كيف هوحال المحطة الطرقية بسطات الآن؟ إطلالة سريعة عليها تغني عن كل جواب.مشروع بهذا الحجم عرضة للتآكل والتهاوي، البنايات والجدران كلها شقوق وتصدعات بفعل الإهمال المفرط ومياه الأمطار التي نخرتها فغدت وكأنها عظام مسوسة! زجاج أبوابها كله مهشم، كيف لا وقد أصبح مباحا للأحجار الطائشة والضالة، من أولئك الذين يتخذون منها ملاذا آمنا لممارسة أفعالهم وأنشطتهم المشبوهة والمجرمة قانونا مثل لعب القمار وشرب الكحول...الخ! وغدت مكاتبها مهجورة يسكنها العنكبوت والفئران والجرذان بعدما صرفت على بنائها الأموال الطائلة، والأبواب نخرها الصدأ لفرط الإهمال وانعدام الصيانة .أما ساحتها الداخلية وأركانها وزواياها وجنباتها، فهي مكسوة بالأزبال والمتلاشيات، الأمر الذي يشجع على قضاء الحاجات المختلفة للمتشردين والمتسكعين الذين يتخذون من المحطة ملاذهم الآمن والمكان الذي به يحتمون من شدة القر وقساوة البرد القارس و بعدما لفظهم هذا الواقع القاسي الذي لايرحم ورمى بهم في براثين المجهول!! أما بهو المحطة فقد تحول إلى مكان تعرض فيه المقتنيات والسلع بعدما صارت أكشاك الأداء les caisses موصدة ومغلقة وخارج الخدمة ! وضعية شاذة ومثيرة للشفقة ومدعاة للتساؤل، في الآن نفسه، أصبحت عليها المحطة الطرقية ولامن ينظر لحالها أو يتفقد أمرها وكأن تلك التكلفة الباهظة التي بها أنجزت جادت بها الاقدار عن طريق الصدفة،لا بوصفها مالا عاما تم استخلاصه وجبايته من جيوب الناس وأرزاق المواطنين !وصار، من ثمة، وجوبا ، حماية هذا المرفق العمومي وتحصينه ضد العبث وصيانته من التلف والتخريب الذي يتعرض له. على أن المثير للاستغراب حقا، أن المسؤولين على اختلاف مستوياتهم ومجالات تدخلهم ،يتصرفون بمنطق « laisser aller» وكأن الأمر مجرد « صداع الراس» ولايعنيهم في شيء !!وبديهي، حينما يسود منطق اللامبالاة بالشأن العام المحلي من لدن من يفترض فيهم الحرص عليه أكثر من أي كان ، يزداد الإهمال طردا وبوتيرة تصاعدية ، على شكل متوالية هندسية، ليتخذ ،في نهاية المطاف، طابع التخريب الموجه من الخارج، ،وهذا ما يجب أن يعرفه كل من بقيت فيه ذرة من الغيرة على الصالح العام وقليل من الإحساس بالمسؤولية تجاه الناس،لأن المثل والنموذج المحتذى به ،الذي يفترض أن يمثلوه في أعين السكان و في «المتخيل الجمعي» للمواطنين يتحول إلى رد فعل سلبي ، وتعبير عن إحباط عام ، فانتكاسة ثم «تمرد»، لدى البعض ضد كل ما يرمزإلى الصالح العام اعتقادا من هذا البعض ،لاشعوريا بالطبع ،أنه ينتقم من مخيبي آماله وطامسي أحلامه في صنع الأحسن، والذين هم ،في النهاية، واضعو اليد على الشأن المحلي!! وخير مثال نسوقه، هذه» المحطة الطرقية الجريحة» المتروكة لقدرها، التي تتآكل يوما عن يوم، أمام مرأى ومسمع من الجميع؟ بل ،إن «الرهط الانتخابي» ،الذي اتخذ من التعاطي مع الشأن المحلي كبقرة حلوب وحرفة للاسترزاق وإشاعة سلوكيات «لامدنية» قائمة على الانتهازية والزبونية و«الهمزة»، على حد تعبير المناضل والمفكر محمد جسوس أطال الله عمره ، هو الذي يكرس ،في الواقع،هذه الممارسات التي تنحو منحى تخريبيا وتدفع الناس إلى أن يصبوا جام غضبهم على الرموز العمرانية والبيئية-رغم أنها مكاسب- داخل المدينة، والمساهمة بالتالي في إشاعة أجواء الاحتقان والتوتر العام،وهي غير طبيعية، وإلا كيف نفهم تكديس الباعة بشكل لايراعي آدميتهم وكرامتهم على طول جدار المحطة دونما اعتبار لمعايير التنافسية الشريفة و الحماية و السلامة العامة وجمالية الأمكنة والمحافظة على الملك العمومي ؟ ألم يدفعوا بالمعدمين من الناس-رغما عنهم- لمواجهة مصيرهم لوحدهم وتدبر أمرهم و إقامة «مساكن» عشوائية بمحاذاة جدار المحطة لا تليق حتى بالحيوان ،فبالأحرى الإنسان ؟ أليس من العار أن يحصل هذا في مغرب الألفية الثالثة؟ أين هي حقوق الإنسان في السكن والعيش الكريم والصحة والبيئة السليمة المنصوص عليها في أسمى القوانين ببلادنا وكما هو متعارف عليها في المواثيق الدولية؟ حتى فضاء الطرقات لم يسلم من العواقب السلبية لهذه الممارسات التي يراد تكريسها وترسيخها من قبل «أصحاب الهمزة» المتواجدين في قلب قصر بلدية سطات «كعين لايرف لها جفن «على الشأن العام المحلي، مثلما هو حاصل في ملتقى شارع جيش الملكي وشارع للاعائشة- أمام المحطة الطرقية - حيث الاضطراب المستمر غير المتوقف لحركة السير والمرور والجولان، نتيجة» تآكل» وانقباض مساحة الطريق والتناقص الذي تعرفه يوما عن يوم بمبررات لايعلمها إلا «أصحاب الهمزة»؟! زاد طينه بلة، الارتباك في علامات الإشارات الضوئية وموضعيتها غير المناسبة التي يطبعها الخلل والارتجال، دون اعتبار لأهمية المكان والموقع الإستراتيجية، كمكان يؤمه المسافرون لجميع الاتجاهات وكنقطة انطلاق للحافلات،التي- بالمناسبة - لاوجود لشريط الوقوف والتوقف الخاص بها، التي يمتطيها الطلبة نحو الكليات أساسا ،وكنقطة انطلاق رئيسية مؤدية لمرفق صحي عمومي على مستوى الإقليم ...الخ؟! وفوق هذا وذاك لتواجد ملتقى الطرق هذا، في منطقة آهلة بالسكان الشيء الذي أثار سخط الناس و احتجاجهم وكان ذلك موضوع شكاية مرفوعة «لاصحاب الشان» بالجماعة الحضرية ،لكن «على من تقرا زبورك يا داود»؟ وبعد كل ذلك ،ألا يعبر ذلك عن قمة الاستخفاف بمصالح الناس وأقصى درجات الاستهتار بها؟ أهكذا يكون التعاطي و التعامل مع قضايا الشأن المحلي وهموم ومشاكل المواطنين؟ أبعقلية «أصحاب الهمزة» المتسلطين على الشأن المحلي نحمي مكاسب المدينة ونساهم في إيجاد الحلول لمشاكل ساكنتها في أفق النهوض بها وتنميتها؟