المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال (بوريطة)        هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام        وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لايتبرع المغاربة بأعضائهم؟

تطرح قضية التبرع بالأعضاء اليوم في بلادنا، نقاشا وجدلا بين الاوساط الطبية والدينية والقانونية من جهة، وبين عموم المواطنين الذين مازالوا لا يستسيغون فكرة التصدق بعضو من أعضاء جسدهم للآخر. ومازالت قدسية جسد الميت في أذهاننا، طابوها محرما حتى على الصدقة، ومدثرة بالموت الرهيب.
لقد قنن التشريع المغربي بدقة بالغة، عملية التبرع تقنينا دقيقا حتى لا يتمكن المتربصون من «تحويل أجساد الفقراء لمقالع أعضاء». كما انبرى رجال الدين والاطباء الى شرح وتوضيح مزايا التبرع المتمثلة في الانتصار للحق في الحياة.
إلا أن الموضوع المشبع بترسبات الثقافة والمعتقدات، يستلزم نقاشا وطنيا واسعا تشارك فيه كل مكونات المجتمع المغربي لربح هذا الرهان المجتمعي الذي يمثل الملاذ بالنسبة لجميع دول العالم. لهذا السبب اختار العالم في اليوم العالمي لأمراض الكلي هذه السنة والذي يصادف 8 مارس شعار»تبرع بالكلي لإنقاذ حياة».
في هذه الصفحة آراء لمختصين في المجال الطبي والقانوني، يرصدون الظاهرة علميا ويقدمون بالأرقام الدليل على أن التبرع بالأعضاء يستحق منا بالفعل أن نجعل منه قضية مجتمع.
البروفيسور الرمضاني بنيونس, رئيس مصلحة طب الكلي بابن رشد، أستاذ بكلية الطب والصيدلة، رئيس المجلس الاستشاري للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية
30 مغربيا فقط تبرعوا بأعضائهم من أصل 30 مليونا
يرى البروفيسور الرمضاني أن غياب نقاش وطني بين كل فعاليات المجتمع وكل فئات الشعب المغربي هي السبب الرئيسي وراء عدم الإقبال على التبرع بالأعضاء في المغرب, خاصة وأن المجتمع المغربي يفتقد لثقافة التبرع بعضو من الجسد الذي يرتقي لدرجة القداسة بعد الوفاة, وأيضا لانعدام ثقة المواطن المغربي وعزوفه عن عمليات التبرع إجمالا لجهله لأوجه صرفها, إضافة لغضب المواطن واستيائه من المستشفيات التي لم تستجب لمتطلباته.
هي عوامل تضاف لعوامل أخرى منها التعتيم الإعلامي وعدم انفتاحه على الموضوع وطرحه وتبسيط المعلومة للمواطن البسيط حتى يتم رفع اللبس على هذه العملية الإنسانية التي يجيزها الدين ويِِؤطرها القانون. لذا فتقدم عملية التبرع في المغرب, يقول البروفسور الرمضاني, رهين بهذه العوامل متكاملة فيما بينها، وإن كان أهمها إزالة اللبس ومصالحة المواطن مع المستشفى، وإعادة الثقة بالمصالح الطبية حتى يكون مطمئنا على مصير ما تبرع به بعيدا عن المتاجرة, و مضاعفة الجهود من أجل تحديث الآليات والتقنيات و مختبرات تشخيص الأمراض الجرثومية ومختبرات التشريح حتى تتم عمليات الزرع في ظروف حسنة, وهذا رهان مجتمعي يجب أن تتكاثف جهود كل المغاربة كل من مسؤوليته لإنجاحه من أجل الانتصار للحق في الحياة.
