سلمى، طفلة لا تتجاوز العاشرة من عمرها، ومع ذلك فمعاناتها أكبر من أن تتحملها فهي تفقد بصرها تدريجيا بعد أن أصيبت بالتهاب على مستوى قرنيتيها.. توقفت عن متابعة دراستها بسبب هذا المرض الذي ألم بها منذ سنتين.. والدها على استعداد أن يخضعها لعلمية زرع لقرنيتين جديدتين مهما كلفه الأمر. والأطباء يرون أنه في الوقت الراهن لا يمكنه ذلك مادام ليس هناك متبرع. حسن، يعاني من الفشل الكلوي وقد انتظر سنوات إلى أن حان دوره لكي يستفيد من حصص الدياليز بثمن جزافي، بعد أن استنفد أمواله وهو يخضع للعلاج بإحدى المصحات الخاصة.. هو الآخر ينتظر أن يتبرع له شخص بكلية لكي يستعيد الأمل في الحياة من جديد.. لكن أين هم المتبرعون؟. من أجل سلمى وحسن ومحمد وخديجة وغيرهم كثيرون أطلقت وزارة الصحة برنامجا وطنيا لتحفيز المواطنين للتبرع بالأعضاء والأنسجة، 2011-2013. الكلية.. القلب.. الكبد.. القرنية.. الدم.. الأنسجة البشرية مثل النخاع العظمي... أمثلة للأعضاء التي ينتظر أن يحفظها بنكا الأنسجة الموجودان على تراب مدينتي الدارالبيضاء والرباط في «ثلاجاته».. الأعضاء الوحيدة غير القابلة للتبرع تلك المتصلة بالتوالد، أي أنه لا يمكن للشخص أن يتبرع بعضوه التناسلي ذكرا كان أو أنثى. الوفاة الدماغية وموافقة المتبرع في حياته أو موافقة أهله بعد مماته، مع منحه إمكانية إلغاء هذه الموافقة ومجانية التبرع هي الشروط الأساسية التي يجب أن تتوفر قبل أية عملية استئصال بأي عضو بشري وزرعه لشخص آخر. مجموعة من الإجراءات الحمائية الهادفة إلى حماية أجساد الموتى داخل المستشفيات العمومية، يضعها القانون ومنها عدم جواز أخذ أعضاء المتوفى القاصر أو الخاضع لإجراءات الحماية القانونية إلا بموافقة ممثله القانوني ما لم يعبر وهو على قيد الحياة عن رفضه لهذه العملية، وعدم جواز مباشرة عمليات نزع أعضاء الجسد الميت إلا بعد وضع محضر معاينة طبية يثبت وفاة المتبرع دماغيا على أن تكون أسباب الوفاة خالية من الشكوك. والد سلمى استبشر خيرا عندما أخبره الطبيب أنه بإمكان ابنته الاستفادة في القريب من عملية تبرع للقرنية، فطلب منه أن يدون اسم ابنته في لائحة الانتظار، إلا أن الطبيب أخبره أن عليه التوجه إلى المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد لطلب الاستفسار، فالمراكز الاستشفائية الجامعية الموجودة بكل من الدارالبيضاء وفاس والرباط ومراكش، بالإضافة إلى المستشفى العسكري بالرباط، هي المخول لها القيام بهذه العمليات، وهذا يعني عدم جواز إجراء عمليات استصال أو زرع الأعضاء البشرية في منشآت صحية خاصة. قد يستعيد حسن و سلمى وغيرهم كثيرون الأمل في حياة جديدة بإحداث هذين البنكين، لكن ذلك يبقى رهين تطوعنا بالتبرع بأعضائنا للتخفيف من آلامهم وإعادة البسمة إلى وجوههم. سميرة فرزاز