يعيش الجمباز المغربي شيخوخة تستحق كتاب «غنيس»، فرئيس الجامعة، عمر أكثر من ثمانية وثلاثين سنة على رأس الجامعة، وهو رقم يستحق عليه أن يدخل كتاب «غينيس» للأرقام القياسية، كما أنه رقم يجعلنا نتساءل عن الحكامة، وعن تشبيب الهياكل، وعن ولايتين فقط. وإذا كان الرئيس قد شاخ في الجامعة، فإن التجهيزات التي يستعملها الأبطال في الأندية باستثناء ثلاثة، قد أصبحت غير مستعملة في باقي دول العالم، كما أن أبطالنا يجدون صعوبات في استعمال التجهيزات الحديثة حين مشاركتهم في الملتقيات الدولية والعربية، وقد عاشوا ذلك خلال الألعاب الأخيرة، عندما وجدوا أنفسهم أمام تجهيزات متطورة تفصل بينها وتلك المستعملة في المغرب عشرات السنين. عن واقع الجمباز المغربي كان لنا لقاء مع عبد الجليل حسني رئيس نادي المغرب العربي بالرباط، ومدرب المنتخب الوطني ورئيس اللجنة التقنية بالجامعة، كما استمعنا إلى الإطار الوطني محمد فؤاد قاسمي مدرب نادي نجاح مكناس الجمبازالمغربي لايعيش الإستمرارية { للحديث عن الجمباز المغربي، لابد من القول بأنه عاش مرحلة نماء ومرحلة عطاء، وهناك مرحلة بينية، حيث يقل الإشعاع والتي يجب أن لاتكون طويلة. ما نلاحظه هو أن الجمباز المغربي، لم يعرف كيف يستغل مرحلة العطاء والنماء على مستوى الكم والكيف، ذلك أنه منذ خمس عشرة سنة مضت. لم تكن هناك أية استمرارية على مستوى عدد الجهات والأندية، ذلك أن عددها توقف بشكل مثير للتساؤل في حوالي 18 ناديا فقط، وذلك منذ ظهوره في المغرب، والغريب أنه عندما نفرح بفتح ناد يغلق ناديان، ولم تستطع الجامعة البتة تجاوز هذا العائق الذي يعد مؤشر ا كبيرا على فشل الجامعة في إعطاء الإشعاع الكافي للجمباز المغربي .الغريب ،أن المغرب يتوفر على مدن تحتل فيها الرياضة بصفة عامة حركة رياضية كبيرة، لكن المثير للجدل هو أن هذه المدن لاتمارس فيها رياضة الجمباز، وأسوق هنا كأمثلة لا للحصر مدينة أكادير، القريبة من زاوية تزروالت، حيث يوجد «أولاد سيدي احماد أموسى» الذين يزودون العالم كله بأبطال رائعين. هناك مدينة طنجة التي تزود السيرك بمواهب عدة، لكن لا تواجد للجمباز بها، بالرغم من أن مجموعة من الشباب يمارسون الجمباز على رمال الشاطئ الجمباز دخل سباتا عميقا الجمباز المغربي دخل في نوم عميق، وليست هناك أية استراتيجية تهدف إلى الرفع من عدد الأندية الممارسة لهذه الرياضة، وعندما نتحدث عن عدد الأندية، فإن ذلك يحيلنا إلى الحديث عن عدد المدربين والحكام، نحن خمسة مدربين في المغرب الذين يتوفرون على تكوين معين، لقد هاجر العديد من المدربين إلى خارج المغرب، لأنه ليس هناك مسار تنموي داخل المغرب لرياضة الجمباز يدفعهم إلى البقاء في المغرب لأنه ليس هناك مناصب مالية تستوعبهم نشتغل بتجهيزات عتيقة وقديمة إذا كنا نعاني من قلة الأندية على مستوى التراب الوطني، فإن معداتها قديمة ومتجاوزة، وحتى القاعات الموجودة هي قاعات تعود إلى عهد الإستعمار، وكمثال على ذلك قاعة المامون بالرباط، ولو لم تكن هذه القاعة لما كان هناك الجمباز بهذه المنطقة. نفس الأمر بالنسبة لمكناس وفاس. هناك مكان واحد يمكن أن نتدرب فيه في ظروف مقبولة وهو القاعة الفيدرالية بالمركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء، وهناك قاعة اليوسفية التي تم تجديدها بغلاف مالي بلغ 300 مليون سنتيم تم رصده من طرف المكتب الشريف للفوسفاط. وهناك مواصفات أقل بكل من قاعة المركب العسكري التابع للجيش الملكي بالمعمورة بالرباط. إن رياضة الجمباز لا يمكن أن تقلع وتستيقظ من نومها إذا لم تكن هناك قاعات وأندية تتوفر على أجهزة متطورة، وعلى هيكلة قوية، وأطر متمكنة. المسؤولية يتحملها المكتب الجامعي ؟ إن واقع رياضة الجمباز المتردي لايتحمله الرياضي، كما لايتحمله المدرب، ولكن يتحمله المكتب الجامعي الذي تقادم «أكثر من لقياس»، وأكبر دليل على ذلك المتحد ث إليك: فأنا أبلغ 57 سنة، فمنذ أن كنت لاعبا عشت مع هذا المكتب المسير، إنه أمر غريب.لقد أنهيت مساري الرياضي كلاعب توظفت، وتزوجت، ولي أولاد، وتقاعدت وربما سأموت وسيبقى نفس المكتب الجامعي يسير هذه الرياضة. المكتب الجامعي الحالي يشبه حجر الرند، إذا مارميته ستحصل على رقم من واحد إلى ستة. وهذا هو حال الجامعة الملكية المغربية للجمباز.إن عقلية هذه الجامعة تحجرت، وأصبحت تعيش على الماضي بعيد ا أن أي لغة تعتمد التفكير المستقبلي الجمباز المغربي تخلف بعدما كان رائدا إن إثارة تاريخ الجمباز المغربي شيء مؤلم جدا، لقد كنا من الأوائل الذين شاركوا في ألعاب روما، وألعاب البحر المتوسط إلى جانب مصر، وكانت لنا ميداليات .الجمباز خلف أسماء كبيرة (بوراس، البقالي، الزغاري، الشياظمي، السقاط محمد،السقاط حميد).. لقد بقينا ندور في قوقعتنا من الناحية التقنية بالرغم من أن الجمباز تقدم في دول العالم ودول الجوار، إلى أن أحضرت الوزارة الوصية في الستينيات «شانطا لاخوصت» وهو هنغاري الجنسية، والذي عاش كمغربي لا كأجنبي، واستطاع أن يحصل على منح من الوزارة لتنظيم معسكرات تدريبية طويلة الأمد واستفاد منها كل من بران، بنعزوز، إدريس بلحاج، الشناني وأنا حسني عبد الجليل.لقد كان لهذا الإطار الفضل الكبير في تنمية الجمباز المغربي بتقنية جديدة كانت في أوروبا والتي لم نكن نعلمهما. هذا الرجل جعل الجمباز المغربي يرقى إلى درجات أعلى وكانت الدرجة رقم 2 ، وكانت الفترة الذهبية التي استمرت مابين العاب البحر الأبيض المتوسط سنة 83 بالدارالبيضاء إلى التسعينيات وكان ذلك بفضل استثمار الوزارة آن ذاك في جلب آلات جديدة، واستقطاب مدربين أجانب، الذين حققوا مشروع البحر الابيض المتوسط واستمروا في العمل من أجل خلق الظروف المناسبة لممارسة الجمباز، في ظروف الهواية، وحينها كان الإختيار هو قاعة اليوسوفية كمدينة صغيرة، يسهل التنقل فيها، وتم الإعتماد على تلاميذ المؤسسات التعليمية، وتم اختيار أوقات فراغ التلاميذ، وبهذا تألقت مدينة اليوسفية في الجمباز، وتألق فريق المغرب الرباطي الذي أعطى أبطالا عديدين ، وتألق نادي « لاكزابلانكيز» الذي هو نادي رئيس الجامعة وما ذا عن ضعف الأندية ؟ نحن كأندية نعاني من ضعف، جعلنا لانطو ر ذواتنا. هذا كله من دون أن تتدخل الجامعة التي تضم أعضاء عمروا أكثر من ثلاثين سنة. الجامعة أغفلت التكوين على جميع المستويات، كما غيبت خلق مدير تقني. المكتب الجامعي لايعمل على الإتصال بالسلطات المحلية في المدن والمنتخبين من أجل العمل على بناء قاعات جديدة بمواصفات حديثة. لازلنا نعيش زمن الهواية، الزمن القديم جدا. إن تونس ، موريطانيا الجزائر ومصر بالرغم من كون المغرب كان سباقا في هذه الرياضة. بطل الجمباز يحتاج إلى ثلاثين ساعة من التداريب إن صناعة بطل في الجمباز بمستوى دولي، يتطلب ثلاثين ساعة من التداريب خلال الأسبوع. الوصول إلى ثلاثين ساعة من التداريب يكون بالتدرج. بطل المغرب رشيد موسى، يتدرب 15 ساعة فقط، ولن يستطيع تجاوز ذلك، ونصل إلى هذا العدد بتدبير دقيق لوقت البطل، وإذا كنا ملزمين بإضافة ساعات للتداريب، فإن ذلك يكون على حساب دراسته، وعلى حساب يوم راحته الذي هو يوم الأحد. إذا كيف سنصل إلى ثلاثين ساعة من التداريب؟