وعن عمليات زرع الأعضاء التي يقوم بها مستشفى ابن رشد ,يقول البروفيسور الرمضاني, أنها تتم في ظروف جيدة جدا وهي ناجحة مائة بالمئة ,أغلبها تتم عن طريق التبرع من طرف الأهل, وتهم زرع الكلي وزرع القرنيات والنخاع العظمي , أما زرع الكبد والرئة, فهي قليلة جدا ولم نعد نعمد إليها لأن لها مضاعفات على صحة المتبرع, حيث يتطلب الأمر في حالة زرعهما للأطفال مثلا أن يتبرع الأب والأم كل واحد يتبرع بجزء من الكبد أو الرئة , فحرصا على سلامة الأبوين لم نعد نلجأ لهذه العملية ,أما العمليات الأخرى فنقوم بها بكل يسر ونجاعة ويتوفر المستشفى على أخصائيين من مستوى عال ومن أجهزة متطورة وإن كنا نطمح دائما أن تكون أحسن. وفي هذا الإطار استوقفني البروفيسور ليسجل ملاحظته حول سلبية بعض المنابر الإعلامية التي تعمد بجرة قلم ودون تقصى المعلومات والوقوف على الأشياء لنسف مجهود الأطباء والقائمين على المستشفيات ,» نعم ما زال ينقص مستشفياتنا الكثير وما زلنا نتطلع للأحسن .لكن هناك تطور كبير في هذا المجال, يضيف البروفيسور, لقد التحقت بابن رشد سنة 1983 كان هناك مركزان لتصفية الدم بالمغرب الرباط والبيضاء, الآن أصبح في البيضاء وحدها 35 مركزا لتصفية الدم و200 بإرجاء المغرب .
%35 من الحالات تتكلف بهم الدولة, مابين 10 و15 %, تتكلف بهم الجمعيات والباقي تتكلف به التغطية الصحية ويتكلف CNOPS بعمليات زرع الكلي 100 %
وفي هذا الإطار يقول البروفيسور الرمضاني لا يجب على المغاربة أن ينسوا فضل رجل كبير دافع بكل ثقله من أجل أن يستفيد المغاربة من التغطية الصحية ,بل هو أول من أبرم شراكة بين القطاع الخاص والعام لصالح مرضى الدياليز ,هو الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي, الذي دافع على هذا المشروع الذي طبق فيما بعد. فهناك مجهود مقارنة مع ما كان و ما زلنا نطمح للكثير .لكن على وسائل الإعلام أن تتسم بالمصداقية وعد م السلبية في النظر للأشياء .
ويؤكد البروفيسور الرمضاني أن مرض الكلي في المغرب في ارتفاع شديد, فحسب إحصاء 2011 هناك
11.000 مريض اليوم ضعف ما شهده المغرب سنة 2005، ويعزى سبب هذا لمرض السكري وارتفاع ضغط الدم الذي أصبح متفشيا بشكل كبير بين المغاربة.
مما خلق مشاكل حقيقية للمرضى صحية ومادية، فحصص الدياليز بالنسبة لمن لا يتمتعون بالتغطية الصحية تشكل عبئا ماديا يرهق كاهل الأسر المغربية.
لهذا، فزرع الكلي يخفف كثيرا من المصاريف ,إلا أن الإقبال على التبرع ضعيف جدا، فقط 30 مغربيا مسجلا في سجل التبرع بالمحكمة الابتدائية من أصل 30 مليون مغربي، وربما سيكون تبرع وزير العدل والحريات حافزا يشجع المغاربة على الإقدام على هذا العمل النبيل.
خاصة وأن هناك قانونا منظما للتبرع والذي رأى النور في 1999 وأطر العملية قانونيا بشكل لا يسمح بالتلاعب أو المتاجرة. ويؤكد الدكتور الرمضاني أنه لا تتم عملية التبرع إلا في حالة الموت الدماغي, وإذا كان المتبرع مسجلا رغبته بالتبرع في المحكمة الابتدائية مع إخطار عائلته بذلك، لأن إذن العائلة ضروري ويؤخذ به بعد وفاة المتبرع.كما شدد القانون على أن لا تتم عملية الزرع إلا بعد التأكد تماما من الوفاة دماغيا, عن طريق تخطيطين للدماغ تفرق بينهما أربع ساعات , إضافة للسكانير .
أما عملية التبرع من الأحياء فلا تتم إلا بين الأب والأم والإخوة والخال والعم وأبنائهما, أما الزوجة ففي حالة الضرورة القصوى مع ضرورة مرور سنة على الأقل على الزواج مع تسجيل التبرع في سجل المحكمة الابتدائية . ولا يمكن أخد أعضاْء من الميت كما هو شائع عند العموم لأن كل الأعضاء تعتبر ميتة.
بالأرقام
1987: أصيب 370 مغربيا بمرض الكلي
2006 : 5000 شخص.
2011: 10.000 شخص.
167 مركزا لتصفية الدم بالمغرب.
%37 في القطاع الخاص.
%8 في القطاع التعاضدي
%55 في القطاع الخاص.
تاريخ زرع الأعضاء بالمغرب.
1986 أول عملية زرع بالمغرب من متبرع حي بمساعدة أجنبية.
