شن الحرب على اقتصاد الريع، ليس بالأمر السهل، كما قد يبدو للبعض، الحرب على اقتصاد الريع لاتعني بالتأكيد الوقوف عند حدود نشر لوائح المستفيدين من رخص الامتيازات (لاكريمات)، لاتعني الدخول في سجال إعلامي حول أحقية الحصول على الامتياز أم لا.. الحرب على اقتصاد الريع تقتضي كثيرا من الجرأة وقليلا من التساهل في معالجة اقتصاد مغربي نخره الريع من ألفه إلى يائه، الحرب على اقتصاد الريع تقتضي تسمية الأشياء بمسمياتها عوض حصر الحرب في قطاع أو قطاعين بشكل يتناسب مع اتجاه موازين القوى. ألا يندرج احتكار بعض المؤسسات الاقتصادية لتوريد سلع معينة أو تقديم خدمات يسمح لها هذا الانفراد بتحديد سعر السلعة أو الخدمة بما يزيد فائض القيمة فيها عما لو كانت تلك السلع والخدمات تقدم في إطار نوع من المنافسة الحرة ، ضمن اقتصاد الريع؟ ألا يجب الحديث عن احتكار توريد الأدوية كنوع من سياسة الريع بعد أن صارت الأدوية الفرنسية المعبأة بالمغرب تباع بضعف ثمنها الذي تباع به في فرنسا، ولنا كثير من الأمثلة في هذا المجال؟ ألا يجب اعتبار فرض تسعيرة زيت المائدة على شركة أجنبية منافسة لعملاق زيوت المائدة بالمغرب احتكارا، بل ومنطق ريع لدرجة منعها من ترويج المنتوج بأسعار مخفضة ومنعها من عرضه في الفضاءات التجارية الكبرى التابعة للعملاق الاقتصادي المغربي؟ ألا يندرج احتكار سوق الاشهار بالمغرب والتحكم في مساراته من طرف قلة ومحظوظين ضمن الأشكال الجديدة لاقتصاد الريع؟ ألا يندرج الانفراد بتسعير ماء السقي، والكهرباء، وتفويت الأراضي لأغراض فلاحية أو للبناء والتعمير وسن إعفاءات ضريبية خدمة لفئة معينة وتحديد نسب فائدة القروض وترك المواطن في مواجهة جشع الأبناك، نوعا من التحلل من المسؤولية تجاه الشعب وشكلا جديدا من أشكال الريع؟ ألا تعتبر برامج الخوصصة التي أدت إلى إحلال الاحتكارات الخاصة محل الاحتكار العمومي السابق ونهج سياسة التدبير المفوض شكلا من أشكال الريع؟ ألا يعتبر ريعا انفراد شركات عمرانية بالتحكم في قطاع العقار ومساهمتها في تنامي المضاربات من خلال استغلال دعم الدولة تحت يافطة السكن الاجتماعي من دون احترام دقيق لكناش تحملات أحدث أصلا على مقاسها؟ هي بعض نماذج اقتصاد ريع انتعش لدرجة وصل إلى مستوى صنع القرار في السياسة الاقتصادية فأصبح المجتمع ، نتيجة لذلك ، تحت رحمة جماعات ضاغطة تنتعش من اقتصاد الريع تحت غطاء الاحتكار..