دوره التشريعي والرقابي من أجل ضمان الانخراط الفعلي لممثلي الأمة في مكافحة الفساد بإيلاء أهمية خاصة على المستوى التشريعي لمواءمة التشريعات الوطنية مع مقتضيات الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد. وشدد على ضرورة أن تعمل كل الجهات الموكولة لها الرقابة مجتمعة على بناء تحالف وطني واسع للنزاهة الوطنية ولمناهضة الفساد على جميع مستوياته.