بعد شهور عديدة على تعيينه على رأس القناة «الرياضية» يفتح الإعلامي حسن بوطبسيل قلبه ل«فنون وإعلام» ليتحدث عن تجربته التسييرية في القناة الوطنية الثالثة «الرياضية» بعد رحلة إعلامية رياضية موفقة بالقناة الثانية وبقنوات مشرقية خليجية راكمها خلال العديد من التجارب مكنته من أن يتبوأ الشأن التسييري بالقناة المذكورة. في الحوار التالي يتحدث بوطبيسيل عن الوضعية الجديدة للقناة في ظل الكثير من المتغيرات، تهم البرمجة، العاملين والصحافيين وبرنامج «مستودع»، والأفق الذي ينتظر «الرياضية» في مستقبل الأيام.. } كيف هي وضعية القناة «الرياضية»، حاليا، بعد شهور عدة من تعيينكم مديرا عاما بها؟ كما يلاحظ المتتبع لبرامج قناة «الرياضية» مؤخرا، فالقناة أصبحت تبرمج ثلاث نشرات إخبارية رئيسية يومية ، وهذا شيء مهم لإطلاع المشاهد المغربي على آخر المستجدات الرياضية الوطنية المغربية والدولية.. كما ركزنا على مجموعة جديدة من البرامج الحوارية وكذا البث المباشر للعديد من المباريات منها نهائيات كأس أفريقيا للأمم، التي كانت من الأشياء المهمة في الثمانية أشهر الأخيرة، وبطولة أفريقيا لأقل من 23 سنة (الألمبيون) بكل من طنجة ومراكش، بالإضافة إلى تتبع العديد من الأحداث اعتمدنا فيها كثيرا على البث الحي.. هذا مع الإشارة إلى أن البرمجة في القناة لم تعد ترتكز على الإعادة، حيث حاولنا أن تكون شبكة البرامج مطبوعة بالدينامية، تعلق الأمر بنقل المباريات أو مشاهدة المجلات الرياضية الوطنية أو الدولية من قبيل «ترانس وورد سبور»، أو البرامج الثابتة كالبرنامج الناجح «هواة» المهتم بأقسام الهواة في كرة القدم بالمغرب، الذي قمنا بدعمه.. وبخلاصة، أعتقد أننا في مرحلة أولى رفعنا من المستوى بإضافة البرامج الدولية حتى لايشعر المشاهد المغربي بالملل ويتابع البرامج الوطنية فقط. } التحاق مجموعة من صحافيي القناة «الرياضية» بقنوات رياضية مشرقية في الأونة الأخيرة، هل ترك فراغا في القناة على مستوى الكفاءات؟ بطبيعة الحال ترك فراغا، فالأسماء الثلاثة التي التحقت مؤخرا بشبكة «الجزيرة الرياضية» هي أسماء متميزة، وكان لها حضور على مستوى القناة وعلى المستوى الوطني، وبالتالي أرى أن العملية هي اختيار شخصي، ذلك عندما يريد إنسان ما الهجرة - وأنا بالذات مررت من هذه التجربة وكذا العديد من الزملاء سواء في أمريكا، الإمارات أو قطر - فغالبا ما يكون الدافع إغراءات، حيث أن الأجر الذي يمكن أن يحصل عليه صحافي ما بقناة «الجزيرة الرياضية.»، مثلا، يتعسر الحصول عليه في المغرب.. ومن ثمة فإنني أحترم قرارات الأشخاص بالرغم من أني كنت أمني النفس بأن يظلوا أفياء ل «الرياضية»، و لكن «ليس باليد حيلة»، فهم فضلوا التوسع في آفاق أرحب وخوض تجارب أخرى. } خلال تعيينكم في المنصب الجديد، قادما من القناة الثانية، كانت «الرياضية» تعيش على وقع هزات تتمثل في احتجاجات ووقفات.. لمستخدمي وصحافيي القناة، دافعها مطالب اجتماعية ومهنية..، هل خفت حدة تلك الهزات الآن، وهل تمت الاستجابة لتلك المطالب..؟ بعد التحاقي على رأس قناة «الرياضية» وجدت أن الإخوان العاملين كانوا في حوار مع الإدارة العامة ، وبالضبط مع الرئيس المدير العام فيصل العرايشي، وتابعت أن النقاط المطلبية التي تعهد بها السيد العرايشي قد أوفى بها، حيث كانت هناك مطالبة بالتعويضات، تخص المنح الشهرية والفصلية وتعويضات عن العمل، كما تم الاتفاق حول عملية ترسيم العديد من العاملين المؤقتين، وتحسين ظروف العمل، سواء على مستوى تغطية الأنشطة الرياضية داخل أرض الوطن أو خارجه.. حتى لا يشعر الصحافيون في القناة أن ظروف عملهم تختلف عن ظروف صحافيين آخرين.. وأظن أن هذه من بين الأشياء الملموسة، وأعتقد أننا الآن على أهبة تجاوز مرحلة الكلام عن التعويضات والمطالب، لندخل مرحلة مهنية جديدة يشارك فيها الكل بالأفكار وبإنتاج برامج جديدة في ظل استراتيجية جديدة عن طريق وضع تصورات يدا في يد. } في سياق الحديث عن البرامج، عرفت «الرياضية» في السنوات الفارطة، تواجد برنامج «مستودع» الذي كان يستقطب إليه جمهورا ، نسبيا، مهتما، بالرغم من الانتقادات التي كانت موجهة إليه، خصوصا على مستوى التنشيط، فهل هناك بديل لهذا البرنامج في الأفق؟ قبل أن أدخل في صلب الإجابة عن هذا السؤال، تجدر الإشارة إلى أن تكويني صحافي في الأصل، وعندما أكون كذلك، فذلك يعني أنه ينبغي علي أن أحترم مصداقية الخبر الذي أنشره، أن أحترم أسس المهنة، الرأي و الرأي الآخر، التقصي بهدف الوصول إلى المعلومة.. للأسف هذه الأشياء ليس دائما ملتزم بها، إذ في بعض الأحيان ننساق نحو الإثارة وخلق مجموعة من المشاكل التي تثير المشاهد نفسه، لكنها في نهاية المطاف، وعلى المستوي الصحافي، تنتفي مجموعة من الشروط المهنية.. أقول هذا مع احترامي الكامل للأخ الذي يعد ويقدم برنامج «مستودع». فمنذ أن كنت خارج قناة «الرياضية» كان لي تحفظ كبير تجاه هذا البرنامج، لماذا؟ لأنه في العديد من الأحيان لم تكن تقدم فيه معطيات صحيحة، ومرات عديدة وقعت فيه «تهجمات» مجانية.. وبخلاف ذلك فنحن الآن نقوم بعمل تلفزيوني، صحافي نخبر فيه المشاهدين وننقل واقعهم الرياضي. نحن لسنا في صراع مع أي كان، ليست لنا مصالح شخصية كي نتصارع حولها أو لنا تصفية حسابات مع ضيف معين سواء أكان حكما أو رئيس فريق.. أنا شخصيا بعيد عن هذا النوع من «الصحافة»، وبالتالي ، فالصحافة التي أقدر وأمتهن هي التي تخبر وتنقل الآراء في أجواء جد متوازنة، ف«الرياضية» لم تؤسس لكي « يَضَّارَبْ» فيها رئيس فريق مع رئيس آخر في سياق لا ندري كنهه ولا أهدافه.. «الرياضية» ليست حانوتا لكي تعرض هذه الأشياء وهذه المزايدات.. لذلك فهذه الأمور كانت من بين الأسباب التي دفعت إلى توقيف «مستودع»، لكي نمر إلى مرحلة تكون فيها «الرياضية» تلفزيونا يحترم نفسه ويحترم الناس. } في هذا السياق ما هي توجهات «الرياضية» المستقبلية على مستوى البرمجة؟ بدءا، لا ينبغي أن ننسى أن «الرياضية» هي القناة التلفزيونية الوحيدة على المستوى الجهوي والقاري.. التي تنقل بالكامل مباريات دوريها المحلي. لكن للأسف، إنجازات المنتخب المغربي لكرة القدم في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة أحبطت المعنويات وجعلت الكثيرين ينصرفون عن المتابعة أو الحديث عن الرياضة، وبالرغم من ذلك، ومن خلال المباريات المباشرة التي نبثها، والمواكبة لأخبار عناصر المنتخب واللاعبين المحترفين.. فإننا تمكنا من أن نجعل نسبة المشاهدة عادية، حيث أنه، مثلا، في مقابلة المنتخب الوطني ضد نظيره الجزائري أو ضد نظيره التنزاني، ومباريات كأس أمم أفريقيا 2012، فإننا استطعنا تحقيق نسبة مشاهدة عالية مثل تلك التي تحققها «الأولى». لهذا ف«الرياضية» لابد لها من أحداث وتظاهرات، والبرامج التلفزيونية العادية، هي برامج مكملة فقط لاغير. إذن ينبغي نقل بطولات ومنافسات رياضية كبرى، مثلما ينبغي تأثيثها بنوع من البرامج المصاحبة، لأنه إذا اكتفينا بهاته الأخيرة، فالأكيد أن نسبة المشاهدة ستكون متدنية. وبخلاصة فأهم شيء في التوجهات المستقبلية ل«الرياضية» هو نقل الأحداث الرياضية الكبرى بشكل حي، مثلما هو الدوري المغربي لكرة القدم الذي أثرت على نسبة مشاهدته نتائج المنتخب الوطني. } هل يعني هذا أن هناك برامج جديدة في الطريق؟ نحن نشتغل الآن رفقة مجموعة من الإخوان في «الرياضية» على العديد من الأفكار والمشاريع، فيها برامج خاصة بالألعاب الأولمبية، بحكم أننا مقبلون على هذه التظاهرة العالمية، ومنها برنامج تحقيق رياضي، الذي سيتناول في أولى حلقاته ملعب «لاكازا بلانكيز»، لأن هذا الأخير معقل يتواجد منذ أكثر من سبيعن سنة ولم يتغير فيه شيء، ولم يعرف أيه إصلاحات عميقة وجذرية.. بالرغم من أن المسؤولين يقولون إنهم يتوفرون على الاعتمادات المالية لإصلاحه. ثم هناك برنامج «نوستالجيا» وينصب حول إحياء ذاكرات وطنية أعطت الشيء الكثير للرياضة الوطنية، ولم تتح لها الفرصة للظهور، وكذلك هناك برنامج حواري سيخصص لرياضات أخرى غير كرة القدم، فمثلا كرة اليد لم ينطلق دوريها بعد، فما هي الأسباب و الموانع التي جعلت هذا الدوري لم يعرف مساره المعتاد، وكذلك الأمر نفسه بخصوص كرة السلة وأزمة التسيير الجامعي بها و كرة الريكبي وغيرها، فهذه بعض المحاور التي من المتوقع مناقشتها مع ذوي الشأن.. إذن نحن نتطور، وفي الإطار نفسه نخلق برامج..