لم يخرج جمع عام جامعة الجمباز عن المألوف، رغم أنه هذه السنة شهد خروج الثلث الذي يضم الرئيس الذي عاد إلى موقعه معززا سالما معافا ويواصل حرق المراحل والسنين، ويكون بذلك أحد أقدم الرؤساء الجامعيين، والذين عمروا لأكثر من ثلاثة عقود، فأجواء ولغة العهد الماضي، حضرت بقوة لتحول قاعة الجمع إلى مجرد ديكور يؤثت لديمقراطية زائفة، وحتى أولئك الرافضين لطريقة تسيير الجامعة عجزوا عن الجهر بما يختلج في صدورهم، وصوتوا ربما مرغمين على عودة الأب الروحي للجمباز. ولأن ثلاثين سنة ليست بالأمر الهين، فقد حاولنا تقييم الحصيلة فوجدناها ضعيفة ولا تبعث على الارتياح، البعض ألقى اللوم على الأندية الغائبة على الساحة، وآخرون حملوا المسؤولية للمكتب الجامعي، والباقون صبوا جام غضبهم على اللجنة التقنية التي تغرد خارج السرب، أسماء كثيرة فضلت الابتعاد إلى حيث لا يصل صوت الرئيس، وحتى الذين ما يزالون يتنفسون داخل قاعات الجمباز المهترئة فإنهم يحاولون لملمة جراحهم حتى يستمروا (...)، بل إن الممارسين بدورهم حائرون بشأن مستقبلهم وما قدمته لهم هذه الرياضة، أسئلة كثيرة تخرج من بين الأفواه لتنطق عن واقع مريض، وأصوات تجهر بما يشبه الأنين، لتقول كفى من العشوائية والفوضى، ويطالبون بمنهحهم جزءا من حريتهم المسلوبة. ولمعرفة واقع الجمباز فتحنا المجال أمام المعنيين بالأمر من خلال هذا الملف، ورغم تقارب الآراء واختلاف الرؤى، فإن النتيجة واحدة، وهي أن الجمباز الوطني راكم سنوات من التردي والفقر، رغم وجود رجل من طينة مصطفى الزكري، فأين الخلل؟ ومن المسؤول عن هذا التردي؟ وأين هي الأندية التي تظل العمود الفقري لأي ممارسة سليمة؟ أسئلة وغيرها تجدونها من خلال هذا الملف المتواضع... مصطفى الزكري: رئيس جامعة الجمباز كما تعلمون أن مسؤولية رئاسة جامعة رياضية هي جسيمة ومتعبة، لأنها تتطلب الحضور الدائم وتكريس معظم الوقت لخدمة هذه الجامعة، بل إن ذلك يتم على حساب حياتك الخاصة، والعدد القليل من المسيرين الذين يصرون على النضال من أجل الرياضة سيبتعدون في السنوات القادمة، وقد نعاني أزمة مسير، وكجامعة للجمباز فقد كانت الانطلاقة بعد ألعاب البحر الأبيض المتوسط، وأصبح للمغرب حضورا مهما داخل مختلف المحافل الدولية، وخاصة داخل الألعاب الأولمبية، لكن كجميع الرياضات هناك مرحلة فراغ تفرض ترتيب الأوراق، وفي هذه المرحلة عملنا على تجديد أبطالنا، ونحن نعرف أن تهييء بطل في الجمباز يحتاج إلى عشر سنوات، ونحن نشتغل لإيجاد الخلف، بطبيعة الحال الجمع العام هو فرصة للاستماع إلى مختلف الآراء والاقتراحات ونحن بصراحة نأخذها بجدية ومسؤولية، وهي بمثابة توجيه لعملنا ونحن نشجع الأندية على التواصل مع المكتب الجامعي. مشاكل الجمباز متعددة فهناك غياب القاعات بمواصفات دولية، وحتى المتوفرة الآن فقد أغلقت، فالجمعية البيضاوية مثلا ليست لها قاعة وأيضا النادي المكناسي الذي ربما حصل على قاعة بإحدى