هي قصة منحرف صغير أصيب بهوس التطرف والعنف، حكاية طفل من أطفال الضواحي، تحول إلى العدو رقم 1 في فرنسا بعدما قتل، بدم بارد، سبعة أشخاص من بينهم ثلاثة أطفال في تولوز ومانتوبان، محمد مراح 23 سنة، فرنسي من أصل جزائري، شاب ذو العينين اللامعتين والابتسامة العريضة التي لا تفارق وجهه. الشاب الذي يحب اللباس والاكسسوارات الثمينة... هو أيضا ذلك الشاب غير الناضج ، العاطل عن العمل، القادر على قضاء عدة ساعات يشاهد أشرطة فيديو عنيفة. قيل بأن محمد مراح كان قوي البنية »يحمل« وشماً أسفل خده الأيسر«, بأن نظرته »الباردة« كانت من نظرات من »لايمكن نسيانهم«؟ يجب دائماً الحذر من الشهود. محمد مراح، حسب شهادة المحامي كريستيان إيتلان، كان ذا جمال أخاذ, »شعره أشقر, غالباً ما يغطيه بقبعات صوفية جميلة، وصوته الهادىء يجعل منه »وجها ملائكياً... يجب الحذر دائما من المحامين. الرجل الذي قتل/ اغتال، في أقل من أسبوعين بعدة رصاصات في الظهر ثلاثة جنود مظليين من الفرقة 17 في مونتوبان، وأيضاً ثلاثة أطفال صغار وأب أسرة كانوا ينتظرون الحافلة أمام مدرسة يهودية في تولوز, لم يكن لا هذا ولا ذاك. محمد، صاحب العينين الضاحكتين والابتسامة العريضة كان طفلا مدللا يحب اللباس والساعات الراقية والرياضة. هو أيضاً ذلك الشاب غير الناضج، العاطل، القادر على قضاء ساعات أمام أشرطة فيديو عنيفة (مشاهد الذبح) حسب المدعي العام الباريسي فرانسوا مولان المكلف بالتحقيق، معجب فيما يبدو، بشخصية »تيرميناتور«, القاتل الذي له عين كالكاميرا. هذا الولد الذي صرح بأنه غير نادم على شيء »سوى أنه لم يحصد مزيداً من الضحايا«. محمد مراح ولد في تولوز في منتصف سنوات عهد ميتران يوم 10 أكتوبر 1988، من أبوين قادمين من الجزائر إلى فرنسا. والدته زليخة. أ، ربت تقريبا لوحدها 5 أطفال، ثلاثة أولاد وبنتين. هذا الولد لاعب كرة القدم في أحياء شمال المدينة الوردية، كان من الممكن أن يكون من جيل المهاجرين الذين صنعوا نهاية كأس العالم. كان من الممكن أن يبقى حرفياً في هياكل السيارات مثلما كان يأمل أساتذته في التكوين المهني, كان يمكن أن يصبح مروج مخدرات أيضاً، ربما زعيم عصابة. لقد واصل ظاهرياً مشوار شرير صغير في الحي، على الأقل هذا ما كان يعتقد حتى شهر مارس الرهيب هذا. في مسار كلاسيكي لمنحرف عادي، غالباً ما يكون الآباء منفصلين. الأب يختفي، محمد مراح كان مراهقاً عندما غادرت العائلة بيل فونتين, الحي الذي شهد طفولته، لتستقر في شقة بحي إيزارد بالضاحية القريبة من مركز المدينة. بين إخوته كان محمد يحتل مكان من لا نتوقف عنده كثيراً، هو الرابع من بين خمسة، أخ أصغر وراء أخوين أكبر منه، محصور بين أختين. لم يكن سنه يتجاوز 14 سنة، عندما فر من بيت العائلة لأول مرة. في إحدى ليالي يناير 2005 واجه إحدى مربيات مركز إيواء ميركادي، وجه لكمة إلى عينها. كان أول رد فعله هو الهرب والاحتماء في منزل أخته الكبرى، المرأة التي تلعب دور الوالدين في مثل هذه الحالات وتترك باب منزلها مفتوحاً. في بيل فونتين لم يكن الطفل محمد يثير مشاكل. لكن في حي إيرارد الذي انتقلت إليه العائلة بعد انفصال الوالدين, بدأ يخلق المشاكل. كانت 15 دقيقة كافية بالميترو للوصول من الكابيتول إلى هذا الحي، لكن سكان تولوز لا يغامرون بركوب الميترو ليلا. سمعة سيئة، هناك الكثير من المنحرفين وتجار الممنوعات. الكثير من أصدقاء محمد مراح يتاجرون في المخدرات. لم يكن هو كذلك، لكن ذلك لم يمنعه من الدخول في عدة مواجهات مع وحدة مكافحة الجريمة، وجمع