تمثل قضايا الكراء نسبة مهمة من بين الملفات المدنية التي تعرض يومياً على قضاة المحكمتين الابتدائية والاستئناف ليس فقط في الدارالبيضاء، ولكن كذلك بكل المدن بما فيها تلك التي تصل حتى محكمة النقض. في هذا الإطار، نقدم اليوم ملخصاً للقرار عدد 1629 الصادر في 6 ماي 09 عن الغرفة المدنية ملف عدد 07/6/1/594 بناء على القاعدة التالية: » يحق للمكري أن يستعيد المحل المكرى للغير، طالما أن المحل الذي يشغله ليس ملكاً له. ملكية المكري للعقار الذي يشغله كمحل للسكنى، مانع من ممارسة مسطرة الإفراغ للاحتياج. تقدر المحكمة قيام الضرورة المُلحة، لدى المالك لاسترجاع سكناه للسكن فيه. لا موجب للإفراغ للاحتياج، إذا كانت الرغبة لدى المكري بيع المحل وليس استغلاله على وجه السكن. يخضع رسم الاحتياج إلى تقدير المحكمة، لا إلى تصريحات الشهود التي قد تكون تصريحات مجاملة«. بالرجوع إلى الملف، نجد أن المواطنة (أ) قدمت في 26 شتنبر 05 مقالا إلى المحكمة الابتدائية بالجديدة، عرضتْ فيه أن المدعى عليه (ل) يكتري منها الدار الموجودة بزنقة ( ) رقم ( ) بالجديدة موضوع الرسم العقاري 6746، وأنها أصبحت في حالة ماسة للسكنى فيها، فوجهت إليه إشعاراً من أجل الإفراغ توصل به ولم يجب طالبة الحكم بالمصادقة على الإشعار بالإفراغ وبإفراغ المدعى عليه ومن يقوم مقامه من المحل موضوع الدعوى، فأجاب المدعى عليه بأن المدعية تملك عدة دور أخرى، وأن شهود لفيف الاحتياج تراجعوا عن شهادتهم. أجْرت المحكمة الابتدائية بحثاً وأصدرت في 18 ماي 06 حكمها رقم 155 في الملف رقم 95/275/1 وفق الطلب، فاستأنفه المدعى عليه، فألغته محكمة الاستئناف وحكمتْ بعد التصدي برفض الطلب، وذلك بمقتضى قرارها المطعون فيه بالنقص من طرف المستأنف عليها. المجلس الأعلى محكمة النقض الآن قضى برفض طلبها وتحميلها الصائر بناء على كون الطاعنة أفادت أنها تريد بيع السكن، ثم تراجعت وصرحت أنها تريد أن تسكن فيه، حسب البحث المنجز من طرف المحكمة في 13 أبريل 06، وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه، وفي إطار سلطتها لتقييم سبب الاحتياج للسكنى استندت على ما قالته المدعية أمام المحكمة وضمن بحث قضائي كشف حقيقة ادعاءاتها بين البيع ثم الاحتياج للسكنى مما يعبر تبريراً مشكوك فيه. وأمام هذا التناقض الصريح الكاشف لزيف ادعاءات الطاعنة، فإن المحكمة لم تعتمد على الوثائق المدلى بها، خاصة الرسم العدلي الذي أضحت تصريحات الأشخاص فيه تصريحات مجاملة، وأن المحكمة وجدت في تصريحات المالكة للعقار ما يغنيها عن اعتماد الحجج الكتابية. هذا ما جعل المجلس الأعلى يعتبر أن قرار محكمة الاستئناف جاء معللا تعليلا كافياً وغير خارق لما تدعيه المالكة، مما يستوجب معه رفض طلبها.