الحل هو أن يكون هناك تنسيق بين الوزارة المشرفة على معهد مولاي رشيد حيث يدرس البطل، والجامعة الملكية المغربية للجمباز، والنادي لوضع ترتيبات تمكن من الرفع من ساعات التداريب. إذا ما تمكنا من رفع عدد الساعات، فهذا يتطلب توفر طبيب حتى لايتعرض البطل إلى مضاعفات، كما يتطلب تواجد مختص في التغذية. لذلك لابد من إيجاد مجموعة من الحلول القادرة على ضمان توفر ظروف تضمن الرياضة والدراسة، والرياضة والعمل. كما يجب ضمان مستقبل الأبطال. إننا نشتغل بعقلية الهاوي في هذه الرياضة وهذا يضر بهذه الرياضة باستثناء نوادي تابعة للمكتب الشريف للفوسفاط، حيث نجد أن هناك متفرغين للسهر على السير العادي للتداريب والتأطير داخل هذه الأندية، وهناك المركز العسكري التابع للجيش الملكي، حيث يسهر عليه جنود، وهناك «لا كزابلنكيز»، أي نادي رئيس الجامعة والذي يتوفر على مدربين تابعين لوزارة الشباب والرياضة. أناقة رياضتنا جعلتنا ننشد التغيير بقلوبنا فقط. كون رياضة الجمباز هي رياضة الأناقة والصبر.هذه الصفة جعلتنا نبتعد عن استعمال الصراخ والإحتجاج، وجعلتنا نطبق الإختيار الثالث في تغيير المنكر والذي يعتمد على القلب. لقد سلكنا هذه الطريق سنوات عديدة، ولم نغير من وسائلنا إلا عندما تم هدم قاعة مولاي رشيد التي كانت مخصصة للجمباز والتي تحمل ذكريات الجمباز المغربي، وتدرب فيها أبطال هذه الرياضة وليتم بناء مكانها قاعة للملاكمة. كل هذا ورئيس الجامعة الملكية المغربية للجمباز هو نائب رئيس اللجنة الوطنية الأولمبية. هذا الموقف السلبي للرئيس جعلنا لا نصبر على فقدان مكتسباتنا الكبيرة بعدما فقدنا الكثير في السابق. لقد تم هدم القاعة، على الأ ندية وضع سؤال مقلق جدا:كيف سمح الرئيس لنفسه بعدم الدفاع عن ممتلكات الجامعة؟ لقد جعلنا هذا السلوك نجزم بأن الرئيس يساهم بطريقة غير مباشرة في تخريب هذه الرياضة. لقد تحدثنا معه في الموضوع، وهو العضو الدائم في العاب البحر الأبيض المتوسط، وعضو بالجامعة الدولية لرياضة الجمباز، عضو في الرياضة العسكرية وعضو في الجامعة العربية والإفريقية.. كل هذا يضاف إلى مكانته الإجتماعية، وتساءلنا عن ماجنته رياضة الجمباز المغربية من فوائد في ظل كل هذه المهام. بكل صراحة أقول بأن الجمباز المغربي لم يستفد من أي شيء، فلم يتم تطوير التجهيزات، ولم تتم الإستفادة من الخبرات العالمية. هنا نتساءل هل الوزارة مغلوبة على أمرها؟ الله أعلم. أصبحنا لانعلم من يتحكم في الرياضة في المغرب هل الوزارة ؟هل اللجنة الوطنية الأولمبية؟ منذ الجمع العام الأخير نعيش حالة جمود منذ الجمع العام الأخيرالذي لم يطبق فيه جدول الأعمال بحذافره، ونحن نعيش حالة جمود. لقد كان منتظرا أن يتم انتخاب ثلث جديد، وبما أن الرئيس الذي قضى 38 سنة على رأس الجامعة لم يستسغ أن يترشح ضده أربعة مرشحين، فعمد إلى حذف الإنتخابات من جدول الأعمال، وهذا من أجل أن يستمر في منصبه. وحتى لا تموت هذه الرياضة تم الإتفاق على عدم تجميد اللجنة التقنية، حتى لايحرم الأبطال المغاربة من المشاركات الإفريقية وفي المشاركات المهمة بدول عربية (الجزائروتونس، ومصر)، خاصة وأن كل هذه الأنشطة ممولة من طرف الجامعة الدولية. لكن الجانب الإداري لازال مجمدا منذ 15 يناير 2011 . ولم يعقد أي إجتماع لأن مجموعة من الأعضاء ترفض الحضور. هناك الآن ثمانية أندية كسرت جدار الصمت ووقعت على وثيقة ترفض الواقع الذي تعيشه الجامعة. الوثيقة موجودة الآن بديوان وزير الشباب والرياضة، وهناك أشياء تحركت بعد هذه الوثيقة، وهناك أخبار تقول بأن الرئيس أخبر من طرف الوزارة من أجل إعادة عقد الجمع العام لعدم قانونية الجمع السابق، كما أن هناك أخبار تتحدث عن افتحاص مالي للجامعة للسنوات العشر الأخيرة. ننتظر موقف الوزارة قبل اللجوء إلى القضاء. كرياضيين نؤمن بالحوار، وبضرورة استفادة كل القنوات، لذلك فإننا ننتظر ماستسفر عنه تدخلات الوزارة في اتصالاتها مع المكتب الجامعي، وإذا لم تجد الرسالة الأولى صداها عند الوزارة، فإننا سنلجأ إلى المجلس الأعلى للحسابات والمراسلة جاهزة الآن. بعد كل هذا سنلجأ إلى القضاء للنظر في كل القضايا. قلت إنه الوحيد الذي أتقن رياضة جامعته، وأضحى خبيرا بفنونها وحركاتها، إنه الكولونيل الذي يجيد لغة الطرابيز والتنقاز والخفة والرشاقة، من يستطيع إيقافه والتصدي لخفته.. الرجل أمسك بمفاتيح جامعة الجمباز منذ زمن طويل قارب هذه السنة الأربعين موسما متتاليا دون انقطاع ودون أن ينال منه ثقل الملفات الكثيرة التي تحب لبها جامعته.. الكولونيل تقاعد من مؤسسة العسكر، لكنه ما يزال يرفض أي حديث عن تقاعده من مؤسسة الرياضة.. رئيسا لجامعة الجمباز، وعضوا في اللجنة الوطنية الأولمبية، ولا من يقول كفى، ولا من يجرؤ على مواجهته، وكأن المشهد يتعلق بعسكري يسهر ببندقيته أو رشاشه، والجميع يتحاشى غضبه وبطشه.. تغيرت القوانين، احتضنا دستورا جديدا، تليت رسالة ملكية خلال مناظرة الرياضة بالصخيرات، واضحة وشاملة، رحل مسيرون، ودفع آخرون للرحيل.. ربيع عربي في كل مكان.. وأصوات تطالب بحق الشباب والمرأة والحق في التناوب.. وحده الكولونيل ماجور خارج الأحداث.. لا نقاش ولا حديث عن تناوب في رئاسة جامعته.. لا مكان لديه سوى للمعمرين أمثال مستشاره وصديقه الرجل القوي في الجامعة الذي يعمر في الجمباز المغربي بأربعين سنة.. أي بأربع سنوات زائدة عن عمر الكولونيل في الجامعة.. نعلم أن منظومتنا الرياضية حاضنة لجامعات سيادية.. كما نتحدث دائما عن قوة وجبروت جامعة كرة القدم، ألعاب القوى، التنس .. لكن جامعة الكولونيل ماجور كانت في واقع الأمر، الأقوى جبروتا وحصانة.. هل سنحتاج لقرار الأممالمتحدة لاقتحام نبنى جامعة الكولونيل؟ الكولونيل ماجور لا ينفي مطلقا هذه التراجع المقلق الذي يشهد الجمباز المغربي، ويعترف أن هناك اختلالات كثيرة تحد من تطوره، هو طبعا وجامعته غير مسؤولين عن ذلك، فالمال متوفر والدليل كما جاء على لسانه في الحوار المرافق لهذه الملف، هو أن جامعته الوحيدة من بين الجامعات الرياضية التي تحتفظ بفائض محترم كل سنة.. المشكل يقول الكولونيل يكمن في غياب القاعات، في تقلص عدد الراغبين في ممارسة الجمباز، في التشويش الذي يفتعله الأخرون.. وفي وفي وفي.. ويقترح الكولونيل الحل السحري: لخلق بطل مغربي في رياضة الجمباز، لابد من الذهاب إلى آسيا أو أوربا لتلقي التكوين.. وباز