1990 أول عملية زرع بطاقم طبي مغربي.
-2011 --- 151 عملية زرع من متبرعين أحياء و4 من متبرعين موتى دماغيا.
بمعدل 5 عمليات زرع في كل مليون مواطن.
أكثر من 200 عملية زرع أجريت للمغاربة في الخارج.
أول منخرط في سجل التبرعات فرنسي مقيم بالمغرب.
الدكتورة رجاء ناجي مكاوي,أستاذة القانون الخاص بجامعة محمد الخامس بالرباط وأول سيدة تلقي درسا حسنيا أمام جلالة الملك:
مادام العضو المتبرع به يمنح الحياة لجسد آخر, فسيظل المتبرع يكسب أجرا, كما في صدقة جارية أخرى
} قدمت أطروحة دكتوراه الدولة حول التبرع بالأعضاء ,وشاركت في وضع القانون المنظم لذلك وتبرعت أيضا, ما سر هذا الاهتمام الكبير
بهذه القضية؟
أومن بأن دور الباحث لا ينحصر في مواكبة ورصد ما يمور به الواقع فقط, بل هو ملزم أيضا بتقلد أدوار أكثر جرأة وفعالية وأن يخوض في القضايا المجتمعية التي تهم المواطن بالتحليل والنقاش والاستبصار وبالعمل على أن يستفيد المواطن من حسنات التقدم العلمي.من جهة أخرى ,في عالم ملئ بالاختلالات والاستغلال ,سكنني هاجس أن يتحول زرع الإعضاء إلى وسيلة لتكريس «قانون الغاب» وتعميق التباين الاجتماعي, فاعتبرت أن للتنظيم القانوني مزية أولية وهي الحيلولة دون تحويل أجساد الفقراء إلى مقالع للأعضاء ومنع الانزلاقات وما أكثرها, وقد كان لي شرف إخراج الموضوع من الصمت والمساهمة في إشاعة ثقافة عنه وتعريف المواطن وصناع القرار بالموقف الصحيح للشريعة الاسلامية.
لأجل كل ذلك لم أكتف بأطروحة دكتوراه الدولة وما حازته من اهتمام وتغطية إعلامية مكثفة, بل مباشرة بعد ذلك نظمنا سلسلة لقاءات وندوات ومؤتمرات ,وشكلنا فريق عمل اشتغل بحماس لمرافقة مشروع القانون وإغنائه ,فتوجت الجهود المتوالية بصدور قانون 16/98بشأن التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وزرعها.
} قضية التبرع بالأعضاء في المغرب لا تحظى بإقبال مجتمعي , فلحد الآن هناك 30 متبرعا فقط من أصل 30 مليون مغربي,لماذا في نظرك؟
رغم أن الطابو انكسر بتقديمنا لأطروحة دكتوراه الدولة حول هذا الموضوع سنة (1997) وبصدور قانون ينظم التبرع بالأعضاء البشرية سنة (1999) لكن للأسف لا زال مشكل التواصل والتحسيس مطروحا ويشكل عقبة أساسية في سبيل نشر ثقافة التبرع .وأعتبر أن الدولة مقصرة في مجال التوعية والتحسيس وفي تبسيط الإجراءات والمساطر وإيجاد البنى التحتية الضرورية وشبكات التواصل التي لا غنى عنها ...دون أن ينفي هذا مسؤولية المواطن الذي يحجم عن التثقيف الذاتي ومسؤولية الطبيب غير المبادر.
الإعلام بدوره مقصر جدا في هذه المسألة ولم يقم بالكافي من التغطية والتحسيس , ولعل جري عدد من الاعلاميين وراء الشائعات ونشر أخبار أحيانا زائفة عن سرقة الأعضاء أو المتاجرة فيها ...كل ذلك رسخ تصورات وهيمنة وسلبية عن الموضوع, إن كثرة الإشاعات واختلاط الصحيح منها بالافتراء يخلق لدى المواطن توجسات ويثنيه عن التفاعل مع التبرع.
