أمام عدم الاستجابة إلى مطالبهم، نزل متقاعدو القوات المساعدة بخنيفرة، وذوو حقوقهم وأراملهم وأطفالهم، إلى الشارع من جديد في وقفة احتجاجية حاشدة، بعد زوال يوم الثلاثاء 24 يناير 2012، رددوا خلالها مجموعة من الشعارات الغاضبة، وذلك في سبيل تجديد إثارة انتباه المسؤولين ومراكز القرار لأوضاعهم الاجتماعية والصحية والمعيشية المزرية، إذ سواء الأحياء منهم أو أرامل المتوفين منهم، يتخبطون تحت رحمة ظروف يسودها البؤس والحاجة والحرمان والهشاشة الاجتماعية بسبب هزالة ما يتقاضونه نهاية كل شهر من معاشات وأجور يخجل المرء من ذكرها. وكان بديهيا أن يستعرض المحتجون أوضاعهم المزرية التي أثارت ألم وشفقة الجميع، مقابل الكشف عما يتقاضونه من دريهمات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تكفي حتى لتكاليف العيش، بالأحرى مصاريف الدواء والكراء واللباس والأبناء وفاتورات الماء والكهرباء، و «لا غرابة مطلقا في لجوء أغلب المتقاعدين وأراملهم إلى البحث عن حرف أخرى في سبيل مواجهة مصاريف وأزمات القوت اليومي، وآخرون لا يجدون خيارا آخر غير العيش بنظام السلف والقرض لغاية التحايل على مظاهر الأزمة»، حسب المحتجين، وبينهم العديد من المسنين الذين لم يعد باستطاعتهم القيام بأبسط الأعمال لضمان قوت عيشهم، يقول المحتجون الذين لم تفتهم الإشارة لأشخاص منهم بترت أقدامهم ويتنقلون على كراس متحركة بعد قضائهم لعقود طويلة في خدمة الوطن، والكثير منهم شاركوا في كل العمليات على تراب الصحراء المغربية. وفي وقفتهم الاحتجاجية رفعوا سلسلة من الشعارات والهتاف، ومعهم الأرامل والأطفال، طالبوا من خلالها بوضع سلم متحرك للمعاشات يتوازن وارتفاع المصاريف والحاجيات ومتطلبات العيش، والعمل على محو «الحكرة» التي يقبعون في ظلها ما بعد إحالتهم على التقاعد، وكل شهادات المتقاعدين المحتجين تدل على «مهزلة الوضعية التي يتخبطون فيها، رغم أنهم كانوا بالأمس القريب «القوة» التي يستعان بها في خدمة لوطن الذي يعتزون بالانتماء إليه، ليجدوا أنفسهم اليوم مجرد كائنات لا أهمية لها، رغم النداءات والشكاوى المقدمة من جانبهم للجهات المسؤولة» على حد قولهم في كل مرة. ومن المطالب الأساسية لمتقاعدي القوات المساعدة مثلا، الرفع من سقف معاشاتهم، إذ كيف يعقل أن تتراوح رواتبهم ما بين 45 درهما و1000 درهم في أفضل الحالات، وأرامل المتوفين منهم يتراوح معاشهن ما بين 95 درهما، 135 درهما، وهي أرقام «يصعب تبريرها دون إحساس قوي بالامتعاض»، يردد المحتجون، أو كما سبق التعليق عليه في «الاتحاد الاشتراكي» ونقله هؤلاء المحتجون إلى مضمون بلاغهم، حتى أن مسؤولا بجمعيتهم بخنيفرة قدم لجريدتنا ملفا بكل الوثائق حتى لا يكون كلامه مجرد كلام فضفاض بدون إثباتات حول هذه المبالغ المهينة التي لم تتغير منذ أواسط السبعينات، مطالبا بإعادة مبدأ المساواة في الاستفادة من كافة الحقوق المشروعة التي يخولها القانون 34 -97 ومن الظهير الشريف 99 1992 أساسا. المشاركون في الوقفة الاحتجاجية طالبوا بتحسين وضعيتهم المعاشية والمعيشية، والتفكير الجدي في إصلاح يتناسب والظروف الاجتماعية للمتقاعدين منهم، ووضع سلم متحرك للمعاشات يتماشى وغلاء المعيشة والكراء والخدمات العلاجية، مع احتواء مظاهر الحيف التي تتخبط فيها فئتهم، والذين أحيلوا على المعاش ولم تتحسن أحوالهم أو تتحرك أجورهم، ولم يفت المحتجين مطالبة إدارة الأملاك المخزنية بتسليم المساكن التي يقطن فيها المتقاعدون حاليا بالنظر لمعاشاتهم الهزيلة، بينما شددوا على مطلب الاستفادة من الزيادة (600 درهم) المخصصة لجميع الموظفين التابعين للوظيفة العمومية، فيما تطالب أرامل المتقاعدين وذوو الحقوق بالاحتفاظ بمعاشات أزواجهم 100 بالمائة، نظرا لهزالة هذه المعاشات، حتى أن المنظمين قدموا بعضا من هؤلاء الأرامل، ومنهن من لا يتجاوز معاشهن ما بين 45 درهما و135 درهم شهريا. كما طالب متقاعدو القوات المساعدة بتمتيعهم بنظام التغطية الصحية حيث يعجز المتقاعد منهم على أداء مصاريف الفحص والعلاج بالمستشفيات العمومية، إذ يأملون في الاستفادة هم وأسرهم من خدمات المستشفيات العسكرية، وقالوا بوجود مرضى منهم لا يتوفرون على مصاريف العلاج ويموتون في صمت، وشددوا على تمتيعهم أيضا بنظام الاستفادة من خدمات المستشفيات وتعويض الحاصلين منهم على بطاقة محارب قديم. المحتجون طالبوا بالتالي بتسهيل واجبات تذاكر التنقل ولو بنصف السعر، بينما شددوا على ضرورة تسوية ملفات المرض من طرف التعاضدية التي ينتمون إليها، إضافة إلى مطالبتهم بالإبقاء على المعاش كاملا لذوي الحقوق بعد وفاة المعني بالأمر. ولم تفتهم مطالبة إدارتهم الوصية بإيلائهم ما يستحقونه من الاهتمام، والعناية بأبنائهم على مستوى الدراسة والمخيمات الصيفية والتشغيل، ومطالبة مؤسسة الحسن الثاني بتسهيل مساطر الانخراط فيها، ثم التعويض عن الأوسمة، والاعتراف بجمعيتهم من أجل مناقشة مختلف المشاكل والقضايا التي يعانون منها، ولم يفتهم الحرص على مطالبتهم بإشراكهم في طاولة الحوار الاجتماعي والبرلمان من أجل إسماع صوتهم والدفاع عن حقوقهم المشروعة. الوقفة الاحتجاجية لمتقاعدي «المخازنية» حضرها ممثلون عن تنسيقيات البيضاء وفاس وبني ملال والرباط، كما نزل بها عدد من أفراد الأمن الذين ظلوا يراقبون الوضع دون تدخل، فقط اكتفوا بحماية مقر عمالة الإقليم من غضب المحتجين الذين أوفدوا ممثلين عنهم إلى طاولة الحوار مع مسؤولي العمالة، هؤلاء الذين وعدوهم برفع قضيتهم وملفهم المطلبي إلى مراكز القرار، ولم يفت المحتجين التلويح بالرفع من سقف معاركهم الاحتجاجية.