شرعت ولاية طنجة في مباشرة التدخل الميداني لواجهة زحف البناء العشوائي الذي استفحل بطريقة خطيرة عقب الانتخابات التشريعية الأخيرة. فقد تمكنت مصالح الإدارة الترابية بتنسيق مع الهيئات المنتخبة من هدم 314 بناء عشوائيا بكل المناطق التي شهدت عمليات اجتياح المئات من السكان لمساحات شاسعة من أراضي الجموع والخواص، والغابات وحتى المقابر بمناطق الزويتينة، بوحوت3 ، الخربة، دار القنفود، خندق الورد، الرهراه، المرس، الشجيرات.... وشرعوا في تقسيم الأراضي بشكل عشوائي ورسم حدود البقع باستعمال الجير وحفر الأساسات. وحسب بلاغ صادر عن ولاية طنجة، فإن هذه التدخلات التي تندرج في إطار محاربة السكن العشوائي، أسفرت عن هدم 43 منزلا في طور البناء، 22 مسكنا صفيحيا، 139 من أساسات البنايات و86 كوخا عشوائيا بالإضافة إلى إيقاف 24 ورش بناء غير مرخص. بالموازاة مع هذه التدخلات الميدانية، تم الشروع في تبسيط إجراءات منح رخص البناء من دون التقيد بضوابط تصاميم التهيئة التي أصبحت متجاوزة، وخاصة في المناطق والأحياء التي شهدت عمليات بناء غير مهيكل في فترات سابقة، وأصبحت أمرا واقعا. وأضاف ذات البلاغ أن تسهيل الإجراءات قد أسفر عن منح 150 رخصة بناء كمعدل يومي. وحسب مراقبين لتطور الوضع بمدينة طنجة، فإن مقاربة سلطات الولاية التي تجمع بين إعمال التشدد في مواجهة زحف البناء العشوائي فوق أراضي الجموع والخواص وبين تبسيط إجراءات منح رخص البناء، قد مكنت من وضع حد لعمليات اجتياح السكان لأراضي الغير والتحكم المؤقت في الانتشار العشوائي للبناء، لكن بالمقابل فإن التساهل المفرط في منح رخص البناء سيشكل خطورة كبرى في المستقبل المنظور، حيث ستنفجر مشاكل ترتبط أساسا بافتقاد هاته العشوائيات للبنيات التحتية من ماء، كهرباء، طرق وصرف صحي، إذ ستصبح هاته المناطق قنابل موقوتة قابلة للانفجار في كل لحظة. فما يقع الآن بطنجة، حسب ذات المصادر، هو معالجة الوضعية يوما بيوم، وإعطاء الأسبقية لتهدئة الأوضاع، ونزع فتيل المواجهات مع السكان، على حساب البحث عن الحلول الهيكلية وتأجيلها إلى وقت لاحق مع ما يكلف ذلك مستقبلا من ميزانيات ضخمة لإعادة هيكلة المناطق العشوائية التي يبدو أن الدولة أصبحت عاجزة عن وضع حلول نهائية لها. فكلما تم الإعلان عن قرب الانتهاء من إعادة هيكلة المناطق العشوائية بالمدارات الحضرية، إلا وتنبت أخرى.