كانت الساعة تشير إلى حوالي الحادية عشرة ليلا من مساء يوم السبت 21 يناير الجاري، ورغم برودة الطقس، فإن ذلك لم يمنع عددا من المواطنين من الاصطفاف جنبا إلى جنب في طابور بشري من أجل انتظار «معجزة» العرض أمام طبيب مناوب/مداوم بمستعجلات مستشفى ابن رشد للأطفال، والظفر بهذا «السبق» الصحي حتى يتسنى لهم معرفة/تشخيص حقيقة الآلام التي يعاني منها فلذات أكبادهم، والتي جعلتهم يتنقلون نحو المستشفى عبر سيارات للأجرة أو بوساطة وسائلهم الخاصة من أطراف متعددة من تراب الرقعة الجغرافية البيضاوية، بل وحتى من خارج نفوذها الترابي. أداء مستحقات ولوج المستشفى من أجل العرض على الطبيب بمستعجلات مستشفى ابن رشد لايعني بالضرورة الحصول على خدمات طبية في المستوى، إذ غالبا ما يصبح فحص المريض نمطيا وبطريقة آلية خالية من أية روح آدمية، تنتهي بتحرير وصفة للأدوية قد تساهم أو لاتساهم في التخفيف من حدة المرض. إلا أن كل العوامل السالف ذكرها والتي كانت محور نقاش بين أغلب الأمهات والآباء ممن تواجدوا تلك الليلة هناك، تبقى في واد والتفاصيل المؤلمة التي عاينها الجميع بخصوص رضيع رأى النور منذ 3 أيام هي في واد آخر، عنوانه الألم والمعاناة وامتهان الكرامة الإنسانية. إذ حلّت من إقليمسطات أسرة تحمل رضيعها على وجه السرعة وفقا لإرشادات الأطر الصحية هناك، محملين بوثيقة موقعة من طرفهم توصي بضرورة استقباله، وإخضاعه لعملية جراحية على وجه السرعة، وهو الذي عاين المواطنون من مرضى وذويهم، كيف كان يتوجع ويئن. أنين، وصغر سن، وآلام أسرة، وتكبد لعناء السفر، كلها ومعها عوامل أخرى لم تشفع لاستقبال الرضيع من أجل تخفيف الألم عنه وعن أسرته ولو من الجانب النفسي كحد أدنى، إذ تم توجيه «أوامر» بالتوجه به صوب مصحة خاصة أو إلى وزير الصحة نفسه! لأن جراحي الأطفال لايتجاوز عددهم الثلاثة ولكون الأسرة بالمستشفى مملوءة ولايوجد مكان شاغر لاستقبال الرضيع!؟ أجوبة أثارت حنق المرضى أنفسهم وذويهم، وخلفت استياء في نفوس الحاضرين الذين منهم من أدمعت مقلتاه تحسرا ومشاطرة لآلام الرضيع، الذي كان يبدو كما لو أن شعرة رفيعة جدا هي التي تفصله بين الحياة والموت، ولم يتمالك البعض أنفسهم وشرعوا في الاحتجاج، بل إن منهم من أقسم بأغلظ الإيمان أنه لو توفرت له الإمكانيات المادية لاصطحب بالفعل الرضيع إلى عيادة خاصة، وهي ردود الفعل التي دفعت القائمين على استقبال المرضى لأن يغيروا لهجتهم ليس من أجل تدارك الأمر وتصحيحه بإسعاف الرضيع وإنقاذه، وإنما بمطالبة أسرته بالانتظار إلى غاية الساعة السابعة صباحا من اليوم الموالي للنظر في إمكانية التصرف ؟ رحمة افتقدت من قلوب بعض من ينعتون بكونهم ملائكة الرحمة، يرى العديدون أن الإنسانية انتزعت من قلوبهم وصاروا يتعاملون مع واقع المواطنين المريض كما يتعاملون مع الجماد بدون روح، وما المشاهد التي باتت مؤثثة لمستعجلات المستشفيات بشكل عام، سوى شاهد على واقع صحي مليء بالأعطاب، قد يكون عصيا على العلاج في ظل غياب تشخيص حقيقي و«أدوية» ناجعة!؟