} كيف تقيمين التشريع المغربي
في مجال التبرع بالأعضاء؟
من بين ما آخذت عليه القانون منذ كان مشروعا, تبنيه (مبدأ الرضى المفترض)أي افتراضه أن المتوفي يعتبر قابلا بأخذ الأعضاء منه مادام لم يصدر عنه ما يثبت معارضته .هذا المبدأ أثبت الواقع أنه من أكثر عراقيل الاغتراس .لذلك لطالما طالبنا المشرع أثناء تدارس مشروع القانون بالتراجع عن هذا المبدأ المأخوذ عن قانون كان قد ألغي في فرنسا سنة1994 وعللنا موقفنا أثناءه ,اعتمادا على دراسات ميدانية (همت عدة دول اعتمدت ذات النهج) ولئن كان النص النهائي حذف عبارة الرضى المفترض ,فقد احتفظ للأسف بالمبدأ وإن كان بشكل خجول وضمني أو متذبذب. وهاهي ذي الأيام تثبت صحة ما نبهنا إليه وتوقعناه .
وعليه فالحاجة ملحة لاعتماد الخيار الآخر:» الرضى الصريح» واعتماد نظام «بطاقات» يحملها الشخص وتبين موقفه من الآخذ منه عند وفاته.
} من المعروف عنك ,انك أول المبادرين للتبرع بالأعضاء, ماهي الرسالة التي تودين تقديمها من خلال إقدامك على ذلك؟
أولا اعتبرت أن من يدعو الناس للتبرع يجب أن يكون أول من يفعل , ومن جبل على العطاء لا يسأل عن خلفيات ولا عن مرام. ثانيها أن يقبل المغاربة على العطاء وأن يعلموا أنه مادام العضو المتبرع به يمنح الحياة لجسد آخر فسيظل المتبرع يكسب أجرا كما في أي صدقة جارية أخرى...
ثالثا أن يطمئن المغاربة اطمئنانا تاما, فالقانون يجرم ويعاقب بصرامة متناهية كل من ساهم في المتاجرة في الأعضاء سواء كانوا أطباء ومتبرعين و»مبتاعين» ووسطاء ...كما يعاقب كل من يساهم من قريب أو بعيد في المتاجرة فيها أو أخذها بمقابل أو بشكل يخالف الشروط القانونية المحددة بدقة وصرامة.
البروفيسور أمال بورقية اخصائية أمراض الكلي ورئيسة الجمعية المغربية لمحاربة أمراض الكلي
10,000 مواطن يخضع للدياليز في المغرب و155 حالة زرع الكلي في سنة 2011
أثبت الواقع أن عملية زرع الكلي هي الأنجح في حال مرض الكلي المزمن، فهي لا تنقد الحياة وتطيلها فحسب، بل تمكن المريض من استعادة نشاطه وحيويته بشكل أفضل.
غير أن هذه العملية بالرغم من طابع الايثار الذي يحكمها والتي تتطلب بالأساس طرفا آخر متبرعا , أثارت اسئلة أخلاقية كثيرة, جعلت منها قضية مركبة ومعقدة، متعددة الاشكالات في إطارها الفلسفي، الاجتماعي، القانوني وحتى في الممارسة الطبية.
فالمغرب شهد تحولا ملحوظا في هذا المجال، من حيث انتشار مراكز تصفية الدم، وتطورا في المنظومة الصحية التي اصبحت تنحو نحو الدمقرطة، كما تقدم مجال التغطية الصحية، وتم عقد شراكة بين القطاع الخاص والعام في مجال تصفية الدم، بالرغم من أن التغطية الصحية تبقى محدودة في بعض الحالات وتشمل فقط عمليات الدياليز الدورية، ولاتشمل عمليات زرع الكلي الذي أصبح يطرح اليوم كضرورة موازاة مع باقي دول العالم.
إكراهات اقتصادية
هناك تباين واضح وتفاوت كبير آخذ في الارتفاع بين المستفيدين من التغطية الصحية والذين لاتشملهم التغطية، ففي 2006، سمحت (AMO) لبعض مرضى الفشل الكلوي بتغطية تكاليف عمليات تصفية الدم.
وفي 2008 وفي إطار شراكة بين القطاع الخاص والعام سمحت لبعض المعوزين بتغطية التكاليف، غير أن هذه التغطية الصحية تبقى محدودة وغير مرضية ولاتستجيب للحاجيات الملحة لمرضى الدياليز، والمتمثلة في تغطية بعض الحصص , عدم تغطية مصاريف الدواء والتحاليل والأهم عدم تغطية عملية زرع الكلي.
مشاكل عديدة تحد من تطور عملية زرع الكلي ببلادنا، وأهمها غياب المتبرعين,
غياب وعي مجتمعي يتطلب الشرح والتوضيح حتى يتمكن الجميع من الاقتناع بفلسفة التبرع، وحتى يستطيع المانح أو المتبرع أن يقبل على التبرع عن فهم وعلم لحيثيات الموضوع، وتكوين فكرة واضحة عنه.