الاستدعاءات لدى القاضي. سبعة استدعاءات حسب المحامين ما بين سن 16 سنة و 23 سنة. »ليس الأمر مقلقاً في مثل هذه المرحلة، أخطر فترة بالنسبة لشباب هذه الأحياء، حسب المحامية التي دافعت عنه خمس مرات أمام قاضي الأطفال. رشق حافلة بلدية بالحجارة سنة 2004 كلفته »عتابا« فقط، سرقة هاتف نقال سنة 2006، سرقة دراجة نارية، السب، السياقة بدون رخصة مخالفة كلفته المثول أمام محكمة تولوز قبل ثلاثة أسابيع، وكان مدعوا للمثول أمام قاضي تطبيق العقوبات في أبريل المقبل: إجراء كلاسيكي عموما، باستثناء أن العقوبات تتجمع وأنه بعد سن 18 سنة تتحول أشهر السجن موقوفة التنفيذ إلى أحكام سجنية نافذة. عند الخروج من السجن غالبا ما لا يجد المعني بالضرورة الحياة المهنية التي كان يعيشها قبل دخوله السجن، في تلك الفترة تشير صحيفة «لاديبيش دوميدي»، حسب أحد الخبراء القانونيين, أن لدى مراح «»استعدادا لا اجتماعيا» في غياب تكوين مكتمل، وينصح »بمتابعة بسيكولوجية عند الإفراج عنه. مولع بالميكانيك، وجد محمد مراح متعة حقيقية في تفكيك أجنحة سيارة، وعشية بلوغه 16 سنة، يوم 21 شتنبر 2006، هو الذي لم يكن لامعا في المدرسة، حصل على وظيفة متدرب لدى محل لإصلاح هياكل السيارات في تولوز، الشاب تلاعب دائما بمحركات السيارات، يسوق بدون رخصة، كان يعشق السيارات الضخمة والسباقات العشوائية مع »أصدقاء الحي« الذين كانوا يصورون مغامراتهم ويتبادلونها فيما بينهم عبر الأنترنيت. الحرفة اعجبته، ومعلمه أيضا هذا الأخير كان يعطف عليه ويتكفل به في قضايا تخفيف عقوباته. حتى وقع حادث سرقة حقيبة يدوية في بهو إحدى الوكالات البنكية الذي كلفه السجن لمدة 18 شهرا نافذا في سجن سايس، من دجنبر 2007 الى شتنبر 2009 وهي الفترة التي شهدت تحوله النهائي. هل تذمرمشغله في ورشة المطالة من غيابات مراح المتكررة؟ يتذكر محاميه كريستيان ايثلان قائلا: »عندما شرحت له خلال زيارات السجن بأن مشغله ومركز التكوين يجدان صعوبات لإرجاعه الى العمل, كنت أحس بغضب شديد بداخله« فجأة، أصبح لدى محمد مراح ذلك الإعتزاز الكبير بدخول حياة الرجولة والرشد، ذات يوم، عندما حدد له القاضي موعدا. أخذ بنفسه قلما ليكتب اعتذارا. الرسالة كانت متردية من ناحية النحو, لكنها كانت من حيث الشكل مقبولة وواضحة: »يوم 21 شتنبر 2006 على الساعة العاشرة هو تاريخ أول يوم عمل في مؤسسة جديدة. تتفهمون بأنه غير مسموح لي بالغياب، و إذا كنتم تريدون تبريرا لعملي، سأوافيكم به ... مع كل احترامي، تقبلوا تحياتي الصادقة«« من يكون محمد مراح حقيقة؟ هذا الطفل الذي يحترم المؤسسات، ويتحلى باللباقة الإدارية؟ أو ذلك الرجل الذي كان في صيف 2010. يهدد جارة تقدمت بشكاية ضد من كانت تشتبه في أنه يستقطب الشبان للجهاد؟ وكرد فعل انتقامي، تقدم محمد مراح أمام باب منزلها لابسا قناعا ولباس تمويه وبيده عصا وقنبلة مسيلة للدموع، الشاب كان يعرف جيدا كيف يكون مهددا, صاح في وجهها صحبة زميله نزار» »سنقتلك.. اتمنى أن أقتلك»«.. قبل سنتين هدد بسيف في يده شابة جاءت تشتكي لأنه أجبر أخاها على مشاهدة اشرطة مصورة للقاعدة. كان محمد مراح يعيش في شقة بشارع سيرجان فيني، بحي جميل في تولوز، حيث لجأ قبل الهجوم الأخير. محمد مراح لم يكن يشبه كثيرا هؤلاء المتطرفين الذين يرفضون مصافحة أيدي من لا يؤدون صلواتهم, يقول صديق درس معه في الابتدائي, »صادفته في علبة ليلية قبل ثلاثة أسابيع، كان يدخن النرجيلة« يقول آخر, »كان محمد يصوم رمضان فقط«, لم يكن يرتدي اللباس الطويل الذي يلبسه السلفيون خلافا