يصيب الفشل الكلوي أشخاصا من الجنسين معا ومن مختلف الأعمار، وتعتبر الوقاية أو التعرف المبكر على المرض أحسن وسيلة لتوقيفه أو التخفيف من حدته. وتقاس وظيفة الكلي بفضل التعرف على نسبة الترشيح «الكبيبي المخبري»، ومعرفة مرحلة مرض الكلي، حيث أصبحت أمراض الكلي تصنف في المرتبة الثانية بعد أمراض السرطان، وأضحى مرض السكري هو السبب الاول في القصور الكلوي خاصة عند الأشخاص الذين لايخضعون للمراقبة الطبية. ويعرف الفشل الكلوي المزمن بالإصابة التدريجية والهامة والنهائية لوظيفة الكلي، مع نقص في عدد الكليونات الفاعلين في الكلي. مع العلم بأن المصاب بالفشل الكلوي المزمن النهائي يفقد 80 في المائة من عدد الكليونات . وترتفع نسبة تفشي المرض في العالم التي تختلف نسبها حسب الجهات، وتقدر ب 100 حالة جديدة في السنة لكل مليون من الساكنة ،مع ارتفاع سنوي مستمر بنسبة 5 في المائة . وتتعدد أعراض الفشل الكلوي ومنها ارتفاع الضغط الدموي، فقر الدم، الوذمات في العينين والعقبين، الحكة الجلدية، فقدان الشهية، غثيان مع قيء، اضطرابات قلبية، واضطرابات في تخثر الدم، إضافة إلى الشعور بالتعب، صعوبة التنفس، الإرهاق الجسدي والذهني، الضعف الجنسي، وكثرة التبول. وتشير الإحصائيات إلى أن 55 في المائة من مرضى القصور الكلوي، تعرفوا على المرض عن طريق فحص طبي، و 20 في المائة عن طريق فقر الدم، و 14 في المائة بسبب التقيؤ، و 10 في المائة بعد عملية جراحية. وتقدر عدد حالات الفشل الكلوي في المغرب ب 9000 حالة، من بين المصابين 7000 شخص يستفيدون من العلاج، من بينهم 4500 في المراكز العمومية، و 2400 في المراكز الخاصة، بينما الفئة المتبقية فهي لا تستفيد من أي علاج وتجد نفسها مجبرة على التسجيل في لوائح انتظار المستشفيات العمومية، مع تسجيل 4500 حالة إصابة جديدة سنويا. ويتوقع المهنيون أن يرتفع عدد الحالات التي تتطلب وضعيتها الصحية إجراء حصص الغسيل الكلوي إلى 13500 حالة في سنة 2012، والى 60000 شخص سيصابون بالقصور الكلوي في سنة 2020، ويقدرون الضياع المالي الناجم عن الغسيل الكلوي ب 1.67 مليار درهم سنة 2010 . وفي نفس السياق فإن الأشخاص الذين هم عرضة لخطر الإصابة بالفشل الكلوي ينتمون لفئة مرضى السكري ومرضى ارتفاع الضغط، وجميع أمراض التهابات الكلى والتعفنات، والتشوهات، والأمراض الوراثية. وتعتمد المقاربة العلاجية للفشل الكلوي على الغسيل الكلوي وعملية زرع الكلي. ولتفادي الوصول إلى مرحلة الفشل الكلوي يجب القيام بمسح شامل، خاصة عند الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة، مع العلاج المبكر والمراقبة الطبية الدقيقة لمرضى السكري، ومرضى ارتفاع الضغط الدموي، وتجنب الاستعمال الذاتي للأدوية خاصة الأدوية ضد الالتهاب والمضادات الحيوية .. ويعتبر الغسيل الكلوي الوسيلة العلاجية المقترحة لأكثر من 96 في المائة من مرضى الفشل الكلوي، ويشمل ثلاث حصص في الأسبوع تجرى في المركز المختص تحت إشراف طبيب مختص في الكلى وتدوم الحصة أربع ساعات في المتوسط . وحاليا 7000 شخص يلجؤون لهذه التقنية في المغرب البعض منهم يتوفر على 20 سنة من الأقدمية في استعمالها، ويعيش حياة مليئة بالإكراهات العلاجية والاجتماعية والمهنية . مع العلم أنه في المغرب يوجد أكثر من مائة مركز للغسيل الكلوي، نسبة كبيرة منها تتمركز في