وجهة نظر الشرع
العقائد الدينية في مجملها متفقة اليوم على عدم الاعتراض على قضية التبرع بالأعضاء، مما يعد دعما قويا للقضية، وهو أمر من شأنه أن يعطي صورة مشرفة لصورة الإسلام،لهذا نجد بعض الدول الاسلامية مثل العربية السعودية تشهد تطورا كبيرا في مجال التبرع وزرع الكلي ومتقدمة عن المغرب بكثير.
أخلاقيات التبرع
على المتبرع أن يكون حرا في اختياره وقراره ويعبر عنه دون ضغط أو تأثير وأن يكون واعيا بمضايقات وضغوطات المحيطين به، وعليه أن يكون على بينة وعلم بحيثيات الموضوع ويأخذ المعلومات الكافية التي تمكنه من توضيح الإلتباسات والتساؤلات التي من شأنها بعث القلق والخوف لديه.
لقد اظهرت النتائج أن عمليات الزرع الأكثر نجاحا هي من أجساد أناس أحياء مقابل عمليات الزرع من أجساد الموت الدماغي، لهذا نراهن على المتبرعين الأحياء وعلى باقي المجتمع أن يدعمهم.
أما بالنسبة للمتبرعين في حالة موت دماغي، فيجب الأخذ بالاعتبار الترسبات الثقافية والأخلاقية والاجتماعية حول جسد الميت وقدسيته، أن احترام جسد الميت هو شعور تتقاسمه كل الثقافات مما يمثل عائقا أمام التقدم في عملية التبرع.
أحكام القانون المغربي
في المغرب، تأخر التشريع في وضع إطار قانوني في هذا الشأن، ولم يخرج للوجود في الجريدة الرسمية إلا في سنة 1999 (قانون 98/16)، وقد اعتمد أساسا على القانون الفرنسي.
ففيما يتعلق بالتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، يجب أن يعلم الجميع أن كل شخص راشد له الحق قانونيا في أن يتبرع بأعضائه بعد وفاته، وهذا التبرع يجب أن يسجل بالمحكمة الابتدائية من طرف رئيسها، نفس الشيء بالنسبة للمتبرعين الأحياء، ويمكن للذين تراجعوا عن قرارهم أن يرفعوا رسالة للمحكمة بالرفض، فيتم إلغاء التبرع.
إن أهم الركائز الأساسية للقانون المنظم للتبرع هي المجانية، لأن التبرع بالأعضاء هو مظهر جلي للعطاء والسخاء والتضامن وهي مبادئ إنسانية سامية تتسم بروح التطوع وحب الخير.
ثم السرية, فلايجب أن يفصح عن اسم المتبرع للمستفيد والعكس, لايجب أن يتعرف الواحد عن الآخر ولكن تخبر الأسرة بنتيجة عملية الزرع.
ثالثا مبدأ الموافقة, الذي يضع بعض الصعوبات أمام القانون المغربي، بحيث لايتم التبرع بعد الوفاة إلا في حالة ما إذا صرح المتبرع بذلك لعائلته ومعارفه حتى يكونوا على علم بذلك ويسهل عملية الفريق الطبي، إما إذا تكتم عن الموضوع قيد حياته فيبقى الأمر بيد الأسرة التي عليها أن تقبل أو ترفض.
وفي حالة التبرع, فإن العملية لاتتم إلا بعد تأكيد شهادة الوفاة الدماغي وعدم الشك في الوفاة وأن تكون موقعة من طرف طبيبين من مؤسسة طبية مرخص لها من وزارة الصحة ومن رئيس مجلس هيئة الأطباء، والفريق الطبي الذي يرخص لشهادة الوفاة ليس هو الفريق الطبي المكلف بعملية الزرع.
نزع الاعضاء من الأحياء
ينص القانون المغربي في حالة زرع عضو لشخص حي في جسد مريض أن تكون بينهما علاقة أبوة، أخوة، أو من طرف العم أو الخال وأبنائهما وفي الحالات الاستعجالية جدا يمكن قبول تبرع الزوج أو الزوجة شريطة أن يكون قد مر عام عن زواجهما، ويمنع الزرع من قاصر.