الإعداديات، وكذلك الدفاع الفاسي الذين حصلوا على قاعة ولكن كل هذه الحلول هي ترقيعية ولن تحل مشاكل الجمباز. إدريس العلوي (الدفاع الفاسي) المشكل الذي نعاني منه اليوم كأندية هو غياب قاعات مجهزة وتخضع لشروط الممارسة السليمة، والقاعة تشكل النواة الأساسية لبقاء رياضة الجمباز على قيد الحياة، وبالنسبة إلينا فقد واجهتنا هذه الإشكالية لسنوات عديدة مما أثر على أداء لاعبينا، وحتى حين توصلنا بالقاعة فإنها لا ترقى إلى طموحاتنا، وبخصوص الجمباز الوطني فهو يواجه غياب برامج بعيدة الأمد، والجامعة لا تهتم بهذا الجانب، بل حتى الخبراء فهم مهمشون لكون الإدارة التقنية بعيدة عن الميدان وتكونت بعد غياب 51 سنة، وهي مدة كافية للانفصال عن المستجدات اليومية داخل هذه الرياضة، وما نطالب به حاليا هو ربط جسور التواصل بين كل المكونات وأن تعطى الفرصة لأبناء هذه الرياضة الذين يطمحون إلى التغيير خاصة ونحن نعيش زمن العولمة، وهذا كله سيعمل على دعم هذه الرياضة حتي تستقطب مزيدا من الممارسين والمتتبعين، ونحن حاليا نطالب بخلق تواصل تقني بين اللجنة التقنية والأطر الوطنية داخل الأندية، وأن يكون هناك برنامج تقني يطبق سواء داخل الفرق الوطنية أو على مستوى الأندية. محمد بوجندار (الفتح الرباطي) الجمباز المغربي وضع بين أيدي غير أمينة، والتي عملت على تهميش القاعدة، ومنذ سنوات ونحن نعتمد على المنهج الفرنسي، لكن للأسف لم نقرأ غير النصف الثاني من الكتاب، فيما أهملنا النصف الأول الذي يهتم بالفئات الصغرى والتي انقرضت داخل معظم الأندية الوطنية التي لا تهتم بالجمباز الأساسي الذي يتطلب سنوات من العمل، وهذا الوضع أثر على أداء أبطالنا، حيث تأخرنا كثيرا مقارنة مع دول قريبة منا والتي تجاوزتنا بعشرات السنين، وهذا التراجع الخطير راجع بالأساس إلى: أ انعدام الحوار بين المكتب الجامعي والأندية التي تعاني مشاكل عديدة، وتحتاج إلى الدعم. ب عدم فسح المجال أمام المتخصصين من ذوي الخبرة والتجربة للإدلاء بدلوهم من أجل النهوض بهذه الرياضة. ت غياب التواصل بين اللجنة التقنية والمكتب الفيدرالي حيث لا نتحدث لغة واحدة. ج غياب البرامج المستقبلية وتهميش التقنيين الموجودين داخل مختلف الأندية. د تراجع اللجنة التقنية عن تنفيذ ما يتفق عليه من برامج والتي لا تهتم بالعمل القاعدي البعيد المدى إذ أن كل تصوراتها آنية. ولانقاذ الجمباز يجب التخطيط للعشر سنوات القادمة، وتهييء أبطال المستقبل ولابد من وجود لغة واحدة بين جميع الفرقاء، مع وضع برنامج متكامل تساهم فيه الأندية، كما أننا نطالب بفتح قنوات الاتصال بين الجامعة والأندية وعدم الاقتصار على الجمع العام. وبالتالي قطع الصلة مع ربع قرن من الممارسة العشوائية، وخاصة على مستوى اللجنة التقنية التي عليها الانفتاح على ذوي الاختصاص الذين لا يجدون مجالا للعمل، ونحن نتحسر على هذه الرياضة الأنيقة التي قد تنقرض في السنوات القليلة القادمة.