لشقيقه عبد القادر 29 سنة، الذي يطلق لحية طويلة ويلبس لباسا تقليديا. هذا الأخ الأكبر - الذي تلبس زوجته البرقع الذي يغطي من الرأس حتى القدمين- الذي كان متطرفا دينيا، كما يتذكر جيرانه في حي جوليمان، عبد القادر الذي ذكر اسمه في شبكة لنقل جهاديين الى العراق (لكن لم توجه له أي تهمة) تحول الى الفقه والدين قبل اشهر في اوتريف على بعد حوالي 40 كلم جنوب تولوز، في منزله مكتبة قرآنية حقيقية برفوف مليئة بالكتب والمجلات الدينية. هل تحت تأثيره اصبح الاخ الاصغر يدعي الانتماء للقاعدة؟ ام ان كل شيء تم في السجن مثل ما وقع لجالد قلقال ,فرنسي آخر من اصل جزائري, ابن احياء الضواحي الذي اصبح سلفيا متطرفا. يعتقد محاميه انه في زنزانته مع رفاقه في السجن وليس في افغانستان تحول الى التطرف. الرحلتان اللتان قام بهما الى افغانستان سنتي 2010 و 2011 بقيتا سرتيتين. بخصوص قضايا الدين والسياسة وضع مراح حاجزا منيعا ولم يكن يثير الموضوع نهائيا.لقد ظل يحتفظ لنفسه بجزء من الغموض, يحكي محاميه الذي لم يعلم بهذه الرحلات الا مؤخرا. هذه الزيارات كتمها حتى على والدته. كان يقول لها انه ذاهب الى الجزائر, الجزائر,الى باكستان نعم يحكي صديق للعائلة. عند عودته تقول والدته «في الجزائر سحروه» شقيقه الاكبر عبد القادر قام بعدة زيارات لمصر سنتي 2006 و 2007 من اجل تعلم القرآن, لكنه كان يذهب ليلتقي الاخوان المسلمين في القاهرة, يقول صديق للعائلة, عند عودتهما كان الاخوان يظهران صرامة واضحة تجاه الاخت زليخة والوالدة التي تعيش اليوم في شقة مكونة من غرفة ومطبخ في حي لوميراي، يحكي الجيران» كانا يلحان من اجل اللباس الاسلامي داخل العائلة, كانت سيجارة او كأس نبيد او سهرة في علبة ليلية للاخت الصغرى يثير مشكلة» يحكي احد اصدقاء الوالدة قائلا «ذات يوم وقعت مشادة بالسكاكين بين عبد القادر والاخ الاصغر الاخر لأن هذا الاخير كان يدخن» ذات عشية في شهر يوليوز سنة 2010يتذكر صديق, تقدم مراح الى مكتب الاعلام للثكنة العسكرية بتولوز، قبل الشروط التي يقترحها المسؤولون في بعض الاحيان على المرشحين للانضمام. قضى ليلة في المركز ولكن عندما استيقظ في الصباح، رحل. هل تخلى عن مشروعه؟ هل تم رفضه كما يؤكد احد اصدقاء العائلة الذي يتذكر خيبة واضحة لديه بعد هذا الرفض؟ كانت تلك ثاني خيبة كبرى في حياته المهنية على الاقل ربما المنع الثاني. هل لأن كتيبة الجيش رفضته أقدم على قتل المظليين؟. لرجال الوحدة الخاصة التي ربطت معه الاتصال خلال حصاره الاخير،قال «انه خطط لهجومين آخرين وانه حدد اهدافا اخرى جديدة.عسكري وشرطيان وللصحفية في قناة فرنسا 24 التي اتصل بها ليلة 21/ 20 مارس قبيل حصار منزله قال «انه مرتبط بالقاعدة وانه يريد ايضا الانتقام من القانون الذي يمنع وضع الحجاب ومن مشاركة فرنسا في الحرب في افغانستان, وبخصوص المدرسة اليهودية قال انه يريد الانتقام لاخواننا واخواتنا في فلسطين» والدته علمت بمقتل اطفال على يد قاتل يركب دراجة نارية من عنوان جريدة «لاديبش», كان يقرأها احد الجيران ,علقت قائلة «انا خائفة، سأغلق علي منزلي» قالتها وهي تحكم اغلاق باب منزلها في لوميراي, ابنها محمد زارها وكان يحمل في يده واقي الرأس. في نهاية هذا الاسبوع ايضا التقى او صادف بعض الاصدقاء في ملهى كاليبسو وهي علبة ليلية في تولوز تنظم سهرات بدون كحول, كان الجهادي يتردد عليها. كانت له ايضا عاداته على مدونة الاذاعة المحلية المفضلة في احياء الضواحي، وهي مازالت حتى اليوم تظهر صور محمد باسم مستعار «بوغوس» الحي.