محور الدارالبيضاء الرباط . وارتباطا بذات الموضوع، فإن الغسيل الكلوي يعتبر علاجا جزئيا للفشل الكلوي المزمن، ينضاف إليه علاج دوائي تكميلي مع متابعة حمية مضبوطة، أخذا بعين الاعتبار أنه عند الطفل فإنه يؤثر على النمو مع صعوبات في الإدماج المدرسي. أما بالنسبة للكلفة المالية للغسيل الكلوي فإنها تقدر ب 500 مليون درهم بدون احتساب الأدوية والتحليلات البيولوجية والإشعاتية. كما يجب التذكير بأن القدرة الاستيعابية لمستشفياتنا جد محدودة ولا يمكن أن تستوفي الطلبات المتزايدة كل سنة لأمراض الفشل الكلوي. وفي نفس السياق فإنه يجب تشجيع زراعة الكلي التي تعتبر علاجا شفائيا ذا فعالية عالية تعفي المريض من إكراهات الغسيل الكلوي، مع متابعة علاج دوائي مدى الحياة لتفادي الرفض مع المراقبة المستمرة .ويساعد زرع الكلي على التأهيل المهني والاجتماعي مع تحسين جودة الحياة والرفع من نسبة الأمل في الحياة، مع تكاليف مالية أقل بالنسبة للمريض وللنظام الصحي. ولتعزيز ثقافة زرع الكلي داخل المجتمع يجب على الإعلام أن يقوم بدوره في التحسيس بأهمية خلق مجتمع العطاء مع التعاون مع السلطات الدينية في تفسير ديننا الحنيف الذي يشيد بالعطاء والتضامن العائلي وإنقاذ الأرواح من الهلاك . ولتقريب القارئ من الصعوبات والاعتقادات الخاطئة التي تعترض نشر ثقافة التبرع بالأعضاء ندرج نتائج اختبار يدل على أن 19 في المائة من عينة تشمل 360 من الساكنة الحضرية المغربية تعتقد أن عملية زرع الأعضاء لاتتحقق في المغرب، و 25 في المائة تعتقد أن زرع الأعضاء ممنوعة دينيا ، و 74 في المائة يعترفون بعدم مناقشة هذا الموضوع. وتنبع التخوفات من الأخطار المحدقة بالمزاولة والتي ترى نسبة 38.9 في المائة أنها مرتبطة بعدم التحكم في التقنية، و38.1 في المائة نقص في الكفاءة، و 33.4 في المائة بالنسبة لهدف زرع الأعضاء، بينما 64.1 في المائة من الأشخاص المستجوبين يعتقدون أن هذه التقنية العلاجية تستعمل لشفاء المرضى، و 32 في المائة يعتقدون بأنها لتمديد الحياة، 28.5 يرون أنها للتخفيف من المعاناة، و 18.9 في المائة لتحسين جودة الحياة ..كما تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين استفادوا من عملية زرع الكلى يعتبرونها حلا مثاليا ونهاية مشوار من المعاناة وتحولا كبيرا في مجرى حياتهم وتحسنا في حالتهم الصحية، فالأطفال يمكن أن يعيشوا طفولتهم مع نمو عاد والسيدات يحتفظون بالأمل في الأمومة ، مع العلم أن العضو المتبرع به يأتي من مُعطٍ حي أو معطٍ في حالة موت دماغي ناجم عن رضح قحفي وتقدر تكلفة العملية ب 230000 درهم، وقد وصل عدد الأشخاص المستفيدين من زراعة الكلي في المغرب إلى 170 . في الختام لابد من التوفر على سجل وطني للتعرف على العدد الحقيقي لمرضى الفشل الكلوي المزمن، وعلى ضوء هذه الإحصائيات المسجلة يجب انجاز برنامج وطني شامل، يعتمد على التحسيس والوقاية التي تعتمد على العلاج والمراقبة الدقيقة، للسكري وارتفاع الضغط الدموي، والمراقبة الصحية للفئة التي يتجاوز سنها 60 سنة، وتتبع تطورات المرض، والمسح، والعلاج المبكر، مع خلق مركز لزرع الأعضاء وتطوير زرع الكلي، من متبرع حي و من متبرع ميت، إضافة إلى توفير اعتمادات مالية تستجيب للطلبات المتزايدة، مع القيام بحملات تحسيسية و دعم الجمعيات الجهوية الناشطة في الميدان.