وتمنع عملية التبرع إذا تبين أن هناك مرضا بجسد المتبرع أو إمكانية ظهور تأثيرات على جسد المتبرع أو المستفيد، لهذا شدد وزير الصحة على ضرورة تكثيف الاجراءات الطبية من تحاليل وغيرها حفظا لسلامة الطرفين ولاتتم عملية الزرع إلا في المستشفيات العمومية الكبرى، ومن يخالف القانون من الأطباء يتعرض للسجن من 2 إلى 5 سنوات ومن 50 إلى 5000,000 درهم غرامة.
بعض فصول قانون رقم 98/16 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها
التبرع بالأعضاء البشرية وأخذها من الأحياء
المادة 9
لا يجوز أخذ عضو بشري من شخص حي للتبرع به إلا من أجل المصلحة العلاجية لمتبرع له معين يكون إما أصول المتبرع أو فروعه أو إخوانه أو أخواته أو أعمامه أو عماته أو أخواله أو خالاته أو أبناءهم.
كما يمكن أن يكون الأخذ لفائدة زوج أو زوجة المتبرع شريطة مرور سنة على زواجهما.
المادة 10
يجب أن يعبر المتبرع على موافقته على أخذ عضو منه أمام رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها مقر إقامة المتبرع أو أمام قاض من المحكمة المذكورة يعينه الرئيس خصيصا لذلك الغرض. ويساعد قاضي طبيبان يعينهما وزير الصحة باقتراح من رئيس المجلس الوطني لهيئة الأطباء الوطنية، يعهد إليهما بأن يشرحا للمتبرع بالعضو أبعاد عملية التبرع وللقاضي الفائدة العلاجية المرجوة من عملية الأخذ. ثم يتم استطلاع رأي وكيل الملك لدى المحكمة في الموضوع بطلب من رئيس المحكمة أو من القاضي المنتدب ويحرر الرئيس أو القاضي المنتدب محضرا بموافقة المتبرع. ثم تسلم نسخة من المحضر موقعة من طرف رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب والطبيبين المعنيين إلى الأطباء المسؤولين عن عملية أخذ العضو.
التبرع بالأعضاء وأخذها من الأموات
المادة 13
يجوز لكل شخص راشد يتمتع بكامل أهليته، أن يعبر وهو على قيد الحياة ووفق الأشكال والشروط المنصوص عليها في هذا الفصل الثاني، عن إرادته ترخيص أو منع أخذ أعضائه أو أعضاء معينة منه بعد مماته.
المادة 14
يسجل تصريح المتبرع المحتمل لدى رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها محل إقامة المتبرع أو لدى القاضي المعين خصيصا لهذا الغرض من طرف الرئيس. ويتم تسجيل التصريح المذكور دون صوائر بعدما تتكون لدى القاضي القناعة بأن المتبرع المحتمل يتصرف بإرادة حرة وعن إدراك لما سيقدم عليه وخاصة بعدما يتأكد بأن التبرع عن طريق الوصية مجاني وسيتم لفائدة مؤسسة مرخص لها بتلقي التبرعات بالأعضاء دون غيرها. وتحيط كتابة ضبط المحكمة المختصة المؤسسة المذكورة علما بالتصريح المسجل وبمضمونه. ويمكن للمتبرع المحتمل أن يلغي التصريح الذي سبق أن قام به وفق نفس الأشكال المذكورة ولدى نفس السلطات.
أخذ الأعضاء من الأموات
في بعض المستشفيات العمومية
المادة 16
يمكن إجراء عمليات أخذ الأعضاء لأغراض علاجية أو علمية من أشخاص متوفين لم يعبروا وهم على قيد الحياة عن رفضهم الخضوع لعمليات من هذا النوع، في مستشفيات عمومية معتمدة تحدد قائمتها من طرف وزير الصحة إلا في حالة اعتراض الزوج وإلا فالأصول وإلا فالفروع.
المادة 21
لا يجوز القيام بعملية أخذ الأعضاء إلا بعد وضع محضر معاينة طبي يثبت وفاة المتبرع دماغيا، على أن تكون أسباب وفاته خالية من كل الشكوك. ويقوم بوضع محضر المعاينة المذكور طبيبان من المؤسسة الاستشفائية يعينان خصيصا لهذا الغرض من طرف وزير الصحة بعد استطلاع رأي رئيس المجلس الوطني لهيئة الأطباء الوطنية. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يلحق الطبيبان المذكوران بالفرقة الطبية المكلفة بأخذ أو زرع العضو المأخوذ من الشخص الذي عاينا وفاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.