عاد متقاعدو "المخازنية" و"العسكر" بخنيفرة، وذوي حقوقهم وأراملهم وأطفالهم، إلى تنظيم وقفة احتجاجية حاشدة، صباح الأربعاء 25 ماي 2011، وذلك في سبيل تجديد إثارة انتباه المسؤولين ومراكز القرار لأوضاعهم الاجتماعية والصحية والمعيشية المزرية، إذ سواء الأحياء منهم أو أرامل المتوفين منهم يتخبطون تحت رحمة ظروف يسودها الفقر والحاجة والحرمان والهشاشة الاجتماعية بسبب هزالة ما يتقاضونه نهاية كل شهر من معاشات وأجور يخجل المرء من ذكرها. وبينما استعرض المحتجون أوضاعهم، ورأوا أن متقاعدي قطاعات متعددة أخرى استفادوا من الزيادة في الأجور والمعاشات، أكدوا أن ما يتقاضونه من دريهمات، كما تمت الإشارة إليه في مرة سابقة، لا يكفي حتى لتكاليف العيش، بالأحرى مصاريف الدواء والكراء واللباس والأبناء وفاتورات الماء والكهرباء في ظروف قاسية عنوانها ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية، ولا غرابة مطلقا في لجوء أغلب المتقاعدين وأراملهم إلى البحث عن حرف أخرى في سبيل مواجهة مصاريف وأزمات القوت اليومي، وآخرون لا يجدون خيارا آخر غير العيش بنظام السلف والقرض لغاية التحايل على مظاهر الأزمة. المحتجون رددوا سلسلة من الشعارات، ومعهم الأرامل والأطفال، طالبوا من خلالها بوضع سلم متحرك للمعاشات يتوازن وارتفاع المصاريف والحاجيات ومتطلبات العيش، والعمل على محو "الحكرة" التي يقبعون في ظلها ما بعد إحالتهم على التقاعد، سيما ما بين سنتي 1975 و2002، حيث تم التنكر لخدماتهم وجمدت معاشاتهم بصورة غير مقبولة، وكل شهادات المتقاعدين المحتجين تدل على مهزلة الوضعية التي تتخبطون فيها، رغم أنهم كانوا بالأمس القريب "القوة" التي يستعان بها في خدمة لوطن الذي يعتزون بالانتماء إليه، وبينهم من قضى سنوات طويلة في الخدمة بالصحراء المغربية، ليجدوا أنفسهم اليوم، بعد إحالتهم على التقاعد، مجرد كائنات لا أهمية لها، رغم النداءات والشكاوى المقدمة من جانبهم للجهات المسؤولة. وتأتي على رأس مطالب متقاعدي القوات المساعدة مثلا، الرفع من سقف معاشاتهم، إذ كيف يعقل أن تتراوح رواتبهم ما بين 500 درهم و840 درهم، وارامل المتوفين منهم يتراوح معاشهم ما بين 95 درهم، 135 درهم، أو 141 درهم أو أكثر بقليل، وهي أرقام يصعب تبريرها أو التعليق عليها دون إحساس قوي بالحسرة والامتعاض، حتى أن مسؤولا بجمعيتهم بخنيفرة قدم ل"الاتحاد الاشتراكي" ملفا بكل الوثائق حتى لا يكون كلامه مجرد كلام فضفاض بدون إثباتات حول هذه المبالغ المهينة التي لم تتغير منذ أواسط السبعينات، اللهم 100 درهم التي أضيفت لهم يوما واعتبرها الكثيرون مسخرة. المشاركون في الوقفة الاحتجاجية طالبوا بتحسين وضعيتهم المعاشية والمعيشية، والتفكير الجدي في إصلاح يتناسب والظروف الاجتماعية للمتقاعدين منهم، ووضع سلم متحرك للمعاشات يتماشى وغلاء المعيشة والكراء والخدمات العلاجية، مع احتواء مظاهر الحيف التي تتخبط فيها فئتهم، والذين أحيلوا على المعاش ولم تتحسن أحوالهم أو تتحرك أجورهم أسوة بزملائهم ممن لا زالوا في الخدمة، ولم يفت المحتجين مطالبة إدارة الأملاك المخزنية بتسليم المساكن التي يقطن فيها المتقاعدون حاليا بالنظر لمعاشاتهم الهزيلة. كما طالب متقاعدو القوات المساعدة بتمتيعهم بنظام التغطية الصحية من حيث يعجز المتقاعد منهم على أداء مصاريف الفحص والعلاج بالمستشفيات العمومية، إذ يأملون في الاستفادة هم وأسرهم من خدمات المستشفيات العسكرية، وقالوا بوجود مرضى منهم لا يتوفرون على مصاريف العلاج ويموتون في صمت، وشددوا على تمتيعهم بنظام الاستفادة أسوة بزملائهم المتقاعدين من القوات المسلحة الملكية الذين يطالبون بدورهم بقبول بطائق التعاضدية في المستشفيات وتعويض الحاصلين منهم على بطاقة محارب قديم. المحتجون من الطرفين طالبوا بتسهيل واجبات تذاكر التنقل ولو بنصف السعر، بينما شددوا على ضرورة تسوية ملفات المرض من طرف التعاضدية التي ينتمون إليها، إضافة إلى مطالبتهم بالإبقاء على المعاش كاملا لذوي الحقوق بعد وفاة المعني بالأمر، ولم تفتهم مطالبة إدارتهم الوصية بإيلائهم ما يستحقونه من الاهتمام، والعناية بأبنائهم على مستوى الدراسة والمخيمات الصيفية والتشغيل، ومطالبة مؤسسة الحسن الثاني بتسهيل مساطر الانخراط فيها، ثم التعويض عن الأوسمة، والاعتراف بجمعيتهم من أجل مناقشة مختلف المشاكل والقضايا التي يعانون منها. وارتباطا بالموضوع، عبر بعض المحتجين لجريدتنا عن امتعاضهم من الإهمال والتهميش والتنكر، وقالوا إن طلباتهم وشكاويهم ما تزال عالقة، ولم يفت المحتجين المطالبة بإشراكهم حول طاولة الحوار الاجتماعي من أجل سماع صوتهم والدفاع عن حقوقهم المشروعة من حيث عدم وجود من يمثلهم بسبب منعهم من الانخراط في أية نقابة أو حزب، ويهددون، في بلاغ لهم، بتنظيم مسيرة على الأقدام باتجاه القصر الملكي بالرباط.