يعرف المغرب انتقالا وبائيا جديدا ، بحيث أصبحت الأمراض المزمنة تشكل ثقلا كبيرا على المنظومة الصحية، بالنظر إلى الانتقال الديمغرافي الذي تعرفه بلادنا، والناتج خاصة عن ارتفاع المعدل العمري للسكان وتغيير أنماط العيش وعادات التغذية، بحيث بينت نتائج المسح الوطني حول السكان والصحة الأسرية لسنة 2011، أن 18.2 في المائة من السكان يعانون من مرض مزمن على الأقل، فضلا عن التزايد المضطرد للحالات الجديدة لمرضى داء السرطان والعوز الكلوي. ويتميز المشهد الوبائي بالمغرب بوجود ثلاث فئات من الإصابات ذات الأعباء الثقيلة على المراضة والوفيات، وهي الأمراض السارية الخاصة بالأمومة والرضع حديثي الولادة التي تشكل 33.4 في المائة من مجموع عبء المراضة، والأمراض غير السارية وتشكل 55.8 في المائة من مجموع عبء المراضة، ثم الاصابات المتعمدة وغير المتعمدة التي تمثل 10 في المائة من عبء المراضة الاجمالي. وجدير بالذكر ان نسبة انتشار الأمراض التعفنية والأمراض الناجمة عن سوء التغذية هي في تراجع بشكل تدريجي، إلا أن انتشار الأمراض غير السارية كأمراض القلب والشرايين، وداء السكري، ومرض العوز الكلوي المزمن النهائي، وداء السرطان، والأمراض النفسية والعقلية تعرف ارتفاعا ملحوظا. وأظهرت نتائج المسح الوطني حول السكان والصحة الأسرية لسنة 2011 ان ما يقارب 3.3 في المائة من المغاربة يعانون من مرض السكري، وأن ما يقارب 5.4 في المائة يعانون من الضغط الدموي. ومن أهم العوامل الأساسية التي تساهم في هذه التغييرات، التنمية الاجتماعية والاقتصادية السريعة المصاحبة للتغيرات الخاصة بنمط العيش، ومن أهم ملامح هذا التحول، الإقبال المتزايد على تبني النظام الغربي للتغذية بالإضافة إلى انتشار التعاطي للتدخين. من جهة أخرى فإنه وعلى الرغم من التحكم في بعض الأوبئة بشكل نسبي، فإن بعض الأمراض المعدية كداء السل، والتهاب السحايا، والأمراض المنقولة عن طريق الماء، والأمراض المنقولة جنسيا، لاتزال تشكل عبئا صحيا نظرا للظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، والأمية والتحولات المجتمعية العميقة، وتغير سلوكيات الأفراد والجماعات، ونقص البنيات التحتية الأساسية، خاصة في المجال القروي، واتساع المدن، وعدم الاهتمام بالمجال البيئي، واتساع هوامش المدن التي أصبحت تشكل أحزمة مخيفة، يضيف تقرير لوزارة الصحة في هذا الباب. وبخصوص الأمراض المستجدة التي تعاود الظهور، فإن مجموعة من هذه الأمراض قد تم القضاء عليها خلال السنوات الأخيرة، بحسب تقرير لوزارة الصحة، وأخرى توجد في طريق الانقراض ببلادنا من بينها : البلهارزيا، حمى المستنقعات، الرماد الحبيبي، الجذام، الشلل، الدفتري والكزاز المولدي، إلى جانب هذه الأمراض هناك أمراض وبائية أخرى ومستجدة تطرح مشاكل صحية مستعجلة، وقد تفرض هذه الأمراض ذات البعد الدولي، يقظة عالية مع وضع إجراءات المراقبة والوقاية المستمرتين، وذلك للحيلولة دون دخولها أو ظهورها مرة أخرى في بلادنا.